كتَّاب إيلاف

لبنان الجميل الحيطة المايلة لإسرائيل والقومجية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كنت ومازلت أحلم بزيارة لبنان البلد الجميل، أجمل بلاد الشرق الأوسط، حيث تستمتع بشواطئه الجميلة وشعبه البشوش المضياف والمتحضر، وتستمتع بالأكلات اللبنانية والمزات اللذيذة، وتستمع إلى لهجة البنات اللبنانيات المحببة إلى النفس.
ولبنان كان ولا يزال نموذجا للبلد المفتوح سواء كنت ناسكا أم فاسقا فطلبك موجود وحسابك عند الله. ولبنان هو المعادل الموضوعى والثقافى والحضارى لإسرائيل فى المنطقة (بإستثناء القوة العسكرية)، لأن الشعب اللبنانى بطبيعته شعب مرح يحب الحياه ويكره الموت.
ودائما كنت أتساءل عن سر هذا البلد الصغير والجميل، ما هو سر حيوية لبنان، السر هو فى أهل لبنان وإختلاطهم بالعالم حولهم من أيام الفينيقيين ومن قديم الأزل وهم منفتحون على العالم بدون عقد وتجد فى بيروت يعيش المسلم مع المارونى مع الشيعى مع الأرمنى مع الألبانى مع الدرزى مع العلوى، وقدم لبنان للعالم العربى نجوما كثيرة فى عالم الفن والثقافة وقد إستطاع فنانو لبنان أن ينصهروا إنصهارا جميلا مع الفن المصرى وعندما شاهدت صباح لأول مرة فى طفولتى لم أتخيل أنها ليست مصرية، وحتى اليوم تسمع (نانسى عجرم) وهى تغنى (أطبطب وأدلع) تعتقد بأنها مصرية من حوارى حى السيدة زينب.
والشعب اللبنانى بطبيعته شعب محب للسلام لذلك لم يكن طرفا حقيقيا فى المواجهة مع إسرائيل، لذلك لم يهتم لبنان ببناء قوة عسكرية تتناسب مع قوته الإقتصادية والحضارية، وأصبح لبنان أشبه بالحمل الوديع وسط غابة من الذئاب، وأصبح "الحيطة المايلة" للقومجية من العرب والمتأسلمين وإسرائيل، ولبنان الذى فتح صدره للاجئين الفلسطينيين من عام 1948 وحتى اليوم لم ينل الشكر الواجب، بل على العكس كان نصيبه التآمر سواء التآمر الرسمى فى أروقة الجامعة العربية أو التآمر المخابراتى سواء من مخابرات (عبد الناصر) أو من مخابرات (الأسد) أو غيرها من أجهزة المخابرات.

و"الحيطة المايلة" يستطيع كل من هب ودب تخطيها، وعلى سبيل المثال: عندما رفض الملك حسين (مثل أى زعيم محترم) تواجد الميليشيا ت الفلسطسنية فى الأردن وقضى عليهم فيما أطلق عليه القومجية بأيول "الأسود"، لم يكن هناك "حيطة مايلة" يمكن تخطيها سوى (لبنان) لذلك تم إرسال الميليشيات الفلسطينية المسلحة إلى جنوب لبنان بقرار تآمرى من الجامعة العربية، والتى لم تستطع أن تفرض هذا الوجود العسكرى الفلسطينى على مصر أو سوريا أو الإردن.

وتعاظم الوجود العسكرى الفلسطينى فى لبنان ولم يقتصر على الحدود مع إسرائيل ولكنه إمتد حتى بيروت ومعسكرات الللاجئين، وأصبح هذا الوجود العسكرى يشكل تهديدا لسيادة الدولة اللبنانية، وأدى إلى نشوب الحرب الأهلية اللبنانية وما أعقبه من الإحتلال السورى فى لبنان والغزو الإسرائيلى للبنان، وبعد طرد فتح من "أرض فتح" فى الجنوب اللبنانى تزامن هذا مع تعاظم دور الثورة الإيرانية فى جنوب لبنان وبذلك تدخلت إيران بحصان طروادة (شيعى) "حزب الله" لملء فراغ السلطة بعد الرحيل الفلسطينى من جنوب لبنان إلى تونس، وتخطى (حصان طروادة) "الحيطة المايلة" بسهولة وإستعمر جنوب لبنان وأصبح دولة داخل الدولة.

وصدق القومجية والمتأسلمين بأن إسرائيل قد إنسحبت عام 2000 من جنوب لبنان من طرف واحد وذلك خوفا من صواريخ "حزب الله"، حتى أن "حزب الله" أنفسهم قد صدقوا بأن فى إستطاعتهم القضاء على إسرائيل، ولم يكن هناك أى مبرر لإستمرار ميليشيا حزب الله وخاصة بعد أن أصبح حزبا سياسيا، وكان من المفروض والمنطقى أن يتولى الجيش البنانى مسئولية الدفاع عن لبنان، والذين يتحدثون عن "مزارع شبعا" (مسمار جحا)، أتحداهم أن يحددوا مكانها على الخريطة، وأنا شخصيا لا أعرف مكانها على الخريطة، ولكنى أعرف أنها ربما تكون مناطق سورية، والحل لمزارع شبعا هو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، مثلما فعلت مصر عندما رفضت إسرائيل الإنسحاب من (طابا) فلجأت مصر إلى محكمة العدل الدولية وكسبت القضية وإحترمت إسرائيل قرار المحكمة الدولية وأعادت (طابا) إلى مصر. لذلك أقترح على سوريا أو لبنان اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.

ولما خطفت ميليشيات حماس الجندى الإسرائيلى "شليط" قالت ميليشيات "حزب الله": إذا كانت حماس خطفت واحد فإحنا أجدع" وقاموا بخطف إثنين، وهم يعرفون تماما أن إسرائيل مغرمة بالعدوان والإنتقام، ومرة أخرى كانت لبنان "الحيطة المايلة" لإسرائيل، فبدلا من أن تقصر إسرائيل "عدوانها" على قواعد ميليشيات حزب الله، فقامت بضرب كل ما تستطيع طائراتها أن تجده فقامت بضرب وإغلاق مطار بيروت، وقامت بعمل حصار برى وبحرى وجوى عى لبنان، وكأن لبنان هو الرايخ الثالث، وبالرغم من أن إسرائيل إعلنت مرارا أن حزب الله لا يتصرف فى مسائل مثل هذه بدون أخذ تعليمات أو على الأقل الضوء الأخضر من إيران وسوريا، إلا أن إسرائيل بدلا من أن تقصر إنتقامها على سوريا وإيران قامت بضرب لبنان، حتى أن هناك مصنع ألبان كبير فى سهل البقاع تم تدميره لمجرد أنه لبنانى، والحقيقة أن الغطرسة الإسرائيلية وعربدة سلاح الجو الإسرائيلى ما كان لها ان تستمر إلى هذه الدرجة من القسوة واللامبالاة بخسائر أرواح المدنيين اللبنانيين بدون أن يعطى الغرب ظهره لهذا العدوان، وإذا كانت إسرائيل وأمريكا تدعيان أنهما إنما يحاربان الإرهاب فأننى أقول لهما: "أبشر بطول سلامة يا إرهاب"، لأن هذا النوع من العدوان الإسرائيلى والتأييد الأمريكى "عمال على بطال" إنما بمثابة الوقود اللازم لإستمرار وتأجج ثقافة الكراهية والتى هى المحرض الرئيسى على أعمال الإرهاب فى العالم كله. وأقول لإسرائيل وأمريكا نصيحة لوجه الله،أنه إذا لم إستمرت إسرائيل فى تبنى سياسة الإنتقام والعقاب الجماعى إعتمادا على ضعف لبنان أو الفلسطينيين أو العرب عموما، فأبشرهم بأنهم يقتلون كل دعاة السلام فى المنطقة واليوم يقف كل فقهاء الإرهاب على أعلى المنابر يجندون الآلاف من الشباب الذى سوف يفجر نفسه فى أقرب فرصة، واليوم تطلق ميليشيات حزب الله وحماس صواريخ غير مؤثرة عمليا، مين عارف ماذا سيصنع أطفال حزب الله وحماس فى المستقبل عندما تتوفر لهم كل أنواع التكنولوجيا، وأطنهم فى إسرائيل أثبتوا خطأ نظرية "نيوتن" فى الميكانيكا فى أن: "لكل فعل له رد فعل مساوله فى القيمة ومضاد له فى الإتجاه".

samybehiri@aol.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف