كتَّاب إيلاف

االاقليات بين الحقد الأصولي والتعصب القومي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كل ما يجري اليوم في العراق من أعمال إرهابية وسوء إدارة وفساد أدارى تقوم به الأحزاب التي أما وصلت بمساعدة قوات التحالف المحررة للعراق من النظام الاستبدادي أو التي شكلت بعد التحرير من مجموعات مرتبطة بالنظام السابق أو أخرى واجهة رسمية للجماعات الإرهابية التي تغتال الحلم العراقي، هناك جوانب مشرقة في هذا العراق الجديد لا تملكها الدول الأخرى، وهذا أحد الأسباب التي يزيد حقدها وتآمرها عليه لتخلفها البعيد حتى في الإعلان عن وجود مشكلة اقليات في بلادها، وفي طليعة تلك إيران وسوريا وغيرها من الدول المحيطة بالعراق. فالإعلان عن وجود مشكلة للاقليات أو تأسيس منظمة رسمية تمثلهم قفزة نوعية في تاريخ المنطقة ومنذ مئات السنينن. ويعود الفضل في ذلك إلى التاسع من نيسان وسقوط الصنم البعثي.

إقرار حقوق الاقليات العراقية حجر الزاوية في بناء عراق ديمقراطي موحد، تحت هذا الشعار اختتم المؤتمر الوطني الثاني للأقليات في العراق أعماله يوم السبت 27 أيار/ مايو الماضي الذي أكد على أهمية إقرار حقوق الاقليات في العراق لما يمثلون من واقع سياسي و اجتماعي لا يمكن إلغاءه أو تجاوزه. فقد عقد المؤتمر بمشاركة ممثلي الاقليات العرقية والدينية من الكلدان والآشوريين والسريان والشبك واليزيديين و الأرمن و الكورد الفيلية والصابئة. وقد أكدت مسودة المقررات والمؤلفة من (18) نقطة على ضرورة مشاركة ممثلي الاقليات في اللجنة النيابية الخاصة بمراجعة الدستور والتي ستنبثق وفق المادة (141)إضافة إلي "تعديل الماد (125) بإضافة السريان إلى مكون الكلدان والآشوريين وإضافة الشبك والايزيدية والصابئة...، وتسمية ممثل للاقليات في المفوضية العليا لحقوق الإنسان في جنيف ، و ناشد المؤتمر منظمة الأمم المتحدة والدول الراعية للديمقراطية وحقوق الإنسان "مراقبة وضع الاقليات في العراق" واعتبر رئيس مجلس النواب محمود المشهداني "وجود الاقليات في العراق هو إثراء له."و بين أن معيار الصحيح للتوجه نحو بناء بلد ديمقراطي هو "حصول الاقليات على حقوقها." مشددا على ان "الاقليات ليس لها أي طرح سوى الطرح العراقي." أما المحامية بيداء سالم النجار(أيزدية) تحدثت عن الاقليات والمبادئ الدستورية ، مركزة على ما تضمنه الدستور من بنود بحاجة إلى التعديل ومنها ، المادة 3 و 4 من الفقرة الأولى ، والتي تخص ذكر القوميات والأديان في العراق ، مشيرة إلى "التهميش الذي لحق بالشبك والأيزيد والصابئة " مركزة على المادة 92 والخاصة بالمحكمة الاتحادية والمكونة من "عدد من القضاة ، وخبراء في الفقه الإسلامي وفقهاء القانون..."وإغفالها ذكر ممثل الاقليات ضمن تشكيل هذه المحكمة واقترحت إضافة ممثل من الاقليات لإغضائها أسوة بفقهاء المسلمين أو عملا بمبدأ استقلال القضاء وأن تتكون المحكمة من عدد من القضاة وفقهاء وخبراء في القانون. وأشار يونادم كنا عضو مجلس النواب عن الكلدوأشوريين الى تهميش ديباجة الدستور العراقي لهم و"عدم تضمين المذابح والمجازر التي لحقت بأبناء شعبنا (الكلدوأشوريين السريان) في الوقت الذي تطرقت لما تعرضت له بقية مكونات الشعب العراقي من اضطهادات خلال الفترات السابقة "، مؤكدا وجود تمييز يمارس بحقهم. وتطرق لويس اقليمس إلى الحقوق الثقافية والاجتماعية للاقليات والمكونات القومية والدينية ، مشيرا إلى تطلعات جميع المكونات الصغيرة إلى أخذ مكانتها وموقعها اللائقتين في العملية السياسية كشريك سياسي أصيل يتمتع بحق المواطنة الكاملة غير المنقوصة أسوة بالجميع "وليس وفق حسابات تنظر إليهم كمواطنين من درجات مختلفة. " وأضاف: "مع غياب حرية الفكر والوجدان وحيادية التعليم في مؤسسات الدولة العامة وفرض تلقينات دينية ومذهبية وطائفية تهز مشاعر الاقليات وتتعارض مع أفكار أبنائها وتوجهاتهم في المناهج العامة القائمة ، فأن المساواة بين المواطنين، بغض النظر عن قوميتهم ودينهم يصبح صعبا". وحضر المؤتمر الذي عقد برعاية مجلس الاقليات في عدد من ممثلي السفارات الأجنبية في العراق ووزراء سابقين وعدد من أعضاء الجمعية الوطنية المنحلة.

مهما حاول البعض أن يدعي بأنه " لا " أزمة في بنية التفكير في الإسلام والإسلام السياسي عموما، فإن ذلك بعيد جدا عن الواقع المؤلم الذي نعيشه يوميا بحقائقه. فالدول العربية - الإسلامية المؤدلجة دينيا، والعالم الإسلامي بمجمله يعيش عزلة عن كلّ الآخرين. يعيش تخلّفاً عن الإدراك بان البشرية قد ولجت الألفية الثالثة وما أنتجته من تطور، ليس فقط في ثورة المعلومات والعلوم المختلفة، وانما تحويل العالم إلى قرية صغيرة.فالأقليّات الدينية والمذهبية في الوطن العربي والعالم الإسلامي عموما تعيش وضعاً غير مقبول إنسانيّاً، منذ قرون. فتاريخيّاً، هناك حالة تعدديّة عشوائيّة غير معقلنة، تجلّت في هيمنة أقلية على أسس مذهبية - دينية أو على أسس قومية على الرغم من أن الإسلام الدين المشترك لها. فبالنسبة للمسيحيين واليهود الذين شاركوا سكان الشرق العيش قرون وقبل ظهور الإسلام، فقد كانوا على الدوام محكومين بشرائع أهل الذمة منذ الفتوحات الإسلامية، وشهدت تنامياً متفاقماً بمرور الزمن، اعتماداً على فهم معين لآيات من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، مفصولة عن سياقها الزماني-المكاني. ولا يمكن دراسة علاقة الاقليات و ضروفها دون إدخال حقوق المرأة وواقع المثقفين والمفكرين في العالمين العربي والإسلامي عموما. من المحزن القول بأن وضع الأقليّات الدينيّة-المذهبيّة والأقليات الأثنية في العالم العربي يزداد سوءاً مع الانتشار الأفقي غير المسبوق للحالة الأصوليّة بشقيها السياسي والديني. وعلى هذا الأساس يمكن تقسيم مسار ذلك في خطين متوازين استمرا معا إلى أن التقيا في بداية الألفية الثالثة حيث نشهد نتائجه واضحة على الساحة العربية ميدانيا في العمليات الإرهابية التي تستهدف الأبرياء، ليس فقط من الاقليات كما هو الحال في حرق وتفجير الكنائس ودور العبادة وذبح اتباع الديانات الأخرى كما يجري في العراق اليوم بعد التحرير في التاسع من أبريل / نيسان 2003، وعلى المستوى الثقافي ما تقوم بها الجماعات "القومجية" العربية في هجومها المستمر ضد المثقفين العرب واللبراليين منهم تحديدا لدفاعهم عن الاقليات وحقوقها في العالم العربي، ليس فقط في اتهامهم بالعمالة وانما تكفيرهم داعميا في ذلك الحركات الأصولية المتطرفة التي هدرت دمائهم كما كانت رسالة بن لادن المسجلة الأخيرة في هدر دم مفكرين سعودين (القصيبي والدخيل) ومن قبل اغتيال المفكر المصري فرج فوده أو محاولة اغتيال الكاتب نجيب محفوظ أو التهديد بقتل المفكر سيد القمني وآخرها وليس أخيرها قائمة بثلاثين مفكرا، كاتبة وكاتب يعيشون في مناطق العالم المختلفة تهاجمهم الأقلام العروبية كما تكفرهم وتحكم عليهم بالموت الجماعات الأصولية.
فعلى الخط القومي لربما كانت البداية منذ انبثاق الدولة الاموية ولاغراض سياسية بحته في وضع احاديث مختلقة في حصر الحكم " الامامة " في قريش. وابقاء القيادة بيد العرب على حساب الشعوب التي خضعت ليسطرتها بعد الفتوحات الاسلامية، على الرغم من أن هناك الكثير من الاحاديث النبوية الشريفة التي تدعو إلى المساوات بين الناس والمسلمين " لا فضل لعربي على اعجمي إلا بالتقوى"، والآية الشريفة 48 من سورة المائدة(لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلونكم في ما اتاكم). وكانت الدولة الإسلامية عبر مراحل تطورها وانتقال مراكزها تحتمي خلف النصوص الدينية من القران والسنه النبوية التي تختار منها ما يناسبها مخلفة ورائها بعدها الزماني والمكاني لكي تنتقص من حقوق الاقليات غير المسلمة ولم تعطى لهم امكانية المشاركة في صنع القرار خلال مئات السنين إلا ما ندر. لا شك أن المجتمعات المبنية على أسس دينية أو أثنيه "متعددة الثقافات"، الصفة الجديدة التي أنتجتها حضارة عصرنا الحالي حيث امتزجت القوميات وانصهرت الثقافات في بنية مجتمعات تبتعد عنها ظاهرة التطرف بشكل عام والعداء للآخر. نرى أن تلك التعددية في عالمنا العربي الذي ولدت فيه أساسا لظروف ارثه الحضاري الذي يمتد لأكثر من سبعة آلاف عام، تختلف عنها لان التعددية سيف ذو حدين: فبقدر ما تكون هذه التعددية نعمة حين تُحكم بضوابط الديمقراطيّة الحقيقية وحقوق الإنسان وحق الاختلاف، بقدر ما تكون نقمة حين تتحكم فيها ضوابط التكفير ودكتاتورية الغالبيّة، قومية كانت أو دينية. أن دراسة متأنية لواقع عالمنا العربي - الإسلامي، يظهر بوضوح نوع من التناقض بين العقيدة والواقع.أن ثورة الاتصالات أظهرت لنا مثلا إن ألوان العالم من حيث المعتقد الديني وحده، متعددة مختلفة أكثر من لونين كما عرفهما الدين الإسلامي وهما : المسلمين وأهل الكتاب. كما وأن وضع الشيعة في بعض الدول، لا يختلف عن وضع الأقباط في مصر تحمها فتاوى، التي ليست فقط مجحفة، بل تنافي تعاليم الدين الإسلامي ولا يمكن قبولها تحت أي مبرر، مثل قانون الدية للمسلم تختلف عن الدية لغير المسلم. فعندما جمعت الزكاة من الشيعة، فقد كان يأخذ منهم على أنهم مسلمين والجزية على أنهم كفّار. وانتهجت القوى السلفية سياسة أخذتها عنهم طالبان فيما بعد أثناء سيطرتها على السلطة في أفغانستان، وهي فرض على المواطن خياطة قطعة قماش على خلف "البشت" أو العباءة التي يلبسها الشيعة لتعريفهم بأنهم شيعة. وهذا ما فعله النازيون مع اليهود الألمان في إجبارهم على حمل النجمة السداسية لتميزيهم عن البقية.
وكانت فتره الخلافة الإسلامية العثمانية برايتها الطورانيه فترة مظلمة في تاريخ الإسلام حكمت شعوب وقوميات وديانات متعددة لم يرى أي منها بصيص من الحرية. وخلال اكثر من أربعة قرون أسامت دوله الخلافة الإسلامية العذاب للمسيحيين في مجازر ضد الأرمن وضد العرب لمصلحة القومية الطورانية باسم الدين الإسلامي. وفي الوقت الحاضر تمثل الدولة الإسلامية في السودان مثال حي للتطرف باسم الدين ممزوجا بالنعرة القومية بما تقوم به في غرب البلاد ضد سكان دارفور وهم من المسلمين. فقد وجدت "هيومن رايتس ووتش" أدلة قاطعة على أن حكومة السودان بمساعدة المليشيات حاولت عامدة إخراج السكان من طائفتي مساليت وفور، بوسائل العنف، من مناطق شاسعة في دارفور، في عمليات تعتبر بمثابة تطهير عرقي. وزاد عدد المهجرين إلى مليون شخص واعتبرت الامم المتحدة ان ما يجري في غرب السودان اكبر كارثة إنسانية. ولم يتخلف النظام الإيراني عن نظيره السوداني منذ استلامه للسلطه حيث زادت معاناة الاقليات الاثنية والدينية في سياسة عداء عنصري ضد عرب الاحواز والأكراد والأذربيجانيين والبلوش لمصلحة القومية الفارسية التي مزجت مصالحها بالشعار الديني. ومثاله ما جاء في بيان حزب النهضة العربي الاحوازي لما يتعرض له العرب من شتى صنوف الاضطهاد العنصري والطائفي محرومين من ابسط حقوقهم الإنسانية والقومية وفي نزع هويتهم وإدخالهم في البوتقة الفارسية لغة وثقافة وفكرا. أضاف :" أن أبناء المدرسة السنية هم الأكثر اضطهادا حيث أنهم يعانون من اضطهاد قومي ومذهبي مزدوج حيث تم إغلاق مدارس أهل السنة ومساجدهم في جميع مناطق الاحواز ومنعوا من جميع ممارسات شعائرهم الدينية وهذا ما دفع بالكثير منهم إلى الهجرة أو إخفاء عقيدته خشية من تعرضه لمزيد من القمع".
أن التيارات القومية عندما وصلت إلى السلطة، على الرغم من ان الفكر القومي العربي الذي تبناه وساهم في تشكيله المسيحيون في بلاد الشام نرى أن نسبة أكبر تمثيل برلماني للأقباط في تاريخ مصر الحديث وصل ذروته في الفترة الممتدة من العام 1924 وحتى العام 1950 لتصل إلى نحو 13.6%، فقد بدأ التراجع منذ حركة الضباط عام 1952 التي حملت راية القومية العربية، ليصل إلى أكثر مستوياته تدنياً في العام 1957. في العهد الملكي في العراق 1921-1958 استوزر يهودي عراقي كأول وزير مالية في العراق الحديث. واصبح كردي رئيس للوزراء وداغستاني رئيس لأركان الجيش، كما كان آشوري عراقي رئيسا لشرطه بغداد. واختفت صورة التعايش السلمي بين العراقيين على اختلاف قومياتهم ومذاهبهم في العهد العروبي الذي تمثل بحكم حزب البعث الذي امتد لاربعة عقود كاملة. فعداء السلطة للطوائف العراقية المختلفة التي يتشكل منها النسيج الجميل للمجتمع العراقي كان ديدينها. بالإضافة إلى اعدم النظام الاف من الشيعة حيث وصل عدد سكان المقابر الجماعية إلى اكثر من ربع مليون عراقية وعراقي . وكانت عملية الانفال عام 1988 الموجهه ضد الاكراد العراقيين التي شملت تهجير 180.000 مواطن. او استخدام الاسلحه الكيمياوية ضدهم في حلبجة وضد سكان الاهوار من العراقيين. كما قام بترحيل 3000 شخص من الشبك العراقيين في العام 1988 وهدم 22 قرية من قراهم، أما بشكل كامل أو جزئي. وكانت عمليات منظمه ضد سكان العراق الاصلين من الكلدو آشوريين- السريان سليلوا حضارة بابل وآشور،حيث ألحقت بهم السياسة الشوفينية والعداء تحت رايه القومية العربيه اشد الأذى قبل ان تبدأ على يد الجماعات الارهابية القاعدية بعد التحرير في التاسع من نيسان 2003، فقد قام النظام بتدمير عشرات الكنائس والاديرة التي يعود تاريخها إلى القرون الاولى للمسيحية في شمال العراق، ودمرت اكثر من 200 قرية وقتل وهجر سكانها مع ما رافق ذلك من عمليات اعدام واغتيال رجال الدين المسيحيين. ولعل مذبحة قرية صورية في سهل سليفاني التابعة لمحافظة دهوك ابرز مثال للقتل الجماعي، حيث جمع العشرات من ابناء القرية رجالا ونساءا، شيوخا واطفالا في حقل ومعهم كاهن القرية وتم فتح النار عليهم وابادتهم جميعا. وجاءت تفجيرات الكنائس في كل من بغداد والموصل، يوم الأحد الاول من اغسطس/ آب 2004 أثناء صلاة القداس الإلهي، التي قامت بها العصابات الارهابية الاصولية بقيادة القاعدة مستهدفة ست كنائس كان ضحيتها 18 شخصا وعشرات الجرحى. أن الاعمال الارهابية ضد المسيحيين العراقيين بعد التحرير دفعت بالآلاف منهم لمغادرة وطنهم، بعد ان عبث عصابات الزرقاوي. وفي الوقت الذي فجرت الكنائس المسيحية واحرقت بعضها كان الحال مشابها في تفجير الجوامع بمصليها الشيعة التي راح ضحيتها عشرات المصلين في عدة مدن، منها تلعفر والمسيّب.
ان الحقد الاصولي على التراث وما يمثله من ارث ثقافي ما قامت به إمارة طالبان الإسلامية بتفجير اكبر تمثالين لبوذا في مدينة باميان كانت موجودة منذ 1500 عام، وقبل وصول الإسلام إلي بلاد الأفغان. وكذلك تفجير القبة الذهبية لضريح الأماميين العسكريين في سامراء في الثاني والعشرين من فبراير/ شباط 2006 ذلك الأثر التاريخي ذو القيمة المعنوية لمئات الملايين من المسلمين على يد الجماعات الاصولية. فالاعمال المستهجنة تلك كشفت عن تعصب التيارات الاصولية الفكري والعقدي الذي توجهه جماعه القاعدة، مما راح ينعي علي الإسلام والمسلمين استخفافهم بالتراث الإنساني وتعصبهم وانعدام قدرتهم علي الحوار وتقبل الآخر.
لقد لعب الفكر المتطرف دورا مهما في زمت وتطرف بعض رجالات الدين الإسلامي ضد موالاة "الكفار" : إذا أضُطر المسلم إلى الإقامة في دار الحرب لتجارة أو لعلاج وجب عليه إضمار الكراهية لهم في قلبه. مع العلم ان الدول الغربية قدمت للمسلمين وتنظيماتهم من عون ومساعدة وامان وحريه فكرية اكثر بكثير مما قدمته لهم دولهم الإسلامية التي هربوا من بطشها. ان الفكر المتطرف قد اوصل العالم إلى تصادم حضاري فعلي. فاحداث الحادي عشر من سبتمر التي سماها بن لادن "بغزوة مانهاتن" كانت بداية الحرب التي رفعت رايتها الجماعات الاصولية الإسلامية ضد امن العالم واستقراره واساءت للإسلام والمسلمين. واحداث شبه جزيرة سيناء او فنادق عمان سلسلة واحده من العداء والكره للاخر حتى وان كان مسلما. ان المجابهة التي يشهدها اليوم في الوقت الراهن ليست صراع بين الأديان،وإنما صراع بين عصرين، بين عقليّة تعود إلى العصور الوسطى وعقلية تعود إلى القرن الحادي والعشرين.
ان الحقد الطائفي والاستعلاء القومي مرض من صنع البشر، ساهم فيه قطاع واسع من رجال الدين ومن أئمة المساجد والإعلام العربي المضلل. وقد شاركت الحكومات العربية بفعالية في تفشيه حيث صادرت حرية التعبير وضيقت الخناق على المثقفين التنويريين، وفسحت المجال لدعاة الإسلام السياسي وحدهم لتضليل شعوبهم. واستغل فقهاء الموت، الشباب والمراهقين الفارغين من أية ثقافة السقوط في حبائل الدجالين، فبثوا فيهم روح الكراهية والبغضاء ووجهوهم نحو الهاوية،وكانت الضحية هي الأقليات الدينية والمذهبية والأثنية في جميع البلاد العربية والإسلامية.
بلغ الأمر بمعاقبة كل من يثير موضوع الأقليات في العالم العربي، ويدعو إلى إعطائهم حقوقهم السياسية والاجتماعية كما حصل مع الدكتور سعد الدين إبراهيم، لتبنيه قضايا الأقباط في مصر والأقليات الأخرى في العالم العربي. لا زال "القومجيون" العرب وأصحاب الإسلام السياسي، يوصمون النخب المثقفة في العالم العربي التي تطالب بحقوق الأقليات بالخيانة والعداء للمصلحة القومية من جهة،والتنكر للدين الإسلامي من جهة ثانية. أن ذلك سوف لن يضعف همة الخيرين في الدفاع عن حقوق الإنسان وفي مقدمتها حقوق الاقليات وكذلك العمل المخلص لدعم الجهود التي تعمل لنقل عالمنا إلى القرن الواحد والعشرين، بعد أن فتحت له البوابة في التاسع من نسيان 2003 وبداية الحديث بصوت عالي عن هذا الموضوع، كما هو الحال في بغداد المحررة من الفكر البعث - شوفيني ومثاله المؤتمر الأخير للاقليات.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف