ايران ولعبة تنظيم القاعدة الشيعي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لعبت ايران في عهد النظام البهلوي الذي حكم البلاد مدة ثلاثة وخمسين عاما تقريبا دورا بارزا في كثير من الأحداث الإقليمية والدولية وكان ذلك عبر دخولها في الأحلاف تارة " حلف بغداد وحلف السنتو" او عن طريق علاقاتها البينية مع الدول الإقليمية تارة أخرى. وكان من بين ما قامت به على الصعيد الإقليمي اعترافها بالكيان الإسرائيلي وتأييدها للعدوان الثلاثي ضد مصر واحتلالها الجزر الإماراتية الثلاث و إرسالها قوات الى عمُان لمناصرة السلطان ضد ثورة ظفار وذلك كله بهدف تعزيز موقعها السياسي والأمني في النظام الإقليمي .
وعلى الرغم من وجود حركة أمل الشيعية في لبنان وحزب الدعوة في العراق كأبرز حركتين شيعيتين آنذاك إلا أن الشاه لم يسعى الى اعتماد الورقة الطائفية لخلق احزاب و حركات شيعية موالية له من اجل تعزيز مكانته الإقليمية والدولية. فقد كانت حركة أمل على خلاف مع النظام البهلوي بحكم إنها كانت تضم في صفوفها بعض الإيرانيين المعارضين للشاه من أمثال مصطفى شمران وغيره. أما حزب الدعوة فعلى الرغم من ان عدد من قادته الكبار كانوا إيرانيين إلا أنهم لم يظهروا علاقتهم بنظام الشاه خشية من اصطدامهم بالتيار الإسلامي واتهامهم بتأييد النظام العلماني في ايران.
لكن هذا لم يمنع الشاه من ان يركز جل اعتماده على الحوزة النجفية التي قام بدعمها في مقابل حوزة قم وذلك لتحقيق أمرين مهمين الأول يتمثل باستخدام ثقل الحوزة للضغط على السلطة في العراق و الأمر الآخر التقليل من أهمية حوزة قم التي أصبحت معارضة له بعد وفات المرجع الأعلى حسين البروجردي . وذلك عكس مع فعله نظام الخميني الذي عمل على إضعاف حوزة النجف وتقوية حوزة قم والتركيز على تأسيس اكبر عدد ممكن من الأحزاب والحركات الشيعية في المنطقة لتحقيق مشروعه التوسعي الذي عـّرفـه أول رئيس لإيران بعد الثورة السيد ابو الحسن بني صدر - في برنامج " زيارة خاصة " على قناة الجزيرة الفضائية في الأول من ديسمبر عام 2000 بمشروع الحزام الشيعي حيث قال بني صدر في تلك المقابلة : "أن الخميني كان يريد إقامة حزام شيعي للسيطرة على ضفتي العالم الإسلامي، كان هذا الحزام يتألف من إيران والعراق وسوريا ولبنان ، وعندما يصبح سيداً لهذا الحزام يستخدم النفط وموقع الخليج الفارسي للسيطرة على بقية العالم الإسلامي ، كان الخميني مقتنعاً بأن الأمريكيين سيسمحون له بتنفيذ ذلك ، قلت له : إن الأمريكيين يخدعونك ، ورغم نصائحي له ونصائح الرئيس عرفات - الذي جاء يحذره من نوايا الأمريكيين- فإنه لم يكن يريد الاقتناع".
ومن هنا يتبين لنا سبب ظهور الأحزاب والحركات الشيعية التي انتشرت كالفطر في المنطقة بعد انتصار الثورة الإيرانية عام 1979م.هذه الحركات التي اختفى بعضها وتحول بعضها الآخر من أقصى اليسار الى أقصى اليمين بعد هزيمة ايران في حربها مع العراق التي تحولت الى انتهاج سياسة البراغماتية عقب حرب الخليج الثانية. غير أن احتلال العراق وظهور المقاومة العراقية التي عرقلت المشروع الأمريكي وأعادت المنطقة الى المربع الأول دفع النظام الإيراني , الذي وجد نفسه في مواجهة حليفه في الحرب على العراق, الى إعادة العمل بورقة الحركات الطائفية ليس في سبيل تنفيذ مشروع تصدير الثورة كما كان يأمل في بداية الأمر ولكن هذه المرة لحماية نفسه من خطر السقوط الذي بات معرضا له والذي سيكون محتما إذا ما رأت الدول الكبرى ان هذه الخطوة ضرورية لإنجاح مشروعها الذي احتلت العراق من اجله.
فحسب مصادر مطلعة في قم ان النظام الإيراني بدء ومنذ أكثر من عامين تقريبا بالعمل على بناء هذا التنظيم ونجح في خلق فروع له في باكستان وأفغانستان و طاجيكستان وأذربيجان وتركيا بالإضافة الى عدد من البلدان العربية في الخليج والعراق و اليمن ولبنان و مصر وفلسطين. كما تم إنشاء فرع للتنظيم المذكور في أفريقيا و مقره في السودان وذلك بعد ان استطاع جلب العديد من المسلمين الأفارقة إلى قم و إدخالهم في المعاهد الدينية المخصصة للطلاب الأجانب. وهي المعاهد التي تعمل بإشراف المركز العالمي للعلوم الإسلامية " مركز جهاني علوم إسلامي " الذي يخضع مباشرة لمرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي الذي كان قد أمر بإنشائه في منتصف التسعينيات كمؤسسة موازية " لمنظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية " سازمان فرهنگ و ارتباطات إسلامي " التي تشرف على المراكز و المستشاريات الثقافية الإيرانية في الخارج وهي الجهة المسؤولية عن تولي شؤون الطلبة الأجانب الراغبين دخول الحوزة الدينية في ايران.حيث تقوم المراكز و المستشاريات الثقافية التي يرأسها عادة أشخاص على صلة مباشرة بوزارة الاستخبارات" الاطلاعات" بالعمل على تقديم المغريات للشباب المسلمين من الحملة الشهادات والعاطلين عن العمل و تشجيعهم على السفر إلى ايران لدخول المعاهد الدينية في مدينتي قم ومشهد حيث تقوم المخابرات الإيرانية بعد ذلك بجذبهم وتجنيدهم عن طريق طلبة وأستاذة يعملون في تلك المعاهد.
ومن بين من هؤلاء الطلبة العرب الذين دخلوا حوزة قم وأصبحوا أعضاء في التنظيم الشيعي الجديد شخصين من مصر الأول مهندس كان يعمل في الكويت في الثمانينيات وآخر كان طالبا في الجامعة الأمريكية في القاهرة وقد تمكنت تلك المصادر من الحصول على معلومات هامة عن التنظيم المذكور من خلال هؤلاء الأشخاص حيث أكد لها ان قيادات فروع هذه التنظيم الشيعي الجديد ليس من بينهم احد من قادة التنظيمات الشيعية المعروفين. ولم تستبعد المصادر ذاتها ان تكون لانفجارات دهب في شرم الشيخ قبل فترة صلة بهذا التنظيم الجديد الذي استغل تصريحات الرئيس المصري حول ولاء الشيعة لإيران لاختبار قوته و جاهزيته في الرد على تعرض النظام الإيراني لأي هجوم خارجي محتمل. وقد عززت هذه الاحتمالات التقارير التي قالت ان منفذي هجمات دهب كانوا قد تلقوا تدريباتهم في فلسطين وهذا يعني إنهم تدربوا على يد الجماعة القريبة من حركة الجهاد الفلسطينية التي هي جزء من تنظيم "القاعدة الشيعي" حسب تلك المصادر.
هذه المعلومات إذا ما تم ربطها بوقائع أخرى ومن بينها الكشف عن معسكر يقع على تل اثري بالقرب من مدينة الشوش في الأحواز على الحدود مع العراق مخصص لتدريب مليشيات أفغانية, بالإضافة الى التقرير الموثق الذي عرض في صفيحة إيلاف يوم الأربعاء 21 حزيران يونيو الجاري حول موضوع التنظيم الشيعي الجديد.و ما نقلته صحيفة صنداي تايمز البريطانية قبل فترة عن مصادر إيرانية ان ايران دربت الآلاف من الانتحاريين المستعدين لضرب أهداف بريطانية او اميركية في حال تعرضت المنشآت النووية الإيرانية لهجوم, بالإضافة أيضاء الى تزايد أعداد المجموعات الطائفية الموالية لإيران في جنوب العراق , فان كل هذه النقاط تعزز من حقيقة وجود التنظيم المسلح الجديد الذي تحدثت عنه المصادر المختلفة والذي تريده ايران حزاما لحمايتها.
ولكن هل ينجح هذا التنظيم الطائفي من تحقيق مهمته ام سيكون شأن في ذلك شأن التنظيمات الشيعية السابقة التي أسست من أجل إنجاح مشروع تصدير الثورة الخمينية ولكن أصبح مثلها فيما بعد كالمثل الشعبي القائل "لا حظيت برجيلها ولا خذت سيد علي".