كتَّاب إيلاف

أحفاد توت عنخ آمون يتظاهرون فى شيكاجو

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

بسم الله الرحمن الرحيم

1 ـ كمسلم مصرى معتز باسلامى ومصريتى فاننى أعتبر قضية الأقباط ضمن أولويات الجهاد الاسلامى والواجب الوطنى. ولا ينفصل الوطن عن الدين. أومن بالاسلام على أنه دين حرية الفكر والمعتقد والسلام والعدل والقسط والاحسان والعفو عمن يسىء . ومصر عندى ليست مجرد مكان جغرافى بل هى أولا وأخيرا الانسان قبل المكان . الوطن مصر هى كل المصريين داخل وخارج مصروعلى قدم المساواة المطلقة بغض النظر عن الدين والمذهب والفقر والغنى والسن و المركز والجاه والذكر والأنثى.
كتاباتى كمسلم مصرى تزعج المتطرفين لأنها تحاول اصلاح المسلمين بالاسلام ليتمسكوا بقيم التسامح والاحسان والعدل وحرية الرأى والرحمة والسلام والمغفرة والصبر على أنها المعروف المأمور به فى القرآن الكريم ، و توضح لهم أن التعصب والظلم والكراهية والتطرف و التزمت والاكراه فى الدين والبغى والعصيان هى المنكر المنهى عنه فى القرآن الكريم. وما أفعله هو الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وهو جوهر الجهاد السلمى فى الاسلام بالحكمة والموعظة الحسنة. واصلاح المسلمين بهذا الشكل من مصلحة الأقباط وكل الأقليات الدينية والمذهبية قبل أن يكون من مصلحة المسلمين الأغلبية.
2 ـ ودائما يمتلىء بريدى بالشتائم واللعنات والتهديد من المتطرفين ، وأعتبر ذلك دليل نجاح. الا ان بعض الاساءات تأتى لى أيضا من متطرفين مسيحيين تطعن فى دينى . ولا أرد على الاتهامات منتظرا الانصاف يوم القيامة ، ولكن يحزننى أن تأتى الاساءة ممن أدافع عنهم.
أولئك المتطرفون من الأقباط يكرهون الاسلام ، وهذا شأنهم والحكم فى هذا مؤجل ليوم القيامة . هم يريدون مسلما من نوع خاص يرضى رغباتهم . يريدونه ملحدا كارها للاسلام على مثال الدكتور فلان والدكتورة فلانة. بل يفضلون وجود اسامة بن لادن على أحمد صبحى منصورلأن ابن لادن يسىء بعمله للاسلام وهذا هو كل ما يرجونه، أما أحمد صبحى منصور فمع أنه يهاجم المتطرفين الا إنه يبرىء الاسلام ويدافع عنه وهذا ما يكرهونه.
بعضهم يسىء فهم كتاباتى. يظنها موجهة له هو للتبشير بالاسلام. اظهارى الوجه الحقيقى للاسلام ليس الا للتبشير بالاسلام بين المسلمين فقط . أننى أدعو المسلمين الى نبذ أديانهم الأرضية من سنة وتشيع وتصوف ، وأن يرجعوا الى الاسلام الذى يعلنون انتماءهم له.وهم ان فعلوا ذلك فقد انتهى الاضطهاد وتأسس التسامح بين الأغلبية والأقليات بكل أنواعها الدينية والمذهبية والعرقية.
طبقا لأمر الله تعالى فى القرآن فالمسلم مأمور بعدم الجدال الا بالتى هى أحسن مع المسالمين من أهل الكتاب، ويكتفى بأن يقول لهم جملة واحدة :( آمنا بالذى انزل الينا وانزل اليكم والاهنا والاهكم واحد ونحن له مسلمون ). العنكبوت 46 ) أما الذى يسب دينى فهو ظالم لنفسه قبل أن يكون ظالما لربه جل وعلا، ولا أرد عليه طبقا لفريضة الاحسان فى الاسلام والتى تعنى رد السيئة بالتى هى أحسن: ( ادفع بالتى هى أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون . ) المؤمنون96 )
هذا الأدب السامى فى التعامل مع المسىء هو نفس ما جاء فى الانجيل ( أحبّوا أعداءكم . باركوا لاعنيكم . أحسنوا الى مبغضيكم . وصلّوا لأجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم ) (متى 5 : 44 ) . الواضح هنا أن المتطرفين من الجانبين يخالفون أوامر الله تعالى ودينه العظيم القائم على الاحسان والغفران.
على أننى أجد بعض التفهم للمتطرفين المسيحيين ، فقد ورثوا تاريخا طويلا من الاضطهاد والظلم ، أوقعه بهم وبآبائهم وأسلافهم المنتسبون للاسلام المسيئون له. وهو ظلم فظيع استمر 14 قرنا ، وقد أحياه متطرفو السلفية فى عصرنا. وهذا الاضطهاد ـ الذى بحثته فى تراث المسلمين أنفسهم وشعرت بالعار منه ـ أراه يحدث فى وطنى يفرق بين أبناء الوطن الواحد ويهدد ملايين المصريين المسالمين. مواجهة هذا الاضطهاد هو الجهاد السلمى الاسلامى الذىيجب على كل مسلم حقيقى المشاركة فيه.
3 ـ فى مقابل القلة المتطرفة من المسيحيين المتطرفين هناك فئة عاقلة متزنة تعرف من هو العدو الذى ينبغى مواجهته سلميا ، وتناضل على أساس الوطنية المصرية ضد الديكتاتورية والاخوان المسلمين، وتحملهما معا مسئولية العنف الطائفى فى مصر. الديكتاتورية لكى تثبت أقدامها لا بد لها من بث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد لتشغلهم بهذه المشكلة عن استحقاقات الديمقراطية والاصلاح. الاخوان المسلمون لا يرون فى الأقباط الا أهل ذمة وفق شريعة الغاب التى كانت سائدة فى العصور الوسطى. العقلاء الأقباط يفهمون هذاجيدا . وفهم الداء و تشخيصه بدقة هو الذى يساعد على العلاج الصحيح. والعلاج الصحيح هو فى الدعوة لانصاف الأقباط ضمن منظومة اصلاح شاملة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ودينيا لكل المصريين.
كميل حليم ينتمى الى تلك الفئة العاقلة من المسيحيين المصريين.
4 ـ قابلت كميل حليم فى مؤتمرالأقباط الثانى فى واشنطن فى نوفمبر 2005. للوهلة الأولى ذكّرنى بالراحل فرج فودة يرحمه الله تعالى. كان فرج فودة عبقريا فى اكتساب الاصدقاء من كل طبقة ونوع ومن كل مستوى سواء فى مكتبه أم فى الشارع أو فى التاكسى. بمجرد أن يقابلهم بابتسامته وقلبه المفتوح وحديثه التلقائى الودود تزول كل الحواجز ويحل الود الانسانى وتنطلق ضحكته المجلجلة وتتناثر النكت المصرية ، ويحس الوافد الجديد أنه عاش طيلة عمره مع فرج فودة.
نفس الحال مع كميل حليم. مع أن المشكلة هنا أعمق. القبطى المصرى مهذب فى تعامله مع أخيه المسلم ولكن تظل الهواجس فى العيون لا تستطيع الابتسامات وعبالرات المجاملة إخفاءها. فقد ورث القبطى تاريخا طويلا من الاضطهاد أرسى فيه الحذر والشك والريبة فى التعامل مع المسلم الذى يراه لأول مرة. كميل حليم تخطى هذه الحواجزوتلك الهواجس فهو يقتحم قلبك بابتسامته التلقائيته مخاطبا الانسان فى داخلك فلا تملك الا أن ترد على مشاعره الطيبة الا بمثلها أو أحسن منها.
5 ـ اتصل بى كميل حليم للذهاب الى شيكاجو حيث يعمل ويقيم ، كان يعدّ لاقامة مظاهرة بمناسبة افتتاح معرض توت عنخ آمون فى متحف شيكاجو. وهو مناسبة هائلة استعدت لها شيكاجو بكل ما لديها من اعلام واعلان . واتخذها النظام فرصة للدعاية السياسية للتغطية على جرائمه فى قمع المظاهرات والقضاة. وكان لا بد من احراج النظام بمظاهرة مضادة فى شيكاغو لاعلام العالم بما يجرى فى مصر من اضطهاد للأقباط وغيرهم. استجبت للدعوة ومعى زوجتى واثنان من ابنائى وانضممنا للمظاهرة لتعبرعن كل المصريين .
كانت المظاهرة حشدا مصريا رائعا. يكفى أنها ضمت كل الأعمار من السيدة العجوز المقعدة على الكرسى الى الأطفال والشباب والشابات ورجال الأعمال والأطباء وذوى التخصصات الدقيقة. كل هذه النخب العالية و الكفاءات النادرة تحولوا الى جمهور يهتف أربع ساعات دون كلل فى حب مصر داعيا لاصلاحها وعدم الايقاع بين أبنائها. كل منهم فخر لمصر بعمله وجهده وتفوقه. كل منهم له قصة اضطهاد فى مصر ألجأته للهجرة فكافأه الله تعالى نجاحا عوّضه عن الظلم الذى لحق به فى بلده. ولكن هذا الظلم أوذلك النجاح لم ينسه مصر ولا يزال يحملها فى قلبه. كنت فى حيرة بين الفخر بهم والحزن على بلدى التى يجتهد العسكر فيها منذ الخمسينيات فى طرد أنبغ أبنائها ليسعد بهم الغرب بينما تتخلف مصر وتعيش فى ثقافة التعبان الأقرع .
تحدثت أنا وكميل حليم فى المظاهرة عن فرج فودة وتضحياته من أجل مصر والأقباط ، و دعونا الى مصر حرة ديمقراطية متسامحة. وجاءت وسائل الاعلام المرئى والمكتوب فأدلى كل بدلوه .
ومما نشرته جريدة شيكاجو تربيون هذا المقال.

عشرات يتظاهرون من خارج متحف توت عنخ آمون

مارجريت راميز مراسلة شيكاجو تريبيون 26 مايو 2006-05-28

تحت ظلال الأعلام الذهبية التى ترفرف فرحا بإفتتاح معرض توت عنخ آمون فى مدينة شيكاجو تجمع عشرات المسيحيين المصريين من كنائس شيكاجو يوم الخميس أمام المتحف ليعلنوا إحتجاجهم على إضطهاد أخوتهم الأقباط فى مصر .
حمل بعضهم أعمده خشبية على شكل صليب ، بينما حمل آخرون الصلبان حول أعناقهم مع الأعلام الأمريكية وهم ينشدون : (سنبقى أعزاء أحرارا ننادى بالمساواة للجميع .)
تكون الجمع من حوالى ثمانين شخصا من بينهم أعضاء من الكنائس الأرثوزكسية سان مارك وسان مارى وسان جورج ، وانتهز المجتمع القبطى فرصة الحضور الإعلامى المكثف لإفتتاح معرض توت عنخ آمون فى متحف شيكاجو ليعلن احتجاجة على سوء معاملة الأقباط المصريين فى بلدهم مصر .
قال عاطف مقار :-
(نريد الأعتراف بنا كشعب ونريد ان يسمعوا صوتنا . إن من المهم ان يعرف العالم أننا الأقباط أحفاد توت عنخ آمون وأننا لن نسمح بإضطهاد أخواننا الأقباط فى مصر) واستدرك عاطف مقار: ( ان القصد من المظاهرة أن نستقبل الوفد الأعلامى المصرى الذى حضر لأفتتاح معرض توت عنخ آمون بإرسال رسالة إلى صانعى السياسة الخارجية الأمريكية كى يربطوا المساعدات الأمريكية لمصر بإرساء الحرية الدينية وحقوق الإنسان لكل المصريين .)
وقال كميل حليم : (أن صعود المتطرفين المسلمين قد زاد من سوء الأوضاع بالنسبة للمجتمع القبطى المصرى ، وأننى كلما أزور مصر أشعر بالحزن إذ فقد الأقباط الأمل وانخفضت روحهم المعنوية وازدادت عزلتهم الإجتماعية .)
لقد أسس القديس مارك الكنيسة القبطية فى الأسكندرية حوالى 43 م . ويبلغ عدد الأقباط فى مصر الآن حوالى 12% من عدد السكان البالغ عددهم حوالى 77.5 مليون نسمة .
لقد ظل إضطهاد الأقباط وانتهاك حقوق الإنسان ساريا على نطاق واسع فى مصر طبقا للتقارير الحالية التى أصدرتها هذا الشهر اللجنة الأمريكية للحريات الدينية فى العالم .
ويواجه الأقباط إضطهادا إجتماعيا ، والإتهامات تلاحق الحكومة المصرية بأنها تتهاون فى حماية الأقباط ويؤكد القادة الأقباط أنه لا يوجد قبطى مصرى يعمل كمحافظ أو عميدا لجامعة مصرية كما أن عددا قليلا جدا منهم يتولى المناصب العليا فى الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة.
ولمدة أربعة عشر قرنا فإن القوانين فى مصر تمنع المسيحيين ليس فقط من بناء كنائس جديدة ولكنها تربط ايضا عمل أى إصلاحات أو ترميمات فى الكنائس القديمة بموافقة المحافظ.
أن أحداث العنف الأخيرة التى حدثت فى الكنائس المصرية قد جددت المخاوف من أن يتصاعد العنف الطائفى ضد الأقباط . ففى أبريل الماضى قام مسلم بالهجوم بسكين على ثلاثة كنائس فى الأسكندرية فقتل أحد الأقباط وجرح آخرين ، وأطلقت هذه الحادثة شغبا استمر ثلاثة أيام فى عطلة عيد السعف المصرى .
وقالت أنيسة عصام حسونة عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية ، وعضو الوفد المصرى لإفتتاح المعرض فى شيكاجو: أن الحكومة المصرية قد أهملت قضية معاملة الأقباط ولكنها الأن تحاول أن تتصرف أفضل . ولكن ستظل القضية حساسة إلى أن يصدر قانون يعطى المساواة الحقيقة للجميع .
وقال أحد المتظاهرين واسمه مجدى جورج :( أنه ليس متأكدا من تأثير المظاهرة ولكنه يأمل على الأقل أن يتعرف المجتمع الأمريكى على مشكلة الأقباط الحقيقية إذ يرضية أن تكون المشكلة قد عرضت للجمهور الذى أحس بمعاناتنا وحزننا . ولاعطاء بعض الناس فى أمريكا فكرة عما يحدث للأقباط فى مصر ، ولأننا لا نزال لنا عائلات فى مصر فإننا نعيش هذه المشكلة كل يوم .).
انتهى المقال. ولكن لن تنتهى مشكلة الأفباط إلاّ بنشر ثقافة الديمقراطية وحقوق الانسان وحقوق المواطنة فى مصر.
واذا كان المتطرفون قد نشروا ثقافة التعصب والكراهية والارهاب بالتليفزيون والاعلام والتعليم والمساجد فلا بد من استرداد السيطرة على تلك الأدوات واستخدامها لتصحيح الأوضاع و استرداد العقول.
ليس مهما من يحكم.. المهم هو ارساء ثقافة الديمقراطية والتسامح اليوم قبل الغد .
وليس هذا بالمستحيل.
المستحيل أن تستمر مصر فى هذا المستنقع !!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف