حسابات خاطئة، ام خطوات محسوبة لاشعال حرب؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
اطراف الأزمة الحالية في الشرق الأوسط والتي توسعت من مجرد مواجهة بين اسرائيل ومتشدديد اسلاميين غي غزة الى حرب تشنها اسرائيل على لبنان، قد يكونوا اخطئوا، ومازالوا يخطؤون الحسابات عن تقديرهم لردود افاعل ألاطراف الأخرى والقوى الأقليمية والعالمية وهي مصيبة، او قد تكون حساباتهم صحيحة وخطواتهم محسوبة ومقصودة لجر المنطقة الى حرب شاملة، وهي مصيبة اعظم، تهدد بكارثة شرق اوسطية يدفع العالم ثمنها.
ألاطراف المباشرة في بداية الأزمة: هم راديكايون اسلاميون وجزء من الجناح المسلح لحماس بهجوم عبر الحدود ( عن طريق نفق) مع اسرائيل، والتي اصبحت الطرف الثاني في الصراع، وبدا ردها اعنف وغير مناسب للخطوة التي بدأها المتشددود ألاسلاميون في غزة.
وألاطراف غير المباشرة، والتي لعبت دور وساطة حميدة علنية، كمصر، واطراف اوربية، كان دورها ايجابي في الفصل الأول من ألازمة في غزة، بقصد تهدئة الموقف وانقاذ الأرواح على الجانبين، وهذه الأطراف قامت بالدور المطلوب منها بحيادية واحتراف - وهو لايعجب المتشددون، الذين يريدون لمصر مثلا ان تنحاز الى طرف ( حماس) على حساب الطرف الأخر ( اسرائيل) وهو امر يجعل الوساطة غير ذات معنى ويخسر الوسيط مصداقيته لحل ازمات اخرى.
وكانت مصر توصلت الى نقاط رئيسية يقبلها الطرفان، بفضل جهود اللواء عمر سليمان، الوزير المصري المسؤول عن المخابرات العامة، والذي يتولى واحد من اصعب الملفات الشرق اوسطية والعالمية اليوم وهو حل مشاكل فصائل الفلسطنيين المتناحرين. لكن، كما يقول الرئيس المصري حسني مبارك، وهو أكثر زعماء المنطقة حرصا على السلام - حيث لم تدخل في عهده مصر في اية صراعات، ونجحت وساطتها في المنطقة في حل العديد من ألازمات - تدخلت اطراف اخرى للتأكد من عدم توصل الطرفين (يقصد اسرائيل والأدارة الفلسطينية) الى حل.
وهنا يدخل الطرف الثالث المباشر في الصراع، والذي فجأة، اما عن حسابات خاطئة، او بخطوات محسوبة، بدأ حربا مع اسرائيل، مما نسف تماما الحل الذي توصل المفاوضون المصريون اليه لحل ازمة غزة/اسرائيل.
وبتحليل العملية الهجومية التي قام بها حزب الله، ومن الرد بالصواريخ على الغارات الأسرائيلية، واستخدام صواريخ متطورة وطائرات بدون طيار، ادت الى مهاجمة سفينة اسرائيلة حربية مسفرة عن قتلى وتعطيلها تماما عن العمل في البحرية الأسرائيلية، ومهاجمة سفينة مدنية مصرية كانت في المنطقة، يتضح ان حزب الله يجهز لهذا السيناريو منذ اشهر وربما أكثر من عام.وقبل ان نخوض في التفاضيل السياسية عن الطرفين الاخريين، فلنقدم الأدلة على تدبير حزب الله لهذا السيناريو.
حزب الله يخزن صواريخ، كانت حسب تقديرمخابرات شرق اوسطية وافريقية وغربية، تزيد على 15 الف في مطلع عام 2005. الصواريخ والطائرات بدون طيار، اما روسية ، كورية او صينية الصنع، وصلت عن طريق ايران - عبر سوريا، حسب تقارير ألاستخبارات، او تم تصنيعها في ايران بتكنولوجية ومواد من الصين وكوريا وروسيا.بعد هذه الصواريخ يصل مداها الى 75 ميلا ( 100 كم)، وهي الصاروخ C-802 تستخدم من السطح الى السطح او من السطح الى البحر. كما توجد صواريخ اخرى يتكنولوجيا روسية يتراوح مداها بين 18 ميلا ( 30 كليومتر)و 40 ميلا ( 72 كم) واعداد كبرى من صواريخ الكاتيوشا التي تطلق من منصات/انابيب بمدى 12.7 ميلا ( 18 كم)؛ والأخيرة اختراع روسي من الحرب العالمية الثانية غير مسار الحرب اثناء حصار الجيش الالماني لستالينغراد.
كما يمتلك حزب الله الاف من الصواريخ التي تحمل على الكتف ضد الطائرات الهليكوبنر واسلحة مضادة للدبابات. وهناك عدد غير معروف من الطائرات التي تحلق بدون طيار، وتقول مصادر حزب الله ان احدها ضرب السفينة الحربية ألاسرائيلية، بينما يقول مصدر عسكري اسرائيلي ان مااصاب السفينة هو الصاروخ الصيني C-802 الذي يبلغ طوله ستة امتار ونصف وتم تجميعه في غايران التي قدمته لحزب الله.
الدليل الآخر ان حزب الله بدأ يخطط ويرصد ويستكشف لهذه العملية منذ فترة طويلة؛ بنصب كمين داخل الحدود الأسرائيلية لمركبات مدرعة اسرائيلية مما تسفر عن مصرع ثمانية خطف جنديين اسرائيليين. وعندما عبرت دبابة ميركيفا اسرائيلية الحدود كان مقاتلو حزب الله في انتظارها في كمين آخر دمر الدبابة وهي على بعد عشرة امتار فقط في المنطقة الوسط بين الحدود.
اما المسار الذي اتخذته الصواريخ الصينية الصنع التي ضربت حيف منذ صباح اليوم ، فقد خطط حزب الله لها منذ شهور بارسال طائرة تجسس بدون طيار حلقت والتقطت الصور فوق حيفا وفوق موقع التنصت ألأسرائيلي فوق جبل ميرون وعادت بسرعة قبل ان يتمكن ألاسرائيليون من اسقاطها. وهو المسار نفسه الذي اتخذته الصواريخ التي تساقطت فوق حيفا وفوق مركز جبل ميرون الذي ترصد منه اسرائيل الرحلات الجوية من المطارات العربية خاصة دمشق وبيروت.
ومن الناحية السياسة، لاشك ان حزب الله، الذي لايمكن ان يتحرك او يتخذ خطوة كهذه دون تنسيق وضوء اخضر من سوريا ومن ايران، حسبما يجمع المراقبون والديبلوماسيون وخبراء المنطقة،كان يعرف ان رد الفعل الأسرائيلي سيكون عنيفا.
وهنا لابد ان حزب الله - ودمشق وطهران- قدر احتمال سيناريوهين. اما ان تتدخل اسرائيل على ألارض وتعيد احتلال جنوب لبنان، مما يسبب خسائر كبيرة في ألارواح، ويعرض اسرائيل لضغوط دولية كبيرة؛ او تكتفي بغارات جوية وصواريخ وتدمير المنشآت المدنية اللبنانية، كما يحدث الآن، مما اثار ردود فعل رأي عام عالمي ضد اسرائيل ( المرة ألاولى التي تكسر فيها الصحف البريطانية واحدة من المحرمات وتنشر جثث اطفال قتلى من جراء قصف الطيران ألاسرائيلي لقافلة اسر مدنية غادرت ديارها استجابة لتحذيرات اسرائيلية). وفي كلتا الحالتين سيخرس الرد ألاسرائيلي اية اصوات داخل لبنان تنتقد تصرفات حزب الله باعتبار انها القوة الوحيدة في لبنان التي " تنتقم" للغارات، او " تتصدى" للغزو الأسرائييل دفاعا عن لبنان في حالة اجتياح الجيش الاسرائيلي لجنوب لبنان.
حسابت الطرفين ألأخرين، سوريا وايران، فيها نوع من المقامرة، لكن الأمر يتوقف على رد فعل الأطراف ألاخري، المباشرة كأسرائيل ومدى صمود حزب الله، وغير المباشرة من قوى اقليمية وعالمية، خاصة الولايات المتحدة.
سوريا كان دورها مهمش، الولايات المتحدة تتجاهلها وتلح على تغيير النظام فيها، كما ان اسرائيل رفضت عروض دمشق للعودة لمائدة المفاوضات، ولذا فإن دفعها ( في الأحتمال ألاقصى بالتنسيق مع قيادات حماس المتطرفة في دمشق) لحزب الله، او الموافقة على اقتراح من حزب الله وايران ( اضعف ألاحتمالات) للتحرك " لفتح جبهة ثانية" ضد اسرائيل، وتوقع رد فعل مبالغ فيه من اسرائيل ( بسبب قلة خبرة رئيس الوزراء ألاسرائيلي ايهود اولمرت بالسياسة الخارجية والأستراتيجية العسكرية - وهو ما ساتطرق اليه لاحقا) سبيدفع بالديبلوماسية الدولية للتحرك، وبالتالي تضطر القوى العظمى للتعامل مع الجهات التي تسطيع الضغط على حزب الله وهما سوريا وايران، وبالتالي تكسر حالة الجمود والعزلة على سوريا، وقد تخرج سوريا بما يمكن ان يقدمه نظامها للرأي العام السوري على انه مكسب ما.
اما لعبة ايران واهدافها فأكثر تعقيدا واكثر طموحا، فمثل سوريا، هي ألاخرى معزولة، ويالتالي فإدخالها طرفا في العمل الديبلوماسي للضغط على حزب الله سيفك من عزلتها، وقد جربت ذلك بتصعيد الموقف في العراق مما دفع السفير ألامريكي للتفاوض مع طهران.
السبب الآخر ان الرئيس ألأيراني محمدود احمدينجاد، يريد ان يصرف انظار العالم، خاصة قمة الثمانية في سانت بطرسبرج عن اتخاذ موقف موحد لأجبار بلاده على انهاء مشروع تخصيب اليورانيم، وبسبب توقيت بدأ حزب الله لهذه الأزمة، جعل الشاغل ألاكبر لقمة الثمانية هو ازمة الشرق ألاوسط، وانقسمت الدول الكبري بين منتقد لأسرائيل ( فرنسا باسم اوروبا، وروسيا) وبين منتقد لحزب الله ( أمريكا وبريطانيا). وفي الوقت نفسه اعلنت ايران وبهدوء شديد قبولها المبادرة ألاوروبية حول الطاقة النووية، وتعليق تخصيب اليورانيم والعودة للمفاوضات، رغم التصريحات المتشددة. وسيوازن النظام ألأيراني بين تخليه فجأة عن تشدده امام شعبه، بالتصريحات النارية حول التصدي لآسرائيل ودعم حزب الله، ومحاربة اسرائيل اذا هاجمت سوريا.
اما اذا قررت اسرائيل الدخول في لعبة تبادل الاسرى، وانتهت المعركة بسرعة، سيقوى من موقف حزب الله ويزيد النفوذ الإيراني وتعاود الكرة مرة اخرى، خاصة وان اختطاف رهائن امريكيين في الثمانينات في لبنان ادى الى تفاوض مع الكولونيل اوليفر نورث مساعد مستشار الأمن القومي للرئيس رونالد ريغان لللإراج عنهم مقابل اسلحة لأيران اثناء حربها مع العراق، حيث حظر الكونغرس تصدير السلاح لأيران، بسبب ازمة الرهائن من موظفي السفارة ألامريكية.
الهدف الأخر البعيد المدى، هو ان تصبح ايران، في الشارع ألاسلامي العالمي، القوى المتصدية لأسرائيل في " عدوانها" على مسلمين غي غزة ( اغلبهم سنة) او لبنان ( خليط من شيعة وسنة ودروز)، كما تصبح النموذج الذي تحتذي به حماس ، اي النموذج ألانتحاري الشيعي" الطالب للشهادة "، وتصل بنفوذها جنوبا الى غزة، على ابواب مصر، التي لايعرف مسلموها صراعات العالم العربي الطائفية بين شيعة وسنة.
والأزمة الحالية تعيد للذاكرة ازمة عام 1982، عندما حاولت جماعة ابونضال، لحساب صدام حسين وقتها، اغتيال السفير الأسرائيلي على باب الدورشيستر في لندن. كان صدام يريد حربا في الشرق ألاوسط تتورط فيها اسرائيل ضد طرف عربي بأي ثمن، وبالفعل ارسل للزعيم الأيراني الراحل اية الله الخميني، عن طريق اطراف لبنانية، يدعوه للهدنة في الحرب التي بدأها ضد ايران قبل عامين،" لمحاربة اسرائيل سويا."
في عام 1982، كان ألاسرائيليون ضاقوا ذرعا بارتفاع الخسائر البشرية من جراء هجمات الكاتيوشا والهاون الفلسطينية من جنوب لبنان التي حولتها المنظات الفلسطينية - مدعومة، حسب الفصائل، من حوالي سبع دول عربية- الى دولة داخل الدولة، وكان الأجتياح الأسرائيلي، وما اعقبه من كوارث، كمذابح صابرا وشاتيلا، خاصة بعد ان خدع وزير الدفاع ألاسرائيلي وقتها اريل شارون الكنيست ورئيس وزرائه مناحم بيغين بان ذهب الى بيروت، وضلل بدوره - دون قصد - وزير الخارجية ألمريكي الكسندر هيغ، واضطر للأستقالة. وكان احتلالا اسرائيليا استمر حتى عام 2000؛ وخسائر الف قتيل اسرئيلي، ثم صراعا وعدم استقرار في لبنان استمر لعقد كامل.
وهناك قوى فلسطينية وعربية - القومجيين العرب- تسعى لأشعال حرب في المنطقة.
واذكر قبل توقيع اتفاقيات اسلو ببضعة اعوام، واعتراض فصائل متشددة تقيم في بغداد و دمشق وطرابلس واليمن وطهران، قولة احد الزعماء الفلسطنيين لي " سنبذل اقص مافي وسعنا لأشعال حرب عربية اسرائيلية جديدة " وذلك في حضور شخصية ديبلوماسية سورية مرموقة، أكدت موافقتها على هذه النظرة ألاستراتيجية. الغريب انه بعد ذلك باسابيع قليلة، اثناء تغطيتي حرب العراق وايران، كنت في بغداد، والتي كانت اثناء حكم البعث العراقي من الد اعداء البعث السوري ودمشق في المنطقة، سمعت التحليل نفسه من زعيم فصيل فلسطيني قومجي الأيدولوجية محسوب على نظام صدام في مكتبه الذي كانت ولاشك تتنصت عليه مخابرات صدام، وارد، بهذا القول ان يثبت لبعث العراق انه اوصل المعلومة لمراسل صحيفة بريطانية كبرى.
اما الدافع مثلما اخبرني ديبلوماسي غربي في بغداد وقتها، ان اشعال حربا اسرائيلية عربية سيخفف الضغط على نظام صدام الذي كان بدأ في التراجع في السنوات ألاخيرة من حربه ضد ايران.
واليوم في هذا ألأطار ( رغبة المتشددين الفلسطينيين وما بقى من القومجية العرب، والذين انضم اليهم اليوم المتطرفون ألاسلاميون السلفيون والتيار الراديكالي في ايران) يجب الحذر من الأطراف التي تريد اشعال حربا جديدة في المنطقة لحسابات يعتقدون انها ستحرك المواقف الجامدة، وفي هذا الأطار ايضا يجب اعادة فحص دعوة ألاخوان المسلمين - ألاب الروحي والشرعي لحماس والجهاد ألأسلامي - الى الغاء اتفاقية السلام المصرية ألاسرئيلية، ونقصدهم من ورائها، خاصة ان الأخوان باعترافهم، لايدينون باية ولاء للقومية المصرية ( بدليل تصريح زعيمهم علنا " طز في مصر وابو مصر").
ولهذا يجب على قادة اسرائيل التفكير مليا قبل تكرار سيناريو 1982، خاصة وانهم يقارنون بين وضع المنظمات الفلسطينية وقتها في جنوب لبنان ووضع حزب الله اليوم الذي يدير دولة داخل الدولة- وكان ضابطا اسرائيليا اخبرنا، مجموعة صحفيين بريطانيين قبل شهر - " هذه جبهنما مع ايران" مشيرا الى الحدود اللبنانية ألاسرائيلية التي حزب الله عن جنود اسرائيل فيها الا حوالي 35 مترا.
فاليوم ليس عام 1982، رغم ان نتائجها كانت كارثية وكان الراي العام الأسرائيلي هو الذي اجبر قادتها على الأنسحاب وعسكريا ليس من الممكن تدمير مخزون سلاح حزب الله او تفكيك عقدراته بالغارات الجوية وحدها، كما ان حزب الله يرد بصواريخ وترتفع الخسائر المدنية على الجانبين . وبدون توغل قوات اسرائيلية واعادة احتلال جنوب لبنان، فلن يستطيع الأسرائيليون بعمل عسكري نزع سلاح حزب الله، هذا بدوره سيوقع خسائر كبيرة في ألارواح ألاسرائيلية وبين المدنيين اللبنانيين والاسرائيليين اذا رد حزب الله.
الخطورة هي عدم خبرة اولمرت بالسياسة الخارجية وبالعمل العسكري كسابقيه آرييل شارون وايهود باراك. وبسبب فقدان ملفه المهني السياسي من اوراق اعتماد عسكرية، في مجتمع مهووس بعقلية الحصار وهاجس الأن، قد يتصور ان حربا خاطفة او احتلالا مؤقتا للبنان سيزيد من رصيده الشعبي. لكن الأحتلال المؤقت لتصفية المنظمات الفلسطينية عام 1982، استمر 18 عاما، وحول الراي العام العالمي ضد اسرائيل، والراي العام ألاسرائيلي ضد الليكود وفاز باراك بالأنتخابات بوعد الأنسحاب الفوري من جنوب لبنان.
كما ان الأحتلال ألاسرائيلي الذي بدأ عام 1982، خلق حزب الله، القوة الوحيدة في المنطقة الان التي تلحق الخسائر باسرائيل، وتعطل مشاريعها، حتى السلمية منها، فما باللك بالقوة التي قد يفرزها احتلال آخر لايعلم احد كم يستمر؟
الأمر الأكثر خطورة احتمال تورط سوريا وايران، والتي بدورها تشعل المنطقة، خاصة في جنوب العراق، والخليج. وسوريا هي الطرف الأضعف عسكريا، ولن تقبل سقوط دمشق في يد قوات اسرائيلية، وبالتالي، وبمساعدة ايران، عندما يجد النظام السوري نفسه في معركة بقاء او فناء قد يستخدم صواريخ برؤس كيماوية لاتفرق بين الأجناس والأديان.
اما محاولة لضرب المنشآت النووية ألايرانية في " زحمة" ضباب المعارك ودخانها من جانباسرائيل، سيكون كارثة اخرى بصواريخ تشنها ايران على اي حلفاء غربيين واصدقاء لأمريكا في المنطقة. وسيكون ألامر كارثة على ألاقتصاد العالمي الذي يترنح الآن من ارتفاع اسعار البترول، فما بالك اذا انسحب الصادر ألايراني من السوق، وانتقمت ايران بتعطيل ملاحة الناقلات في الخليج؟
ولذا يتعين على واشنطن، وهي القوة الأولى القادرة، التدخل قبل تطور سيناريو الكابوس المزعج للعالم. ومن الحماقة ان تعتقد ادارة الرئيس جورج بوش، ان التمهل سيعطي اسرائيل نافذة عمل اطول لتصفية حزب الله، الذي تمقته امريكا ( اول خسائر المارينز بعمل انتحاري في بيروت عام 1983)، فكلما طال ألامر كلما تعقد الموقف.
ولو كانت ادارة الرئيس بوش تدخلت قبل اسبوعين في بداية ازمة غزة باختطاف جندي اسرائيلي ( والتي تزداد قناعتي بانها كانت هي ألاخرى خطوة محسوبة بضلوع الأطراف نفسها ) لما كان الأمر تطور الى اراقة الدماء في لبنان وشمال اسرائيل.
الفرصة متاحة في مؤتمر قمة الثمانية. الرئيس بوش عليه مقاومة الرغبة في تصفية حزب الله، والضغط على اسرائيل لايقاف غارتها والتفاوض مع لبنان ( بوفد يضم حزب الله تأكيدا لسيادة الدولة اللبنانية )، وتعمل الديبلوماسية البريطانية مع ألاطراف العربية التي تثق بها - خاصة الفلسطنيين- بمساعدة الأتحاد الأوروبي، بينما تتولى فرنسا وروسيا الضغط على ايران وسوريا.
اما اذا استمر الرئيس بوش في سياسة وضع يديه في جيوبه خشية فشل مشروع امريكي آخر في الشرق ألاوسط، فإن غياب يديه عن مفاتيح ألازمة سيضمن فشل بقية المشاريع ألامريكية الخارجية، ناهيك عن الكارثة التي ستحل بالمنطقة وأقتصاد العالم.