البريك: داعية التخوين!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سعد البريك واعظ كما هو معروف، إضافة إلى كونه كاتب صحفي . ويقولون أنه يمارس مهنة المحاماة . فهو - إذن - يعرف على الأقل، ولأنه (محامي)، أن إلقاء التهم جزافاً، دون أي قدر من التحري والدقة، أمر تعاقب عليه الشريعة، ولا يمكن أن يسكت عنه ولاة الأمر فيها.
البريك، كواعظ هذه المرة، ارتقى منبر مخيم شبابي صيفي في جدة، أقامته وزارة الشؤون الإسلامية، وترك للسانه العنان لأن يلقي التهم جزافاً على الكتاب الصحفيين، متهماً بعضهم أو كلهم - لم يُحدد - بانتمائهم (لمنظمة سرية)، على غرار التنظيم السري للإخوان المسلمين، الذي أقامه حسن البنا في مصر مثلاً؛ بل وزاد بأن بعضهم يستلمون (تعليماتهم) من سفارات أجنبية، كما جاء في تعليقه على إحدى المداخلات التي احتوت عليها عظته، وهي متداولة بصوته في منتديات الإنترنت.
التهمة خطيرة، وتدل على أن الرجل ليس أهلاً للمسؤولية، وليس (كفؤاً) لتحمل أمانة الكلمة، فكيف بداعية، يقوم بمهمة العمل التوعوي، في زمن نشكو فيه من استغلال (البعض) للمخيمات الصيفية الشبابية، وتسخيرها لشحن الشباب، وتأليبهم على بعض الفعاليات الوطنية، وتحريضهم صراحة أو ضمناً، على (الغوغائية)، بإيقاد (جذوة) الشك في أذهانهم، بأن هناك مؤامرات، ومنظمة سرية، لها برامجها التخريبية، وقيادتها، ويتناوب العمل فيها كوادر منظمة، تعمل حولهم، ضد ثوابت الدين والوطن، والغرض أفساد العباد والبلاد.
قد يقول قائل أن البريك لم يكن يقصد، وانه كان (غاضباً) بعد أن ظهر للجميع ضحالة (معينه) المعرفي والثقافي، عندما دخل في نقاشات أكبر منه، وأعني هنا ما يتعلق بمفهوم (دولة المجتمع المدني)، الذي ظهرَ أن فهمه فيها، لا يتعدى فهم من قاموا بتحريم (البرقية) قبل خمسين سنة؛ أي أنه تطرق إلى قضية يجهلها جهلاً تاماً، وانتهى - دون أن يعي - إلى أنه صار يدعو إلى (الدولة الكهنوتية)، التي قال عنها زميله المدعو ناصر العمر، أنها (دولة الشريعة)، التي يجب أن يحكمها (العلماء الصحويون) ومن على شاكلتهم، فأسقط في يد البريك، لأنه تحدث في أمر (معقد)، أكبر من إمكانياته، لم يحسب مآلاته بعناية.. قد يكون ذلك صحيحاً . ولكن هل رجل بهذه (الخفة)، وهذا الانفعال، جديرُ بأن يتولى أمانة (الوعظ) في زمن أصبح فيه شبابنا لا يعرفون من يتبعون؛ ومن هو العالم ومن هو الواعظ (المُغرض)، وإلى أيهم ينصتون،؛ هل ينصتون إلى ذلك (المنفعل) والمتشكك في كل أمر، والذي يصوّر لهم أن العالم من (حولهم) مجرد مجموعة من المتآمرين، والجواسيس، همهم وغايتهم، وكل ما يرمون إليه، إفسادهم؛ وان هناك (فئة) واحدة، هي (البريك وربعه)، الذين (سيخلصونهم) مما هم فيه من كيد ومؤامرات تحاك ضدهم وضد دينهم وبلادهم؛ أم إلى ذلك (العالم) الحصيف المتوازن، الذي يدرك ويعي أبعاد ما يقول، ويقدر الموقف حق قدره، ويعرف إلى من يتحدث، وبماذا يتحدث، وكيف يتعامل مع قضايا الشباب ومشاكلهم بما (يخلصنا) من الاضطراب الفكري الذي يعيش فيه بعض الشباب، والذي أفضى إلى نازلة (الإرهاب) التي نعاني منها جميعاً كما هو معروف.
فالبريك بهذا الأسلوب، ومثل هذه الموقف غير المسؤول، كمن يسكب الزيت على النار؛ وبدلاً من أن يسعى إلى طمأنة الشباب، وتهدئتهم، وأشاعة الثقة بتوجهات مجتمعهم، وسلامتها، نراه يقوم بالعكس تماماً، ويؤكد ما يزعمه دعاة الإرهاب والتمرد على السلطات، حيث أن القضية من الخطورة، إلى درجة أن (الحكومة) تسمح لبعض الكتاب (الخونة) لأن يُشكلوا الرأي العام في البلاد، وأنها (بذلك) إما (غافلة) عن هؤلاء ذوي العلاقات المشبوهة، أو أنها تعلم بهم، ومع ذلك تركت لهم الحبل على الغارب كي يمارسوا ما أوكل إليهم من مهمات (تخريبية)! . وكلا الاحتمالين هو (تفريط) من الدولة تجاه مواطنيها في المحصلة. وهنا مصدر (الخطورة) في الاتهام، إن أدرك البريك ماذا يقول.
إضافة إلى كل ذلك، فإن البريك، يجعل من تهمته الخطيرة هذه (دليلاً) آخر يُضاف إلى أدلة أخرى، تؤكد أن المخيمات الصيفية التي تقام في بلادنا، هي ظاهرة مرضية، وليست وسيلة (وقائية)، إن تركت للبريك ومنهم على شاكلته لأن يقوموا بمهامهم (التحريضية) المغرضة. مع أنني أعتبر هذه المخيمات - بالمناسبة - ضرورة من حيث المبدأ، وربما وسيلة (وقائية) لعلاج الإرهاب ثقافياً، إن تم ضبطها بحزم ويقظة، وتم إبعاد البريك ومن هم على شاكلته عنها.
هل سيعتذر البريك، أم أنه سيتمادى، ويتحدى؟ . دعونا نرى كيف سيتعامل هذا (الرجل الحصيف) مع ما جناه على نفسه!