كتَّاب إيلاف

واشنطن وحزب العمال الكردستاني!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


عبدالله غول وزير الخارجية التركي في جولة للولايات المتحدة، والعراقي هوشير زيباري في تركيا، والقاسم المشترك الأكبر، للحاذق والمعني بما وراء الأمورهو: حزب العمال الكردستاني!.
فحكومة "العدالة والتنمية" ماضية في تضخيم "التهديد الإنفصالي الذي يستهدف وحدة أراضي الدولة" للهروب من تطبيق البرنامج الإصلاحي المتعثر، والمزايدة على العسكر في قمع الكرد وإبتداع القوانين الممعنة في التنكيل بهم، وشرعّنة حملات القمع والإعتقال التي طالت الكثير من سياسي حزب المجتمع الديمقراطي، والذي تصنفه أنقرة بأنه الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني، وهو الحزب الذي يٌسيطر على أغلب بلديات منطقة كردستان.كما أن حكومة "العدالة والتنمية" منشغلة الأن في اعداد قانون جديد أطلقت عليه اسم "قانون مكافحة الإرهاب" وهو الذي سٌيطلق يد الأمن في ملاحقة المتظاهرين والإجهاز عليهم دون مٌسائلة، وسٌيجيز عمليات إفراغ القرى وتخريبها، وحرق الغابات وإقامة دعاوي السجن بعشرات السنين لمن يجهر بالولاء لحزب العمال الكردستاني، أو يرفع صورة زعيمه عبد الله أوجلان...
وهو القانون الذي دفع رئيس حزب المجتمع الديمقراطي أحمد ترك للقول: إنه قانون سٌنّ ليس من اجل مكافحة الإرهاب، إنما من اجل محاربة الشعب الكردي.
كما تتحرك الحكومة على الصعيد الأقليمي والدولي وترفع شعار مكافحة الإرهاب( ليس إرهاب الدولة المتجذّرة وسفاحي الجيش التركي، بل {إرهاب} مقاتلي حزب العمال الكردستاني والقروييّن الكرد!) وتجعل هذا الشعار عنوان دبلوماسيتها والمٌحدد لعلاقاتها الخارجية، فهي تقاطع مملكة الدنمارك لإحتضانها بث الفضائية الكردية (روج تيفي)، وتلاحق واشنطن لإنتزاع قرار بمحاربة عناصر الحزب في جنوبي كردستان ( كردستان العراق) مثلما فعلت مع عناصر "أنصار الإسلام" و"مجاهدي خلق". كما تشكو عند الحكومة العراقية ماتسميه "أنشطة المقاتلين العابرين للحدود العراقية" وتطالب بمحاربة هؤلاء نيابة عنها، وتحول عنوان زيارة زيباري لجلسات مناقشة "وجود مؤسسات وأنشطة الحزب في العراق"، قافزة فوق بقية الأجندة. وتٌسلم زيباري لائحة طويلة بأسماء قادة الحزب الميدانيين، رغم أن زيباري كان ثابتاً على موقف القيادة الكردية التقليدي في أن "قضية حزب العمال الكردستاني سياسية ولن تحل بالطرق الأمنية أو العسكرية"، وهو موقف قاله سابقاً رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، حينما أطلق تصريحه الشهير "بإنتهاء عصر الإقتتال الكردي ـ الكردي وللأبد"..!.
هذا من جهة خطط أنقرة المستقبلية مع الملف الكردي، فماذا عن واشنطن التي جاءت للمنطقة لتضرب قواعد الإرهاب، ولتأسس "الشرق الأوسط الكبير"، كما قالت ذات مرة؟.
واشنطن التي تحاور المسلحين في العراق الأن( االبعثيين، التكفيريين، وجماعات الجريمة المنظمة...)، وتدعوهم للمشاركة في العملية السياسية، وهم الذين أصبح لهم ثلاثة أعوام يقتلون ويذبحون في الشعب العراقي، ترفض التدخل في قضية قمع أنقرة لكرد"ها"، أو حتى الضغط عليها بإتجاه المرونة والتجاوب مع كم المبادرات التي طرحها، ومازال، الطرف الكردي أملاً في السلام والحوار. وواشنطن التي تطالب "حركة المقاومة الإسلامية حماس" فقط الإعتراف بدولة إسرائيل، ومن ثم الحديث عن مفاوضات او إنسحايات إسرائيلية، علماً أن إنتحاريي "حماس" قتلوا وفجرّوا العشرات من المدنيين الإسرائيليين، في عمليات إرهابية صريحة، لكن كل ذلك يٌصبح من الماضي الذي يجب نسيانه حينما يتعلق الأمر بأمن وسلامة المواطن الإسرائيلي وضمان الأستقرار في حياته اليومية. هي واشنطن التي ترفض في المقابل مساعي السلام في شمال كردستان (كردستان تركيا)، وتصمت عن قمع وحملات العسكر للمدنيين وتقتيل الأطفال(دياربكر 29ـ31 آذار الماضي) وإحراق القرى والغابات، ومحاكمة مسؤولي حزب المجتمع الديمقراطي المنتخبين من الشعب، ليس لذنب جنوه ولكن فقط لتعبيرهم عن أرائهم وذكرهم بالأسم "القضية الكردية" أو "السيد أوجلان" في مناسبة ما أو خلال خطاب حماسي..!.
وواشنطن كذلك، هي التي تجانب سياسة العسكر، الذين ولكي يعرقلوا إصلاحات أردوغان وصحبه المترددة، عادوا لقرع طبول الحرب وحرق الأخضر واليابس، لكي يٌبينوا للمواطن التركي أن "قضية التصدي للإنفصاليين الخطرين لهي أهم وأولى من تطبيق الإصلاحات الأوروبية" أو "تعديل القوانين ومنح بعض حقوق الأقليات"..!.
لذلك حركّ قائد القوات البرية في الجيش التركي الجنرال يشار بويوكانيت الجيوش التركية و"أعادّ إنتشارها" في ولايات كردستان، وكدسّ ربع مليون جندي على الحدود مع العراق، لمقارعة خمسة آلاف مقاتل كردي، تقول الإستخبارات التركية إنهم محصنون في المنطقة وينتشرون منها إلى العمق التركي. ولم يكتف بويوكانيت بذلك، ولكن وليكتمل مشهد الحرب والنفير لدى التركي البسيط، نقلّ مقر حربه لمدينة شرناخ الحدودية، والتي لاتبتعد عن دهوك، مسافة ماتبتعد الموصل عنها...
واشنطن تراقب كل ذلك عن كثب وتفضل سياسة الصمت و"التطنيش"، حتى والعسكر يودون بحكومة أردوغان المنتخبة، والتي أصبحت الأن هيكلاً فارغاً يغطي قفازات العسكر الحديدية، التي تدير البلاد نحو الحرب الأهلية والصراع الطويل الأمد، والفقر الذي يتسع شريطه كل يوم..
وواشنطن عندما تفعل كل ذلك، فهي تودي بسياستها الجديدة في المنطقة بدايةً، وتعلن على الملئ لاجديتها فيما يخص مسألة "دمقرطة الشرق الأوسط". وكذبّ لسان حالها حينما ندم عن الظلم الطويل الأمد الذي حاقّ بالشعوب الشرقية المغبونة على يد جلاديها، أصدقاء واشنطن. ذاك الظلم الذي ساهمت فيه الإدارات الأميركية المتعاقبة طويلاً عن طريق هندسة الإنقلابات، ودعم الطغاة والتواطئ معهم على نهب الثروات، والصمت الإجرامي على سلاسل المذابح الجماعية...
تحاول واشنطن الأن، وهي المنشغلة بالهم العراقي ـ كي لانقول المستنقع ـ إيمّا إنشغال، توريط بعض الجهات العراقية في الحرب ضد حزب العمال الكردستاني. وتقول بعض المعلومات أن الولايات المتحدة الأميركية أصدرت أوامراً لبعض الأطراف بالتصعيد ضد الحزب وأنصاره داخل العراق. وماشهدناه في الفترة الأخيرة من تصعيد بحق ممثلي حزب الحل الديمقراطي الكردستاني في إقليم كردستان، وإغلاق مقره في مدينة دهوك، ومن ثم إتهام بعض مسؤوليه بالتحضير ل"هجوم إرهابي" وسط المدينة!، لهو جزء من طبخة غير مكتملة تٌحضر لها واشنطن وخبرائها في المنطقة، كجزء من ثمن ترميم العلاقات مع أنقرة وعودة "التحالف الإستراتيجي" الذي هدمه قرار البرلمان التركي بإغلاق الحدود التركية في وجه القوات الأميركية حين التحضير للحرب في العراق.
والغريب في الأمر أن بعض الجهات الكردية، وبعض المثقفين الكرد راحوا يصبون الزيت على النار، وينشرون الأخبار في مواقع الإنترنت ويضخمونها، ويزيدون عليها بغية خلق الأرضية المناسبة والتعبئة اللازمة لصراع كردي ـ كردي جديد. فقد مرت حوالي عشرة أعوام ولم تشهد كردستان حرباً أهلية أو قتالاً بين جهتين كرديتين. فهؤلاء ينشدون الصراع والحرب لكي يتنسى لهم إقتناص الفرص والسفر من منفاهم الأوروبي الوثير لكردستان لإسداء النصائح المدمرة، ونفث السم الزعاف، والتوجيه في غرفة العمليات ضد الطرف الكردي الآخر، والذي حانّ الوقت لتصفية الحسابات القديمة معه. هؤلاء المثقفون والكتبّة الكرد يرون أن الكردي قد قعد وقتاً أكثر من اللازم بطالاً دون عمل، وقد صدئت بندقيته وحان له أن يجربها في نحر أخيه. ولانقول لأصحاب القرار والرشاد في كردستان سوى الحذر كل الحذر من هؤلاء المنافقين، باعة الدم والندامة...
أما بخصوص حزب الحل الكردستاني، فهو حزب مرخص ويعمل بحسب الناظم السياسي في إقليم كردستان، فإذا كان متهماً بقربه من حزب العمال الكردستاني، وهذا صحيح، فإن في كردستان كذلك الجبهة الوطنية التركمانية العميلة جهاراً نهاراً للإستخبارات التركية، والحاضنة لكل أنشطة ومشاريع أجهزة (الميت) التركية. وهناك الحزب الإسلامي الكردستاني، وهو الذي لو أعطيته "متاع الدنيا" كلها على أن يٌكفرّ شخصاً مثل الزرقاوي أو أبا حمزة المهاجر، لما فعل أوإستطاع، مع الفارق بين الولاءات هنا بالطبع...
القيادات الكردية في جنوبي كردستان، وحزب العمال الكردستاني، مطالبون الأن وأكثر من أي وقت مضى بالحفاظ على إستقرار المنطقة، وعدم الإنجرار في صدام كردي ـ كردي لن تستفيد منه سوى أنقرة والقوى/الأحزاب/الميليشيات المتربصة بالكرد من الجهات الأخرى. وثمّة حاجة كبرى الأن لإعمال العقل وضبط النفس وتغليب المصلحة القومية على كل شيء، فوجود حزب العمال الكردستاني قوياً في شمال كردستان، قوة ومنعة للكرد في جنوبي كردستان، وإستقرار وتقدم التجربة الكردية في الجنوب مكسب وظهر لكرد الشمال. وهنا ينبغي الحذر من طبقة المرائين والمنتفعين وثوار الإنترنت الكرد وعدم الإستهانة بدورهم التخريبي...
والخلاصة في منظورنا، أن الرد يكون على الكل مجتمعين بتركيب جزئيّ معادلة" ولى زمان الأقتتال الكردي ـ الكردي للأبد" و"حان الوقت لمؤتمر قومي كردي شامل للإتفاق والتنسيق على إستراتيجية شاملة" وهي المعادلة الكردستانية، التي شارك في صياغتها كل من مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان وجميل باييك أحد أبرز قيادات حزب العمال الكردستاني، معاً..
tariqhemo@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف