نصرالله والحرب البرية التي لن تقع...
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
ذكرتني تصريحات زعيم "حزب الله" اللبناني الأصولي حسن نصرالله بتصريحات الرئيس العراقي المدحور صدام حسين عشية دخول الأميركان لبغداد. وكان صدام الذي ولى قادة جيشه الأدبار عند حدوث الهجمات الأميركية، واخلوا ميدان المواجهة سريعاً، تاركين الوزير الصحاف يتلي أكاذيبه وحده، قد هددّ الأميركان في مشهد متلفز بالموت الأحمر حين دخولهم شوارع بغداد، حيث ستبدء الحرب البرية وسيشهد العالم فصول مقارعة جيوش البعث لجنود التحالف وإصطيادهم الواحد تلك الآخر.
وكانت هيئة صدام "مبهدلة" في طلته التلفزيونية تلك. التعب والوهن وخطوط الشيب التي هربت من قمع المساحيق والأصبغة قد برزت للرائي بشكل واضح شدّ إهتمام الكثيرين من الناس. زعيم "حزب الله" بدا أمس حينما طلّ بدوره من مخبأ من مخابئ الحزب العديدة على الجمهور العربي، أشبه بصدام حين إنهيار بغداد وضياع حكم البعث فيها. فهو كان متعباً ظاهر الأعياء، وقد أخذ منه ظروف وشروط الحراك الميداني وإستراتيجية الكر والفر تلك جهداً كبيراً. ظهر نصرالله خائر القوى وقد غابت طريقته الإلقائية المميزة وتبخر الحماس من بين كلمات خطابه. مررّ عدة رسائل في خطابه المتلفز ذاك: أولاً: الإصرار على القتال ومتابعة "الوعد الصادق" حتى النهاية. ثانياً: حث اللبنانيين على المزيد من الصبر ومتابعة القتال. ثالثاً: دعوة العرب والمسلمين لمساعدة المقاومة وإعتبار هذه الأخيرة المدافعة الأقوى و"رأس حربة" المشروع الإسلامي التغييري( وهو لم يقل طبعاً أكان هذا المشروع التغييري شيعياً أم سنياً، لأن هناك فرق هائل..). رابعاً: التلويح بقدرة الحزب، التي لم تستنفذ بعد، على ضرب إسرائيل في العمق وفي مقتل إذما طالت هذه الضربات المصانع الكيمياوية. كما شددّ نصرالله على إنتظار مقاتليه لجنود الجيش الإسرائيلي على مشارف بيروت، ليقاتلوهم من حارة لحارة وشارع لشارع...!.
لاأعتقد أن إسرائيل سوف تغامر بدخول بيروت وما قبلها من مدن لبنانية، ذلك لظروف تتعلق بالوضع الأقليمي وبالحالة اللبنانية الداخلية حصراً. فهي ستكتفي بإمطار الحمم على رؤوس اللبنانيين( أنصار {حزب الله} في المقام الأول) وضرب قواعد الحزب ومنصات صواريخه وبناه التحتية وإمداداته اللوجستية ومحاولة نسفها. لكن الثابت أن الجيش الإسرائيلي سوف يرجع بجهوزية "حزب الله" القتالية عدة سنوات للوارء، وسوف يدمر قسماً كبيراً من بنية لبنان التحتية، ليساهم بذلك في توسيع الشرخ والخلاف الداخلي اللبناني. فهناك الأن من بدأ بالحديث عن "ماهية مصلحة لبنان في توريط {حزب الله} للبلد في حرب جديدة" ستودي بالأقتصاد ومستوى المعيشة فضلاً عن الأرواح البرئية التي زهقتها الآلة العسكرية الإسرائيلية المنفلتة من عقالها. وتحدث آخرون عن"حرب إيرانية ـ سورية يقوم بها الحزب بالنيابة ضد إسرائيل".
النظامان السوري والإيراني ورطّا لبنان في حرب جديدة بتحريض "حزب الله" وإصدار التعليمات له، وأدخل هذين النظامين لبنان في دوامة عنف جديدة ونفق طويل مظلم لايعلم الله كيف سيخرج منه. أرادت كل من طهران ودمشق أن يقاتل لبنان نيابة عنهما. أن يقاتل أنصار حسن نصرالله إسرائيل وأميركا على أرض لبنانية مقابل بعض الصواريخ التي أرادا تجريبها ميدانياً، بعيداً عن أراضيهما...
طهران ودمشق تحاصران إسرائيل في خاصرتها بواسطة "حزب الله". هما تلوحان بأوراقهما في حال إصرار كل من الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا وفرنسا على تدميرالمشروع النووي الإيراني، وتغيير النظام السوري المسؤول عن إغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.
هناك طروحات لحل القضية وإنهاء الحرب في تسليم "حزب الله" الجندييّن، مقابل وقف القصف وإمطار لبنان بالصواريخ والقنابل. والأرجح إن هذه الفكرة، وفكرة أخرى مشابهة ستأتي بها وساطة قادمة، ستحل القضية وتوقف هجوم إسرائيل، كما ستضع حداً لمغامرة "حزب الله" هذه. حين ذاك لن تنجح خطة نظامي طهران ودمشق في إحراق لبنان ثمناً لإطالة عمرهما، كما لن يضطر نصرالله لمقارعة الجنود الإسرائيليين في حربه البرية، والتي ـ ومع تواريه عن الأنظار وإطلاله عبر أشرطة الفيديو المسجلة فقط ـ لن تكون حظوظه فيها بأفظل من حظوظ الرئيس العراقي السابق صدام حسين، صاحب الحفرة المعروفة تلك!.