عراقان.. أيهما سينتصر في النهاية؟ (3)
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
فنتازيا عربية
سردنا في المقالين السابقين مواقف الذين تهمهم مصلحة الشعب العراقي، وكيف انهم يتمنون أن ينجح الشعب العراقي في الخروج من محنته والوصول إلى بر الأمان، ومواقف أولئك الذين لايهمهم الشعب العراقي بقدر مايهمهم الوقوف العنتري ضد أمريكا وتصفية حساباتهم معها، ولا تهمهم فداحة الثمن الباهظ الذي يدفعه هذا الشعب المغلوب على أمره جراء غوغائيتهم وتهورهم. وهؤلاء في الواقع يرفعون شعار مقاومة الاحتلال زوراً وبهتاناً وتضليلاً، ولكن في واقع الأمر هم يدافعون، بل ويستميتون دفاعاً عن مكاسبهم التي حصدوها من مغانم النظام الذي فقدوه، ويزرفون الدمع سراً على فقدانهم ذلك النظام، ويدافعون مواربة عن الإرهاب الذي يسود في العراق ألان ولكنهم يعلنون عن مقاومة لا وجود لها في الواقع. لسؤ الحظ ان هذه الفئة التي نتحدث عنها، هي التي سادت إعلامنا العربي على مدى العقود الثلاث الماضية، ويمثلها غلاة الإسلاميين والقوميين الذين أرعبونا وأسكتونا طيلة تلك الفترة، باسم حماية الأوطان تارة أو باسم حماية الدين تارة أخرى، وعاثوا فسادا في كل الأقطار العربية، واسكتوا كل من عداهم بما في ذلك الشرفاء العقلاء من القوميين والإسلاميين الذين رفضوا الاشتراك في مثل هذه المهازل. دانت لهم الساحة وفرغت مما عداهم، ولسؤ الحظ كانت مواقف بعض الأنظمة العربية داعمة لهولاء، ومن ضمنها،بل من أهمها، النظام الذي فقدوه في العراق. لذلك هم الآن يدافعون عن مصالحهم التي اكتسبوها، ويتخوفون من كل خطوة إصلاح تكشف ما ارتكبوه في حق الشعوب العربية، وواضح ان ما يجري في العراق من خطوات جادة في طريق الإصلاح، لو تم واكتمل على وجهه الصحيح، سوف يؤدي في النهاية إلى فضحهم وكشف مصائبهم. لذلك هم يناكفون بكل قوتهم لكي لا ينجح الشعب العراقي في الوصول إلى بر الأمان،وهذا مايفعلونه أيضا مع الدول العربية التي أخذت موضوع الإصلاح بجدية ومسئولية. ولأنهم لا يملكون حُججاً منطقية يرتكنون إليها، فليس أمامهم إلا رفع شعاراتهم الجوفاء التي عاشوا وترعرعوا وبنوا أمجادهم ونفوذهم وثرواتهم عليها، وهي مكافحة الاستعمار وحماية مقدرات الأمة من الهجمة الامبريالية، وحماية ثوابت الأمة كما يزعمون،وعند البحث عن تلك الثوابت لا تجد إلا ما ثبت لهم من نفوذ وسلطان وسيطرة وثروة وجاه هم ليسوا أهلا له بإمكانياتهم ومؤهلاتهم ولكن فقط نالوه بما أتيح لهمم من نفاذٍ ونفوذ. وما علو صوتهم إلا دليلاً على رعبهم مما هو آتٍ، وحججهم التي يسوقونها أصبحت واهية ومفضوحة ومكشوفة. وان كانوا قد تعودوا في السابق ان يقولوا ما يشاءون ويفرضوه كواقع مهما كانت مجافاته للواقع، فان الوضع قد اختلف ألان، وليس بإمكانهم استخدام التمويه والتضليل كما تعودوا. فمن يضع العراقيل مثل ذلك الذي يتحفظ على برنامج الحكومة الجديدة، والذي احد بنوده مكافحة الإرهاب، يتحفظ عليه ويقول: (لنا تحفظات حول البنود المتعلقة بمكافحة الإرهاب التي لم تفرق بين المقاومة التي تقوم بدور بطولي من اجل تحرير العراق، وأعمال العنف التي يرفضها الجميع) ـ ما بين القوسين طبق الأصل من كلام لأحد الساسة العراقيين من الفئة التي تجلس جسداً على طاولات الحوار والمصالحة، وتعيش قلباً وعقلاً في كهوف الإرهاب. ومثل هذا الكلام يتردد كثيراً في الإعلام العربي ـ أي محاولة التفريق بين المقاومة والإرهاب ـ ولا يردده إلا أولئك الذين يدعمون ويشجعون هذا الإرهاب ولا يستطيعون ان يعلنوا ذلك صراحة لذا يُموهون بكلمة المقاومة، التي يزعمون بأنها تسعى إلى تحرير العراق من المحتل، وهذا الكلام سيكون صحيحاً في حالة واحدة فقط، وهي ان يكون تحرير العراق من شعب العراق، لان مقاومتهم هذه التي يتحدثون عنها لم تقتل إلا الشعب العراقي العادي البسيط، وتقتله بالعشرات كل يوم، وفي مدارسه ومخابزه ومتاجره وشوارعه بل وفي بيوته.
وأخيرا اختم هذا المقال بما ورد في آخر المقال الذي سبقه ـ وقد ظهر في ذلك المقال مرتبكاًـ وهو: (القافلة سوف تسير مهما كانت العراقيل التي تواجهها، ومهما علا صوت هؤلاء وزاد تشنجهم، لأنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح... والدليل أن المعرقل الأول الزرقاوي قد قُتل اليوم)