كتَّاب إيلاف

المعارضة الملكية في ايران محاولة لإحياء الميت

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

من جملة معتقدات التشيع الصفوي الخرافية أسطورة تناسخ الأرواح وإحياء الموتى بواسطة معاجز الأولياء. هذا المعتقد الخرافي لا ينحصر في دائرة أصحاب التكايا والطرق الصوفية التي تسمى شيعيا "بالعرفان" بل إنها تشغل أيضا حيزا واسعا من فكر الحركة السياسة الإيرانية عامة. وانطلاقا من الأيمان بهذه العقيدة الخرافية وضع بقايا النظام الملكي أملهم في إحياء النظام البهلوي الذي كانت ثورة الشعوب في ايران عام 1979م أزاحته عن السلطة بعد حكم دام خمسين عاما.
هذه الجماعة " أنصار الملكية " التي تتشكل غالبيتها من الطبقة التي كانت في عهد النظام البهلوي تحتل مواقع حكومية واجتماعية بارزة واعتادت العيش ضمن أجواء حياتية استقراطية تحاول اليوم ان تطرح نفسها كتيار يداعي بعودة الملكية و عزائها في ذلك ان من تسميه الوريث الشرعي للنظام الملكي و ولي عهد العرش الشاهنشاهي الإيراني " الأمير رضا بهلوي " مازال على قيد الحياة وهو يرى في نفسه صاحب شرعية في ما يطالب به غير معترف بالثورة التي أطاحت بحكم أبيه " الشاه محمد رضا " وغير مكترث أيضا بالنظام الجمهوري القائم الذي حل محل النظام الملكي الذي حكم ايران مدة 2500عام عبر سلسلة من الأسر منها الأخمينية والاشكنانية و الساسانية والصفوية و الافشارية و القاجارية وأخيرا البهلوية.
وقد بدأ نشاط الجماعة الملكية الإيرانية يتزايد شيا فشيء خلال السنوات الخمسة الأخيرة مستغلين جملة من الأحداث الإيرانية والدولية للترويج لمشروعهم الذي أعلنه الأمير رضا بهلوي والذي جعل من المبادئ التي أقرتها حركة المشروطة عام 1906م أساسا للنظام الملكي الدستوري في ايران. هذه المبادئ التي ألغاها فيما بعد رضا شاه بهلوي جد الأمير رضا في انقلابه المشئوم على الحكم القاجاري عام 1926م وأعلن نفسه ملكا مطلق التفويض على بلاد فارس التي غير اسمها فيما بعد الى ايران الشاهنشاهية.
ومن جملة الأحداث التي سعت الجماعة الملكية على الصعيد الإيراني والدولي استغلاله لإبراز نفسها كانت تراجع شعبية منظمة مجاهدي خلق اكبر التنظيمات الإيرانية المعارضة على الإطلاق اولا.

ثانيا : فشل الحركة الإصلاحية التي ظهرت مع تولي الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي والتي علق الكثير من الإيرانيون في الخارج أمالا عليها.
ثالثا : عدم وجود تيار ايراني معارض قادر على بلورة مشروع سياسي يحظى بإجماع وطني.
رابعا: نفرت الإيرانيين من الظاهرة الدينية التي حدثت عقب الثورة وتصاعد النعرة القومية لدى الفرس.

هذا على الصعيد الإيراني أما على الصعيد الدولي فقد سعت الجماعة الملكية الى استغلال حرب احتلال العراق وقامت بدفع الكثير من الإيرانيين المولين لها من القادرين على التحدث باللغة العربية من صحفيين و سياسيين ورجال دين للعمل كمترجمين لدى قوات الاحتلال في العراق وذلك بهدف كسب ود أمريكا وبريطاني الى جانبها.
ثانيا: استغلال أزمة العلاقات بين النظام الملالي والمجتمع الدولي على خلفية ملف المشروع النووي الإيراني.
هذا الى جانب مواضيع أخرى من ضمنها تورط ايران في قضايا الإرهاب وانتهاكها الصارخ لحقوق الإنسان وغيرها.
ومن العوامل التي سهلت تحرك الجماعة الملكية أهمها القدرة المالية التي تمتلكها هذه الجماعة حيث تعد أرملة الشاه السيدة " فرح ديبا " من أغنى الأغنياء الإيرانيين وهي تقوم بدفع رواتب شهرية لعدد كبير من رجال الدين الشيعة وزعماء العشائر الإيرانيين المعارضون في الخارج تقدر بثلاثة الألف دولار شهريا وذلك في سبيل كسب دعمهم وتأييدهم للتيار الملكي بزعامة ابناه الأمير رضا. كما ان الأمير ذاته والذي يعد هو الآخر من الأثرياء قام بمغازلة القوميات والشعوب الإيرانية الغير فارسية واخذ بعدم بعض الحركات والتنظيمات السياسية لأبناء هذه الشعوب واعدا أيها بتطبيق نظام ألامركزية السياسية في المحافظات والأقاليم مقابل دعم مشروعه القائم على العمل السياسي السلمي من اجل أجراء استفتاء يهدف الى إزاحة نظام الملالي وإعادة النظام الملكي.
وقد بذل رضا بهلوي أموالا كثيرة لإنشاء مواقع إعلامية تروج لمشروعه من بينها قنوات تلفزيونية تبث من أمريكا ومواقع على الانترنيت وصحف ومجلات وإذاعة يلتقط بثها في ايران إلا انه ورغم كل هذه المساعي بقيت حركة الجماعة الملكية محصورة بفئة من الإعلاميين والسياسيين والعسكريين من بقايا نظام الشاه ولم تستطع لحد الآن جلب اعتماد ملايين الإيرانيين في الخارج هذا فضلا عن المعارضين في الداخل. كما ان الحركات السياسية لأبناء الشعوب والقوميات غير الفارسية في ايران لم تجد في مشروع رضا بهلوي ما يتلائم ومطالبها القائم بعضها على المطالبة بالفدرالية وبعضها الآخر بحق تقرير المصير وهذه المطالب تصطدم ومشروع الملكيين الداعي الى ألامركزية من دون تحديد حدود هذه ألامركزية وإذا ما كانت سوف تمنح على أساس قومية او مناطقية .
وفي ظل تزايد أعداد حركات المعارضة في الداخل والخارج وتزايد رغبة الشعوب الإيرانية في الإنعتاق من الهيمنة الفارسية يبقى أمل الجماعة الملكية بالوصول الى الحكم من اجل الحفاظ على ما يسمونه بوحدة ايران الجغرافية كأمل إبليس في الجنة متناسين ان التاريخ لا يعيد عقارب الساعة الى الوراء فهذا ملك أفغانستان الذي طالما بقي يراوده حلم العودة الى العرش أصبح مستشارا عند سكرتيرة السابق حامد كرزاي الرئيس الجديد لأفغانستان وهذا ما يسمى بوريث العرش السنوسي في ليبيا مازال يبحث عن معارضة تقبل وجوده في صفوفها وهناك أمثلة أخرى لملوك و ولاة عهد سابقين ماتوا في المنفى وهم يحلمون بالعودة الى عرش ممالكهم السابقة إلا ان جماعة الملكية في ايران يبدوا أنهم تناسوا ذلك وهم مصرون على التعلق بخرافة تناسخ الأرواح غير مدركين ان رقصات الصوفية لا تهز شعرة في جسد ميت.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف