أين تذهب هذا المساء؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ربما كان المشهد صعبا في غزة من الناحية الميدانية، فهناك مواجهة مفتوحة وحرب وخطف. ما عليك الا التجول شرقا حيث السلطة الفلسطينية تضبط الارض والأمن والصواريخ. جميل ان ترى ارضا خالية من "جيش الدفاع" الحقير ومن قذائفه الاحقر، انما ارجوك ارجوك لا ترتعب اذا انفجرت امامك سيارة ناشط "فتحاوي" بقنبلة وضعها ناشط "حماسي"، او اذا شاهدت ناشطين "فتحاويين" يقتحمون منزلا لناشطين "حماسيين" فيقضون على من فيه، او اذا ركبت مصعدا لزيارة صديق فانفجر بمن فيه... انه الاحتلال يا غبي، ولا يمكن لعربي ان يفعل ذلك باخيه، اللهم الا اذا وقعت في فخ الدعاية التي تريد ان تصور الخلافات الديموقراطية "الصحية" في فلسطين اعمالا اجرامية.
من الشرق الى الشرق، الى المملكة التي تخوض تحدي التنمية فلا احتلال فيها ولا ثورة. غير مزاجك واحضر حفلة عرس... يا سيدي "ساعة لإلك وساعة لربك"، لا تتضايق من اجراءات الامن في المطار فقد احبطت السلطات عملية ثورية قومية اسلامية لتفجيره، اما بالنسبة الى العرس الذي رأيت بدلا منه سيارات اسعاف وشرطة وامن فقد سبقك اليه شباب "الراحل الشهيد" ابو مصعب الزرقاوي واحتفلوا برواد العرس على طريقتهم، ومات قائدهم قرير العين بعدما وجه "المجاهدون" ضربة قاصمة للمؤامرة من خلال القضاء على النساء والاطفال باحزمة متفجرة.
حسنا حسنا، غير وجهة سيرك ولا بأس من بعض التفهم للظروف الصعبة، حاول الاتصال بصديق في الجمهورية العربية الشقيقة فاذا لم تجده اعرف انه في زيارة "بيت خالته" لانه وقع على بيان المثقفين... بيان ومثقفون في هذه الظروف الصعبة؟ ماشي الحال سامحهم الله، لكن لا تحاول ابدا الاستعانة بالجمهور والا اكتشفت بالصدفة ان لخالتك ، شقيقة امك، بيتا ايضا وقد تستضيفك طويلا.
"إبعد عن الجمهور يا عمري وغنيلو"، ويللا الى بلد الاشعاع والنور، "إديها" واسهر وافرح حتى الصباح فهذا بالتحديد ما تحتاج اليه بعد جولتك المتعبة. اذا تأخرت قليلا في الوصول بسبب الاطارات المشتعلة فلا تقلق ولا تتحامل على احد ما دام كل شيء يسير في الاطارات الديموقراطية. افتح التلفزيون وتفرج على المذيعات والمطربات فقد يصير "الواوا... دح" لكن على حظك تصدح جوقة "زغاليل رستم" قدودا سياسية، فهذا يشتم ويردح ويشرف ابو اللي خلف سليلة الشرفاء، وذاك يتشرف بحلفه وبمواقفه البركيلية (نسبة الى ثعبان البركيل) ويهدد بالتصعيد، وثالث يطلق النار فرحا عندما وصله أمر العمليات الجاهلي فيقتل ابن قريته، واصعب ما في الامر ان زجل "الزغاليل" تتبعه حبكة دفوف وردادين تستجدي ردحا مقابلا عل اطلاق النار يتعمم ويدخل البلد حفلة مجنونة ويعيده ساحة او ورقة.
الساحات طويلة وطالما اوراق النقد عندك فلا تخف، فكر في العراق الجديد، فستمضي اياما في ربوع التاريخ والتجربة الديموقراطية النموذجية، ولا تلتفت الى الاشاعات المضخمة. اذهب الى الحديثة والرمادي والفلوجة والموصل والبصرة وغيرها فستكتشف ان "الامن الذاتي" هو "الامن ذاته" بين الميليشيات والمقاومات المختلفة، وستجد ان "المحتل" الذي يسرق ويقتل ويغتصب لا يختلف عن العراقي الذي يفعل الشيء نفسه وطبعا بنسبة اكبر بكثير. شاهد بالعين المجردة اقبية الخطف والتعذيب والمسالخ وخذ فكرة عن النموذج "المقاوم" الذي دخل بورصة الاستيراد والتصدير من اوسع ابوابه.
اقرأ صحيفة "نيويورك تايمز" لتهرب من الاعلام المحلي الناطق باسم الاحزاب والطوائف، ولا تتفاجأ ان وقعت عينك على حوار مع محامي صدام حسين يشرح فيها اخيرا معنى "القائد الضرورة" فهو يقول ان الاميركيين قد يطلقون صدام كي يساهم في وقف العنف الداخلي ويقف في وجه ايران، اي لضرورة مواجهة العراقيين وفتح حرب جديدة مع الايرانيين.او استمع الى خطبة "قائد ضرورة" آخر هو اسامة بن لادن خصص مطلعها للترحم على الزرقاوي اما غالبيتها فلتحريض السنة والشيعة.
المفاجآت خارج دائرة الدول التي ذكرتها موجودة ايضا لكنها ليست بمستوى الاثارة نفسه، لا في خليج قلق يتحول وعينه على "فئات ضالة" داخلية او جار الضفاف الاخرى، ولا في شمال افريقي يتحوط وينتظر.
أعتذر جدا لاني دعوتك للخروج والسهر وعرضتك الى ما عرضتك اليه، حسنا يا سيدي الافضل ان تبقى في البيت لمشاهدة ما بقي من مباريات كأس العالم لكرة القدم او فيلم عربي قديم بالابيض والاسود، لكنني غير مسؤول اذا خرج عنترة بن شداد من الشاشة الى حيث تجلس ووضع السيف على رقبتك ثم تلثم شيبوب وقرأ بيانا طالب فيه برفع الضغط عن بيونغ يانغ ثمنا للافراج عنك.
رفعت لك ضغطك الآن وصرت تراني مملا وثقيل الدم. عندك حق وما علي لابدد ذلك الانطباع الا كشف السر ... انها "الكاميرا الخفية" ايها الذكي والعالم العربي بألف خير والدنيا ربيع والجو بديع و"تقفيل" المواضيع افضل لي ولك وللجميع.
aliroz@alraialaam.com
مدير تحرير الرأي الاعام الكويتية