كتَّاب إيلاف

أيّها العربي خذْ حذرك

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الغرب، قيماً وتقاليدَ، اليوم، هو غيره بالأمس وتحديداً إبّان الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي. فقبل انهيار إمبراطوريّة الإتّحاد السوفياتي كقصر مِنْ كرتون كان المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتّحدة الأميركيّة وبريطانيا وفرنسا والملحقات كألمانيا وأستراليا وغيرهما يشدِّد على حريّة الرأي والتعبير، ويتسامح دينيّاً إلى حدود خياليّة، ولكن بعد انتهاء الحرب الباردة واستشعار الغرب بانتصاره الساحق واستقرار نظامه الرأسمالي عاد إلى سيرة تلك العجوز التي قالت لربيبها: "مَنْ قال لكَ أنّ أباك ذئب"؟! ولكنْ ليس مِنْ دون مبرِّرات ومنها مثالاً لا حصراً مكافحة الإرهاب والحفاظ على الأمن. ومع هذه العودة صارتْ حريّة الرأي والتعبير محلّ شبهة باعتبارها منفَذ للحضِّ على الكراهية هكذا عشوائيّاً، ومنفَذ للدعوات الإرهابيّة هكذا بعشوائيّة أيضاً، وصار التجسّس على البريدين العادي والألكتروني والهواتف الأرضيّة والفضائيّة إدمان يومي.
ووداعاً للخصوصيّات، ووداعاً للحقوق المدنيّة، وصار "زوّار الفجر" في الغرب ذاته أقبح بما لا يُقاس مِنْ زوّار الفجر في بلاد العرب مِن المحيط إلى الخليج حيث تُقتَحم البيوت بالسواطير والفرّاعات ويتم ترويع الأطفال والنساء والشيوخ وحيث يتمّ التوقيف إعتباطيّاً والقذف بالموقوف في غياهب سجون ولا الأقفاص في الدواجن الصناعيّة لأشهُر ولربّما لسنوات هكذا ومِنْ دون تهمة محدّدة إلاّ اللهمّ على الشبهة والظنّ والكيد والترويع تحقيقاً لمآرب سياسيّة أو إنتخابيّة أو عقائديّة كلّها دنيئة، وصار المواطن ولمجرّد أنّه مِنْ أبوين مسلمين أو لمجرّد إيحاء إسمه بأنّه مسلم عُرضة لكلّ أشكال النظرات التي لا تقلّ إنحطاطاً، وكلّ هذا يحدث في أستراليا أيضاً بدءاً مِنْ منتصف التسعينات ليتضاعف ذريّاً بعد 11 أيلول الأميركي الذي قسم العالم إلى عالمين: عالم متمدِّن باعتباطيّةٍ مطلقة يقوده جورج دبليو بوش وعالم منْتِن يقوده أسامة بن لادن.
حقّاً لقد تغيّر الغرب، ويتغيّر يوميّاً، وطبعاً باتّجاه الكشف أكثر فأكثر عن قبح وجه الرأسماليّة المتوحّشة الظافرة بعد أسنان محطّمة كثيرة.
ويا أيّها الإنسان مِنْ أصول عربيّة تحديداً في كلّ بلد هربتَ إليه مِنْ جورِ بلدِكَ الأمّ خذْ حذرك وانسَ الغرب الذي يقول أنّ المذنب بريء حتى تثبت إدانته فأنتَ فيه اليوم مذنب حتى تثبت براءتك وليس ضروريّاً أن "تغدو مجنوناً بالكامل" كما قال أخيراً القانوني فيليب بولتين الأسترالي لكي يعني ذلك أنّ "الشروط التي تحياها هي أقلّ من الشروط الحرجة التي يحياها المحبوس" في السجون العاديّة.
Shawki46@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف