كتَّاب إيلاف

مغامرة المقاومة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

مهداة إلى أ. ك. التي قالت لي: "أكتب."

"الصوت صوت يعقوب ولكن اليدين يدا عيسو"، تكوين 27: 21

نعود إلى مأثورنا الشعبي: "صحيح ما تكسر ومكسور ما تاكل وكل واشبع." إنه قمة الدعوة الكاذبة إلى الطعام، إذ يقول لك المضيف: "إياك أن تكسر الرغيف الكامل، وإياك أن تأكل من رغيف مكسور، ولكن هلم وأملئ بطنك بالخبز." هكذا شأننا مع الدول العربية التي تتهم المقاومة بالمغامرة، وتحملها مسؤولية العدوان الإسرائيلي على لبنان. أو مع الرئيس الفرنسي الذي يقول "إن حماس وحزب الله لا يتمتعان بحس المسؤولية." نكرر: هناك عشرات الآلاف من السجناء الفلسطينيين واللبنانيين الأبرياء أو المقاومين في سجون العدو الإسرائيلي منذ عشرات السنين. إذا كان بعض العرب لا يريدون المغامرة، فليتفضلوا هم والفرنسيون الذين يتمتعون بحس عال من المسؤولية كما يزعمون، بالضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل ليفكوا أسر هؤلاء، أو ليتفضلوا بدعم المقاومة لتحريرهم عوضًا عن الضغط عليها، أو ليتفضلوا بالصمت إذا عزّ الضغط أو الدعم.
لقد قادت الدول العربية التي تدين مغامرة المقاومة عملية سلمية مع إسرائيل منذ سنة 1973. ما الذي حصلنا عليه من هذه العملية لتاريخه؟ فلسطينيًّا وسوريًّا لا شئ. نعم مصر استفادت وكذلك الأردن، ولكن بأي ثمن؟ المقاومة قادت عملية تحرير منذ سنة 1982، قبل ولادة حزب الله. خلال ثمانية عشر عامًا استطاعت تحرير لبنان بكامله واستعادت الآلاف الأسرى من لبنانيين وعرب. هل كان تحقق أي من هذا لولا "مغامرة" المقاومة؟

"هل كان سمير القنطار يقبل بهذا الدمار لقاء إطلاق سراحه؟" سؤال طرحته المذيعة جيزيل خوري على السيد بسام القنطار أخو عميد الأسرى. ما أشطر مذيعينا بطرح الأسئلة الخطأ. أولاً هذا سؤال افتراضي Hypothetical لا قيمة له عمليًّا أو فلسفيًّا. ثانيًا، السؤال ليس برسم بسام القنطار ولا حتى سمير القنطار. سمير القنطار لم يعد ملك نفسه، لا وهو ولا زملاؤه من الأسرى مثل يحي سكاف الذين أمضوا عشرات السنين في المعتقلات الإسرائيلية. إنهم رموز مقاومة وطنية كبيرة، وتحريرها يتطلب ثمنًا كبيرًا. لقد دفعت إسرائيل سبعة قتلى من جنودها في محاولة منها لإنقاذ الأسيرين الذي أوقع بهما حزب الله. هل كان هذا الثمن مقبولاً؟ ألا نجد بين العرب من يعجب بتمسك إسرائيل بمواطنيها وعسكرها وأسراها وجرحاها. يا مرائي: لماذا تعجب بتمسك العدو بمواطنيه وتستهجن ذلك على مواطنيك!
لفت نظرنا أيضًا تصريح السيد محمود عباس عن ضرورة "فصل المسارات". إنه لا يريد تحرير الأسرى الفلسطينيين على يد حزب الله. لا بأس، لعله يطلب من السيدة رايس أو الرئيس بوش تحريرهم. إلى ذلك الحين، ليسمح السيد عباس بوصل المسارات عله يتحقق لأم فلسطينية أن تضم ابنًا لها لم تره منذ عقود.

نختصر فنقول: إسرائيل فُرضت علينا ولم نخترها. والحرب فرضت علينا ولم نخترها. أرضنا محتلة وواجبنا تحريرها. لنا أسرى وواجبنا تحريرهم. بعضنا يدعو إلى التسليم بإسرائيل كقدر لا مفر منه، وبعضنا الآخر يرى أن القدر لا يكون إلا ما تقرره إرادتنا. نحن من هذا الآخر.

أما بعضنا الآخر فإنه يلبس جلد عيسو ولكنه يتكلم بصوت يعقوب.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف