آه.. يالمنتخب.. أريد جنيهاتي!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
في الجهة الشّرقية لمدينة برمنجهام الصّاخبة، وعلى مقربة من نادي استون فيلا العريق، وفي مقهى يعجّ بالوجوه، دعوت بعض أصدقائي من جمهور هذا النّادي العريق لمشاهدة منتخب بلادي وهو يلاعب أوكرانيا، وتكفّلت لهم بدفع الفواتير..فعلت كلّ ذلك طمعاً في رسم صورة مشرقة عن "علوِ كعب الكرة السعودية" - كما هو تعبير الأمير فيصل بن فهد، رحمه الله،- وتأكيداً للمكانة التي يحتلها منتخبنا الوطني في قارة آسيا..كانت كل المؤشرات تعضد فكرة أن منتخبنا "سيلتهم" الفريق الأوكراني، فالتعادل أمام تونس يقول بذلك، والاستعداد الجيد يبشر بذلك، فضلاً عن التصريحات النارية التي ظلت تطمئننا طوال شهر كامل حول "جاهزية المنتخب للتّمثيل المشرِّف"..
قبل المبارة أخذت أداعب الزّملاء حول "التوقعات".. يا للأحلام، كلها كانت تصبّ في صالح منتخب بلادي!!دوت صافرة الحكم، وها نحن في الدّقيقة الأولى وهدف أوكراني جعل معدل التّفاؤل ينقص قليلاً في عروق الأمل، ولكنه سينتعش بعد لحظات عندما "ينتفض الصّقور الخُضْر"!
وما هي إلا دقائق أخرى معدودة ويلج الهدف الثّاني، شعرت بعدها بأن معدل الأمل تناقص إلى حد محرج، فحاولت أن أشغل أصدقائي عن الحديث في مجريات المباراة عارضاً عليهم شيئاً من واجب الضّيافة، لكنهم ردّوا بالشّكر، لأنهم وقتها كانوا مشغولين بنكهة المباراة"!
الوقت يمضي والثالث يزور مرمانا من باب الحسرة والغصة الأليمة، ولم أطق صبراً فانتفض لساني قائلاً: "إن لاعبي منتخبنا لم يتعودوا اللعب في الأجواء الماطرة، ويبدو أن هذا هو السبب وراء هذا المستوى.."!
هذه العبارة الخجولة لم تزد على أن انعكست في وجوه أصدقائي ابتسامة عزاء نصبوها لي برفق وعطف أخوي كي أسند عليها خيبتي وحزني الغائرين، وإن لم تخفِ في طياتها ضحكات لاذعة وسخرية دافئة، قرأتها في تفاصيل الوجوه ومسرّح النظرات، وعمّق كل هذا البؤس المقيت ارتفاع الضجيج في المقهى على إثر الهدف الرابع.. ليسدل الستار على مسرحيّة كروية كان بطلها المنتخب الأوكراني، ومسرحها ألمانيا، وضحيتها منتخبنا الوطني و"جنيهاتي"!!بعد كل هذا، ألا يحقّ للقلم أن يصرخ ألماً وحزناً من هذا الإحباط الذي ألمَّ بنا بعد هزيمة أوكرانيا المريرة؟!
إن عنوان هذا المقال هو أحد مظاهر هذا الحزن، فالمعروف عند النحويين أن (ياء) النّداء لا تدخل على الاسم المعرّف بـ(أل)، إلا في نداء لفظ الجلالة "الله"، ولكن لا يصح ذلك في غيرها لغوياً إلا إذا كان المُنادِي (بكسر الدّال) مجروحاً حزيناً ومكلوماً فإنه لا يراعي اللغة ولا العقل والذكاء، ألم يقل المتنبي: يُقْضَى عَلَى المَرْءِ في أيّامِ مِحْنَتِهِحتّى يَرَى حَسناً مَا ليْسَ بالحَسَنِللمنتخب سيرة طويلة يجب علاجها، بدءً من الإدارة، وإذا كان معتلاً يحتاج العلاج فلابد أن تكون عقليات الإدارة الجديدة مختلفة عن العقليات الحالية، ألم يقل أنشتاين "لا نستطيع حل المشكلة بنفس الأدوات التي تسببت في وجود هذه المشكلة"..
ثم ألا يحقّ لنا أن نسأل: لماذ لم يعتمد على أي من لاعبي فريق الشباب؟ وهو الفريق الذي حقّق بطولة الموسم، أقول هذا وأنا الإتحادي المحب لفريقه!!إنّ من شاهد مباراة أوكرانيا يدرك أن أداء اللاعبين كان متواضعاً جدّا، وقد سألني أحد الأصدقاء قائلاً: هل سبق أن شاركتم في كأس العالم قبل هذه المرّة!؟
أمّا الصّديق الآخر فأراد مواساتي وتعزيتي بذهاب جنيهاتي مع الرِّيْح فقال: أُصدقُك القول يا أحمد، إنّ مستواكم الآن أفضل؟! فقلت مستفسراً كيف؟ فقال: لأنكم في البطولة السابقة هُزمتم بالثمانية وفي هذه بنصفها وهذا مؤشر على "التقدّم"!
كل هذا يهون أما عنوان صحيفة "الغاردين" البريطانية فقد صدّرت صفحتها وبالبنط العريض: "المنتخب الأوكراني يبيد السعودي"!!حزني عميق!!