خيار اسرائيل في حرق الأخضر واليابس!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
مع كتابة هذه السطور يكون عدد من قتلتهم آلة الحرب الإسرائيلية الهمجية في لبنان قد أقترب من الف شخص، جلهم من الأطفال والنساء الأبرياء، من الذين لاناقة لهم ولاجمل في هذه الحرب المجنونة. إسرائيل ركزّت قصفها العشوائي على كل لبنان، ووسعّت من مدى هذا القصف ليطال مناطق جديدة، كانت قد قفزت فوقها في بداية الهجوم.
ومع إستمرار إنهمار صواريخ منظمة "حزب الله" على مناطق العمق الإسرائيلي( لتقتل بدورها مدنيين أبرياء) فإن جنون الجيش الإسرائيلي وتخبط قادته في الرد التدميري العشوائي يصل لمستواه الأبعد والنهائي في إصدار أمر حرق الأخضر واليابس، والضرب في مكان الوجع اللبناني، وعلى طول وعرض الخارطة البنانية...
الأزمة تبدو وانها في طريقها للمزيد من التصعيد. وليس ثمّة من سيناريو تسوية ووقف لإطلاق النار قد تقوم به جهات دولية، وتوافق عليه كل من إسرائيل و"حزب الله". ويبدو ان المهلة التي كانت واشنطن قد حددتها لتمكين تل ابيب من تحطيم سلاح "حزب الله" والفتك بمقاتليه قد فشلت تماماً في تحقيق غاياتها، إذ أن الآلة الحربية الإسرائيلية ليس فقط فشلت في سحق سلاح الحزب وقتل مقاتليه كما ظنت لأول وهلة ومنذ أول طلقة في 12/8 لكنها كذلك لم تستطع، ومع حجم هذا التدمير وكل هذه الحمم التي تصبها على المناطق الحدودية، منع "حزب الله" من إطلاق صواريخه وبالمئات، على المدن الإسرائيلية الداخلية لتسقط على رؤس المدنيين اليهود والعرب!.
إسرائيل تورطت عندما ردت بكل هذه القسوة على حادثة إختطاف "حزب الله" لأثنين من جنودها، وتورطت بشكل أكبر، حينما بدأت بقصف المناطق المدنية وقتل مئات المدنيين العزل. ومع تكبد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة ومقتل العشرات من جنوده على يد مقاتلي "حزب الله" فإن الخيارات أصبحت شبه معدومة أمامه، فهو اما ان يستمر في شن حربه هذه وتحمل تبعات اخطائه وجرائمه في قتل المدنيين، ويخسر بذلك الرأي العام الدولي، واما ان يتراجع أمام "حزب الله" ويرضخ لشروطه، ليكون الطرف الخاسر في المواجهة التي تحداه فيها زعيم الحزب حسن نصرالله ، ومن ورائه كل من طهران ودمشق.
والظاهر أن الحكومة الإسرائيلية قررت المضي قدماً في الحرب ومحاولة التأثير على قدرة "حزب الله" القتالية، عبر قصف المزيد من البنى التحتية اللبنانية، لكن باتخاذ تدابير أكثر إحترازية مما كانت عليه الحال في بداية الحرب، حينما تكبدت القوات الإسرائيلية خسائر فادحة في المواجهات مع مقاتلي "حزب الله"، وهو مااتضح الأن في توخي الحذر في التماس المباشر مع مقاتلي الحزب وإبتعاد البوارج الإسرائيلية عن الشواطئ اللبنانية مسافة مناسبة، لتخرج من تحت مرمى نيران وصواريخ "حزب الله". في الحين الذي يعني التراجع، في قراءة أخرى أكثر عمقاً، هزيمة قاسية وغالية الثمن في جولة الحرب الطويلة أمام طهران ودمشق، وهي لاتعني هزيمة تل ابيب وحدها، بل وواشنطن من ورائها ايضاً.
ويحدث هذا في الأثناء التي فشل فيها الرهان على إحداث إنشقاق في السياسة اللبنانية عبر إثارة الطوائف والقوى اللبنانية الأخرى في وجه "حزب الله" والذي ورطّ البلاد في مواجهة غير متكافئة، بعد مغامرته الطائشة في قتل وخطف الجنود الإسرائيليين لمقايضة اسراه في السجون الإسرائيلية.
لبنان تكبد خسائر هائلة، بنيته التحتية دٌمرت، حوالي ألف مدني من ابنائه قتلوا. وإسرائيل قررت بعد فشلها في كسب حرب الأسابيع الثلاثة الماضية حرق الأخضر واليابس بغية الأنتقام من البلد الذي أوجد "حزب الله" ومن أهله الذين مازالوا مصرين حتى الأن، في عدم الوقوف بوجه هذا الحزب.
الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية تناور ببطئ بغية حصر التصعيد وإعادة الهدوء للمنطقة. لكن حتى الأن، فإن المواقف السياسية تصب في صالح تل ابيب، وتساهم الصواريخ المصنعة في طهران، والتي يرسلها مقاتلو "حزب الله" لتسقط على رؤوس المدنيين الإسرائيليين في الحفاظ على تلك المواقف.
طهران ودمشق تراقبان عن كثب. تنظران في الدم اللبناني الذي يٌراق ظناً وأملاً في انه يساهم في إطالة عمر نظاميهما بخلق بؤرة توتر في خاصرة إسرائيل لإشغالها ومحاربتها عبر الوكلاء في "حزب الله" وبالتالي الحصول على اوراق إضافية في رحلة التفاوض الشاق والطويل مع واشنطن والغرب في موضوعي " الملف النووي الإيراني" و"ملف التحقيق الدولي في مقتل الحريري" وبقاء هذين النظامين قائمين في ظل "الشرق الأوسط الكبير" الذي أعادته واشنطن للواجهة من جديد: والذي سيكون إنتصار "حزب الله" وبقاءه قائماً، القشة التي تودي به، وإلى إشعار مؤجل وطويل هذه المرة...