رأيان إسرائيليان في الحرب بين إسرائيل وحزب الله
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
توجهنا إلى أربعة كتاب إسرائيليين من أصل عراقي لمعرفة رأيهم في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحزب الله: هل هي، في نظرهم، حاسمة في إحلال السلام، أم ستزيد من الهوة بين إسرائيل والعالم العربي؟ تعذر سامي ميخائيل، وهو روائي يعيش في حيفاويرئس جمعية الحقوق المدنية، عن كتابة جواب إذ كتب مقالة مطولة حول هذا الموضوع للأسبوعية الفرنسية "كورييه انترناسيونال" نشرت في العدد الصادر يوم الخميس 3 آب، أما الباحث والخبير بشؤون الشرق الأوسط نسيم رجوان فاعتذر هو الاخر قائلا"يمكن للمرء أن يكتب مجلدا للإجابة عن هذه الأسئلة، أو الاكتفاء بـ نعم أو لا. وبما انه ليس لدي كومبيوتر عربي،يؤسفني أن أقول لا". غير أن الناقد الأديب شموئيل موريه المعروف بعمله الضخم عن حركة الشعر العربي الحديث، والروائي شمعون بلاص صاحب أهم دراسة عن "الأدب العربي ما بعد هزيمة حزيران" ودراسات عديدة في مفكري عصر النهضة، لبيا طلبنا، وها نحن ننشر بدورنا جوابيهما كما وصلا:
شموئيل (سامي) موريه،
أستاذ متقاعد للأدب العربي الحديث
ورئيس رابطة الجامعيين اليهود النازحيين من العراق:
كما تعلم يا صديقي العزيز، يا من ارتوى مثلي من مياه دجلة في شطري الطفولة وريعان الصبا، فأنا باحث ومؤرخ أدبي يبتعد عن السياسة، كرست حياتي لدراسة الأدب العربي الحديث والحضارة العربية المجيدة وقمت بإنصاف الحضارة العربية التي كانت القاعدة التي بنا عليها الغرب حضارته الحديثة وبدأ من حيث انتهى كل من ابن الهيثم وابن سينا وابن رشد والغزالي وابن خلدون وابن النفيس وغيرهم من كبار العلماء العرب والمسلمين وعظماء الفكر الإنساني الذين كانوا أساتذة أوربا في عصر النهضة، وقد اثبت في كتابي عن المسرح العربي في القرون الوسطي بان العرب عرفوا التمثيل البشري والمسرح اليوناني والهندي والفارسي وطوروه وأثروا على المسرح الأوربي في خلال المسرح العربي في الأندلس. وكدت أعتذر إليك من الردّ على سؤالك السياسي، فأنا أديب وباحث وأخشى غمار السياسة وغائلتها، ولكن "غلاوتك" عندي واحترامي لمجلة "إيلاف" الغراء تغلب على ترددي، وخاصة لأني لا أحب إزعاج أصدقائي العرب وبينهم من إذا لم تصفق له فأنت تعد من أعدائه، وأعوذ بالله من أن أكون واحدا منهم. ولذلك أجيبك بصراحة كما يلي:
- فهمت من الصحف والإذاعات العربية ومن كبار المعلقين العرب والغربيين، أن حزب الله لا بعمل لمصلحة لبنان بل لمصلحة إيران، فهم يجمعون على أن لإيران مطامع توسعية على حساب الدول العربية المجاورة وهدفها هو أن تصبح الدولة الكبرى المهيمنة على دول الشرق الأوسط بكاملها، وعليه فإنهم يتهمون إيران باستخدام الشيخ حسن نصر الله وحزبه كجناحها الغربي في لبنان وككتائبها المحاربة في الجبهة العربية. ويقول البعض إن استفزاز حزب الله لإسرائيل جاء ليمنع حل المشكلة الفلسطينية بالطرق السلمية وليثبت للعرب بأن نصر الله هو بطل الإسلام والعروبة والوحيد الذي يدافع عن حقوق الفلسطينيين وكرامة العرب والمسلمين إزاء الغرب المتغطرس، ولكن غاية هذا الحزب الحقيقية، كما يقولون، هي إحكام سيطرة هذا الحزب على لبنان كقسم من خطة الهيمنة الإيرانية يقوم الشعب اللبناني المسالم بدفع ثمنها الباهظ. وخطر هذه الخطة كما يقولون لا يندرج على إسرائيل فحسب بل على جميع دول الشرق الأوسط كافة وخاصة على المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر والأردن وشمال إفريقيا.
ويضيفون إلى ذلك أبعاداٌ أخرى هي على جانب كبير من الخطورة والأهمية، ويحذرون من القوى التي تحمي المشروع الإيراني النووي من الناحية الدبلوماسية، ألا وهي روسيا، لأن هذه الدولة العظمي، عادت إلى عصر المنافسة السياسية مع الغرب لتصبح من جديد دولة عظمى قيصرية تحتل مكانتها كقوة مهيمنة قيصرية على دول أخرى كما كانت قبل الثورة الشيوعية في روسيا حين كانت تتعاون مع إيران ضد الدولة العثمانية وكما كانت عليه في عهد ستالين وبرجنيف في فترة الحرب الباردة. وروسيا كما نعلم تسترخص دماء الشعوب العربية والإسلامية في مضمار التنافس الدولي وجعلت الدول العربية وشعوبها مختبرا لأسلحتها الفتاكة لعدة عقود مبتزة بذلك ثروة العرب من عوائد النفط العربي. ويضيفون قائلين إلى أن هذه الدولة كانت تسترخص دماء الفلسطينيين أثناء دعمها لياسر عرفات وأعوانه من أمثال هاني الحسن وغيره، وهي اليوم تعيد دورها على حساب الشعب اللبناني. وهم يؤكدون بأنه إذا أريد استتباب الأمن والسلام في لبنان والشرق الأوسط كافة فيجب الحيلولة دون سيطرة حزب الله على لبنان لكي لا يصبح قاعدة عسكرية لإيران الذي تحاول التسلح بأسلحة نووية لتهديد جيرانها العرب والهيمنة على مصائرهم وثرواتهم الطبيعية بدعوى الدفاع عن الإسلام والشعوب الإسلامية. لذلك نجد بعض المعلقين السياسيين يشيرون إلى أن هناك مصلحة مشتركة بين إسرائيل ودول العالم العربي كدول الإمارات والسعودية والأردن ومصر لمنع حزب الله من تشكيل قاعدة عسكرية لإيران الشيعية الخمينية المتطرفة، إيران النووية التي تحاول جعل الشرق العربي والإسلامي "ولاية الفقيه".
هذا ما فهمته من تتبعي لأخبار هذا الصراع الدامي الذي جعل من القضية الفلسطينية وحدود لبنان "قميص عثمان"، وقد أكون مخطئا في فهمي وتفسيري للأحداث، ولا يحمل الله نفسا إلاّ وسعها، واسلم لأخيك.
شمعون بلاص
باحث وأكاديمي متقاعد، وروائي:
هذه الحرب التي دخلت اسبوعها الرابع اندلعت في جبهة جانبية من ساحة المجابهة العربية الاسرائيلية، كل طرف فيها غايته احراز النصر على الطرف الآخر: حزب الله يأمل ارغام اسرائيل اطلاق سراح مجموعة من الأسرى لقاء الجنديين الاسرائيلين، واسرائيل تسعى لتسديد ضربة قاضية على هذه المنظمة الارهابية الخاضعة لايران. ضحايا هذه الحرب هم الأهالي العزل، مئات القتلى وآلاف المشردين في لبنان تحت الغارات الجوية الاسرائيلية، وعشرات القتلى بصواريخ حزب الله في مدن وقرى اسرائيل الشمالية. وبكونها حربا في ساحة جانبية، فان اثرها في حل النزاع واحلال السلام يكاد يكون معدوما، بل انه يضاعف دون شك مشاعر الكراهية والعداء بين الطرفين. حزب الله كمنظمة ارهابية طائفية خاضعة لايران تشكل خطرا على الأنظمة العربية ذات الأغلبية السنية، وخطرها يتضاعف خاصة في لبنان بتأييد النظام البعثي في سوريا الذي يآمل ان يعيد سيطرته في لبنان. وفي هذه الحالة حصل ما يبدو سورياليا أن ضرب حزب الله من قبل اسرائيل يقع في صالح الأنظمة العربية المتخوفة من المد الديني المتزمت، مصر والأردن خاصة، كما أنه يتوافق مع مصالح الولايات المتحدة في المنطقة. هذه الحرب المدمرة التي شغلت العالم بوقائعها، اسدلت الستار في الوقت نفسه عما يجري في الأراضي الفلسطينية تحت الاحتلال الاسرائيلي،عن مقتل العشرات من اهالي غزة ورفح في الحملات التي تشنها قوى الاحتلال لاعتقال اعضاء "حماس"، عن تفجير محطة الكهرباء في غزة، وبالاضافة لكل ذلك السعي المثابر لرفع المشروعية عن القيادة الفلسطينية المنتخبة. لا حل للنزاع العربي الاسرائيلي الا بجلاء القوات الاسرائيلية عن الأراضي الفلسطينية والاعتراف بالسلطة الفلسطينية المنتخبة. وهذا ما تنادي به قوى اليسار الراديكالي في المظاهرات الجماهيرية وفي الصحف اليومية في اسرائيل. فلسطين هي بؤرة النزاع ولا حل له الا باقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.