ما هي آثار حرب المصائد على مستقبل العراق؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
-1-
سوف أطلق تسمية "حرب المصائد"، على الحرب الدائرة الآن بين حزب الله بشكل مباشر وبين سوريا وإيران وحماس بشكل غير مباشر من جهة وبين اسرائيل بشكل مباشر وأمريكا بشكل غير مباشر من جهة أخرى. وحجتي في هذه التسمية أن اسرائيل كانت قد نصبت مصيدة لحزب الله وضعت فيها الجنديين الإسرائيليين كطُعم، ووقع حزب الله في الفخ، ووقعت معه سوريا وإيران وحماس في هذا الفخ أيضاً ، وهو ما أطلقنا عليهم في مقال سابق حلف "فلسان" (فلسطين، سوريا، إيران). في حين يدعي حزب الله بأنه هو الذي نصب فخاً لإسرائيل باختطافه الجنديين واستدراج اسرائيل إلى حرب عصابات تكون فيها نهاية اسرائيل كما يقول زعماء حزب الله، أو يكون فيها على الأقل لجم اسرائيل وانسحابها من مزارع شبعا واطلاق سراح السجناء اللبنانيين واعادة الرشد السياسي لاسرائيل في ضرورة بذل الجهود المخلصة لاقامة الدولة الفلسطينية المبتغاة.
-2-
آثار "حرب المصائد" سوف تكون قاسية ووخيمة على اسرائيل ولبنان بالدرجة الأولى وعلى باقي العرب بالدرجة الثانية. وهذه الحرب كما فاجأت حزب الله فقد فاجأت العرب كذلك. فالعرب بعد عام معاهدة كامب ديفيد 1979 ناموا في العسل، بعد أن أكد لهم الراحل أنور السادات بأن حرب 1973 هي آخر حروب العرب. بل إن العرب كانوا نائمين في العسل قبل حرب 1973، ولم يكن المجتمع العربي مجتمعاً عسكرياً مهيئاً لخوض معركة "المصير". بل إن الحرب هي أبعد ما تكون عن أيام العرب الذين كانوا يغرقون في أحلام النصر دون الاستعداد ليوم النصر. فكان النصر بالنسبة لهم أضغاث أحلام لا أساس واقعياً لها . ومن هنا خسر العرب في تاريخهم الحديث كل الحروب التي خاضوها سواء ضد بعضهم بعضاً أو ضد أعدائهم.
-3-
"حرب المصائد" أطول حروب العرب الحديثة حتى الآن. وهي الحرب الوحيدة التي يخوضها طرف عربي واحد تجاه اسرائيل مباشرة. في الحروب الماضية كان أكثر من طرف عربي يشترك في هذه الحروب بشكل مباشر. حرب 1967 اشتركت فيها مصر وسوريا والأردن، وحرب 1973 اشتركت فيها مصر وسوريا. وكانت السعودية ودول الخليج الأخرى داعماً مالياً في هذه الحروب.
في "حرب المصائد" تواجه اسرائيل لأول مرة حرباً ضروساً بينها وبين مليشيات وليس بينها وبين جيش نظامي. ويقف حزب الله مباشرة في وجه اسرائيل تسانده خفية سوريا وتدعمه مالياً وعسكرياً دولة غير عربية وهي ايران فقط. ولو كان غير حزب الله الشيعي هو الذي يحارب اسرائيل لربما لم تقم ايران بدعمه على هذا النحو. ولو كان حزب الله ليس حليفاً لسوريا لما قامت سوريا بدعمه أيضاً. ومن هنا تعتبر "حرب المصائد" الحالية ليست حرباً محلية محدودة وليست حرباً عربية، ولكنها حرب إقليمية بكل امتياز.
-4-
بلدان عربيان اثنان سوف يتضرران من "حرب المصائد" هذه، هما: لبنان بالدرجة الأول، والعراق بالدرجة الثانية. أضرار لبنان جسيمة ولا حدود لها والجميع على يقين منها ومعرفة بها. وأما أضرار العراق فهي جسيمة كذلك، في حالة انتصر حزب الله. ونصره هنا، هو مجرد صموده وبقائه في الجنوب على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، وعدم نزع سلاحه، دون أن يضطر إلى استرجاع سنتيمتر واحد من الأرض المحتلة سابقاً ولاحقاً. كما أن أضرار العراق ستكون جسيمة كذلك، فيما لو انهزم حزب الله، وتم دفع مقاومته إلى ما وراء نهر الليطاني وتجريده من سلاحه واطلاق سراح الجنديين الإسرائيليين.. الخ.
فما هي أبرز أضرار العراق من انتصار حزب الله في "حرب المصائد"؟
1- اشتداد العمليات الارهابية التي يقوم بها المتمردون في العراق. إذ أن سوريا وإيران ستدفعان بمزيد من الانتحاريين الارهابيين إلى شوارع العرق لمقاومة المطاعم الشعبية والباصات ورجال الشرطة والجيش العراقي، ومقاومة وقتل الصحافيين والأطباء وأعضاء البرلمان والحكومة العراقية.. الخ.
2- رفض الارهابيين لكل نداءات المصالحة الوطنية، ومنها مشروع المصالحة الذي طرحه نوري المالكي.
3- الضغط على أعضاء الحكومة من سنة العراق بالخروج من الحكومة، وربما الخروج من البرلمان كذلك.
4- سوف يزيد ضغط الرأي العام الأمريكي على الإدارة الأمريكية للانسحاب الأمريكي من المشهد العراقي عسكرياً وسياسياً وترك العراقيين لمصيرهم مع الإرهاب السوري الإيراني.
5- ونتيجة لعدم وجود نخب سياسية عراقية ذات مستوى رفيع، وعلى مستوى كبير من التضحية وحب الوطن والعمل لصالحه، وانتشار الفوضى في البلاد، فإنه من المتوقع أن يقوم الجيش العراقي بانقلاب عسكري يؤدي إما إلى اعادة حزب البعث إلى الحكم واعدام كل زعماء الأحزاب السياسية التي شاركت في الحكم منذ عام 2003 إلى الآن، وإما حكم العراق من جديد حكماً ديكتاتورياً جديداً أشبه بحكم صدام حسين وربما أكثر قسوة منه.
-5-
أما أضرار العراق من هزيمة حزب الله في "حرب المصائد" فتنحصر فيما يلي:
1- تدفق المزيد من الارهابيين على العراق من منطقة الخليج حيث يسيطر على أغلبية الشارع الخليجي أتباع "الصحوة" الدينية الذين يتوقون إلى "الجهاد" ضد الأمريكيين في العراق. وهذا مما سوف يزيد المأساة العراقية حدة وبؤساً وألماً. وهذا التدفق سيكون شعاره بالدرجة الأولى الانتقام لهزيمة حزب الله. وكنا قد شاهدنا كيف أن الارهابيين انتقموا لمقتل الزرقاوي بمزيد من السيارات المفخخة واستهداف المزيد من المدنيين الأبرياء.
2- مما لا شك فيه بأن شيعة العراق الموالين للوجود الأمريكي في العراق، سيتخذون موقفاً متشدداً إن لم يكن عصبياً من الوجود العسكري الأمريكي، وربما انضموا إلى جماهير السنة في مقاومة الوجود العسكري الأمريكي.
3- ومن خلال ذلك سوف تواجه حكومة نوري المالكي صعوبات جمة في البقاء في الحكم، وربما تضطر إلى الاستقالة في نهاية الأمر، والدعوة إلى انتخابات مبكرة مما سيعيد العراق بعد ذلك إلى المربع الأول والشقاء الأول والألم الأول. وفي ذلك الجحيم كل الجحيم.