لبنان: اجراس الحرب لم تقرع من قبل!!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
مقاربة عراقية لمصير مشترك
الحرب المفاجئة
هذه حرب طاحنة جديدة من الحروب التي يمكنني ان اسميها بـ"المفاجئة".. هذه حرب ستّغير معادلات عدة في منطقة الشرق الاوسط.. هذه حرب "لا معنى لها"، لأنها ستؤذي اكثر بكثير مما تنفع.. هذه حرب اشعلها سبب مباشر تافه، ولكنها تحمل من ورائها عدة اسباب حقيقية وجوهرية لا تقتصر على صراع المباغتة بين اسرائيل وحزب الله ـ كما يسمونها اليوم ـ، ولكنها بين بعض دول الاقليم وباساليب غير مباشرة، وعلى ارض لبنانية وتنفّذ ضد حزب الله الذي وصلت درجة الاحتقان عنده الى حد لم يعد يطيق البقاء من دون ان يجد له مخرجا مهما كانت النتائج خائبة وكارثية! نعم، لا يمكن لمؤرخ هذه الاحداث وهذه "الحرب" بعد عشرات او مئات السنين ليقول بمنتهى السذاجة: أن اسر جنديين اسرائيليين كان السبب في اندلاع هكذا حرب ظالمة غير متكافئة ابدا! ولا مجال للانكار ان اللبنانيين قد انقسموا ازاءها.. كذلك انقسم العرب كالعادة فهناك من وقف ضد هذه الحرب.. وهناك طبعا من يقف معها، بل ونقرأ لغة ردح وشتائم لهذا الطرف او ذاك.. ان من يقف ضد هذه الحرب يشعر بثقل وطأتها وخواء معانيها ومخاطر نتائجها.. اما من يقف معها فهو مصّر على العزة والكرامة! ان الصور المأساوية التي وصلتنا عن ابرياء ذهبوا طعاما لهذه الحرب الهوجاء تعلمنا عن ردود فعل قاسية ازاء كل من ساهم في ايقاد جذوة سلسلة هذا الصراع ولم يزل يمعن في سحق لبنان الذي فوجئ العالم كله بهذه الحرب السقيمة من دون ان تقرع الاجراس!!
الاسباب الحقيقية:
لقد كان اغتيال ولي عهد النمسا سببا مباشرا لاندلاع الحرب العالمية الاولى التي ذهب ضحيتها الالاف من البشر، ولكن الاسباب الفعلية كانت وصول حالة الصدام والاحتقان بين قوى الصراع الى الدرجة التي جعلت حدثا بسيطا سببا لاشتعال الشرارة وبقائها اربع سنوات نتج عنها ولادة نظام دولي وتقسيم العالم! المشكلة ان اسرائيل اليوم تنفرد بلبنان لتجعله ساحة لتصفية حسابات اقليمية وعربية واسلامية.. والمشكلة ان القوى الاقليمية قد جعلت من لبنان سنّارة تصطاد بها في بركة المياه العكرة التي لا نعرف فيها من يتحرك! والمشكلة الاخرى ان سمات الحروب الجديدة في المنطقة لها علاقتها المباشرة بصراع ما سمي بـ"صدام الحضارات"، خصوصا عندما نعلم بأن الصراع ضد اسرائيل قد انتقل تاريخيا من صراع عربي صهيوني الى صراع فلسطيني اسرائيلي الى صراع اسلامي يهودي واخيرا صراع اوليغاري اقليمي..
السؤال: لماذا لبنان يا اسرائيل؟
اذا كنت عدوة لدودة لكل من ايران وسوريا.. فلماذا لا تواجهين كلا منهما على انفراد او كلتيهما مجتمعتين؟ اذا كنت مصّرة يا اسرائيل على عدائك الموهوم لكّل من سوريا وايران.. فما ذنب لبنان تسحقينه؟ واذا كنت ضد حزب الله المتمركز في الجنوب، فلماذا تسحقين كل مصالح لبنان الحيوية؟ اذا تلاقت مصالح اسرائيل مع مصالح الاخرين ضد لبنان.. فلماذا يعتبر الاخرون صمام أمان لاسرائيل؟ ولماذا لا يدفع الثمن الا لبنان؟ واعتقد ان اسرائيل ذكية بما فيه الكفاية وهي تعرف جيدا مصادر اسلحة حزب الله.. هل اهديت الصواريخ الى حزب الله من السماء؟ الم تصل عبر قنوات ودول؟ اذا كانت الاسلحة ايرانية والصواريخ ايرانية.. واذا كان الرئيس الايراني يهدد اسرائيل كل يوم، بل ويعلن للعالم كله عن مسحها من الوجود.. فما ذنب لبنان يقتل؟ وما ذنب اهله يقتّلون ويشردون من ديارهم؟ اذا كانت الحكومة اللبنانية لا تعرف ابدا ما الذي يجري على اراضيها.. باعتراف كبار مسؤوليها، فلماذا يعاقب لبنان كله؟
وقفة عند حزب الله..
حزب الله هو حزب عقائدي ملتزم بافكاره وواضح في شعاراته ويعتمد على ابناء الجنوب اللبناني في اغلب تكويناته العسكرية.. لقد بنى علاقات قوية له مع كل من ايران وسوريا على حساب كل من يخالفهما الاتجاه الذي يسيران عليه منذ بعيد الثورة الايرانية حتى اليوم.. بل ويعتبره كل الدارسين والمراقبين واحدا من واجهات ايران الاقليمية في قلب المنطقة العربية عندما وجد نفسه مؤيدا للنظام السوري الحالي ومعارضا للنظام العراقي السابق بسبب التوجهات الاساسية للثورة الايرانية للامام الراحل آية الله الخميني، خصوصا وانه نتاج الحرب العراقية ـ الايرانية! او بالاحرى انه نتاج تصدير الثورة الاسلامية في ايران للمشرق العربي وبجهود كبيرة لمؤسسه السيد حسين فضل الله ، وهو من فضلاء علماء الشيعة في لبنان، ويتمتع الرجل بثقافة خصبة ورؤية ثاقبة ومصداقية ثابتة لم يتمتع بها غيره.
واذا كان حزب الله قد نجح في ان يؤسس له ركائز قوية في لبنان، فلقد اخفق حزب الدعوة الاسلامية في العراق ان يجد له ارضا يتحرك عليها بفعل استئصاله وبفعل رجعي من قبل نظام صدام حسين سابقا.. لقد تنامى حزب الله في لبنان نموا سريعا نظرا لقوة ما يحمله من قيم ومبادئ كان الشيعة في لبنان يتلهفون ان يكتشفوا انفسهم من خلالها، وان حزبه ملتصق بالافكار التي تنادي بها الجمهورية الاسلامية في ايران.. فضلا عن انكماش حزب امل على نفسه وبقي الصراع بينهما طويلا الى ان ترسّخ حزب الله على الساحة اللبنانية ميدانيا بالدعم السياسي والاعلامي واللوجستي الايراني.. واليوم، وبعد ان شوهّت صورة هذا الحزب باعتباره حزبا ارهابيا وخصوصا من قبل الدعاية الاسرائيلية.. كسب شعبية واسعة لدى الشارع العربي وخصوصا في انتصاره الذي حقّقه في تحرير جنوب لبنان من الهيمنة الاسرائيلية.
السيّد حسن نصر الله: رؤية للتاريخ
وعليه، فان حزب الله لا ينكر ولا يتنّكر لهكذا علاقة ويوما بعد آخر نجح حزب الله في ان يفرض نفسه من خلال القيادة الشابة التي تمتع بها السيد حسن نصر الله، وما لها من كاريزما سياسية اكثر منها دينية تبلورت في وسط لبناني مشّبع بالقيم الشيعية التي تستمد قوتها من الامام الحسين (ع) ومن مقاتل الطالبيين.. ويبدو واضحا ان تكوين هذا القائد الشاب السيد حسن نصر الله مزيج من التعلم وقوة الارادة والالام والاعتزاز بامجاد آل البيت ومعرفة سيرهم وتاريخ آلامهم.. فضلا عن الكره المقيت الذي يحمله ضد اسرائيل وما كانت قد فعلته على امتداد خمسين سنة بالعرب فلسطينيين وغير فلسطينيين!! ولقد تبلور ولاء الاخوة الشيعة في لبنان وخصوصا في الجنوب له ليغدو اشبه بـ " الاسطورة " ـ كما قيل ـ وهو يحرر الجنوب من براثن المحتل الاسرائيلي، وكان قد خسر احد ابنائه في واحدة من العمليات ضد اسرائيل، فكسب ليس شعبية واسعة بين الجماهير، بل استطاع ان يفرض هيمنته على الواقع السياسي اللبناني من دون ان تقف القوى السياسية اللبنانية منه موقف المعارضة ابدا بسبب المشروعية التي كسبها في حربه ضد اسرائيل.. بل ووصل الامر الى ان الحكومة اللبنانية باتت تخشى سطوته.. علما بأن بعض القوى السياسية اللبنانية لم تقبل بوجوده اساسا نظرا لما يمثّله من علاقات اقليمية وخدمة مصالحها في لبنان بشكل خاص والمنطقة بشكل عام.
ان حزب الله في لبنان وبقيادة السيد نصر الله، يخالف كل السياسات العربية قاطبة باستثناء سياسة سوريا.. وحتى النظام العراقي الجديد لم يجد حزب الله له فرصة يلتقي فيها معه. وعليه، فان منطلقاته وشعاراته لم تجد لها اصداء عربية في النظام العربي.. والسبب واضح تمام الوضوح، انه كما يوصف رجل ايران في لبنان، وهذه حقيقة لا يختلف حولها اثنان. ان الحزب لولا ايران لما استطاع ان يخلق نفسه ابدا.. وان الولاء واضح تمام الوضوح ولا ينكره أحد. ان خطاب السيد نصر الله موجّه بشكل اساسي ضد اسرائيل وضد سياسات الولايات المتحدة الامريكية.. وهو يتعاطف بشكل كبير جدا مع منظمة حماس الفلسطينية.. اما موقفه من العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، فلقد ادانه العراقيون كونه لم يقف ابدا مع العراق الجديد ومع آلام العراقيين لاسباب سياسية!
حربا العراق ولبنان
صراع اليوم لم تنشب نيرانه لاسباب تافهة كالتي اعلن عنها.. ولكنها اسباب شاركت فيها الدعايات والشعارات والتي تبلورت عنها مواقف صعبة.. وحقنتها الاوضاع السياسية الخارجية السيئة التي تمر بها ايران مع العالم ناهيكم عن تداعيات الخروج السوري من لبنان وقبله، وما سببه من بغض ومرارات عقب الاحداث المأساوية التي حفلت لبنان بها عندما ودّعت عددا من ابرز قادتها واعلامييها المتميزين بسيارات مفخخة لم يزل البحث جاريا عن الجناة الحقيقيين.. ومن ثم تحولات لبنان الجوهرية من مراكز قوى سياسية وطائفية الى حركة ديمقراطية لكل الاطياف المؤتلفة وطنيا خصوصا مع تدويل احداث المنطقة.. ان حرب لبنان اليوم في 2006 هي احدى نتائج حرب العراق امس في 2003.. وهذا ما يتلمسه كل من ينظر لسلسلة الاحداث وترابطها مع بعضها البعض بافق واسع..
واقول للتاريخ، ان ثمة حرب قادمة اخرى بعد ان تضع هذه الحرب اوزارها.. انني اعتقد ان حرب العراق قد اسقطت دولة ونظام عام 2003، وان هذه الحرب ستحجّم دولة ونظام عام 2006.. وستلحق بها حرب او حروب اخرى من اجل تغيير المنطقة بالقوة! ان كانت حرب العراق قد دامت ثلاثة اسابيع، فربما تطول حرب لبنان زمنا اكبر.. ومن العجيب ان حرب العراق دولية في حين ان حرب لبنان اقليمية. ان حرب العراق ضد نظام دولة وان حرب لبنان ضد نظام حزب وضد ميليشياته.. ان حرب العراق كانت متوقعة وقد استعد لها العالم، اما هذه الحرب، فلقد اندلعت من دون أي سابق انذار باستثناء الانذار السريع الذي اطلقه ايهود اولمرت والتي هدّد فيه بسحق لبنان وارجاعه لعشرين سنة الى الوراء ان لم يتسلم الاسيرين!
ان السبب غير المباشر في حرب العراق تمثّل بنزع اسلحة العراق وسحق بنيته الاساسية، اما السبب المباشر في حرب لبنان ـ كما اعتقد ـ فيتمثل بنزع اسلحة حزب الله وسحق بنيته الاساسية.. وبقدر ما كانت حرب العراق قاسية في تدمير البنية الحيوية العراقية، فلقد اتبعت اسرائيل الاسلوب نفسه في ضرب البنية الحيوية اللبنانية.. وبقدر ما وجدت حرب العراق لها انصارا واشياعا بقدر ما وجدت لها معارضين ومتظاهرين في الشوارع .. كذلك لبنان هناك انصار واشياع لهذه الحرب التي وصفتها راغدة درغام بالحرب " الخائبة " التي اقحم فيها لبنان بقرارات محلية واقليمية.. هناك كما نعلم جماهير واسعة من الرافضين لها رفضا قاطعا ولا يقبلون ايا من اسبابها وايا من تبريرات من اشعلها في مثل هذا الوقت.. واقحم لبنان كله فيها.. وبقدر ما ينفي البعض أي دور اقليمي لكل من ايران وسوريا في اشعال هذه الحرب، فهذا يعد من قبيل الهذيان، ذلك لأن السياسة الاعلامية متلاقية بين كل من الطرفين وحزب الله.
من ينقذ لبنان اليوم؟
السؤال الحقيقي اليوم: من ينقذ لبنان من ورطة هذه الحرب اللئيمة؟ هل تنفع كل الخطابات والشعارات والكلام المعسول وآيات التمجيد والمفاخرات التي يطلقها اولئك الذين لا يدركون ما الحرب؟ ولا يفهمون ما نتائج الحرب؟ ولا يفقهون ما الذي ستقود اليه هكذا حرب؟ يقولون بأن هذه الحرب وّحدت لبنان ازاء اسرائيل؟ ومتى كان اللبنانيون منقسمين ازاء اسرائيل منذ الاجتياح الاسرائيلي لهم حتى اليوم؟ يقولون: لقد اصبح حزب الله رمزا تاريخيا في كل الامة؟ ومن قال ان الرموز مقدّسة لا تخطئ اخطاء جسيمة؟ ومن قال انها معصومة من الاخطاء؟ يقولون بأن حزب الله اليوم يمّثل ارادة الامة العربية ـ على حد تعبير الاخ جورج ناصيف ـ، ولكن هل هذه هي حقيقة ثابتة ستبقى بعد تلاشي العواطف وبعد ان تضع الحرب اوزارها وينتبه اللبنانيون والعرب في المنطقة الى هول النتائج التي سيحصدونها؟ لا يمكننا ابدا ان نحكم على هذه الحرب من خلال افتراضنا لانتصارات وهمية بقدر ما يمكننا معرفته: ما الاهداف الحقيقية التي يسعى اليها العدوان الاسرائيلي بمثل هذا الحجم من القسوة على لبنان واللبنانيين؟
حرب لبنان وطبيعة الصراع
لقد تنوعت صراعاتنا العربية مع اسرائيل على امتداد خمسين سنة.. وفي كل حرب يخوضها العرب يجعلون من انفسهم جهابذة حرب وانهم يعلنون عن انتصاراتهم قبل ان تحل بنا الفجائع والكوارث.. او يعلنون عن سقوط مدنهم قبل سقوطها.. وفي كل مرة تكون الاثمان غالية جدا.. وفي كل مرة نعلن عن انتصارات ولا نعترف بالهزائم.. بل حتى التاريخ يزيفونه ليجعلوا من انفسهم ابطالا.. ويرفضون تسمية عناصرها بالميليشيات من دون ان يتعلّم احدهم من الاخر ما معنى هذه وما معنى تلك؟ ان حرب لبنان اليوم قد جاءت لبدء مشروع جديد ربما لم يتضّح بعد، ولكنه بالتأكيد سيعيد ترتيب الاوراق على الطاولة من جديد.. بل وان هذه الحرب التي سيدفع كل من اللبنانيين ثمنها القاسي ، وان أول المتأثّرين بها هم العراقيون الذين لم تزل بلادهم تعيش مخاضا ملتهبا من التحولات.. ستستفيد منها دول في الاقليم على نحو معين.. وسيعاد توزيع الادوار من جديد على ركائز جديدة وضمن متغيرات جديدة تصلح على امتداد اربع سنوات قادمة.. انني كما كنت قد اعلنت سابقا ضد هذه الحرب اللعينة وضد توقيتها وضد ترتيباتها وضد مبررات اصحابها.. ولكنني اعترف ـ والحق يقال ـ بأن جند حزب الله قد ابلوا بلاء حسنا في المعركة وخصوصا عند الحدود مع الجليل الاعلى ضد الجيش الاسرائيلي وخصوصا مقاومتهم البطولية عند قريتي مروحين ومارون الراس.. ولكن الى متى سيواجه هؤلاء العّزل من اية حماية جوية او أي خطوط رجعة او أي حماية في الوراء؟ ما نفع الانفاق التي يختبئون فيها.. والتي كشفتها اسرائيل والتي تعمل الان على تفجيرها بمن فيها؟ وهذا انتحار حقيقي نخشى على الناس الابرياء من قسوة العدوان من دون أي نتائج..
متى تضع حرب لبنان اوزارها؟
ان حرب لبنان اليوم ستبقى مشتعلة لزمن معين لا تفعل الامم المتحدة شيئا ازاءها ولقد مضى قرابة اسبوعين من دون ان يصدر أي قرار دولي من الامم المتحدة او مجلس الامن على غرار ما يحدث في حروب اخرى! مشكلة لبنان اليوم معقدة جدا، فاذا كانت الحرب مبررة من قبل اللبنانيين كلهم، فاين دور الجيش اللبناني في الدفاع عن تراب البلاد؟ وهل السيادة اللبنانية بيد دولة ام بيد حزب؟ لأن مفهوم السيادة يقضي بأن تكون السيادة لطرف واحد ـ كما يكتب بعض الاخوة من لبنان ـ.. وان أي طرف آخر يتبنى السيادة من دون الدولة فهو استهتار بسيادة الدولة ـ على حد تعبيرهم ـ.. انني اعتقد ان اللبنانيين منقسمون اليوم الى قسمين، ولكن كل من الطرفين امام خيارين احلاهما مر علما بأن الطرفين يؤمنان ايمانا عميقا بالذي تفعله اسرائيل وما يمكنها ان تفعله. وكما هو انقسام لبنان كذلك العرب قد انقسموا على انفسهم ازاء الحرب في لبنان ومبرراتها خصوصا..
السؤال الذي يطرح نفسه الان والمطلوب من الاخوة اللبنانيين الاجابة عليه: هل يقبل اللبنانيون جميعهم مبررات حزب الله في هذه الحرب؟ ومن قبل هذا وذاك هل يقبلون بمشروعية حزب الله داخل لبنان؟ سواء قبل الحرب وبعدها؟ لو سئل أي مواطن سوري او أي مواطن ايراني عن قبولهما لأي حزب له ميليشياته للعمل من فوق ترابه بعيدا عن الدولة وسيادتها لرفض ذلك الامر رفضا قاطعا.. فلماذا يصّر اللبنانيون على مشروعية حزب الله وميليشياته؟
لقد قرأت جملة من المقالات التي كتبها كتاب لبنانيون منذ اندلاع الحرب حتى اليوم، فوجدت تفاوتا في الرأي بين ثلاث مستويات: رأي راح يؤيد حزب الله في الخفاء والعلن عما فعله ضد اسرائيل مسببا هذه الحرب وقابلا تبريراته، باعتبارها حربا اسرائيلية ضد لبنان والعروبة والاسلام.. ويتوجب الاصطفاف للمقاومة ضد اسرائيل.. ورأي راح يرفض كل حزب الله وما فعله جملة وتفصيلا.. بل ذهب هذا الرأي ليحاسب حزب الله على ما اقترفه بحق لبنان.. وطبعا كالعادة تكال ضد هذا "الرأي" مختلف الاتهامات بالعمالة والخيانة للصهيونية والاستعمار.. وهلم جرا ورأي ثالث ضائع بين الطريقين ولا يعرف ماذا يقول؟ وبقي يلوك الكلام ولا يعّبر عن رأيه الصريح بشجاعة كي لا يحسب على اللا شرعية او لا يحسب عميلا للصهيونية! وهنا اكاد اجد مقاربة مشابهة لما حصل في العراق ايضا منذ العام 2003 حتى اليوم، فمن يؤيد حرب العراق يتهم بالعمالة واللاوطنية ومن يقف ضد الحرب يتهم بالاصطفاف مع صدام حسين.. ومن يضيع بين الرأيين لا تأخذ منه حق ولا باطل!
وأخيرا، دعوني اقول
أتمنى ان تنتهي هذه الحرب بأسرع ما يمكن كي يتخلص لبنان من مواجهته قساوة الحرب وان لا تمتد اسرائيل برا نحو الليطاني وان لا تمتد تداعيات الحرب الى كل المنطقة.. واتمنى ان يكون للولايات المتحدة الان دور في ايقاف هذه الحرب التي ستكلف المنطقة كثيرا.. على كل الاطراف العربية ان تنادي وتعمل على ايقاف الحرب.. وعلى كل من يؤيد هذه الحرب ان يتوقف عن التصفيق لهذا السعير.. التوقف عن هوس العظمة والمفاخرات.. التوقف عن لغة الردح والشتائم.. فالكل مبحرون نحو المجهول الصعب، فاذا لم نكن عقلاء في صنع لحظة تاريخية مشتركة، فكيف بنا سنواجه جميعا مصائرنا القادمة؟
www.sayyaraljamil.com