دلالات الغضب الشعبي الأردني من سلوك بعض الإخوان!!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تصاعدت في الأسابيع القليلة الماضية موجات الغضب الشعبي الأردني من السلوك الاستفزازي لجماعة الأربعة من الإخوان المسلمين، الذين تحدوا مشاعر الشعبين الأردني والعراقي بذهابهم إلى بيت عزاء المجرم المنسوب ظلما لمدينة الزرقاء الأردنية، وقد كان التحدي استفزازيا بشكل منفر من فتوى أحدهم (محمد أبو فارس) الذي أعطى ذلك القاتل صك غفران و مفتاح دخول الجنة، بالإضافة إلى منحة إضافية من جيبه الخاص عمّدته (شهيدا و مجاهدا وشفيعا في آخرته لسبعين من عائلته و أحبائه)، دون أن يوضح لنا السبب الشرعي والفقهي الخاص بعدد السبعين الذي لم أجد له مصدرا في كتب الفقه، مما جعلني أظن (وبعض الظنّ إثم) أنه قصد عدد السبعين كي يكون زائدا بعشرة عن الستين بريئا الذين قتلهم المجرم في التفجيرات الإرهابية التي طالت فنادق عمان في التاسع من نوفمبر لعام 2005. وضمن هذه التداعيات يمكن رصد الدلالات الشعبية الأردنية التالية لهذا السلوك والفتوى الإخوانية:
أولا: الفراق بين رغبات محمد أبو فارس وبعض جماعته وتوجهات الشعب الأردني، فقد أوضح استطلاع للرأي أجراه مركز (أبسوس ستات) أن تسعة و خمسين من الأردنيين يعتبرون المقبور الزوقاوي إرهابيا ، ورفض سبعة و ستين في المائة إطلاق صفة شهيد أو مجاهد عليه. ولما كان محمد أبو فارس غير مؤهل للفتوى ولا يملك توكيلا إلهيا لتوزيع مفاتيح الجنة، لذلك فإن المعتمد هو التوجه الشعبي الذي رفض بشكل واضح سلوك أبو فارس وفتواه. وأساسا لا توجد فتوى إلا وصدرت بحقها فتوى تنقضها و تخطأ صاحبها، بدليل ما أعلنه الدكتور عبد الحميد الأنصاري عميد كلية الشريعة والقانون السابق في جامعة قطر، حيث أعلن في تصريحات صحفية في الدوحة (أن من وصف الزرقاوي بالشهيد بأنه أساء إلى مفهوم الشهادة وأساء إلى الإسلام إساءة بالغة) ، وأضاف (إن بعض الفقهاء يحشرون أنفسهم في كل شيء ويفتون في كل صغيرة وكبيرة ويوظفون المنابر في غير أهدافها يريدون كسبا للشعبية، والدين أسمى من أن يحتكره عالم أو فقيه، ولا يمكن أن يعد من ارتكب من الخطايا والآثام ما لا تحمله الأرض مجاهدا وشهيدا فقط لأنه حارب الأمريكان)، ومتهما من وصف الزرقاوي بالشهيد ب(أنه يعبر عن موقف سياسي بحت لا موقف ديني انطلاقا من العداء لأمريكا). و دعا من وصفهم بنواب عزاء الزرقاوي (الذين تسللوا خفية عن الناس والحكومة الأردنية إلى عدم المكابرة والاعتراف أن ما أقدموا عليه مخالفة شرعية وتصرف غير لائق لنائب يمثل الوطن). وهذا يشبه تماما حالة عملاء إسرائيل في داخل المناطق الفلسطينية الذين تسبب بعضهم في قتل واغتيال العديد من المناضلين الفلسطينيين، فإذا قام واحد منهم بعملية قتل فيها بعض الإسرائيليين، هل هذا يكفي لنسيان خيانته وعمالته للعدو ويطلق عليه المفتي أبو فارس صفة الشهيد؟،و العميل الفلسطيني الذي زرع المادة المشعة في الكرسي المتحرك للشيخ أحمد ياسين مما سهّل على طائرات جيش الاحتلال اغتياله، هل يغفر له (سماحة المفتي) هذه الجريمة النكراء ويعتبره شهيدا إذا قام بقتل إسرائيلي؟.
ثانيا: إن حجم المظاهرات والاعتصامات الشعبية الأردنية ضد سلوك (جماعة الأربعة) ومن يناصرهم ويدافع عن منطقهم التضليلي، يدلل بشكل واضح على صحوة الشارع الجماهيري الأردني الذي حاول بعض المنتمين للتيارات الإسلامية في السنوات الأخيرة خطفه والادعاء أنهم هم من يسيطرون على هذا الشارع ويوجهونه، ومن خلال العديد من ممارساتهم أساءوا لصورة الأردن وشعبه خاصة لدى القطاعات الأوسع في الشعب العراقي من خلال توزيعهم صفات الشهيد على (عدي و قصي) نجلي الديكتاتور صدام حسين، وصفات البطولة والجهاد والمؤمن على الديكتاتور ذاته، ورافعين اليافطات التي تمجد هؤلاء الشهداء على مقرات أحزابهم والنقابات التي يسيطرون عليها، قافزين على مشاعر العراقيين الذين ذاقوا الويلات من الديكتاتور ونجليه، وسلوك جماعة الأربعة يعيد نفس الممارسات بقفزهم على مشاعر ألآلاف من الأردنيين ذوي ضحايا المجرم الزرقاوي. لذلك فإن صحوة الشارع الشعبي الأردني هذه من شأنها أن تضع التيار الظلامي المتطرف من جماعة الإخوان المسلمين في صدام مباشر مع الغالبية العظمى من الشعب الأردني وقواه السياسية، مما يعزز من عزل هذا التيار الذي يعبر عن فكر متطرف لا يتناسب مطلقا مع التسامح والتضامن الإنساني المعروف عن المجتمع الأردني، كما أن سلوكهم غير الإنساني هذا استغلال بشع للحريات الديمقراطية التي يتمتع بها الشعب الأردني في السنوات العشرين الماضية، التي سمحت بتشكيل الأحزاب السياسية ورفع سقف حرية التعبير، بينما في دول مجاورة تستمر حملات الاعتقال لكل من يخالف توجهات النظام مهما كانت،وينص بعض قوانين هذه الدول على (الحكم بالإعدام لكل من ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين)، وفي دول أخرى محظور رسميا عمل الجماعة، بينما هم في الأردن يعملون منذ أكثر من نصف قرن رسميا وعلنيا برعاية من العرش الهاشمي، وعندما تم إقرار حق التعددية الحزبية ، أعلنوا حزبهم السياسي الرسمي (حزب جبهة العمل الإسلامي)، وخاضوا أكثر من تجربة انتخابية، أوصلت الأخيرة منها سبعة عشر عضوا منهم للبرلمان الأردني الحالي.
وقد تمكن النائب والمحامي الأردني عبد الكريم الدغمي (من عشائر بني حسن)، أن يشخص بموضوعية وجرأة خلفية المواقف النشاز للنواب المنتمين للحركة الإسلامية والخلفية التي تؤطر سلوكهم المتعالي على مشاعر الأردنيين، في مقالة له ورد فيها: (حتى وقت قريب كانت النظرة إلى الحركة الإسلامية تندرج في سياق التعددية في إطار وحدة الدولة الأردنية، ولهذا كان يقبل من الحركة الإسلامية الافتراق عن مواقف الحكومات باعتبار أن الاتفاق على ثوابت الدولة الأردنية مكرس لدى الجميع وليس محل شك...وضمن هذا الفهم كنا نختلف ونتفق مع آراء الحركة الإسلامية استنادا إلى إيماننا جميعا بأن الثوابت الوطنية غير قابلة للمساس، وليس محل شك أو مزايدة، لكن التحولات الجذرية في مواقف الحركة بدأت تطل برأسها الآن ومن شأنها أن تجعل الطلاق هو السيد في العلاقة مع الحركة، إذ ليس من مقبولا أن تستمرىء بعض رموز الحركة التنطح للفتوى الشرعية لتضلل الناس بتوزيع صكوك الغفران على هذا و ذاك). وهنا جوهر النقطة التي تستقوي بها أغلب القوى والجماعات التي بمجرد لصقها صفة إسلامية بمسمياتها السياسية، تتجسد فيها نزعة استعلائية فوقية، تتضخم من خلالها نرجسية ذاتية تجعلها عند أصحابها الواهمين أنهم فوق المجتمع والدولة والقوانين، فهم وكلاء لله ورسوله في مجتمعهم، يعطون صفة الشهيد لمن يريدون ويكفرون من لا يريدون. وهي نفس العقلية التكفيرية التي أنتجت المجرم الزرقاوي الذي لا يحمل أية شهادة علمية، وأصدر العديد من الفتاوي كان آخرها فتواه المجرمة بقتال المسلمين الشيعة في العراق وسط سكوت كامل لأقطاب مدرسته هذه، وكأن السكوت علامة الرضا. والمدرسة الاستعلائية التكفيرية هذه، هي التي تفسر سلوك العديد من المنتمين للتيار المتطرف في جماعة الإخوان المسلمين في أكثر من قطر عربي، فمن يصدق أن محمد مهدي عاكف زعيم الإخوان المسلمين في مصر، قال في مقابلة صحفية قبل أسابيع قليلة:
(طز في مصر وأبو مصر وكل ما في مصر) وفي لقاء آخر ادعى أن (الشعب المصري مستعد لضرب معارضي الإخوان بالأحذية)، وهي نفس المدرسة التي أنتجت الثنائي الإرهابي (ابن لادن و الظواهري)، وفتاويهم معروفة من الدعوة للجهاد في دارفور إلى الدعوة لمقاطعة الاستفتاء الفلسطيني المقترح، وليس آخرها مناشدة الشعب الباكستاني لمحاربة رئيسه برويز مشرف، غير مرتدعين بنقد غالبية الفعاليات الفلسطينية بما فيها حركة حماس لتدخلهم غير المسؤول في الشأن الفلسطيني،ولا ضرب الشعب الباكستاني لنداءاتهم التافهة عرض الحائط ، معتقدين وهم مختبئين في كهوف أفغانستان أنهم مؤهلين إلهيا لقيادة ما يزيد على مليار من المسلمين!!!.
ضرورة فرز المواقف الإخوانية
ومن الواضح أن هناك تمايزا في خطاب القيادات الإخوانية في الأردن، بين تيار متشدد يرغب في التصعيد المعتمد على الخطاب التحريضي غير العقلاني كما في حديث زكي بني ارشيد، أمين عام جبهة العمل الإسلامي لجريدة (الأنباط) الأردنية يوم العشرين من الشهر الحالي، إذ اعتمد فيه على مغالطات هو أدرى من الجميع بحقيقة خطئها خاصة قوله (أما الحكومة فلم تأت بالانتخاب و تفتقر إلى شرعية صناديق الاقتراع)، وهو يعرف أنه ليس في الأردن أو أية دولة ديمقراطية في العالم حكومة منتخبة مباشرة من الشعب، ففي بعض الدول يكلف الحزب الحائز على أغلبية أعضاء البرلمان بتشكيل الحكومة، وتكون شرعيتها من الأغلبية التي حازها الحزب في البرلمان، وفي دول أخرى ومنها الأردن، يكلف الملك أو الرئيس شخصية بتشكيل الحكومة حسب بيان تكليف يحدد سياسات الحكومة كما يراها الملك أو الرئيس، وبعد تشكيلها تعرض على البرلمان وتصبح شرعية إن حازت على غالبية أصوات البرلمان، وهذا يعني أن الحكومة الأردنية الحالية برئاسة الدكتور معروف البخيت ما كانت ستكون قائمة لو لم تحصل على ثقة مجلس النواب الأردني، سواء صوّت لها أعضاء حزب جبهة العمل الإسلامي السبعة عشر أم لا. وضمن نفس المقابلة يضع نفسه عالما ببواطن عشرات ألآلاف من الأردنيين الذين تظاهروا واعتصموا ضد موقف النواب الأربعة ، فيعتبرهم مجرد أدوات تم تحريضهم من الحكومة ضد حركته الإسلامية، فهو يقول: (الحكومة هي من صنعت الأزمة و وترتها و حرضت بعض القوى الشعبية و بعض الكتاب والصحفيين لمهاجمة الحركة الإسلامية بهدف تشويه حقيقة موقفها و الإساءة لها). وهذا القول إهانة لهذه القوى والشخصيات لأنه يعتبرها مجرد أدوات جاهزة للتحرك حسب إرادة الحكومة وأجهزتها. وفي سياق آخر تعقيبا على قرار توقيف النواب الأربعة في انتظار محاكمتهم وصفهم بأنهم (رهائن)، وهو بهذا الوصف يتحدى الحكومة والقانون وكافة حدود المنطق ، لأن هذه الصفة هي نفسها التي تستعملها كافة الدول والمنظمات العالمية للأبرياء الذين تختطفهم عصابات الإجرام والإرهاب في العراق وأفغانستان وغيرها لفرض شروط ابتزازية غالبا ما يكون المال واحدا منها، وفي أغلب الدول الأوربية الديمقراطية من الممكن أن يحال للنيابة العامة والمحاكمة بسبب هذا التوصيف الذي يتحدى هيبة الدولة ، وهو يعرف قبل غيره أنه ما كان يجرؤ على التفكير بهذا التوصيف في مخيلته لو كان يعيش في دولة مجاورة، لأنه كان سيعدم حسب قانون تلك الدولة مرتين، الأولى لأنه ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين والثانية لأنه تلفظ بهذا التوصيف لحكومة البلاد، وبالتالي فموقفه هذا استعمال سيء للهامش الديمقراطي الذي سمح له بالعمل الحزبي العلني وخروج عن حدود اللياقة والمنطق، ورغم ذلك يظل بين أهله وحزبه و جماعته مستمرا في نفس السلوك، أي دون أن يلحق بجماعة الأربعة في سجن الجفر، الذين لا يمكن الاستمرار في احتجازهم دون إحالتهم للتحقيق والمحاكمة، وعندئذ القضاء هو صاحب القرار فيما ارتكبوه، و أشعل غضب الشارع الأردني وفعالياته المختلفة بما فيها مجلس النواب الذين هم أعضاء فيه، إذ تتردد أنباء عن توقيع نواب على مذكرة تدعو لفصل النواب الأربعة من عضوية مجلس النواب، والمذكرة تحتاج إلى توقيع أربعة وسبعين نائبا، ومن الممكن عندئذ أن يتم عقد دورة استثنائية لمجلس النواب يتم فيها فصل النواب الأربعة. وإذا وصل هذا الحراك النيابي إلى هذا المدى سيكون حزب جبهة العمل الإسلامي في مواجهة مع غالبية مجلس النواب الأردني مما يعني رفض سياساته الاستفزازية،وعندئذ لا نستبعد صدور فتاوي من فقهاء الحزب بحرمان الموقعين على المذكرة من دخول الجنة.
وفي مقابل ذلك يبرز موقف المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن سالم الفلاحات الذي يعبر عن العقلانية التي ينبغي أن تسود الخطاب الإسلامي ، إذ يقول: (إننا في الحركة الإسلامية كنا و سنظل متمسكين بمنهجنا الوسطي المعتدل الواضح المستقر، وفي خدمة وطننا وحفظ مصالحه العليا وأمنه واستقراره....التحديات التي يواجهها الأردن على الصعد المختلفة، تستدعي تضافر جهود كل المخلصين في كافة مواقع وجودهم بعيدا عن أي تأزم أو تأزيم، لن يكون الخاسر فيه إلا الوطن). وضمن هذا الخط المعتدل يأتي موقف النائب عبد المنعم أبو زنط (إسلامي مستقل حاليا) الذي طالب فيه النواب الأربعة الذين زاروا بيت عزاء الإرهابي الزرقاوي، أن يعلنوا للشعب الأردني أنهم اجتهدوا و أخطأوا الاجتهاد في التوقيت، ومن المعروف أن أبو زنط كان قد فصل من حزب جبهة العمل الإسلامي على خلفية الانتخابات البرلمانية، مما يعني أن الحزب التابع لجماعة الإخوان المسلمين يمارس سياسة الإقصاء بحق أبرز أعضائه إن خالف توجهاتهم أو اعترض على بعض ممارساتهم. وقد أكدّ على ضرورة تنمية سياسة الاعتدال الملك الأردني عبد الله الثاني في حديثه مع مجلة "دير شبيجل" الألمانية قبل أسابيع قليلة، عندما أكدّ رؤيته الخاصة بأن (غالبية الإخوان المسلمين من المعتدلين ومن الذين يريدون مستقبلا خيّرا لهذا البلد ومستقبلا خيّرا لأطفالهم...وأنه يمكننا جميعا العمل كفريق واحد...وفي مناقشاتي مع الإخوان المسلمين هنا، لا أعتقد أن غالبيتهم تنادي بالفكر التكفيري، وأقول إن غالبيتهم الساحقة من المعتدلين). وهذا النقطة التي أثارها الملك عبد الله الثاني هي جوهر المشكلة التي تضع الجماعات والأحزاب الإسلامية في مواجهة مع غالبية قطاعات مجتمعاتها، وهي النقطة التي تثيرها الأوساط المتشددة في تلك الأحزاب، وهي من أخطر ما تواجهه المجتمعات العربية، فقد رأينا ما جلبته تلك الأوساط من مصائب على المجتمع الجزائري، ويحاولون نفس الإسلوب من حين إلى آخر في السعودية و مصر وغيرها.
لذلك فإنه من مصلحة المجتمعات العربية إقصاء التيارات المتطرفة في تلك الجماعات والأحزاب، لأن إحلال منطق(التكفير)بدلا من (التفكير)لا يعني سوى مجتمعات(طالبانية) تعيدنا إلى ما هو أظلم من ظلام العصور الوسطى، وفي حالة جماعة الإخوان المسلمين في الأردن وحزبها السياسي (جبهة العمل الإسلامي) تقع المسؤولية على الغالبية المعتدلة، استثمارا لواقعها الأردني الذي يسمح لها بالعمل رسميا، وتصل لمجلس النواب وتسيطر على العديد من النقابات،وتمارس كافة أنواع النشاطات بينما هي ممنوعة في العديد من الأقطار العربية ويجرّم من ينتمي إليها واعتقالاتهم تكاد تحدث يوميا وبالعشرات. ولا بد من الإشارة إلى أن هذه الجماعة عبرت في الأردن عن ارتياحها للمعاني الإيجابية في حديث الملك عبد الله الثاني المشار إليه، وهذا يعني فعلا أنه ليس صعبا على هذه الجماعة إقصاء المتطرفين التكفيريين في صفوفها، وصولا لسيادة منطق الحوار القرآني (وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) ، فلا حقّ لبشر أن يكفر بشرا فالله أعلم بسريرة عباده، وعليه وحده ثوابهم وعقابهم، ورب ضارة نافعة فلا بد من تنامي تيار الاعتدال في صفوف هذه الجماعة، كما عبّر النائب عبد الكريم الدغمي: (إن محصلة المواجهة الحالية يجب أن تتبلور إلى اتجاهين متوازيين: الأول على الصعيد الفكري إذ ينبغي على جميع المهتمين بالشأن الفكري و الثقافي، إقرار قواعد عامة تحرم التكفير وإلغاء الآخر، ورصد البؤر التي تبرر الإرهاب وسائر الأفعال المشينة باسم الإسلام، و الإسلام منها براء، وعلى أصحاب الفكر المستنير من التيار الإسلامي قبل غيرهم، نبذ العنف وأسسه الفكرية والعقائدية، وإنارة الرأي العام ليفرق بين تعاليم الإسلام السمحة وأولئك الذين اختطفوا الدين باسم الدين وولغوا في الشرور وتكفير عباد الله الآمنين المطمئنين، والثاني على الصعيد السياسي وهنا لابد من القول بصراحة و جرأة، أنه آن الأوان لقرار مبدأ فصل التداخل بين العمل الحزبي وأدلجة الدين، إذ لا ينبغي أن تؤسس ألأحزاب على أسس دينية بل برامجية، فالدين لله والوطن للجميع).
ahmad64@hotmail.com