كتَّاب إيلاف

لبنان يحترق ونيرون يتبجح

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

من يستمع إلى خطابات حسن نصر الله، زعيم حزب الله الشيعي في لبنان، العنترية يعتقد أنه قاب قوسين أو أدنى من النصر المبين، وأن إسرائيل على وشك أن تلقي بنفسها في البحر لتنتحر وتأكلها الأسماك تنفيذاً لدعوات العرب منذ 70 عاماً. إنه غير مبال بما يعاني الشعب اللبناني الأعزل المغلوب على أمره والمختطف من قبل عصابته "حزب الله"، العصابة التي ألقت بهذا الشعب في أتون حريق أين منه حريق روما في عهد نيرون. في الحقيقة إن نصر الله هو نسخة من نيرون، وصدام حسين وغيرهما من الطغاة، إنه سايكوباثي ويحمل جميع أعراض هذا المرض الخبيث.

فمن أعراض وعلامات مرض السايكوباث أن المصاب به لا يهتم بعواقب قراراته ولا بالخسائر الجسيمة الناجمة عنها ولا بالضحايا البشرية مهما بلغت، ولا بمعاناة شعبه من لبنان يحترق آراء سياساته الطائشة. المهم عنده تنفيذ ما يدور بعقله المريض من قرارات تدميرية. والكارثة أن المحيطين بالزعيم السايكوباثي لن يتجرأوا على تقديم النصح والمشورة له، بل يضطرون إلى مسايرته والتملق إليه وحتى تشجيعه على غيه وتجميل كلما يقوم به من فضائع، تماماً كما كان يعمل المنافقون المحيطون بصدام حسين. وكما انتهى العراق إلى الدمار الشامل بسبب سياسات صدام حسين الرعناء، كذلك تشير كل الدلائل إلى أن لبنان الجريح سينتهي إلى ذات المصير بسبب سياسات حسن نصر الله وحزبه. والمصيبة أن هناك جماعة تتطوع للدفاع عن هذه الفظاعات ويطبلون لهذا الحريق ويطالبوننا بأن لا ننتقد أحداً لأن الوقت ليس وقت النقد وإلقاء اللوم على المغامرين من أمثال خالد المشعل وحسن نصر الله، وعذرهم أن الناس يموتون!! ولكن يا ترى من الذي دفع الناس إلى الموت الجماعي وبهذا الرخص؟ فهل هذا السبب يكفي لنقول للأحمق الطائش، ما أعظمك أيها القائد الإستراتيجي الحكيم العظيم؟ نقول لهؤلاء أن وظيفة المثقفين الليبراليين هي توجيه النقد البناء وعدم تجميل الأخطاء وإيجاد التبريرات لها. لقد شبعت الشعوب العربية من الهزائم حتى الثمالة من جراء أخطاء القادة البلطجية. فهؤلاء يرتكبون الجرائم والهزائم باسم فلسطين الجريحة، والآن نمت قائمة البلدان المنكوبة لتشمل العراق ولبنان، ويمكن أن يتسع هذا الحريق ليشمل المنطقة كلها. وبعد أن ورط حزب الله وحماس شعبيهما في معركة خاسرة محسومة النتائج مع إسرائيل، راح نصر الله يلوم الحكومات العربية على مواقفها في عدم التحرك لإخراجه من الورطة. ليفهم كل قائد مغامر مستبد برأيه ويقامر بمصير ونيرون لبنان متبجحاً بالنصر المؤزر!! عبه ويوقعه بمشاكل خطيرة دون استشارة هذه الحكومات، أن عهد الحروب العبثية قد ولىّ إلى غير رجعة والذي يغامر بارتكاب هذه الأخطاء فهو وحده يتحمل عواقبها الوخيمة والمسؤول عن الخروج منها.

أما كان يعرف حزب الله وحماس العواقب الوخيمة على شعبيهما عندما أقدما على اختطاف جنود إسرائيليين وأن أي تحرش بإسرائيل سيجلب البلاء عليهم؟ فحماس تقود الحكومة الفلسطينية وحزب نصر الله مشارك في الحكومة اللبنانية، أليس من واجبهم الالتزام بسياسة هذه الحكومة وعدم الإقدام على أية خطوة اتجاه إسرائيل إلا بموافقة الحكومة؟ هل يكفي أن نشتم إسرائيل على أعمالها البربرية وما تنشره من دمار على الشعبين اللبناني والفلسطيني، ونحن نعرف مسبقاً ردود أفعال إسرائيل في مثل هذه الحالات؟ وإذا كان الأمر كذلك وليس بإمكان حماس وحزب الله مواجهة قوة الجيش الإسرائيلي، فلماذا يزجان بشعبيهما في هذه الورطة المدمرة؟ وماذا كان القصد من اختطاف ثلاثة جنود إسرائيليين؟ إذا كان القصد هو إجبار إسرائيل لإطلاق سراح بضع مئات من الأسرى والسجناء اللبنانيين والفلسطينيين، فها قد أدت العملية إلى قتل بضع مئات من الأبرياء وجرح أضعاف هذا العدد، وخسائر مادية لا تقدر. فأي نصر هذا الذي يتبجح به نصرالله فيما لو تحقق، ليعادل الخسائر الجسيمة التي دفعها الشعبان، اللبناني والفلسطيني بسبب هذه الحماقة؟

نصرالله ، يشارك الإرهابيين السلفيين التكفيريين في قتل العراقيين بحجة مقاومة الاحتلال الأمريكي للعراق تنفيذاً لأوامر أسياده في طهران ودمشق، وهو يعرف أن مقابل كل جندي أمريكي تقتله "المقامة الشريفة" يقتل أكثر من مائة عراقي بريء وخاصة من الشيعة التي يدعي الدفاع عنها. فما هي الحكمة من هذه السياسة العبثية؟ إن السبب الوحيد وراء سياسة الهاوية هذه هو الجهل والمرض العقلي السايكوباثي. لقد اختطف حزب الله وحماس أشرف قضية عادلة ليمرغانها بوحل سياساتهما الرعناء، وبذلك فقد قدما أكبر خدمة لإسرائيل، وفق القول المأثور: "يفعل الجاهل بنفسه كما يفعل العدو بعدوه". يضع نصر الله العمامة السوداء على رأسه ليقول للعالم أنه عربي أصيل ومن قريش، وتحديداً من سلالة الرسول. ولكن مهما أدعى نصرالله بالعروبة ومهما عمل من أجلها، فهو في نظر العرب السنة "عجمي ابن عجمي" لأنه شيعي "رافضي"، حتى ولو أكد مختبرياً أن جيناته تتطابق مائة بالمائة مع الجينات الوراثية لمحمد بن عبدالله!

ليس هناك أي مبرر لتوريط الشعبين الفلسطيني واللبناني بمعركة غير متكافئة، خاصة وهناك إجماع دولي وموافقة من الحكومة الإسرائيلية والقيادة الفلسطينية على حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بالوسائل السلمية، وهناك تعهد من الدولة العظمى والوحدة الأوربية بقيام الدولة الفلسطينية القادرة على البقاء جنباً إلى جنب دولة إسرائيل. فبأي حق يقوم الحزبان، حماس وحزب الله، باختطاف هذه القضية النبيلة العادلة والعمل على إجهاض الحلول الشرعية التي أقرتها المحافل الدولية وجر المنطقة كلها إلى محرقة لا يعرف أحد مدى نتائجها؟
يقول نصرالله في خطاب له نقلته فضائية المنار التابعة لحزبه، أن "المقاومة بألف خير وأبشر إسرائيل بالهزيمة". يذكرنا هذا الكلام غير المسؤول بتصريحات الكوميدي محمد سعيد الصحاف، وزير إعلام صدام، يوم احتلت القوات الأمريكية مطار بغداد قوله أن هذه القوات ستنتحر عما قريب؟ متى يفهم هؤلاء القادة العرب أن التبجح الفارغ لا يقود إلا إلى الدمار؟ متى يفهم الإعلاميون العرب أن حبل الكذب قصير ومردوده وبال عليهم وعلى شعوبهم وصاروا مسخرة الأمم المتحضرة. لقد خدع هؤلاء شعوبهم لعشرات السنين وقادوهم من كارثة إلى كارثة بسبب هذا التضليل المتواصل، منذ أيام احمد سعيد ومحمد حسنين هيكل في عهد عبدالناصر وصيحات الله أكبر من إذاعة (صوت العرب)، إلى محمد سعيد الصحاف وحسن نصر الله والفضائيات العربية المضللة.
متى يتعلم هؤلاء الغربان من التجارب القاسية والهزائم المخزية؟ حقاً، إن معظم قادة الأحزاب الإسلامية المتطرفة والبعثية الفاشية يحتاجون إلى دخول مستشفيات الأمراض العقلية لمعالجتهم وتخليص الشعوب من شرورهم وسياستهم الجنونية. أما وتدبيج المقالات في الثناء عليهم واعتبارهم أبطالاً ميامين فهذا عين الجهل والجنون. على العرب أن يفهموا أن الصراع العربي- الإسرائيلي لا يمكن حله بالقوة العسكرية، وأن سياسة الحروب ألحقت الهزائم الشنيعة المخزية بالعرب وجلبت عليهم البلاء، فمتى يتعلم هؤلاء من الدروس القاسية؟
تقول الحكمة: (رب ضارة نافعة). فالتاريخ له منطقه الخاص في تصحيحاته وإزالة عقبات الطغاة عن طريق مساره. وكما يقول جورج هربرت ويلز: "القوانين الكونية تعاقب الحمقى كمجرمين". فما بالك المجرمين أنفسهم؟ وكل من تتكرر أخطاءه ويقف عقبة كأداء أمام التقديم الحضاري فلا بد وأن يسحقه التاريخ بعجلاته الثقيلة، كما حصل لهتلر وموسوليني وميلوسوفيج وصدام حسين وغيرهم من الطغاة. كتب القارئ الكريم (طالب) تعقيباً على مقالتي (السباق نحو الهاوية! ) جاء فيه: "قالوها حكمة (إذا أراد الله أن يهلك النملة يجعلها بجناحين) لأنها سوف تغتر وتطير ببطء ويراها العصفور ويلقفها بمنقاره! والسيد [نصر الله] صار عنده كم صاروخ وكم مقاتل وعمل عملته وطار! ولكن هذه المرة لم يأته عصفور بل غراب البين متوحش لا يميٍِّز بين نملة وأخرى. الكل عنده نمل ويستحق الموت. وهذا ما جنت على نفسها براقش!". أتفق مع الأخ القارئ الكريم، فربما تكمن في هذه المغامرة نهاية الأحزاب التسلطية بعد ما أصابها من غرور والتي تحاول بلع الحكومات وزج شعبها والمنطقة كلها في أتوت حرب لا تبق ولا تذر. ففي هذه المغامرة نهايتك يا حسن نصر الله ونهاية أولياء نعمتك في طهران ودمشق وخلاص شعوب المنطقة من شروركم وإزالة العقبة الكأداء من عن طريق التقدم الحضاري والاستقرار السياسي, وإن غداً لناظره قريب!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف