قضيتنا الحقيقية؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إنه سؤال إجابته واضحة.. ولكننا كثيرا ما نسأل هذا السؤال..
هل قضيتنا الحقيقية هي القضية الفلسطينية أو قضية احتلال العراق أو الإرهاب والحرب علي الإرهاب ؟ هل هذه هي قضايانا ؟ في الحقيقة وفي رأي عقلي القاصر والبسيط.. أن أهم قضايانا هي الحقيقة المرة التي نصر ألا نراها.. حقيقة أننا لا ننظر في المرآة.. وإن نظرنا نري أوهامنا.. ولانري حقيقتنا..
أليست الحقيقة المرة أننا اصبحنا أكثر شعوب الارض تخلفا..واقلها انتاجا..وحكوماتنا هي اكثر حكومات الارض استبدادا و فسادا..وشعوبنا تزداد خنوعا.. وتتحكم فيها مفاهيم خاطئة..ترجع بها الي الخلف و تعمي عيونها عن رؤية الحقيقة..
أليست الحقيقة المرة..
اننا اصبحنا لا نعرف الفرق بين الوطن والحاكم ,لانعرف الفرق بين الوطن والقبيلة ولا نعرف الفرق بين الوطن والطائفة...
أليست هذه هي الحقيقة المرة وأهم قضايانا..
اننا نسينا طعم الحرية واستمرأنا العبودية.. نهرب من طاغية الي آخر طالما يثير فينا مشاعرنا البدائية ويخدعنا بشعارات شرف القبيلة.. وشعارات الدين والطائفة والمذهب والقومية.... أليست الحقيقة المرة.. أننا أصبحنا.. أو الكثير منا علي الأقل.. يعتبرون قاتلا وسفاحا مثل الزرقاوي مجاهدا وشهيدا.. هكذا نعته حماس التي تدعي أنها تقاوم الاحتلال الاسرائيلي.. وهكذا نعاه واعتبره كل أنصار جماعة الإخوان في مصر نيابة عن الجماعة نفسها ومرشدها..
أليست الحقيقة المرة وأهم قضايانا..
أننا لا ننظر حولنا ومرآتنا لا تعكس الحقيقة.. لانري الشعوب حولنا كيف تعيش في اوطانها آمنة تختار حكامها وتنتج غذاءها كما تنتج سلاحها.. ونحن نتكلم عن الجهاد.. أي جهاد ونحن نستورد السلاح ممن نعتبرهم أعدائنا... واسلحتنا تنفجر فينا بدلا من أن تنفجر فيمن نقول عنهم محتلين.. اليس هذا مايحدث في الضفة وغزة.. يتقاتل أبناء الوطن الواحد.. أليس هذا مايحدث في العراق.. السيارات المفخخة تنفجر بين العراقيين وتحصد أرواح الألآف منهم بدلا من أن تنفجر في قوات الاحتلال..
أما الكارثة.. فهي أن الحل أمامنا.. الحل أمامنا في كل مكان ولكننا نصر أن نتعامي عنه لأننا نصر الا ننظر في المرآة ألا لأنفسنا..
الحل أمامنا.. في ماليزيا و أندونيسيا وكوريا.. وقبلهم في اليابان..حتي في الصين الحل موجود.. والاهم من هذا أن الحل تحت أقدامنا.. لأننا لم نفكر ابدا لماذا انتصرت علينا اسرائيل ومازالت..
وهو حل ليس ضد الاخلاق ولا يتعارض مع الدين ولا الاسلام.. هو حل تبنته كل الشعوب التي حققت تقدما و إنتاجها يملأ اسواقنا وفي نفس الوقت نتهمهم أنهم كفرة وأنهم أعداء الإسلام.. نستعمل سياراتهم ونستر أجسادنا بالملابس التي أنتجوها لنا.. حتي الملابس التي نقيم بها شعائرنا الدينية هي من عمل أيديهم رغم أننا نتهم بالكفر والعداء للإسلام.. يجتمعون لمناقشة توفير مليارات الولارات كمساعدات لنا.. فنفجر قطاراتهم ونقتل أطفالهم..
هل هناك قضايا أخري.. أهم من أن نعيش في أوطاننا كمواطنين وليس رعايا..
أن نتخلص من الاستبداد والفساد وتحترم أبسط حقوقنا الإنسانية.. ولكننا نصر أن نبحث في كل الحلول الا تلك التي أثبتت نجاحها.. الحل الذي اثبتت لنا شعوب العالم كيف يمكن الوصول اليه..
الحل هو أن نبدأ من حيث انتهي الآخرون.. الحل هو أن نستفيد من التجارب.. الحل هو العمل والانتاج وأن يستمد الحكم شرعيته من نظام ديمقراطي سليم اتفق عليه العالم أجمع.. بينما نحن مازلنا نختلف في تعريفه.. للأسف الحل هو أن يكون عندنا شارون عربي.. يفعل أكثر مما يقول.. يخطط أكثر مما يخطب.. والاهم أن يستجدي من شعبه البقاء في السلطة مثلما يفعل.. هذا هو الحل يا سادة.. ولهذا ومنذ 73 ينتهك شارون ومن بعده أولمرت كرامتنا.. ونحن مازلنا نسأل اين الحل
هنيئا لنا بشعاراتنا التي لا نجيد غيرها.. و سيظل شارون حتي وهو في غيبوبته ينتهك كرامتنا..
فليلعني من يشاء.. فالحقيقة مؤلمة وموجعة ولكن ان لم نتجرع مرارتها.. فسنظل كما نحن لا نستطيع عمل شيء الا كتابة الشعر واتهام العالم كله بالكفر.. نفخر أننا خير أمة أخرجت للناس و نفخر اننا شعوب تحب الموت وهم شعوب تحب الحياة..
وللأسف لايموت أبدا من يطلق هذه الشعارات الجوفاء وهو يعيش حياة البذخ.. بل يموت الغلابة من الشباب الذي يحلم بأرضه ووطنه ولن يحصل علي مايريد.. لأننا نسينا مقولة خالدة.. أعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا.. ولكننا لا نعمل لدنيانا ولا نعمل لآخرتنا.. هم يعملون وينتجون ونحن نلعنهم دون عمل شيء.. هم يفكرون ويخططون للمستقبل.. ونحن نجتر ذكريات الماضي الثليب.. وعندما نصاب بالاحباط واليأس.. نبعث شابا كان ممكن أن يكون رصيدا للمستقبل والأمة ليفجر نفسه ومعه عدة أفراد من الاعداء ليس لهم قيمة لتستغل اسرائيل وغيرها ما فعله في قتلنا وأذلالنا اكثر وتمرير مخططاتها.. لا دراسة للهدف بعناية ولا لتأثيره.. لا تفكير استراتيجي ولا حتي تكتيكي.. لندرس ما هو العامل المشترك بين كل الحلول التي تجد رواجا في عالمنا... أنها تخاطب القلوب وليس العقول..جميعها تجتر قصص من الماضي.. جميعها تساعدنا أن نستمر في غيبوبة الماضي الجميل وذكريات البطولة ,
اعذروني لصراحتي والعنوني كما تريدون ولكن أرجوكم حاولوا ان تفكروا في كلامي..
الحل واضح كالشمس ولكن الشعوب التي لا تستطيع أن تفرض ما تريد.. لا تستحق الحياة ,, هذه هي الحقيقة ,, رغم مرارتها..
وهذه هي قضايانا... التي نتركها.. ثم يجيء لنا من يقول ويؤكد أن حديث الذبابة.. دليل علي الاعجاز العلمي وأن ما وصل أليه الغرب هو بضاعتنا ردت إلينا.. ثم لا نعتبر أن الرد عليه هو من أهم قضايانا.. لأننا لو تركناه يردد مثل هذه الأفكار.. فلن نجد حلا أبدا.. لأننا سنظل في حالة الغيبوبة التي استمرت قرونا..
لقد قلت سابقا مرارا وتكرارا ولم يصدقني أو لم يهتم بما أقول أحد.. ليس مهما اسم النظام ولا اسم الراية التي يرفعها شعارا له.. المهم أن يضمن هذا النظام للمواطن أن يعيش حرا في وطنه وأرضه.., آمنا علي عرضه وحياة أولاده... مشاركا في اختيار من يحكمه وقادرا مع غيره من أبناء شعبه أن يغير هذا الحاكم سلميا و دوريا دون أن يضطر ألي قتله أو سحله.. وأن يكون قادرا علي أقامة شعائر دينه بحرية كما يقيم الآخرون شعائرهم بحرية دون أن يتقاتلوا ويتبادلون الاتهامات من منهم علي حق ومن منهم علي خطأ.. من منهم سيذهب للجنة ومن سيذهب الي الجحيم.. اي جحيم أكثر من الجحيم الذي تعيش فيه الغالبية العظمي من شعوبنا..
يريد أن يكفي دخله الحد الادني من الحياة الكريمة حتي لا يضطر الي الكذب والغش والخداع لتوفير الغذاء والكساء والتعليم والعلاج لأولاده.. يريد ألا يعتدي أحد علي كرامته و حريته أو يتسلط عليه باي حجة كانت.. يريد أن يضمن له هذا النظام مهما كان اسمه أبسط حقوقه كأنسان ,, حق الامن والحياة والحلم والامل والامان.. وحق البحث عن سعادته طالما لا يؤذي الآخرين.. حق المساواة مع الآخرين في الحقوق والواجبات..
سيقول قائل.. هذا الكلام مكرر.. نعم هو مكرر.. ولكن مالعمل.. أن كانت مشاكلنا تتكرر..
وهذه هي قضايانا..
هل كان أي منا ممن عاش الستينات ويتذكرها أو عاش فترة حرب أكتوبر ومشاعر النصر.. هل كان ممكنا أن يتخيل أن هذا سيكون حالنا اليوم.. في القرن الواحد والعشرين.. ولكن لا يهم فسنجد من بيننا ممن يدمن نظرية المؤامرة.. من سيقول إنها مؤامرة اليهود والصليبيين والجن والجان علينا.. ولولا ذلك لكنا الآن أقمنا الخلافة الاسلامية في ربوع الارض كلها.. رغم أن هذه الخلافة التي لا تعرف وسيلة لتداول السلطة إلا عزرائيل.. هي السبب فيما وصلنا إليه لأننا لا نتوقف عن الحلم بها وهي لن تتحقق أبدا.. لأن الحقيقة أننا شعوبا وقبائل مختلفة.. ولن يمكن حتي في الاحلام أن نكون دولة واحدة في يوم من الأيام..
مازلنا نناقش حديث الذبابة.. وهل نجيب محفوظ خرج من الملة أم لا.. وهل كان طه حسين عميلا أم كافرا..
مازلنا نجد من بيننا من يعتبر بن لادن والملا عمر ودولتهما طالبان هي الدولة المثلي التي ستحل قضايانا..
لماذا ؟..إن كنا غير قادرين علي حل أي من قضايانا.. لا نأخذ نظاما مثلما هو مطبق في ماليزيا أو تركيا.. كما هو.. ثم نطبقه دون سفسطة..
للأسف قضايانا.. مازالت كما هي منذ عشرات السنين.. ونحن مازلنا نبحث عن الحل بينما تستمر اسرائيل في انتهاك كرامتنا وتحطيم كبرياءنا.. وتقيم حركة حماس الاستعراضات العسكرية في غزة ويملأ شوارعها الملثمون حاملي السلاح يتقاتلون فيما بينهم.. وكأننا انتصرنا.. فتعود اسرائيل لتثبت لنا.. مدي عجزنا وضعفنا.. والأهم أوهامنا..
في الحقيقة أنا أحسد اسرائيل وأحقد عليها ,, وعلي نظام الحكم الذي أوصلها إلي ماوصلت إليه..
ولأننا لا نري اين الحل.. فلن نعرف أبدا ما هي قضايانا الحقيقية.. مبروك علينا استعراضات حماس العسكرية.. ومبروك علينا ملوكنا ورؤسائنا.. فنحن نستحقهم..
وأشكر مقدما من يريد أن يصب علي رأسي اللعنات.. ليس عندي ما أخسره.. فأنا مواطن مقهور مثل باقي مواطني بلادنا..
القضية الحقيقية والتي يجب أن نعمل عليها جميعا هي الحل لكل مشاكلنا.. هي أن يحصل هذا المواطن المقهور علي حقوقه الأساسية في دولنا وبلادنا التي أصبحت في ذيل الحضارة الانسانية.. بسبب أننا لا نعرف ماهي قضيتنا الاساسية..والدولة التي ستحل كل مشاكلنا وقضايانا هي الدولة التي وصفها الدكتور حسن حنفي ببساطة من قبل :
الدولة التي تمثل جوهر الرسالات السماوية كلها.. ليست هى الدولة الثيوقراطية التي يحكمها رجال الدين باسم الله أو الدولة التى تطبق الشريعة الإسلامية، ولكنها الدولة التى تكفل المصالح العامة لجميع القاطنين فيها بصرف النظر عن أصولهم العرقية والطائفية واللغوية والثقافية.
هى الدولة الديموقراطية التى تنشأ السلطة فيها باختيار حر من الناس عن طريق البيعة كما قال الفقهاء "الإمامة عقد وبيعة واختيار". ويمكن مبايعة أى إنسان إذ "لا فضل لعربى على عجمى إلا بالتقوى". ليست نظاما ملكيا يستمد سلطته من الوراثة ولا نظاما عسكريا يستمد سلطته من "الانقلاب العسكرى". لا هى سلطة قريش ولا الجيش..
وهى الدولة التعاونية التى تقوم على التعاون المتبادل بين الأفراد والفئات والتى تذوب فيها الفوارق بين الطبقات، فللفقراء حق فى أموال الأغنياء (والذين فى أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم). وفى المال حق غير الزكاة "ليس منا من بات شبعان وجاره طاو". وقد أثنى القرآن على علىّ فى آية (ويؤثرون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا). العمل وحده مصدر القيمة. وهو معنى تحريم الربا الذى يولد فيه المال المال بلا جهد وعرق أو زيادة إنتاج. وفى الحديث "الله فى عون العبد مادام العبد فى عون أخيه"..
هذه الدولة إذن هي دولة عصرية تقوم على المواطنة والولاء للوطن الواحد. وهى الدولة التعددية التى تقوم على حق الاختلاف فى العقيدة والمذهب والرأى واللسان...
وهذا الحلم ليس حلما طوباويا بل وجد فى التاريخ في بعض فتراته وفى بعض الدول الإسلامية فى آسيا مثل ماليزيا وإندونيسيا حيث يساهم الإسلام فى بناء الدولة على وحدانية الله ووحدة الأمة...
هى دولة الأحلاف السلمية وعدم الاعتداء بين الشعوب. فقد خلق الله الناس شعوبا وقبائل للتعارف والإثراء المتبادل (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)...
هى الدولة التى تجمع دول العالم كله فى تجمع واحد وفى ميثاق واحد مثل "ميثاق المدينة" كما تحاول الأمم المتحدة وميثاقها الآن لولا سيطرة الدول الكبرى على الصغرى، وحق "الفيتو"، واستفراد أقوى دولة بها كما تفعل الآن الولايات المتحدة الأمريكية..
اللهم ارحمنا برحمتك.. و ووفق البشر جميعا لما فيه جوهر رسالتك ودعوتك لهم جميعا... أن يكونوا شعوبا وقبائل ليتعارفوا ويتراحموا ويتعاونوا... بدلا من أن يتقاتلوا ويتناحروا.. وأن يكون خيرهم وأكرمهم.. أتقاهم.. ممن يحملون رسالتك ودعوتك ويفهمونها ويطبقونها..
لنا الله جميعا..