كتَّاب إيلاف

بنوك عربية مفلسة تحقق أرباحا!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

جاء عدد يناير الماضي لمجلة اتحاد المصارف العربية حافلا بالأرقام عن "منجزات" البنوك العربية والأرباح الخيالية التي تجنيها، حيث حقق بنك الكويت والشرق الأوسط أرباحا لسنة 2005 تقدر بـ (40 مليون دينار كويتي)، وبنك بيروت (38.7 مليون ليرة)، بنك فلسطين المحدود (12.3 مليون دولار)، بنك البحرين الإسلامي (7.4 مليون دينار).... (موقع: www.uabonline.org). لكن الحقيقة أن هذه الأرقام المعلنة هي اقرب إلى السراب منها إلى الحقيقة ، حيث أن البنوك العربية هي في الغالب مؤسسات ضعيفة لا تقوى على المنافسة. ويقودنا هذا إلى مراجعة مصطلح "الربح".
من الواضح أن أية مؤسسة مفلسة يمكن تحويلها إلى "رابحة" بمنحها دعما يغطي الخسائر التي تكبدتها. ويمكن أن يكون هذا بصفة مباشرة، أو غير مباشرة، مثل دعم المواد الأولية التي تستعملها أوحمايتها من المنافسة، بحيث تزيد ندرة عرض المنتوج في السوق وترتفع الأسعار. ويحصل كل هذا في البنوك العربية.
من ناحية ودائع العملاء، تمنح البنوك سعر فائدة ضعيفا، اقل من نسبة زيادة الأسعار، حيث تتراوح بين 2.5% في الجزائرو 3.6% في المغرب. وحتى عندما تبلغ نسبة 7.2% كما في مصر، فهي اقل من نسبة التضخم المقدرة بـ 13% (أرقام 2004 ، منشورة على موقع صندوق النقد الدولي:
www.imf.org).
فالأرباح من هذا المصدر متأتية بالتأكيد على حساب المدخر الذي يدفع من جيبه الفارق بين ما يحصل عليه من سعر الفائدة وما يخسره نتيجة زيادة الأسعار. وكان المفروض أن يحصل العكس ويحصل نفس الشيء للمقترضين بهدف الاستهلاك كما بهدف الاستثمار، حيث تكون مستويات سعر الفائدة أعلى مما هو عليه في الأسواق المالية العالمية. في سنة 2004، على سبيل المثال، بلغت أسعار الفائدة على المقترضين 11.5% في المغرب و 13.4% في مصر، مقابل 5% فقط في أمريكا وهونج كونج والأسواق المالية العالمية.
زيادة على هذا ، تفرض البنوك العربية عديد العمولات التي لا وجود لمقابل لها لدى البنوك الدولية، حيث يقدر رجال الأعمال في مصر سعر الفائدة الحقيقي الذي يدفعونه للبنوك بحوالي 20% (لا 13.4% آنفة الذكر). وربما يتوجب إضافة تباطؤ عملية الإفراج عن القروض التي تأخذ أشهر عديدة وتتسبب في خسائر كبيرة للمستثمرين. كل هذه الإجراءات الحمائية تتسبب في خسائر كبرى للجمهور (أصحاب الودائع لدى البنوك) ولرجال الأعمال عند حصولهم على التمويلات البنكية الضرورية، مقابل "أرباح" تنشرها حسابات وهمية للمصارف لا تمت للحقيقة بصلة.
والأسوأ من هذا كله ، تعاني البنوك العربية من قروض "متعثرة" لا يتم استرجاعها ، نتيجة ضعف الحوافز لهذه المؤسسات التي يهيمن عليها القطاع العام، ولان حلّ النزاعات التجارية لدى المحاكم يتطلب فترة طويلة، تصل إلى 10 سنوات.
من المهم التنويه هنا أن نسبة القروض المتعثرة من مجمل القروض البنكية تصل إلى حوالي 13% في المغرب، وأكثر من 20% في مصر ومعظم الدول العربية غير النفطية الأخرى، مقابل نسبة 7% فقط لدى البنوك الدولية الرائدة. وقد أثبتت الأزمة الآسيوية للعام 1997 ، أن نظاما بنكيا بهذه الهشاشة يمكن أن ينهار في أية لحظة، ويجر معه باقي الأنشطة الاقتصادية كما سبق وان حصل في اندونيسيا، حيث انهارت الدولة برمتها ودمرت المنجزات التنموية التي حققتها خلال أشهر قليلة.
مع عودة الوعي بأهمية بناء نظام بنكي سليم، وتحت ضغط المؤسسات الدولية، قامت الدول العربية بخطوات لإصلاح القطاع، لكنها بقيت جزئية ومحدودة، حيث مازالت بنوك القطاع العام تستحوذ على حصة الأسد، بالإضافة إلى حماية مفرطة ضد المنافسة تكلف الاقتصاد الوطني غاليا، وقد تؤدي لانهياره بالكامل، كما حصل سابقا في اندونيسيا.

باحث أكاديمي وخبير سابق بصندوق النقد الدولي .
llidc@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف