كتَّاب إيلاف

الموت للزرقاوي والعزاء لبعض الفضائيات العربية!!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

العملية العسكرية الأمريكية الأردنية التي أوصلت إلى مقتل المجرم الزرقاوي، شكلت ضربة أليمة للقوى الإرهابية التي وجدت ضالتها في العراق الجديد بعد اندحار النظام الديكتاتوري البائد، ومن المهم عربيا دراسة نموذج الزرقاوي وكيف تم خلقه وتكريسه وتعميمه، ليصدر الفتاوي والبلاغات لما يزيد عن مليار من المسلمين، بعد مبايعته لسيده الإرهابي أسامة بن لادن الذي سبق أن نصّب نفسه أميرا للمؤمنين كافة بعد اندحار أمراء طالبان، وخلافتهم في كهوف أفغانستان معتقدا أنه مؤهل لقيادة الأمة الإسلامية كافة، متدخلا حتى في الانتخابات الفلسطينية ، ناقدا مشاركة حركة حماس فيها مستعينا بتنظيرات مساعده الإرهابي أيمن الظواهري، وقد ردّت حركة حماس في حينها على تدخلهم في الشأن الفلسطيني، وهم غير مؤهلين لأي شأن سوى الإرهاب والجرائم التي عمّت القطر العراقي ووصلت إلى الجوار الأردني. كيف يتم التأسيس لمثل ظاهرة الثلاثي المجرم: ابن لادن ، الظواهري، الزرقاوي؟.

إن هذه الظاهرة ليست غريبة على الثقافة العربية التي تحتل عبادة الفرد فيها حيزا كبيرا، يصل بالأشخاص إلى مرتبة تقترب من الألوهية، ولا أعتقد أن شعار وهتاف (بالروح بالدم نفديك يا...) له وجود لدى شعوب غير العربية، ومن وسط هذه الثقافة وبدعم من عوامل ومؤثرات أخرى يتم خلق هذه الظاهرة،ومن أهم هذه العوامل:

أولا: فتح باب الفتاوي في الشأن العربي و الإسلامي إلى كل من يريد بدون التدقيق في مؤهلاته، فمجرد وجود ( اللحية الطويلة والدشداشة القصيرة ) يصبح الشخص له تأثير في وسط الستين بالمائة من الأميين العرب أكثر من تأثير العلماء المتخصصين، بدليل أن ابن لادن والزرقاوي لم يكملا تعليمهما الثانوي، والزرقاوي أساسا خريج السجون ومحكوم في العديد من القضايا، ورغم ذلك يصدر هذا الإرهابي المجرم ما يطلق عليه فتوى بقتال المسلمين الشيعة، وابن لادن يعرض الهدنة على الولايات المتحدة الأمريكية وكافة الدول الغربية، وهو بهذا يخدع الجماهير الغفيرة التي تربت على الخطابات والتهديدات الفارغة، وكأنه يملك من القوة غير رشاشه الصدىء في الكهوف الأفغانية، والظواهري من طبيب فاشل إلى منتقد لكافة المسلمين شعوبا ومنظمات وحكومات، ويضع البرامج لنهضة الأمتين العربية والإسلامية... هل هناك دجل وكذب ونفاق أكثر مما هو لدى هذا الثلاثي المجرم؟؟!.

ثانيا: تطبيل وتنظير نسبة من الكتاب والصحفيين العرب لهذا الثلاثي وأعماله الإرهابية وسط تخبط يندر مثيله. فعند البعض كل ما يرتكبه الإرهابيون من قتل وخطف وقطع للرؤوس هو مقاومة، بما فيها قتل ألآف المدنيين العراقيين بحجة أنهم يعملون في خدمات لقوات التحالف، بينما كل التنظيمات الفلسطينية بما فيها حركتا حماس والجهاد لم تخون مائة وخمسين ألفا من العمال الفلسطينيين في دولة إسرائيل، ونسبة منهم يعملون في بناء المستوطنات الإسرائيلية التي يطالب المفاوض الفلسطيني بتفكيكها. وينظر في الصحافة المصرية العديد من الصحفيين للإرهاب في العراق ويسمونه مقاومة، وعندما ضرب نفس الإرهاب مصر في طابا وشرم الشيخ وغيرها، أصبح هذا إرهابا غير شريف... فهل هناك أفضل من هذا التضارب والنفاق لنمو ظاهرة تأييد إرهابيين جهلة مثل الثلاثي المذكور؟؟. وضمن السياق الإعلامي لا بد من الإشارة إلى دور بعض الفضائيات العربية في تغذية الإرهاب من خلال تسابقها على نشر بيانات الإرهابيين بما فيها قطع الرؤوس أمام الكاميرات، وقد ثبت أن بعض الفضائيات تدفع المال من خلال مراسليها لبعض الإرهابيين كي تفوز دون غيرها بالأشرطة المرئية والصوتية، وهذه الفضائيات بموت المجرم الزرقاوي قد خسرت منتجا مهما لأشرطة رواجها وسط الجماهير الغفيرة!!.

ثالثا: سكوت يشبه التواطىء من علماء المسلمين المؤثرين في الرأي العام العربي، وعلى سبيل المثال لم نسمع أية إدانة لبيان أو فتوى المجرم الزرقاوي بقتال المسلمين الشيعة، أو خطف وقتل المدنيين الأبرياء بما قيهم العاملون في مؤسسات الإغاثة والخدمات الطبية... فهل يؤدي هذا السكوت إلى غير المزيد من هذه الجرائم؟ رغم أن أعمال هؤلاء الإرهابيين أساءت للإسلام والمسلمين أكثر من أي عدو للإسلام، لأن كل أعمالهم الإجرامية يرتكبونها باسم الإسلام ويتخذون تسميات إسلامية لمجموعاتهم الإرهابية.

رابعا: لا يمكن التغاضي عن دور الأنظمة الإرهابية المستبدة في المنطقة، فإرهابها ضد شعوبها وارتكابها لكافة أنواع الجرائم بحق شعوبها، ينتج عنه يأس لا يميز لدى العامة بين الجريمة والنضال، كما أن بعض هذه الأنظمة المستبدة من مصلحته تغذية الإرهاب وتشجيعة في العراق وغيره، لأن قيام أنظمة ديمقراطية مجاورة يهدد وجود هذه الأنظمة المستبدة.

إن موت المجرم الزرقاوي يشكل أكبر تعزية لأهالي ضحاياه خاصة في العراق والأردن، كما أن الدور الأردني في تنسيق عملية قتله، رسالة واضحة لكل الدول العربية المجاورة للعراق وغير المجاورة من أجل تنسيق جهودها ضد هذا الإرهاب الذي لن يستثني أحدا. مات الزرقاوي، إلا أن العوامل السابقة التي خلقت ظاهرته الإرهابية وجعلتها عند الجهلة نضالا ومقاومة، سوف تخلق "زوقاوي جديد"، وربما يكون اسمه (الحمراوي) فلا بد من اسم يسهل رواجه وتعميمه... ومن خلال تغطية بعض الفضائيات العربية لموت المجرم، ثبت أنها حزينة عليه أكثر من المجرمين أنصاره... لذلك فالعزاء في موته من المستحسن تقديمه لتلك الفضائيات!!.
ahmad64@hotmail.com


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف