كتَّاب إيلاف

الحج إلى سابان

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
"وكان وزير الداخلية زار مركز "سابان" في معهد بروكينغز حيث التقى مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى السابق مارتن انديك." النهار 21 حزيران (يونيو) 2006.
كاد هذا الخبر يمر مرور الكرام في آخر مقطع من مقال عن زيارة وزير الداخلية بالوكالة إلى الولايات المتحدة، في صفحة المحليات اللبنانية من صحيفة النهار التي أصبحت تتقن دفن الأخبار غير المرغوب فيها. ليست الصحافة "بياعة فحم" فقط، كما ذكر الأديب سعيد تقي الدين، بل يمكن لها أن تكون لاعبة كشاتبين أو مديرة للعبة الثلاثة أوراق، التي تعتمد على خفة اليد والتركيز على أمر وإخفاء آخر لكي تشلّح اللاعب المسكين ماله.
إذًا، زار الوزير فتفت، مركز "سابان". والقارئ للوهلة الأولى يعتقد أن مركز "سابان" هو مركز للعطور أو للثياب الأنيقة لا سيما وأنه على وزن "كاردان". ضع شدّة على حرف الباء، واستبدل حرف السين المهموس بالصاد المهملة، فتصبح الزيارة إلى مركز "صبَّان"، الذي أسَّسه ويموّله حاييم صبَّان الصهيوني مصري الأصل، ويصف نفسه بالقول: "إنني رجل ذو قضيَّة واحدة اسمها إسرائيل":
http://www.sourcewatch.org/index.php?title=Haim_Saban
زيارة مركز صبّان كانت للقاء مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى السابق مارتن آنديك. طبعًا، إذا أشحنا بنظرنا عما يريد لنا لاعب الثلاثة أوراق أن نركز نظرنا فيه، أمكن لنا أن نضيف إلى لقب السيد آنديك العديد من الأوصاف ليس أقلها أحد الصهاينة فعالية في العالم، ومهندس سياسة "الاحتواء المزدوجة" ومنا نتج عنها من احتلال للعراق، وأكثر الداعمين لإسرائيل في الإدارة الأميركية، ومن أكثر صقور اليمين المتشدد تشددًا.
لم يعد لآنديك أية مسؤولية رسمية في الإدارة الأميركية فما الغرض من زيارته؟ لعل الجواب يأتينا من مقالة أخرى كتبها David Schenker بعنوان "سنة بعد ثورة الأرز، إمكانية الصراع السني الشيعي" يتحدث فيها عن صعود نجم الوزير فتفت الذي "منح تصريحًا لحزب التحرير السني الإسلامي كحزب مرخص في لبنان" ليقول في نهايتها: "على الولايات المتحدة أن تضغط في الأمم المتحدة وعبر ممثليها في لبنان لتطبيق القرار 1559، ونزع سلاح جميع المليشيات. زيارة فتفت إلى الولايات المتحدة هي نقطة بداية جيدة لذلك." ومن أفضل من آنديك لممارسة ضغط كهذا. لقراءة المقال كاملاً:
http://www.washingtoninstitute.org/templateC05.php?CID=2479
ليس الوزير فتفت أول من يحج إلى مركز صبّان. فقد سبقه إلى ذلك وليد بك جنبلاط. هل طلب الوزير فتفت موعدًا من آنديك، أم أن آنديك استدعاه إلى زيارة؟ لا ندري. ولكن من حقنا أن نتساءل عما دار البحث فيه بين رئيس مركز معروف باندفاعه الصهيوني ووزير الداخلية اللبناني لا سيما في الظروف التي يمر فيها لبنان.
على ذكر لبنان، من اللافت للأمر الغيرة التي ولدت فجأة على "مقام" رئاسة الجمهورية بعد فضيحة الدعوة إلى الفرنكوفونية، ممن كانوا أكثر الناس مقاطعة للرئيس لحود. كما أنه من اللافت أيضًا "الحكمة" التي يمارسها الرئيس فؤاد السنيورة في أخذ وقته الطويل "لدراسة الملف"، وكأن لبنان لا يكفيه شحنًا مذهبيًا، أو كأن الرئيس السنيورة لا يدري أن اللعبة السياسية تنتهي عند حدود اللعبة الطائفية. أما للرومان الذين لا بد يتساءلون: لماذا يحق للبناني أن يقاطع رئيسه ولا يحق ذلك للفرنسي أو الروماني! نقول: "يحق للبناني دائمًا ما لا يحق لغيره."

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف