لبنان – سوريا: زواج بالاكراه؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم ان "لا احد يستطيع ان يضمن زواجا بالاكراه" بين لبنان وسوريا في اشارة مسألة اقامة غلاقات دبلوماسية مع لبنان الاستقلال. واوضح" ان الزواج عبر تدويل العلاقات السورية اللبنانية خطأ كبير جدا و يعرقل مسيرة هذه العلاقات".
طبعا لا يحتاج المراقب الى كبير عناء ليفهم ان النظام في سوريا يرفض اقامة علاقات دبلوماسية مع "مستعمرته" السابقة لبنان(وقد صرح المعلم بذلك في القاهرة يوم الخميس 22-06-2006). وهو لم يهضم بعد اخراجه بانتفاضة شعبية غاضبة و عارمة بعدما كاد يبتلع بلادنا بأساليب مافيوية موصوفة متسلحا بموقف دولي - عربي اطلق يديه في حكم لبنان طوال خمسة عشر عاما بعد انتهاء الحرب واقرار اتفاق الطائف. ولم يعتد بعد على التعامل مع لبنان ما بعد النظام المخابراتي - المافيوي المشترك، مستعينا في حلمه التوسعي بتابعيه من اللبنانيين، وبهلع بعض العرب من اهتزاز شجرة النظام خوفا من فوضى مُتخيّلة يلوح بها النظام اسوة بفوضى العراق ما بعد صدام. فمن هلع عربي من تغيير يعيد انتاج عراق آخر في سوريا، الى تشابك المواجهة الدولية - العربية مع ايران الحاملة مشروعا نوويا معطوفا على حلم توسعي فارسي متجذر في التاريخ، الى فوضى عراقية، فتراخ اوروبي، يبني النظام السوري استنتاجات مفادها انه عائد الى لبنان بطرق ووسائل، و جوه اخرى . ومن هنا فإنه لا يعبأ بسلسلة القرارات الدولية المبنية على اجماع في مجلس الامن تدعوه الى ترسيم حدوده مع لبنان والاعتراف به دولة مستقلة استقلالا كاملا لا انتقاص فيه. وكما انه لا يستعجل العلاقات الدبلوماسية مفضلا السعي لاعادة احياء مجلس "الاذعان" الاعلى السوري - اللبناني اطارا لنمط من العلاقات سادت في السابق، فإنه لا يستعجل استقبال رئيس حكومة لبنان الاستقلال مخافة طرح القضايا العالقة، وجميعها بلا استثاء تندرج تحت بند المطلوبات من الجانب السوري: ترسيم حدود، تثبت لبنانية مزارع شبعا، علاقات دبلوماسية، معتقلين واسرى في السجون السورية.
بعد هذا كيف لا يقول "معلم" المعلم ان العلاقات الدبلوماسية لا تتم تحت الضغط. وكيف لا يشتم رئيس حكومة لبنان، والاستقلاليين واصفا ايهام بالعملاء الى هنالك من رخيص خطاب لا يليق برؤساء الدول؟ وكيف لا يقول المعلم انه زواج بالاكراه؟ متهما رئيس الحكومة اللبناني بأنه "لم يأت في الموعد الذي حدد له"؟ انه نمط قديم في ترجمة العلاقات المأزومة. علاقات مأزومة تعكس اكثر ما تعكس، معاناة نظام يعاني من عقدة افلات لبنان من سجنه الكبير كما لم يعاني قبلا. فهو لم يعان من عقدة الجولان، ولم يرف له جفن وهو يقدم التنازل تلو التنازل تحت سيف الخوف من تركيا في قضية اللواء السليب.و لا عاني من عقدة تخلف قواته المسلحة عن ركب التوازن الاستراتيجي مع اسرائيل . ولا عاني من عقدة غرقه في عزلة عربية و دولية لا سابق لها في تاريخه او في تاريخ سوريا منذ الاستقلال. و لا عاني من عقدة تخلف اداراته العامة، واقتصاده، و نظامه التعليمي . والاهم من ذلك كله انه لم يعان مرة من عقدة تقاطع مصالحه المريب مع اسرائيل منذ اكثر من ثلاثة عقود و نيف وصولا الى البارحة: الانسحاب من لبنان. و الصحافة الاسرائيلية محشوة بكم هائل من المواد حول عدم استساغة انتهاء سيطرة النظام السوري على لبنان. و حدها عقدة ضياع المُلك ظلت تتحكم بسلوكه.
ان موقف وليد المعلم، مثله مثل مواقف بقية اركان النظام، موقف فوقي يلامس العنصرية في التعامل مع اللبنانيين التائقين الى الحرية و ترسيخ نظامهم الديموقراطي. وهو يعكس انكارا مخيفا لحقيقة لبنان و معناه و وجوده. هذه الحقيقة والمعنى و الوجود التي يعتبر "صك الاستقلال" القرار 1559 ترجمته الدولية.
و هو موقف فوقي، يعكس بامانة سلوك النظام السوري في الداخل. فهل يمكن النظام البعثي ان يعامل اللبنانيين بأحسن مما يعامل شعبه المقهور في سوريا؟ من هنا المعركة المشتركة في سبيل الحرية و الديموقراطية على جانبي الحدود .
ان التحدي المطروح على اللبنانيين كبير جدا. و هو يحتاج منهم جميعا، حتى من تابعي تظام بشار الاسد المضللين اليوم، ان يجيبوا على هذا السؤال: هل حقا تريدون بلدا حرا مستقلا ديموقراطيا تسوده المساواة بين ابنائه ومكوناته؟ واما الزواج العاجل المطلوب اليوم فهو الزواج اللبناني - اللبناني بالتوافق على قواسم وطنية مشتركة لئلا يصل يوم يُقاد فيه اللبنانيون مجددا الى زواج ليس بالاكراه فقط بل بالاغتصاب!