الأسف لم يعد يكفي لأطفال العراق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
ويتساءل الأطفال في العراق عن نهاية لهذا الموت اليومي ، وعن نهاية لهذه الفجائع والعذابات، وعن نهاية للرعب والخوف الذي يملأ إحداق عيونهم البريئة ويغلف أيامهم المالحة، ألم تكفي هذه السنوات العجاف ؟ ألم تترتب الأمور لدى الكبار ليحيا الإنسان في العراق ببساطة وأمان وفرح مثلما كان قبل إن يحل زمن صدام السلطان والأمريكان ؟؟ ومن سينتصر والضحية دائما أطفال العراق، من فقد أهله وأحبته، من تبعثر بيته وحلمه الصغير، أو من شاهد حوادث الموت والقتل والذبح إمام عيونه الصغيرة، أو ممن بقي مرعوبا من الظلام والسلاح وأصوات الرصاص والطائرات بعد أن أعتاد الحياة القاتمة والضوء الخافت والمياه الملوثة، من رحل قسراً من مدينته ومن محلته نحن تهديد السلاح، ومامر عام والعراق ليس فيه جوع.
لنتمعن في قصة الطفلة العراقية أيمان حسين (10 سنوات) من أهالي مدينة حديثة بالعراق، فهي واحدة من بين الآلاف من أطفال العراق ممن يشهدون موت أهاليهم على يد القوات الأمريكية، وأنها واحدة من الأطفال الذين يراقبون المشهد وهم يشاهدون بأعينهم كيف تموت أمهاتهم وآبائهم برصاص المارينز الذي لم يعد يفرق بين إرهابي وضحية ، وبين مجرم وبريء فتطلق الرصاص دون تحديد وتقتل دون هدف ثم ترمي القنابل اليدوية لتطمأن من عدم وجود من يرد عليها.
أنها واحدة من العيون التي امتلأت بالدموع المختلطة بالحزن والألم المتكسر في الصدور، ممن سيبقين كل حياتهن أن كانت لهن حياة باقية في حال الانكسار ، دون أم ودون أب ودون جدات وشيوخ تتلمس لحاهم البيضاء وتمازحهم قبل إن يتوجهوا لصلاتهم كل حين ، منكسرة الروح وتنتشر الشروخ النفسية في اعماق روحها.
أنها واحدة ممن لا يفيدها الاعتذار ولا التعويض ومحاكمة القتلة بدم بارد، إن كانت هناك محاكمة، فقد أخصونا ولم تعد جرائمهم يحكمها القانون الوطني ولا الدولي ولاحتى حقوق الإنسان، ولاحتى قوانين الاحتلال فقد صاروا مثل صدام حسين وأولاده فوق القانون.
ونقلت صفحة إيلاف عن تصريح أدلت به الطفلة المذكورة لجريدة التايمز قولها ((أنها كانت مازالت ترتدي البيجاما عندما اقتحم جنود أميركيون منزل أسرتها حوالي الساعة السابعة صباحا يوم 19 نوفمبر الماضي. وأضافت للصحيفة إن والدها كان يصلي وجدها وجدتها كانا مازالا نائمين عندما سمعت أصوات إطلاق نار في الخارج. وأوضحت إيمان انه بعد 15 دقيقة من سماع انفجار وصوت إطلاق نار في الخارج اقتحم جنود مشاة البحرية الأميركية المعروفة باسم المارينز منزل الأسرة وبدئوا عملية تفتيش بحثا عن مسلحين. وقالت إن الجنود اخذوا يصرخون في وجه والدها ثم القوا قنبلة في حجرة جدها وجدتها.
وأضافت أنها شاهدت أمها وقد إصابتها الشظايا، بينما حملت خالتها أخيها الصغير وخرجت مسرعة من المنزل. وأكدت إيمان في الحديث إن "جميع من كانوا في المنزل قتلوا عدا أخي عبد الرحمن وانأ". وقالت "كنا خائفين للغاية ولم نستطع إن نتحرك لمدة ساعتين وحاولنا الاختباء تحت الوسادة، وأصبت بشظايا في ساقي، لم يمت إفراد أسرتي على الفور فقد سمعناهم وهم يتأوهون لفترة طويلة". وأصيب في الهجوم الأميركي على المنزل عبد الحميد حسن جد إيمان وجدتها خميسه ووالدها وليد وعمها مجاهد وأمها وعمها الأخر رشيد وابن عمها عبد الله (4 سنوات). وقالت إيمان التي نشرت قصتها في الصفحة الأولى للتايمز مع صورة كبيرة لها "اكرههم، فقد جاءوا ليقتلونا ثم بعد ذلك يقولون إسفين.))
وإذا كان التصرف الذي يطال الأبرياء بزعم ملاحقة الإرهاب والإرهابيين يلحق الضرر المادي والنفسي الطويل بأطفال يفقدون يوميا إبائهم وأمهاتهم، وإذا كان الموت الذي ينتشر بين شظايا الرصاص والقنابل التي يعتقد الجنود الأمريكان انه الحل الأمثل في بث الرعب والخوف لدى الإرهابيين والمجرمين، فلن يخسر سوى البريء في العراق، ولن تخسر سوى الطفولة المهشمة واليتيمة والتي ستعاني كل ما بقي لها من أيام العمر بمرارة وحزن هذا الفقدان وهذه الغصة التي ستبقى أبدا، فقد قتلوا أحبتها وهم أبرياء ولن يفيد الاعتذار للطفولة العراقية ولاحتى التعويض !!