كتَّاب إيلاف

ارفعوا أيديكم عن الإصلاحيين

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

في كتابه "طريق مصر للقدس" كتب د. بطرس غالي: "في مصر من العصور الفرعونية حتى اليوم، مازالت التقاليد تمجد الحاكم، فالمرء إما أن يكون من الحكام أو لا شيء، وبالتالي أعلى منصب يطمح إليه الفرد هو خدمة الحاكم". لعل هذه النصيحة الواضحة كانت أمام المجموعة الإصلاحية، في لجنة السياسات بالحزب الوطني مثل عبد المنعم سعيد، وأسامة الغزالي حرب، وهالة مصطفى وغيرهم، وبالمناسة معظمهم كانوا تلاميذا للدكتور بطرس بطرس غالي سواء في كلية الاقتصاد بجامعة القاهرة أو في مجلة السياسة الدولية. ووجدوها فرصة مناسبة أن يحققوا لمصر شيئا من خلال رؤياهم الإصلاحية ويحققوا لأنفسهم أيضا قفزة ونقلة نوعية من خلال اقترابهم من الرئيس ونجله، واعتبروا ذلك نافذة جيدة فتحها لهم جمال مبارك بعد أن أغلق أسامة الباز ومجموعة الرئيس العتيق الباب أمام أي وجوه جديدة لصالح شلة لازمته منذ بداية حكمه حتى ظهرابنه على الساحة السياسية.
الأزمة بدأت عندما شعرت المجموعة الإصلاحية أنها لم تحقق أي من أهدافها داخل لجنة السياسات، فرؤيتهم الإصلاحية استخدمت كأجراء تجميلى وخاصة أمام الغرب، ولكن الأهم أن لجنة السياسات لم تحقق لهم أي من طموحاتهم الشخصية، وكانت اللحظة المؤلمة لهذه المجموعة عند تعيين القيادات الصفحية في العام الماضي وجاءت فى معظمها من الكفاءات المتدنية والأقل منهم كفاءة بمراحل، ولكن الأخطر اتضح أن المعيار الأهم في التعيين هو العلاقة بأجهزة الأمن في درجاتها الدنيا، أي صبية الأجهزة الأمنية وكتبة التقارير، والذين يدافعون عن النظام بشكل فج صبياني منفر.
في حوار لجريدة العربي الناصرى عدد "968" في يوليو 2005 سئُل أسامة الغزالي حرب لماذا لم تجلس على مقد حسنين هيكل في التغييرات الصحفية الأخيرة؟ وكانت إجابته بمرارة يسأل في هذا الذين اتخذوا القرار. وفي حديثه مع الاسوشيتدبرس قال أسامة الغزالي حرب بعد استقالته: عندما انضممت لهذه اللجنة كنت أعتقد أنها تنوي إجراء عملية إصلاح ديموقراطي حقيقي ولكن اتضح أن الأمور تسير في اتجاه آخر تماما. قدم حرب استقالته معلنا لا يمكن أن نبقى كمجموعة إصلاحية كالسندويتش محشورين بين الحزب الحاكم والأخوان المسلمين.
وفي نفس الوقت وجهت هالة مصطفى رئيس تحرير فصلية الديموقراطية انتقادات أكثر حدة وصراحة للجنة السياسات ،والتي لا تزال عضوا فيها، معتبرة أنها تخضع لسيطرة شلة ترتبط بشكل مباشر بنجل الرئيس، وانتقادات أخف لهجة لبطء مسيرة الإصلاح وبيروقراطية الدولة جاءت من عبد المنعم سعيد والذي مازال يحدوه الأمل بإشراكه بشكل أو بآخر في الحكم وتعويضه عن التجاهل السابق.
طبعا لم يكن من المتوقع أن يسكت إعلاميوا الحكومة وفرسان أجهزتها الأمنية على هذه الانتقادات، فشنوا حملة على مجموعة الإصلاحيين في لجنة السياسات وقيل أن هالة مصطفى اشتكت لوزيرة الخارجية الأمريكية فى القاهرة بأن أجهزة الإعلام الحكومية في مصر أصبحت مسخرة لتشويه صورة الإصلاحيين والمثقفين الأحرار المطالبين بالإصلاح الحقيقي.
كان أعنف هجوم هو الهجوم الموجه ضد هالة مصطفى وفي الجريدة التي يعتبرها البعض لسان حال لجنة السياسات والأجهزة الأمنية المرتبطة بأهدافها وهي" جريدة روزاليوسف اليومية"، والتي يتردد أنها ممولة من أحمد عز ملك احتكار الحديد والأكثر قربا من من نجل الرئيس.
وضمن سلسلة الهجمات على هالة مصطفى كانت أعنف سلسلة مقالات هي التي كتبها عمرو عبد السميع في خمس حلقات من 23 - 27 مايو الماضي تحت عنوان "الهالة طين"،معللا الهجوم على هالة لأنها قبلت دعوة أن تكون باحث زائر لمدة شهر خلال مايو الماضى في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، ولإنه نشر لها في نفس الوقت ورقة بحثية عن "الديمقراطية الليبرالية" فى مؤسسة الدفاع عن الديموقراطية في واشنطن F.D.D..
وقد استفزتني مقالات عمرو عبد السميع لما تحويه من مغالطات ولغة جارحة وشتائم تعد تطاولا يعاقب عليه القانون، ويكفي عنوانها والذي يعكس شكل الانحدار الذي تردت إليه لغة الصحافة المصرية، ولغة من يعتبرون أنفسهم مثقفين.
أولا: يستهل عمرو عبد السميع مقالاته بمعلومة غير صحيحة ومغالطة منهجية، فيقول أن رموز معهد واشنطن هم مارتن أنديك ودانييل بايبس والحقيقة أن أي منهما لا يعمل في معهد واشنطن، حيث أن بايبس يرأس منتدى الشرق الأوسط في فلادليفيا، وربما أيضا هو خلط بين مارتن أنديك ودينيس روس فالذى يعمل في معهد واشنطن هو دينيس روس مساعد وزير الخارجية في عهد كلينتون ومؤلف كتاب "السلام المفقود". وقد اختار عمرو عبد السميع اسم بايبس ليقول أن هذا المعهد يضم رموز اليمين اليهودي الداعم لإسرائيل، وهذه حقيقة معروفة بدون تقديم معلومات غير صحيحة، ولكن أطمئن عمرو أن هالة ليست الأولى التي تزور معهد واشنطن ولن تكون الأخيرة فهناك مصريون كثيرون جاءوا ضيوفا على معهد واشنطن منهم أسماء قريبة من السلطة في مصر، وشخصيات فلسطينية قادمة من رام الله، والذي أحب أن أوضحه لك أيضا أن واشنطن مجتمع مكشوف لا تختفي فيه شاردة ولا واردة وينطبق عليها وصف بطرس غالي "بيت من زجاج" ، ففي نفس وقت زيارة هالة كان هناك وفد من المجلس المصري للشؤون الخارجية يزور واشنطن يضم السفراء عبد الرؤوف الريدي ومحمد شاكر والسيدة أنيسة عصام حسونه وقد اتصلوا برموز معهد واشنطن أنفسهم بل وأكثرهم تشددا مثل ديفيد ماكوفسكي وطلبوا منهم أن يتوسط لهم لترتيب بعض اللقاءات والمقابلات في واشنطن، والذي اتصل بديفيد هو وليد محمود عبد الناصر من السفارة المصرية بواشنطن. بل وأقول لك أكثر من هذا أن السفير نبيل فهمي يجري أيضا اتصالات بشخصيات من معهد واشنطن وشخصيات يهودية أخرى فى واشنطن لتتوسط لدى صحيفة واشنطن بوست والكاتب جاكسون ديل لتهدئة حدة انتقاداتهم للنظام المصري، والرئيس مبارك في كل زياراته يحرص على لقاء الرموز اليهودية ومنهم أعضاء الايباك ومعهد واشنطن والوكالة اليهودية والكونجرس اليهودي وكل الأطياف اليهودية في أمريكا، بل وأقول لك أكثر من هذا أن شارون قبل مرضه توسط لتهدئة النفور في العلاقات المصرية الأمريكية بناء على طلب النظام المصري ولذلك وصفه الرئيس مبارك إنه رجل دولة وقادر على صنع السلام.
أما المغالطة المنهجية فيقول أن هالة استدعيت لمعهد واشنطن -لاحظ كلمة استدعيت- من أجل الورقة التي تقدمت بها إلى مؤسسة الدفاع عن الديموقراطية ونشرت في وقت وجودها في واشنطن. المفروض أن ألف باء من يعرفون سياسة نشر الأبحاث في الغرب أنها تأخذ شهورا وقد تصل لأكثر من سنة من بدء الموافقة على البحث حتى اعتماد نسخته النهائية للنشر مرورا بسلسلة من التعديلات قبل أن يظهر في شكله النهائي، وقد نشرت بحثا فيMiddle East Review Of International Affairs فى مارس الماضي أستغرق أكثر من أربعة أشهر قبل نشرة، وبحث أخرى لمجلة Contemporary Review البريطانية سيصدرلى في سبتمبر القادم استغرق ستة أشهر من لحظة إرساله حتى تحديد موعد نشره، بل وقال لى مسؤول التحرير فى مجلة فورين افيرزمؤخرا Foreign Affairs أن قائمة الأنتظار لديه أكثر من سنة ، فكيف تكون هالة في زيارة لمعهد واشنطن وتنشر بحث في معهد أخر في نفس الوقت هل يعقل هذا؟! ولكن الأرجح كما هو متبع أن تكون أرسلت البحث قبل عدة أشهر ونشر بالمصادفة أثناء وجودها في واشنطن.
ثانيا :يقول عمرو عبد السميع أنه حصل على ورقة هالة مصطفي التي علق عليها في مقالاته من زملاءها في مجلة "الديموقراطية" ،هل يمكن أن يصدق أحد هذا؟! أن يتصل العاملون في مكتب هالة بعمرو عبد السميع بالذات في مصيفه في برج العرب ليقولوا له ألحق هالة كتبت ورقة عن الليبرالية الديموقراطية أرجوك علق عليها !!؟. أن الجهة التي طلبت منه مهاجمة هالة بهذه القسوة والاستفزاز واللاموضوعية هي التي أرسلت له الورقة لتكون تكئة لينهال بشتائمه على هالة. وهل عمرو عبد السميع يقرأ ويتابع كل شيء حتى يعرف أن هالة قدمت ورقة لمؤسسة الدفاع عن الديموقراطية؟ والتي ربما سمع عنها لأول مرة من أولئك الذين أرسلوا وكتبوا له المعلومات التي وصلته في مصيفه في برج العرب.
وربما هذا يقودني إلى قصة طريفة، ففي عام 99 نشرت كتابي "أقباط المهجر" وكان عمرو وقتها مديرا لمكتب الأهرام في واشنطن، وكنت قد قرأت له كتاب بعنوان " الأقباط والرقم الصعب.. حوارات حول المستقبل" هو عبارة عن مجموعة، حوارات قد أجراها مع عدد من الأقباط، فقلت أن المسألة تستحق أن أرسل له نسخة من كتابي كإهداء وكنت وقتها أقيم في نيويورك، وعلمت بعد ذلك من صديق مصري أمريكي هو محمود خليل، والذى كان يعمل في مكتب الأهرام بنيويورك أن عمرو أرسل الكتاب ومعه طبعا ملاحظاته إلى مسئول المخابرات المصرية ببعثة مصر بنيويورك، وقال لي محمود أنتبه فهم يسألون عنك وقد سألوني عن تفاصيل عنك وعن نشاطك، فقلت له ايه الخيبة دي منه، فالكتاب مطبوع في القاهرة وتوزعه مؤسسة الأهرام التي يعمل فيها عمرو وأنا حياتي كلها مكشوفة تماما ولا تستحق من عمرو أو غيره كتابة تقرير أو خلافه ولم أفعل شيئا فى حياتى يخالف ضميرى الوطنى أو يضر ببلدى مصر، وبالمناسبة تم فصل محمود خليل بعد ذلك من الأهرام.

ثالثا: تمتلئ سلسلة مقالات عمرو عبد السميع عن هالة مصطفي بالشتائم والاتهامات، وهي سلسلة من الردح وليست نقدا لورقة علمية، وسأنقل للقارئ مقتطفات من هذه الشتائم حتى يعرف إلى أين وصلنا :" يواصل أسامة الغزالي خلع ملابس ارتباطه الوطني في حالة ستربتيز سياسي .. مشهد ساقط ولكن الأكثر سقوطا منه هو ادعاء هالة مصطفي لدوائر أمريكية أيضا أن أجهزة الأمن المصرية تراقب كل شاردة وواردة تأتيها" ،"تبغي هالة أن تتحول الديموقراطية إلى عمل سري على القد بين السيد الأمريكي وبعض أفراد النخبة السياسية بالضبط مثل القعدات التي تدبر من بعض النسوة الساقطات لثري عربي بغية استلاب فلوسه"، " أن على بعض الأغبياء في أمريكا الذين ينصتون إلى بلاهات أو عباطات هالة مصطفي أن يعرفوا أن هناك معايير للإصلاح تختلف من دولة إلى أخرى" ،" أن أجهزة الأمن تركت هالة تشقشق وتزقزق .. وهي حرة أن تنشيء ما تراه من علاقات عامة أو شخصية، حتى مع السفير الأمريكي السابق ديفيد وولش والتي وصلت أفاقا غير مسبوقة"!!، "مجرد كلب ينتظر قرار التعيين من الأمريكان وكل مهمته أن ينبح في مواجهة أعدائها أو يتمسح تحت قدميها برقاعة"، " أشير إليك يا ست هالة يا من احترفت كذبا، ادعاء الخوف والارتعاش أمام الأمريكيين مما تدعينه من ملاحقات أمنية تترصدك وتتقصدك"... بالإضافة إلى المفرادات المتناثرة من عينة الهالة زفت، الهالة طين، الأمريكان ولاد الفرطوس، النباح الليبرلي، أذناب أمريكا، جواري أمريكا... وأترك القارئ ليتأمل هذه الألفاظ.
أما الاتهامات فحدث ولا حرج فلم يترك تهمة إلا وألصقها بها مثل تجافي الانتماء للبلد ونظامه الوطني، تدعيم الهيمنة الأمريكية، وتصعيد العملاء للسيطرة على مقاليد الأمور، التحريض بالضغط على السلطة الوطنية، إرضاء السادة في واشنطن، طلب التمويل من واشنطن. وفي النهاية وجه رسالة تحريضية للرئيس الذي يفصله بين قريته في برج العرب واستراحة الرئاسة كما يقول مجرد سور، أن ما تفعله هالة يا ريس زبد وسوف يذهب جفاء ولسان حاله يقول لقد قدمت المطلوب مني والباقي عليك يا ريس وعلى أجهزتك.

رابعا: أما ما يتعلق بنقد عمرو للورقة ذاتها فلا يستحق الالتفات إليه ،ولم يكن هذا غرضه من كتابة مقالاته، فالورقة واضحة ومميزة وتعكس تحليل أمين للواقع المصرى ويتفق على مجملها أغلب المصلحين والليبراليين الحقيقيين... وها هى معروضة أمام القارئ مترجمة بنصها ....المسألة في النهاية أن عمرو نفذ كالتلميذ المطيع ما طلبوه منه بفجاجة تثير السخرية.
المسأله ببساطة أن هالة وأصدقاءها اكتشفوا زيف الإصلاح الذي ينادى به النظام ، وما هو إلا ستار لسيطرة الأجهزة الأمنية على كل شيء في مصر لتدعيم حكم الشلة الحالى والمستقبلى.
المشهد فى مصر والمنطقة العربية يدعو للحزن معركة تكسير عظام بين فاشيتين أحداهما تستعمل التخوين الوطنى والاخرى التكفير الدينى،(العسكر والأخوان فى مصر)،(فتح وحماس)، (الأخوان والبعث فى سوريا) ، ( كله ضد كله فى لبنان فى بوادر لحرب جديدة).... وكل من الفاشيتين فى حالة عداء مزمن مع دعاةالأصلاح والديموقراطية والليبراليين.نظام يضرب شعبه بالحذاء فى السجون والمعتقلات وأقسام الشرطة وحتى فى شوارع القاهرة وبديل يوعدنا بحذاء آخر، الفرق بين حذاء العسكر وحذاء مرشد الأخوان أن الأخير حذاء حلال!!!.وفى النهاية يلومون أمريكا بحجة تراجع دعمها للأصلاح...لصالح من تتدخل أمريكا فى هذا المشهد العبثى، معارضة تطلب حمايتها ليلا وتشتمها نهارا ونظام حكم يتوسل اليها سرا ويلعنها فى وسائل إعلامه جهرا... نفاق يعكس عبثية المشهد.، ومن ضمن عبثية المشهد العربى نظام يقاوم الأخوان فى سوريا وفى نفس الوقت يساعد قوة دينية تخريبية هى حزب الله فى لبنان. الذين يستحقون الدعم فعلا ومساندة من القوى الدوليةهم الليبراليون ودعاة الأصلاح الحقيقى والأقليات المحرومة من حقوقها والمثقفون المستقلون.
أتصور أن الطلاق بين هالة مصطفى والنظام توج فى مقالتها الجريئة التي كتبتها في الواشنطن بوست 24 ديسمبر الماضى عن سيطرة الأجهزة الأمنية على الحياة السياسية وغير السياسية في مصر.. والحنق على هالة يعود لكونها لديها صداقات متميزة مع شخصيات كثيرة مؤثره في واشنطن سواء كانوا سياسيين أو باحثين أو صحفيين وكذلك في أوروبا والنظام في مصر يزعجه جدا أي شخص يقترب من الملف الأمريكي أو الإسرائيلي فهذا من اختصاص مؤسسة الرئاسة، فهم يدللون ويتوسلون لليمين الأمريكي والإسرائيلي على أوسع نطاق أما إذا سلم أيمن نور على مادلين اولبريت أو كوندليزا رايس فى قلب القاهرة فهو عميل ، وإذا قبلت هالة دعوة زيارة علمية فهي ضد مصر، وأذا حصلت جمعية أهلية على دعم مالى من جمعية غربية مستقلة يلقى صاحبها فى السجن فى الوقت التى تنفق مئات الملايين من البترودولارات النفطية سنويا لتخريب كل شئ فى مصر .هل سمعتم عن إتهام مصرى بالعمالة لدولة إسلامية أو بتهمة تلقى أموال من دولة إسلامية؟!!.
وهكذا بعد أن تم تدميروأضطهاد المصلحين والليبراليين خارج النظام يسعون إلى القضاء على المصلحين داخل النظام لتظل الساحة محصورة بين النظام والأخوان وهم على حد وصف صديقى عادل جندي " أخوة في الرضاعة"..
ما كتبه عمرو عبد السميع ضد هالة ، لا أتصور أنه بسبب كتابتها ورقة عن "الديموقراطية الليبرالية" ولكن لانتقادها لأجهزة الأمن والتي بلغت ذروتها في مقال الواشنطن بوست يوم 24 ديسمبر 2005 والذي انقل نصه هنا

إنهاء الحرب الخفية في مصر
بقلم هاله مصطفي - من القاهرة
بينما تركز القدر الكبير من الانتباه على هجمات العنف والترهيب الموجهة ضد المعارضة أثناء الانتخابات البرلمانية التي جرت مؤخرا في مصر، فأنشغال قوات الأمن في البلاد بالحياة السياسية لا يقتصر فقط على هذا النوع من المواجهة المرئية، فالتهديد الحقيقي لجهاز أمن الدولة مثل ما يحدث في كثير من بلاد الشرق الأوسط أنه يتلاعب سرا وعلى نحو مستمر بالنظام السياسي بأكمله. والجهود الأمريكية والمحلية لتشجيع الإصلاح السياسي في المنطقة لن تحقق إلا تغييرات تجميلية أو شكلية من النوع الذي شاهدناه حتى الآن إلا إذا تحطمت هذه القيود السرية.
وفي مصر ليس سرا أن أجهزة الأمن منخرطة بعمق في الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم، فهي التي تختار المسؤولين ذوي المستويات العليا، ومعظم مرشحي الحزب في الانتخابات. ونتيجة لهذا ففي الانتخابات البرلمانية الأخيرة هزم مرشحوا الحزب على أيدي المنشقين الذين دخلوا الانتخابات على أنهم مستقلون، وأتضح أن مرشحي البوليس السري لا يحظون بالقبول الشعبي.
حتى اللجنة السياسية للحزب الوطني الديموقراطي التي أنشئت قبل ثلاثة سنوات على أنها أداة الإصلاح في الحزب لم تفلت من مخالب أجهزة الأمن التي وضعت مجموعة من المصلحين الزائفين في مراكز النفوذ في إستجابة مصطنعة لدعوة أمريكا إلى الإصلاح السياسي. وفي نفس الوقت أستبعدت الأصوات الليبرالية الحقيقية مما جعل إجراء الإصلاح من الداخل مستحيلا، وهذه الممارسات ليست مقصورة على المناصب العليا في الحكومة، فأختيار الأشخاص لشغل جميع المراكز مبني على الولاء لسلطات الأمن لا على المزايا الشخصية أو المؤهلات أو التجربة أو الخلفية السياسية.
وتخضع وسائل الأعلام لنفس السيطرة، فحتي الصحف الخاصة والمستقلة رهينةلأجهزة الأمن التي تملك السلطة لمنح ترخيص صدور الصحفية أو إغلقها، والتي تمارس سيطرة مماثلة على منح رخص العمل للصحفيين.. ويصدق هذا على محطات التلفزيون بما فيها قناة الحرة، وهي القناة الفضائية التي ترعاها الولايات المتحدة، والمفروض أنها تقدم أخبارا لا تخضع للرقابة من وجهة النظر الأمريكية.
ومنذ البداية خضع عمل الحرة في مصر لسيطرة مستترة من قبل أجهزة الأمن، وهذه حقيقة ليست ظاهرة دائما أمام المشرفين على المحطة في واشنطن،ولأجهزة الأمن صلات وثيقة ببعض مديري المحطة، واختارت بنفسها الكثير من مراسلي المحطة، بل لها الكلمة الأخيرة حول أختيار الضيوف الذين يظهرون في البرامج. ونتيجة لهذا، فأن أي شخص ينتبه بعناية إلى لهجة البرامج الاعتيادية والآراء المعبر عنها فسوف يلاحظ أن الآراء الليبرالية التقدمية والصريحة تقدم دائما تقريبا على استحياء، ولئن كان من المفروض أن تكون الحرة منبرا ينبض بالحياة للحرية، فقد أخفقت في توفير حلبة حقيقية للأراء المتوازنة، ولذلك عجزت عن منافسة قناتي الجزيرة "الإسلامية" والعربية لسان "العروية".
وإن لم تقيد أجهزة الأمن فسوف يسد الطريق أمام التغيير السياسي الحقيقي وجهود تنفيذ الإصلاح من الداخل في مصر وسائر منطقة الشرق الأوسط، وستظل النخبة السياسية المستنيرة عاجزة، وسوف يستهدف الأفراد الذين في إمكانهم تقديم إسهامات حقيقية، وسوف يستمر إستبعاد الجماعات والاتجاهات المعتدلة، ويستمر غياب معظم المواطنين من الحياة السياسية (كما أتضح للأسف في الانتخابات الأخيرة). وفي كلمة واحدة، لن يتردد في الحلبة السياسية غير صدي صوت واحد.
والحرب الحقيقية أو الصامتة التي تشنها أجهزة الأمن ستحصر مصر في مربع بين نظام مغلق تتسلط عليه عقلية أمنية، وبين الأصوليين الإسلاميين. هل هذا هو المستقبل الذي نرغب فيه؟
واشنطن بوست

أرفعوا أيديكم عن الإصلاحيين والليبراليين فهؤلاء يمثلون شعاع الأمل الوحيد المتبقى للمستقبل...وكفاكم حماقات.

Magdi.khalil@yahoo.com


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف