الإناء بما فيه ينضح: ردا على مقال د. نجم عبدالكريم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إن الزرازير إن طار طائرها توهمت أنها صارت شواهينا (شاعر عربي).
نشر نجم عبدالكريم في إيلاف يوم 29/7/2006 (أما آن لهذه العاهات الصوتية أن تلعق التراب وتخرس؟! )2006 مقالة شتائمية يندى لها الجبين، تهجم فيها على الكتاب الليبراليين وركز على إثنين منهم أكثر من غيرهما وهما، الدكتور عزيز الحاج وكاتب هذه السطور، ودون أن يتمتع بشجاعة كافية ليذكر الأسماء. وكانت المقالة، إنْ جاز لنا أن نسميها مقالة، عبارة عن سيل من السباب والشتائم البذيئة، خالية من أية فكرة، بحيث أثبت الكاتب أنه بزَّ فيها جميع الشتامين ومحترفي قواميس البذاءات في التاريخ. وعلى سبيل المثال، لا الحصر، أقتبس مقطعاً واحداً فقط من هذه البذاءات لأثبت صحة ما أقول، فهي قطعة "أدبية" بامتياز في البذاءة وتكشف عقد الكاتب النفسية، فكما قيل: "الإناء بما فيه ينضح"، إذ يقول الكاتب: ".. ولكن استفزازات عثة حشرات الكتابة الصادرة عن عقولٍ نخرة، مكدّسة بجيَف فاحت بَخرَتها، حتى غدت لتُسقط الطيور المُحلّقة في الفضاء!!.. هي التي دفعت بي كي أخطّ سطوراً اصطبغت بألفاظٍ لم أتعمّد اختيارها ـ والله ـ لكنها فرضت نفسها لمواءمتها مع مخصيي الفكر من هؤلاء، ممن قد انتهت صلاحيتهم منذ عقودٍ طويلة، لكنهم يفرضون بثقلٍ ممجوجٍ وجودهم ليكتبوا كلماتٍ شبعت تكراراً تحمل أفكاراً اهترأت!!.. بدوافع من نفوسهم المهشّمة، وعقولهم المختلّة والمعتلّة بشتى الأمراض!!.. أبسطها تلك (المازوخية) التي تجعلهم يطرحون أفكاراً ناشزة ومستفزة، كي يتلذذوا بردود الأفعال التي يمطرهم بها القراء، حيث باتوا لا يستشعرون بأهميتهم إلا بما يوجه إليهم من إهانات وسُباب وشتائم!!..". أنتهى الاقتباس، وكل المقال تقريباً من هذا القبيل.
عادة أتجنب الخوض في مناقشة الحمقى، وذلك عملاً بقول الإمام علي (ع): "لا تناقش الأحمق، إذ يصعب التمييز بينكما" ولكن عدد من الأصدقاء اتصلوا بي وألحوا عليَّ بتوضيح موقفي وإلا فهناك قراء بسطاء يمكن أن تمر عليهم اللعبة، ويصدقوا بما قاله هذا المريض النفسي. وأنا بدوري أتجنب استخدام الألفاظ النابية في المناقشات، ولكن نجم عبدالكريم هو الذي بدأ في استخدام أبشع الألفاظ البذيئة بحقنا، ألفاظ السوقة، أبناء شوارع بحيث أدانه عدد من القراء الشرفاء في تعقيباتهم على المقالة المذكورة، والبادي أظلم! في الحقيقة استغربت من الأخ محرر إيلاف للسماح بنشر هكذا شتائم بذريعة (حرية النشر والتعبير والتفكير) فنحن بدون شك مع هذه الحرية، ولكن أي فكر في مقال نجم عبدالكريم، غير البذاءات والكذب والهذيان؟ فهل هناك حرية الشتائم؟ ففي بريطانيا، قلعة الديمقراطية لا يسمح بمس كرامة الآخرين، وهناك محاكم وقوانين تحمي الناس من هكذا جناة يسيؤون حرية التعبير.
إن تلك المقالة أساءت كثيراً، ليس إلى سمعة الكاتب، فهو كما يبدو لا يهتم بسمعته، إذ يتصرف كبهلوان أو حنقباز أو بلطجي، وكما قال عنه الدكتور أحمد البغدادي: "كلام الدكتور نجم هذا يعد قمعا بشعا للرأي الاخر". كما علق آخر باسم (متابع) قائلاً: "أسلوبك وشكلك وطريقة كلامك تذكرني بخير الله طلفاح. لماذا على من يخالفك الرأي أن يلعق التراب ولا حجر!!؟". ولمن لم يسمع بخير الله طلفاح، أقول: فهو خال صدام حسين ومربيه وكان محافظاً لمحافظة بغداد. أما وظيفته الأصلية فكان معلم ابتدائية، وأدعى أنه مؤرخ عربي كبير، وكان سليط اللسان بذيئاً جداً واشتهر بقوله: أن الله أخطأ في خلق ثلاثة أشياء: "الذباب واليهود والفرس"... أقول أن نشر المقال الشتائمي هذا قد أساء إلى سمعة إيلاف التي نحن حريصون جداً عليها. إذ يحاول الكاتب كما يبدو، تحويل هذا المنبر الليبرالي الحر إلى موقع للمهاترات وتبادل الشتائم وتصفية حسابات. ولكننا، نحن الكتاب الليبراليين، أسمى من أن ننجر إلى هذا المستوى الهابط الذي يدعونا إليه نجم عبدالكريم. فنحن أمامنا مهمات كبرى، مصير شعوبنا العربية والإسلامية المبتلية بالتخلف والإرهاب ودعاته الظلاميين من أعداء الحياة وممجدي الموت والمشعوذين والدجالين والرجعيين، ومضللي الرأي العام. فنجم عبدالكريم هذا يحاول إلهاءنا عن مهماتنا الأساسية وإشغالنا بالمهاترات الشخصية وحروب دونكيشوتية.
وإذا كان الليبراليون هم فعلاً " مخصيي الفكر" كما يدعي الكاتب، فلماذا لجأ إلى شتمهم فقط دون أن يفند آراءهم وأقوالهم، فكرة بفكرة وحجة بحجة؟ ومن هنا نعرف أن "مخصي الفكر" هو نجم عبدالكريم نفسه، حيث أثبت أنه فارغ من أي فكر، فكما قال الشاعر العراقي معروف الرصافي: "كالطبل يكبر وهو خال أجوف" وكما قال إرنست همنغوي:" العربات الفارغة تعمل ضجيجاً عالياً.". وأنا بدوري، أتحداك يا نجم عبدالكريم لو استطعت تفنيد حتى ولو جملة واحدة من مقالاتنا وآرائنا فيما يخص المحنة اللبنانية والفلسطينية الأخيرة أو أية قضية أخرى طرقناها. إذ ليست لديك أية فكرة تفيد بها القضية العربية أو تضيف أي شيء نافع إلى ثقافة القارئ، من معرفة أو معلومة، لذا لجأت إلى الشتائم والبذاءات فقط. وصدق فكتور هيجو عندما قال: "الشجرة المثمرة وحدها التي يرمونها بالحجارة".
توقيت الهجوم
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا اختار نجم عبدالكريم هذا الوقت بالذات لشن بذاءاته على الكتاب الليبراليين الشرفاء وحدهم، خاصة وأنه قبل أيام نشر مقالة يؤيد فيها بحماس منقطع النظير، موقف الحكومة السعودية العقلاني من عملية حزب الله في خطف الجنديين الإسرائيليين وزج لبنان وربما المنطقة إلى محرقة رهيبة، حيث وصفها الناطق السعودي بـ "مغامرة غير محسوبة العواقب"؟ وبماذا يختلف موقفنا نحن الليبراليين عن الموقف السعودي العقلاني هذا من هذه المغامرة؟ ولماذا لهث نجم عبد الكريم في تأييد الموقف السعودي في مقال له بعنوان (هكذا تكلم عبد الله.. فأين أنتم؟!!.) جاء فيه: "في البداية أصدرت المملكة العربية السعودية بياناً أنحت فيه باللائمة على المغامرات غير المدروسة التي تجر لبنان إلى معركةٍ غير متكافئة ـ وهذا ما حدث بالفعل ـ وقد استغلت قناة الجزيرة ـ كعادتها ـ ذلك البيان لتتخذ منه وسيلةً لتأجيج المشاعر ضد المملكة وقيادتها في ظروفٍ حرجة.. وكانت (أي الجزيرة) وكأنها في عُرسٍ وهي تستجدي مشاهديها كي يتصلوا ليوجهوا النقد للقرار السعودي!!.. في الوقت الذي كان فيه المكتب التجاري الإسرائيلي في الدوحة يُبرم الصفقات التجارية للرساميل القطرية الإسرائيلية مستمراً في عمله!!..". أنتهى.
الأسباب الحقيقية وراء شتم الليبراليين
والسؤال الآخر الذي نود توجيهه إلى نجم عبدالكريم، ألا يتفق هذا الموقف السعودي العقلاني الذي أيدته بمنتهى الحماس، مع موقف الليبراليين الذي عاكسته بـ 180 درجة وشتمته بمنتهى الحماس أيضاً؟ فمن هو المتقلب يا "فيلسوف الزمان" وحامي حمى الأمة العربية؟ وما هي الأسباب التي دفعت الكاتب إلى تأييد الموقف السعودي ومعارضة موقف الليبراليين المشابه له؟ في رأينا هناك عدة أسباب وذلك كما يلي:
1-النفاق والتزلف للملكة العربية السعودية: فكما اقتبسنا مقطعاً آنف الذكر من مقالة نجم عبدالكريم التي أيد فيها بحرارة الموقف السعودي، وهو بذلك حاول التزلف للحكومة السعودية واعتقدَ أن مثل هذه المداهنات والرياء ستعبر على المسؤولين في المملكة، وبذلك يحقق له مغنماً شخصياً. ولكن وكما يبدو، أن تزلفه هذا قد انكشف للمسؤولين السعوديين ولم يهتموا به بل لم يأبهوا به، لذا غيّر موقفه.
2-تصفية حسابات مع الليبراليين: ولما وجد تزلفه للمملكة قوبل باحتقار شديد وذهب ادراج الرياح، حاول تغيير موقفه من حزب الله بـ 180 درجة كما بينا أعلاه، من مهاجم إلى مؤيد له، ولكن دون أن يستطيع نقد الموقف السعودي في هذه الحالة بطبيعة الحال، بل يجب أن يبحث عن حائط نصيص (واطئ) كما يقول العراقيون، أو الحيطة المايلة، كما يقول أخوتنا المصريون. وهل هناك أسهل من حائط الليبراليين، حيث أنهم عقلانيون ومؤدبون يمكن لكل جبان وحنقباز وبهلوان أن يبرز لهم عضلاته وعنترياته، لا لشيء إلا لأنهم متمسكون بالمنطق والعقلانية، فيمكن لكل سفيه أن يلقي عليهم بذاءاته!! ولكنه في هذه المرة، أخطأ عنتر زماننا الحساب، كما أخطأ المغامرون من أمثال صدام حسين ونصر الله حساباتهم. إذ لا يمكن أن نترك بذاءات نجم عبدالكريم أن تمر دون حساب وكشفه على حقيقته للقراء الكرام. فقد حفر جباً لأخيه ووقع فيه... الليبرالية لا تعني السكوت عن العدوان، بل فضحه ومحاربته.
3- موقف انتهازي لمسايرة الشارع العربي: كذلك غيَّر الكاتب موقفه مما يجري في لبنان من ناقد متهجم على حزب الله، إلى مؤيد متحمس له بعد بضعة أيام فقط، وذلك لمجاراة الشارع العربي الذي استفزته المجازر البشعة التي ارتكبها العدوان الإسرائيلي بحق المدنيين الأبرياء. فخاف نجم عبدالكريم على مصالحه، فاصطنع الغضب الزائف تألماً كاذباً على الضحايا وانتهزَ هذه الفرصة للتكفير عن ذنوبه، فليس هناك أسهل من الهجوم البذيء على الليبراليين لكسب الشارع العربي والتظاهر بالمدافع الصامد عن حقوق الأمة العربية ضد الصهاينة والمتصهينين وإعلان تأييده المفاجئ لحزب الله وبذلك يكون قد ضرب عدة عصافير بحجر واحد. ولكن مع كل هذا التغيير في الموقف، لن ينسى الكاتب وضع خط الرجعة، إذ يقول متحفظاً، ناصحاً القراء في نهاية مقاله: "الكلمات التي قرأتموها لا تعني أنني أُأيد كل ما يجري في الساحة من الأطراف اللبنانية بما فيها حزب الله.. ولكننا في مثل هذه الظروف، ونحن نرى المأساة تصيب هذه القطاعات الكبيرة من أبناء الشعب اللبناني.. أتمنى على الكتاب والمنظّرين إذا لم يكن بمقدورهم مناصرة الحق.. فليلعقوا التراب ويخرسوا!!.. فهل هناك أكثر صفاقة ووضاعة من هذا الصفيق الوضيع الذي تجرأ بمنتهى الرعونة والحقارة الإعتداء على كرامة الكتاب ليقول لهم: ".. على الكتاب والمنظّرين.. أن يلعقوا التراب ويخرسوا!!". فهذا الصفيق يدعي أنه وحده مع الحق وما على البقية إلا أن يلعقوا التراب.. وهكذا الذكاء والشطارة والبهلوانيات وإلا فلا! ونحن نقول للكاتب صاحب العنتريات، سوف ترى من الذي سيلعق التراب وأكثر(...)!!!
4-لدفع حزب الله نحو الهاوية: لم نعرف من قبل أن نجم عبدالكريم كان مؤيداً لسياسات حزب الله أو حماس، كما هو واضح من مقاله (هكذا تكلم عبدالله). فما الذي غير رأيه؟ في رأيينا، إضافة إلى الأسباب أعلاه، فهو ضمن بقية الجوقة العربية المشجعة لحزب الله في تضخيم قوته كذباً من أجل تشجيعه للتمادي في مغامرته غير المحسوبة والسير حثيثاً نحو الهاوية، وبالتالي يمكن لإسرائيل وحدها، القوة العظمى في المنطقة بلا منازع، أن تقضي على هذا الحزب الشيعي "الرافضي" الذي يحاول ابتلاع الدولة اللبنانية ويخدم "الفرس المجوس". وبذلك يستخدم هؤلاء الشر الإسرائيلي للقضاء على شر حزب الله ، كما يعتقدون، وفي نفس الوقت يكسبون رضا الشارع العربي الذي تسيّره العواطف وليس العقل حيث يتظاهرون بالتأييد لحزب الله.
والسؤال الآخر:
لماذا ركز نجم عبدالكريم على إثنين من الكتاب الليبراليين (عزيز الحاج وعبدالخالق حسين) أكثر من غيرهما"؟
عزيز الحاج: ليست هناك أية علاقة شخصية بين الرجلين، عزيز الحاج ونجم عبدالكريم، وسبب عداء الأخير للأول هو موقف الأول الليبرالي العقلاني من قضايا المنطقة والعالم. والمعروف أن الأستاذ عزيز كان قائداً شيوعياً في الماضي، ثم تعرض للتصفية قبل أربعين عاماً، ونجى منها، وخلال الستة عشر عاماً الأخيرة، توصل إلى قناعة أن الديمقراطية الليبرالية هي الحل العقلاني لمشاكل العصر. هذا الموقف يبدو قد أزعج كل الرجعيين والقومجية والإسلاموية. لذلك اتخذوا من ماضيه ذريعة للطعن به. وهنا أود التطرق بإيجاز شديد عن ماضي الأستاذ عزيز لتوضيح الصورة أمام القارئ الكريم، كما نشر هو عن حياته في كتابه القيم (شهادة للتاريخ: أوراق في السيرة الذاتية سياسية):
نشأ عزيز الحاج في عائلة بغدادية ميسورة الحال نسبياً بحيث استطاع والده إرساله إلى القاهرة في الأربعينات من القرن المنصرم، للدراسة الجامعية هناك وعلى نفقته الخاصة. عاد إلى بغداد بعد عام واحد فقط، لأسباب شخصية وأكمل دراسته الجامعية في بغداد. انخرط في شبابه في الحركة السياسية اليسارية، وقضى عشرة أعوام في سجن نقرة السلمان الصحراوي وغيره من سجون العراق في العهد الملكي. وعندما انشق الحزب الشيوعي العراقي عام 1967، اختير عزيز الحاج أميناً عاماً للحزب الشيوعي (القيادة المركزية) الذي تبنى الكفاح المسلح في مناطق أهوار الجنوب. ألقي القبض على عدد من قيادي الحزب في عهد البعث الثاني (عام 1968)، وتعرض هؤلاء إلى أبشع أنواع التعذيب النفسي والجسدي، مما أدلى أحدهم إلى مخبأ الأمين العام (عزيز الحاج) فألقي القبض عليه وتعرض هو الآخر للتعذيب البشع قبل إجراء التحقيق معه. وبعد أيام من القبض عليه وتعذيبه، جاءه صدام حسين، نائب رئيس الجمهورية آنذاك، وتحقق معه وبيده إضبارة اعترافات رفاق عزيز. ومن ثم جيئ برفاقه واعترفوا أمامه بأن هذه الإعترافات هي لهم وصحيحة وليس أمام عزيز إلا أن يؤيد ما جاء فيها ليخرجوا سالمين. وهذا الذي حصل. كما شرح له صدام حسين موقف حزب البعث وسياساته الجديدة المنسجمة مع الاشتراكية العلمية ومحاربة الاستعمار وتأييد حركات التحرر الوطني في العالم، بمعنى أن البعث والشيوعي يعملان لنفس الأهداف، فلماذا هذا الإقتتال بينهما؟ وكانت هذه الأفكار مقبولة في ذلك الوقت من قبل اليسار العراقي. أما ما حصل فيما بعد من غدر وتصفيات في صفوف اليساريين، فلم يخطر على بال أحد ليتنبأ بها. وما جاء في الندوة التلفزيونية عام 1969، لم يضف عزيز الحاج جديداً لما كان معروفاً آنذاك في الشارع العراقي. وبذلك فباعترافه، لم يتسبب الحاج في إعدام أحد كما أدعى نجم عبدالكريم، بل استطاع عزيز الحاج إنقاذ رفاقه وكثيرين غيرهم من الإعدام. ولكن بعد ذلك انقلب البعث على اليساريين فيما بعد وتمت تصفية عدد من رفاقه غيلة. ومن هنا نعلم أن عزيز الحاج لم يعترف على أحد من رفاقه أو يخبر رجال الأمن عنهم. وبعد غزو الكويت، غيَّر الأستاذ عزيز موقفه من سياسة البعث ومن صدام حسين بالذات بعد تركه منصبه كسفير العراق في منظمة اليونسكو، وتبنى الفكر الليبرالي الديمقراطي وراح يكتب ضد نظام البعث وضد صدام حسين في صحف المعارضة العراقية والصحف العربية قبل سقوطه بـ 13 عاماً. وبذلك فلم يخن عزيز الحاج أحداً ولم يكن موقفه الحالي بدوافع انتهازية أو كسب مادي شخصي، فهو يعيش على المساعدات الإنسانية في فرنسا ولم يكسب من كتاباته قرشاً واحداً، بل دافعه الوحيد هو إرضاء ضميره وخدمة شعبه والإنسانية حسب قناعاته الفكرية.
عبدالخالق حسين: لم يستطع نجم عبدالكريم إيجاد ثغرة عليّ سوى كوني كنت يسارياً من قبل، ثم صرت ليبرالياً ديمقراطياً منذ خروجي من العراق عام 1979. واعتبر هذا التغيير معيباً، بينما أنا اعتبره مكسباً شخصياً أعتز به. إذ جاء هذا التغيير في الموقف الفكري نتيجة طبيعية لتطوري الثقافي وما لمست في الغرب الديمقراطي من احترام لحقوق الإنسان والممارسة الديمقراطية. وكما قال فكتور هوجو:"الشجرة الميتة هي التي لا تتغيَّر"، وأنا سعيد جداً بهذا التطور الفكري. وقد تطرقت لأسباب ودوافع هذا التغيير في ردي الفاحم على نجم عبدالكريم قبل عام تقريباً عندما دشن مجيئه إلى إيلاف بشن هجوم غاضب على الليبراليين وخاصة علينا نحن الإثنين: عزيز الحاج وعبدالخالق حسين!! فرديت عليه بمقالة بعنوان (لماذا يغيِّر المثقفون جلودهم؟)، وشرحت له الأسباب، فألقمته حجراً، وبقي ساكتاً طيلة هذه المدة لم يتعرض لنا، وقد تجنب الكتابة في القضايا الساخنة الراهنة، بل شغل نفسه في الكتابة عن بعض الشخصيات الفكرية، أما يتهجم عليها أو مفكرين موتى مثل ابن طفيل وقضية حي بن يقضان...الخ.
يلمح نجم عبدالكريم عني في مقالته الشتائمية الأخيرة بعد سيل من السباب على عزيز الحاج ودون ذكر اسمينا طبعاً، لجبنه وخوفاً من مقاضاته، ولكن تلميحاته واضحة أنه يقصدنا بلا أية مواربة، فيقول: "وزميلٌ آخر للنموذج الذي تطرقت إليه آنفاً، ما فتىء يمطر القراء بمُسلّماتٍ بديهية، وبأسلوبٍ مجتر عفا عليه الزمن، وهو من نفس الطينة والعجينة في أفكاره.. ولذا فإن الحديث عنه يعتبر تكراراً لمن سبقه، إلا أنه يختلف عنه بذلك الزخم الممل من الكتابة، وأحياناً ينسى أنه كاتب وصاحب زاوية ومنبر، فيشارك في تعليقات القراء." (كذا). كما ويعيب علينا قائلاً " وفوق هذا وذاك.. هو يدعو إلى الليبرالية والعلمانية والديمقراطية، بينما يعيش في كنف بلدٍ تُخطط لقتل أبسط قواعد الديمقراطية في بلادنا.. بل إنها العدو الأول لكل مظاهر التحرر في العالم!!". نعم أنا أعيش في بريطانيا وعزيز الحاج يعيش في فرنسا. وهل بريطانيا أو فرنسا تخطط لقتل أبسط قواعد الديمقراطية في بلادنا؟ علماً بأن نجم هو أيضاً مقيم في بريطانياً التي عيرنا في الإقامة فيها وقال أنها تحارب الديمقراطية في بلادنا!!!!!!!!
أود الوقوف عند إشارته الأخيرة "...فيشارك في تعليقات القراء.". أقول ليس عيباً أن أشارك القراء في التعليقات، فهذه المشاركة تدل على احترامي لهم ومشاركتهم في السجال، وفي جميع الأحوال، فالكاتب هو قارئ أيضاً، لأن القراءة والكتابة وجهان لعملة واحدة، كما هو معروف. وهناك كتاب كبار أفاضل مثل الأستاذ الدكتور أحمد البغدادي وغيره، أيضاً يشاركون في تعليقات القراء، لتوضيح فكرة أو توجيه نصيحة للكاتب، كما حصل في مقالة نجم الأخيرة، حيث شارك الدكتور أحمد عدة مرات في مسعى عسى أن يرشد كاتب المقال الشتائمي ويثنيه عن غيه، ولكن نجم مصر على موقف العزة بالإثم، فرد على التعليقات بتعليقات مضادة وتحت أسماء مستعارة مثل (أبو سفيان) بدلاً من التعليق بإسمه الصريح، كما نعمل نحن، معتقداً أن القراء لم يكتشفوه. وسألقي الضوء على هذه النقطة لاحقاً.
لا بد وأن سبب إزعاجه من تعليقي هو أني نشرت تعليقاً على مقاله بعنوان: (تحليـل قصة حي بـن يقظان: إدراك الحقائق) حيث أبديت رأيي في هذه القصة الخيالية وفق ما طرحه العلامة علي الوردي، وقد علق قارئ آخر على تعليقي فوصفه بأنه كان أفضل من المقالة نفسها. يبدو أن تعليقي وثناء القارئ الآخر عليه لم يعجبا الكاتب، فضمر لي هذا العداء في نفسه لينفس عنه الآن، لذا يقول: " وأحياناً ينسى أنه كاتب وصاحب زاوية ومنبر، فيشارك في تعليقات القراء.".
ومما يؤيد قولي أن نجم عبدالكريم فارغ فكرياً، فهو في معظم كتاباته، لم يقدم شيئاً نافعاً للقارئ، عدا نقد بعض الشخصيات وشتمهم، ولذلك كان يطرد من صحيفة إلى أخرى بسبب عادته السيئة هذه. وقد اثبت فراغه الفكري، عندما نشر مقالته عن قصة حي بن يقضان، حيث تبيّن أنه سرقها من كاتب آخر، إسمه ألبرت ناصر، على ما اعتقد، والذي احتج وكتب تعليقاً في الحلقة الثانية في إيلاف من مقالة نجم عبدالكريم، مؤكداً أنه قد سرق هذا الموضوع حرفياً من كتاب له حول هذه المسألة. وعندما بحثت عن المقالة اليوم في إيلاف وجدت التعليقات محذوفة مع الأسف. ولكن يتذكر القراء الأعزاء احتجاج السيد ألبرت ناصر على هذه السطوة الفكرية من قبل نجم عبدالكريم على أعمال الآخرين. وهكذا فنجم ليس شتاماً للكتاب الشرفاء فحسب، بل ويسرق نتاجات غيره أيضا وينسبها لنفسه.
من هم مؤيدو نجم عبدالكريم:
عودتنا إيلاف بإعطاء مجال للقراء الكرام لنشر تعليقاتهم على مقالات الكتاب. وهو في الحقيقة سلاح ذو حدين. فمن جهة تفسح إيلاف المجال للقراء لإبداء آرائهم في المقال. وأنا شخصياً استفدت كثيراً من هذه المداخلات التي فعلاً تعتبر مكملة للمقال, ولكن من الجانب الآخر يساء استخدام هذا المجال من قبل البعض من ذوي النفوس المريضة فينشرون شتائم وتهجم على الكاتب الذي يختلفون معه. ولكن الأسوأ أن هناك كتاباً يكتبون المديح لمقالاتهم ويشتمون خصومهم تحت أسماء مستعارة، رغم أن إيلاف وضعت شرط ذكر إيميل المعلق، إلا إن هذا لا يمنع من وضع إيميل كاذب للاسم المستعار، مستخدماً ياهو أو هوتميل...الخ, وقد انتبهت إلى هذه اللعبة من تعقيب القارئ الكريم (أبو نورس) الذي عقب على المقال الشتائمي الأخير لنجم عبدالكريم قائلاً: "أرجو أن أكون مخطئاً في ظني , فأنا أشك في بعض التعليقات التي تكتب تحت مقالات الدكتور نجم . تلك التي تبجله وتؤيد مواقفه الحاسدة لزملائه المحبوبين من قبل الأكثرية، لا أدري لماذا أشعر بأنها من نقرات أصابعه ..".
في الواقع إن ما قاله الأخ أبو نورس، هو عين الصواب، وإليكم نماذج من التعليقات التي أعتقد جازماً أنها من الكاتب نجم عبدالكريم نفسه، وإلى القراء الكرام بعضاً من هذه الأسماء اللا حسنى، أجتزئ عبارات من تعليقاتهم التي تتطابق تماماً مع تفكير وأسلوب نجم عبدالكريم، فالأسلوب هو توقيع اسم الكاتب:
ليما الملا: "احمدالله واشكره ان الشيوعيين لديهم موقف سلبي من المقاومة اللبنانية. فهم نحس ليس لهم بمثيل. فكل من يناصرونه يسقط بطريقة مدوية. فأنظر الى ما حدث للأتحاد السوفيتي وما يحدث للصين وكوبا وكوريا الشمالية.دكتور نجم دع الكلاب تنبح طالما قافلتك مستمرة في المسير."
بو طارق: "اتفق معك يا دكتور في كل ما طرحته وبطريقة طرحك القوى لأن تلك الأصوات النكرة لن تصمت إلا أمام من يعريها.."
هيثم يوسف: "انني لازلت اقراء لك من اكثر من خمسه عشر سنه فاستمتع بنقاء وشرف قلمك الذي لايزال هو هو ياسيدي فبكلماتك الشريفه تجعلنا نشعر ان ليس كل العرب هم من عرب صهيون فالماركسي المتخشب والقومي الشوفيني السفاح والتكفيري المتخلف و بعض الاقلام الجديده المبشره بالعصر الامريكي المتصهين هم وجوه مستنسخه من نفس المنبع الذي افرز كل هذا القيح الذي يلف عالمنا العربي فصدقت بقولك انهم لا يستشعرون بأهميتهم إلا بما يوجه إليهم من إهانات وسُباب وشتائم فحياك الله منتصرا للذين يرفعون بدمائهم الزكيه هاماتنا عاليا تحياتي لمجاهدي حزب الله فالشرف يبداء وينتهي بهم"
امين منصور: "سلمت يداك وسلم قلمك"
صفية عبد الكريم: "لا فض فوك..سلمت يا شقيقي .. ولافض فوك فقد قلت الحقيقة"
شمس: "دكتور نجم .. أنت من يجب أن يكتب يوميّاً في هذه الأحداث فأرجو أن لا تبخل علينا بكتاباتك".
أحمد: "حقا لقد أشبعت غليلي من هؤلاء الذين يجب أن نطلق عليهم طابور خامس".
أبو سفيان: "د. نجم طال انتظاري لهكذا موقف منك"
أبو سفيان مرة أخرى يرد على الدكتور البغدادي فيقول: "ها انت يا سيد بغدادي تبيح لنفسك ما تحرمه على الكاتب,تصف حزب الله بالإرهاب وهو حزب آلى على نفسه ان يجابه و يحرر ارضه,..."
صاحب الكرامة: "كان اخر مقال لك مستفز بعض الشيء حيث غلب عليه رفضك للمقاومة رفضا قاطعا الى درجة اوحت لي و لبعض القراء انك من مؤيدين العدوان الاسرائيلي بحجة التخلص ممن اسميتموهم مغامرين. واذ بهذا المقال العظيم ياتي ليرفع عنك اصابع الاتهام و يعيد لكل قراء ايلاف الشرفاء الكرماء رضاهم و حقهم من أولئك الكتاب المتعصبين المتغطرسين ناشري الافكار اليهودية" (وهذا يؤكد أنه نجم غير موقفه ليكفر عن ذنبه في مقاله الداعم للقرار السعودي، وأنه هو انتحل اسم صاحب كرامة).
الفريجي: "المصيبة.....انهم ياما لعقوا التراب ولكنهم لم يخرسوا..."
موسى سلامة: "حقا لقد عاينت الحقيقة المرة ولمست جرحا نازفا بسبب عدد من كتابنا الاشاوس."
الفاجومي: :انكشفوا ومتى نعزف لهم موسيقى السلام الليبرالى !!!!!! ويحلوا عنا"
عقيل: "أحترمك واحترم كتاباتك الرائعة والشاملة ومسيرتك تكشف لنا عن إنسان يحب الإنسانية"
كريمة الملا علي: "أتابع كتابات السيد نجم منذ محطاته الجميلة والعميقة ،لكن هذا المقالة كشفت عن كاتب عصبي جدا ولذا يصح تشبيهها بنطحة زيدان.". لا ننسى أن نجم عبدالكريم كتب مقالاً عن نطحة زيدان!! بعنوان (كرامة النطحةاليعربية!.. ). وتعود كريمة الملا علي هذه، لتضع تعليقاً على مقال الأستاذ عزيز الحاج وبنفس الأسلوب فتقول: (أستاذنا الحاج لقد عدت وللأسف لعادتك القديمة في المديح المجاني للأشخاص..."
وبانتحاله لهذه الأسماء، أعتقد أن الدكتور نجم قد قدم خدمة للقراء وللكتاب الليبراليين، فكما ذكر الأخ أبو نورس، فقد كشف لنا أن هذه الأسماء الوهمية اللا حسنى تعود إلى شخص واحد اسمه الحقيقي (نجم عبدالكريم). المهم كشف لنا من هو (أبو سفيان) الذي يمدح صدام حسين والعصر الجاهلي (قبل الإسلام) ويعتبره نموذجاً للعلمانية التي دمرها الإسلام.
وفي الختام، نقول لنجم عبدالكريم، نعيد عليك سؤالك في عنوان مقالتك الشتائمية (أما آن لهذه العاهات الصوتية أن تلعق التراب وتخرس؟!) فنجيبك: يا دكتور نجم، هذه أتربتك ردت إليك مع قيئك، فالعقها هنيئاً مريئاً. فأنت شتمت خيرة الكتاب الشرفاء وبذلك كمن يبصق نحو السماء ويمسح وجهه. وكما يقول الشاعر:
يا ناطحا جبلا يوما ليوهنه أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل