كتَّاب إيلاف

ذبول العقل العربي: شراسة اليوتوبيا وصراع الاضداد (2)

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

القسم الثاني

"ومن نكد الدنيا على الحّر أن يرى عدوا له ما من صداقته بّد" (المتنبي)

المثقفون بين ايدي المتفقهين
إن الانقضاض على نصوص أدبية تاريخية موروثة أم إبداعية معاصرة مستحدثة يشكل آلية غير مسبوقة في القمع والإرهاب الفكري على امتداد تاريخنا، وخصوصا وأنها ترتدي زي المتعبد الناسك الذي يريد أن يصف أحجار الحياة ويلونها على ذوقه ومزاجه، والحياة متعددة الألوان ومتنوعة الأغراض والمشارب ومتباينة الصنوف والاتجاهات. إن الأمر ليس بهين أبدا، فأمر الثقافة العربية عند مطلع القرن الحادي والعشرين، أمر مفجع عندما يتحول (الممنوع) من مجرد شعارات فئوية سقيمة إلى قرارات حكومية نافذة، فهذه السلوكيات التي انتقلت من طور المنغلقين على ذاتهم في أقفاص المجتمع إلى قرارات حكومية في بلاد لها تاريخ ثقافي وأدبي حافل في العصر الحديث، يبدو الأمر خطيرا، إذا ما أدخلت (الدولة) أنفها في هكذا أمور كي تصادر هذا بحجة تجريمه وتمنح ذاك شهادة لحسن سلوكه! ولا اريد ان اغالط نفسي عندما ادعو الحكومات العربية ان تقف سّدا منيعا امام ثقافة الكراهية وزرع الاحقاد وتوليد التناقضات وعندما انتقدها هنا لتوقف او تحجب مستحدثات العصر وابداعاته! وكأنها تريد ان ترضي سلطات او احزاب او جماعات معينة ترفع شعار المحرّمات والممنوعات لاسباب سياسية ومزاجية لا لعوامل عقلية وعلمية، وتمّرر كل الجنايات على حساب مستقبل المجتمع وصناعة الاجيال القادمة.

وتيرة التخلف.. عجلة مسرعة نحو الوراء
والمشكلة أنها لم تدرك أبدا أنها بعملها هذا إنما تزيد من وتيرة التخلف وهول التناقضات في المجتمع المحلي والعربي، بل وستقف مجحفة ليس ضد جيل كامل، بل ضد سلاسل الأجيال القادمة! لقد دهشت جدا عندما علمت قبل ساعات بأن مصر قد منعت عرض فلم دافينشي كود، بل وصادرت الرواية من الاسواق بطلب من بعض اعضاء البرلمان المصري؟ وكأن هذا العمل سيقلب الدنيا، وانا واثق تمام الثقة بأن العرب لا يدركوا فحوى هذه الرواية ولا فيلمها حتى اليوم! وان ذهنيتهم لن تستوعب ما هو عليه الحال في ذهنيات مجتمعات اخرى. لقد كان المثقفون العرب دوما بايدي سلطة المتفقهين منذ ايام طه حسين وحتى اليوم..
وان كلا من الفكر والابداع العربيين قد ارتهن رهانا صعبا لا يمكن ان يوصف بحيث كبّلت الثقافة العربية بكل حقولها وميادينها بالاصفاد، وويل لمن يقف منتقدا هذا النسق الصلد من التفكير، فالتكفير دوما ما يكون سلاح الضعفاء في مقابلة الحجة بالحجة! وكل يوم يمرّ والحياة العربية تتصعب جدا نتيجة ما يطرح من تفقهات وفتاوى وحدود حول النصوص الادبية والموسيقى والفنون التشكيلية والمنحوتات والرواية والشعر والافكار الجديدة والمناهج المعاصرة والاتجاهات السياسية.. ولم يكتف بما هو معاصر، بل رجعوا يتفقهون بابداعات القدماء من شعراء وفلاسفة ومتكلمين وفنانين ومؤلفين ومترجمين.. الخ

رموز الثقافة
دعوني أسأل : هل يعقل - مثلا - أن يحاكم الشاعر العباسي الشهير بأبي نؤاس على نصوصه الشعرية عند بدايات القرن الحادي والعشرين بتلك الطريقة الفجة التي سمعنا عنها قبل سنتين؟ نصوص كنا قد درسناها في مدارسنا قبل أربعين سنة بكل حيادية وأمانة واعجاب!! وهل يمكن لبلد له تراثه المتنوع وله اعتزازه بقيمه التاريخية وبرجالاته المبدعين وبآدابه وعلومه وفنونه مثل مصر.. أن يرتد هكذا سريعا ضد تراث العرب الأدبي والفني؟ ومن سمح لبعض من رجال التابو ان يؤسسوا حياتنا بطركية مغلقة وأن يحتكروا قنوات تلفزيونية لساعات طوال كي يدخلوا أنوفهم في كل موضوع فيوزعون الأحكام والفتاوى التي تخص موضوعات ثقافية وفكرية وسياسية وفلسفية قديمة وحديثة بحجة " هذا يجوز وهذا لا يجوز "؟؟
ربما كان عندهم الحق في ان يعتمدوا على " نصوص"، ولكن المشكلة ليست في " النص " كون كل نصّ ابن بيئته وزمنه بقدر ما اجدها عند من يتشددّ في " النص "، " فالنص " ابن بيئته وظروفه وهو لا يستطيع الا التعامل مع الواقع بكل مفرداته.. وهنا تنفضح تناقضاته. انه يعيش في ازمة تناقضات دوما، وانه طوال حياته يفكر في حزمة دائرة مغلقة لا يريد الخروج عنها ابدا.. وربما لا يشعر بها، او قد يعي ذلك ويدلس على نفسه والاخرين، فكيف بهم يمارسون الارهاب والقتل باستخدامهم الانترنيت وآخر ما وصلت اليه الحياة المعاصرة؟ ثم الا يسألون انفسهم : هل من الحق استخدام منجزات العصر المتقدمة لتحقيق اهداف كارثية تحت ستار فقرات دينية سامية وبوسائل دموية بشعة في قتل الناس الابرياء ونفي الانسانية قاطبة؟؟

انهم ينحرون التاريخ والثقافة ايضا
هل غابت كل أوراق الواقع المرير بهول تناقضاته الحادة وعقم أوضاعه المزرية وبلادة أوزاره المفجعة.. وغرابة أطواره القاتمة وسماجة صوره ومضامينه وأشكاله.. حتى ينكّل بالتاريخ والتراث الأدبي تنكيلا مفجعا على أيدي أبنائه الذين نجدهم يتعصبون حتى ضد أنفسهم؟ وهل ضاق أفق التفكير عند العرب إلى الحد الذي بدا فيه الشاعر القديم أبو نؤاس يخيفهم بنصوصه الغزلية؟ وهل وصل العرب إلى الدرجة التي لم يجدوا شيئا لقتله إلا مواريث آبائهم وأجدادهم من المثقفين والأدباء والشعراء والفنانين الكبار.. من دون أن يلتفت هؤلاء قليلا إلى ما لابد له أن يكون عند بدايات القرن الحادي والعشرين؟ لماذا يثورون ويزبدون ويرعدون ضد ما لايتفق وافكارهم.. ولكنهم سرعان ما يلازمهم السكوت لينشغلوا بقضية اخرى.. وهكذا دواليك!

وهل عرف العرب بأنهم من أقوى وأشهر شعوب الأرض قاطبة في فن الشعر والأدب والثقافة الشفوية والمكتوبة.. حتى ينحروا أنفسهم بهكذا طريقة مجحفة؟ هل سمعنا بالإغريق ينحرون فلسفاتهم الكلاسيكية كونها تختلف مع توجهاتهم السياسية زمعنقداتهم الدينية؟ وهل سمعنا بالإيطاليين يحطمون مسارحهم الرومانية القديمة لأن أسودهم في سالف الأزمان كانت تفترس فيها عبيدهم؟ وهل سمعنا بشعوب أقاصي آسيا تحرق نصوص بوذا في الحكمة، لأنها لم تستقم والسلوك المعاصر؟ هل سمعنا بحكومة الصين الماوية تعدم مبادئ كونفوشيوس، لأنها لا تتفق والثورة الثقافية لماوتسي تونغ؟ وهل سمعنا بالفرس يعدمون نصوصهم القديمة في القص الموروث، كونها لا تتفق مع طرائقهم الدينية اليوم؟ وحتى بعض الأفارقة في الغابات : هل سمعناهم يتركون ثقافتهم الفلكلورية المتوارثة كونها من الفنون المتخلفة عن الفرانكفونية التي غدوا يؤمنون بها؟
فلماذا إذن ينحر العرب أنفسهم بأنفسهم وقد التفوا هذه المرة على الثقافة والأدب والشعر والفن والنقد والتاريخ، وبمثل هكذا طريقة مفجعة؟ وهل يحق للأحفاد محاسبة الأجداد بهذه الطريقة الغريبة لتجريم هذا والانتصار لذاك! لقد قرأت من يهاجم قاسم أمين على أفكاره.. وثمة حملة شعواء كانت ولم تزل على طه حسين ومهاجمة نقداته.. وهناك من يوغل بشناعته ضد الشاعرين العراقيين الكبيرين الزهاوي والرصافي.. ولم يسلم ايضا لا ايليا ابو ماضي ولا ابو القاسم الشابي.. وأخرى جرت ضد نجيب محفوظ وتحريم ما صّوره وشخّصه في بعض رواياته! وصولا الى ما تعّرض له عدد من الكّتاب والعلماء والباحثين والمفكرين العرب المحدثين.. وهكذا، فالمشكلة ليست في أبي نؤاس لوحده في الماضي، بل تتجاوزه إلى الحاضر وستستمر المعركة الخاوية ضد الآتي.. ان مشكلة العرب اليوم مأزومة ومتقرحة ضد كل معاني الحياة المدنية والدنيوية والدينية الخلاقة؟ تاريخ طويل جدا متنوع المضامين ومتعدد الأضداد ومجتمعاتنا عاشت طبيعة الأشياء من دون أن تكبل نفسها داخل اقنية ولا تحشر انفاسها في توابيت عبر التاريخ!

ضياع الادراك وخواء المنطق
ونسأل : هل يقف ديوان شعر معين أو فلم سينمائي محدد أو أغنية رومانسية حالمة أو رواية قصصية غير مألوفة أو مسلسل تلفزيوني جرئ أو أفكار تحررية غير محنطة.. هل تقف كلها او بعضا منها حجر عثرة في طريق الأخلاق الفاضلة والتربية السامية باعتبارها مسؤولة مسؤولية كاملة عن خدش الحياء والإفضاء إلى الانحراف الخطير؟ وهل غدت الحياة العربية مثالية ومستقيمة وملائكية من كل الادران والموبقات والسلوكيات الطفيلية والمزيفة والمنافقة بمختلف تناقضاتها المتصادمة.. حتى يضحك على الناس بإدخال الثقافة العربية الحديثة داخل الشرانق والأقفاص والتوابيت بإشهار السيف أو بضرب الاسواط أو برجم الأحجار؟؟

ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها ان السفينة لا تجري على اليبس

هل فهم أولئك الأغبياء قيمة هذا البيت الشعري الذي تتضمنه حكمة عالية المستوى يحتاجها القادة والزعماء العرب قبل مواطنيهم.. وأنها لعمري، حكمة لابد أن يتعلمها العرب من أوسع أبوابها لا من أضيق مخارجها! ولو لم تكن لها هناك حاجة أكيدة لما قالها صاحب هذا البيت الشعري قبل ألف عام مما تعدون!
ونسأل أيضا : إذا كان في شعر شاعر غزل خليع، أو كان في رواية من الروايات توصيف حي لحالة شاذة، أو كان في مقالة أحدهم فكرة حرة تعبر عن فهم من نوع غير مألوف.. الخ فهل عدم ذلك عند غيرهم من الشعراء والرواة والقصاصين وحتى عند بعض المتصوفة والفقهاء والمتكلمين القدماء والمحدثين؟ ألم يسمع العرب من المثقفين والمسؤولين المعاصرين بـ " الأدب المكشوف " و " شعر المجون " في تراث ادب (الامة العربية)؟ ألم يقرءوا آلاف الصفحات المليئة بكل تناقضات الحياة وإسرار الخلفاء والخلعاء والنبلاء والاعيان والمشايخ وجماعات المغنين وأخبار الجواري والحريم والقيان والغلمان وتنابلة السلطان..؟؟ وهل عدم التراث العربي كله على امتداد تاريخنا الحضاري وسلاسل أجيالنا من نماذج متعددة وتسميات متنوعة تتوزعها عشرات بل مئات من أمهات الكتب وهي تتضمن غزلا عذريا وغزلا خليعا وهجاء مقذعا وأوصافا نابية؟ وهل عدمت الحياة العربية وغير العربية إلا من الوعاظ والنساك والزهاد والمتصوفة والمتبتلين والمريدين والمتوسلين والمساكين؟ وأسأل : لماذا استخدم الشعراء المتصوفة مصطلحات كالخمر والسكر والدنان والحان والعشق والهيام والحب.. وهم يحلقون عاليا في تجلياتهم الروحية في (الفيض الالهي)؟ هل سيأتي يوم من الأيام يعدم فيه الشاعر ابن الفارض مثلا ويسحب ديوانه بحجة قوله : " سكرت بخمر الحب في حان حيّها ".. الخ

ما الذي ستفعلونه بتراث العرب المتنوع؟
نعم، ما الذي ستفعلونه بتراث الآباء والاجداد لو تسلمتّم مقاليد الامور؟ ما الذي ستجنونه بحق التاريخ لو منحتم القوة؟ وهل باستطاعة وزارات الثقافة العربية أن تعدم شعر الخمريات والتشبب والغزل والنسيب والهجاء..؟ وهل باستطاعتهم سحب عشرات مراجع الكتب الموسوعية العربية التي تزدحم بجملة هائلة من النصوص الأدبية والشعرية والفلسفية والكلامية والبايوغرافية وهي لا تتفق وشهادات حسن السلوك المزيفة والصور المتناقضة في أيامنا هذه.. ليقرأ الجهال يوما ما نظمه على سبيل المثال لا الحصر الشاعر الحمصي ديك الجن في الذي نشره الثعالبي عنه في موسوعته " يتيمة الدهر " من شعر المجون؟
إن أجيالا من الأدباء والمثقفين العرب قد تربت على امتداد تاريخ طويل على أغراض الشعر المتنوعة، ومنها الأدب الرخيص والهجائيات والنقائض وادب الخلاعة وادب المجون والغلمانيات والخمريات والنسوانيات.. وصولا الى لزوميات المعري الفلسفية ووصفيات المتنبي الإلهية وروميات أبى فراس الحماسية والنرجسية وحماسة ابو تمام البطولية ونقائض الفرزدق وجرير وخمريات ابو نؤاس وغيرها التي لا تعد ولا تحصى.. وقد قرأها الناس في الغدو والآصال اكثر مما يقرأها أبناء اليوم، فلم تنحرف سلوكياتهم ولم تتبدد أخلاقهم، بل عاشوا أعمارهم وهم يوازنون بين الأمور والحاجات في حياتهم وانهم قد أدركوا جيدا بأن الضرورات تبيح المحظورات. وان التعلم من هذا البحر الشعري الزاخر يبني الحياة ولا يهدمها، وان التمتع بهذا الروي يسمو بالذات ولا يعدمها، وان التعرف على هذا الفن أو الفكر أو النزوع يثري العقل ولا يخنقه! وان حصيلة ذلك كلها تربي الملكات وتسمو بالمواهب وتصقل الإمكانات ما دام للإنسان عقل ومخ وضمير وتفكير وبعد نظر..

من ذا الذي سيحاكمه التاريخ؟
أيمكننا محاكمة كل أولئك العظماء على كل ما قالوه شعرا أو أدبا في عصورهم الخوالي التي عاشوا فيها، زاهية كانت أم راكدة، من دون أن يحاكمهم أحد على سلوكهم..أو يعدم نصوصهم أحد بحجة سوء أخلاقهم! وكنت أتمنى لو كان بيننا اليوم رجال أمثال : الزهاوي والرصافي واحمد لطفي السيد ومي زياده وخليل مطران وطه حسين ومارون عبود واحمد أمين وغيرهم من عشرات المثقفين الحكماء الأقوياء ليسمعوا ويروا ما حل بالثقافة الأدبية العربية من بعدهم، وخصوصا عندما استباح ميادينها الجهلاء لا العقلاء! وانفلتت الأمور في العشرين سنة الأخيرة من عقالها بحيث لم يعد البعض يحترم تخصصه مستغلا الظروف التي تمر بها الحياة العربية الصعبة ومستغلا الإمكانات التكنولوجية التي سخرت أمامه لكي يفتي كلّ حسب مزاجه ويحلل ويحرم حسب هواه.. متجاهلا تاريخنا بطوله وما اتصف به ذلك التاريخ من تنوعات وانطلاقات وابداعات..

وأخيرا : سيتغّير الزمن بعد مرور جيل او جيلين!
ان الزمن سيتغير حتما اذ لا يمكن ان تبقى حياتنا على ما هي عليه اليوم.. وسيتغّير تفكير الناس عندما يترسخ الوعي عندهم شيئا فشيئا، وعندما يتخّلص تفكيرهم من الاليات المسيطرة ومن اوهام لا اول لها ولا آخر.. عندما ستجد الروح بغيتها في ان تحّكم عقلها في مجريات الحياة.. عندما تجد في الدين فضاء من الموحيات الرحبة السامية التي تمنح الانسان الاخلاق والقيم وصيغ التعامل بالحسنى.. عندما تكتشف ان الذين يتكلمون من هؤلاء المتفقهين ما هم الا كسبة يستجدون بوسائلهم مصالحهم على حساب الحياة المدنية.. عندما تقف وهي حائرة على ما يحل من خراب في حياة الانسان باسم الممنوعات عليه.. عندما تتأمل كيف تحوّلت القيم والاصول الى ايدي محتكرين يتجارون بها وجعلها عوائق امام التقدم، وعندما وجدوها وسيلة للتسلط ليس الاجتماعي حسب، بل السياسي والثقافي في ان يكونوا هم ولا غيرهم في الميدان.. فهم بذلك يحاربون كل المبدعين وكل المثقفين والعلماء المتمدنين ويهاجمون المستنيرين ويصفونهم باشنع الصفات.. بل ويشوهوّن القيم المعاصرة والاتجاهات والفلسفات المعاصرة.. ان توزيعهم للاحكام جاهز تماما، فكل المستيرين من المثقفين الاحرار هم في عرفهم من المتغربين والمتأمركين والعملاء والكفرة والملحدين.. من دون أي شعور بالذنب ومن دون أي احساس باللوم ومن دون أي تقّبل للرأي ومن أي استيعاب للافكار ومن دون أي قبول للنقد، ومن دون أي حوار ومحاججة ومن دون أي تمثّل بالتعايش ومن دون أي مجادلة بالحق ومن دون أي تودد واحسان ومن دون أي اكراه ولا اقصاء او جفاء، ومن دون أي الغاء وسباب وشتيمة.. ومن دون أي مصادرة للعقل.. والاقوى من كل هذا وذاك : من دون أي تكفير او تجريم او تفريق او مشروع قتل! وكلها نّص عليها ديننا الاسلامي الحنيف.
ان تحولات التفكير العربي الراهن وتغيير الذهنية من المركبّة الى المنفتحة.. ولما هي عليه اليوم من اصعب الامور، ولكن المحاكمة ستنال من اولئك الغلاة الذين نصّبوا انفسهم طغاة لهذا العصر.. بعد ان يتجاوزهم الزمن خصوصا وانهم سيتعرضون للنقد الكاسح بعد ان تتعّرى افكارهم وتموت قوتهم ويضعف نفوذهم وتضمحل سيطرتهم على عقول الناس بعد مرور جيل او جيلين وبين ثلاثين الى ستين سنة قادمة.. وعند ذاك سيصفق الاحرار بعد انتهاء المهزلة!

www.sayyaraljamil.com

القسم الأول

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف