كتَّاب إيلاف

مواقف أردنية تستحق القراءة والتركيز

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الغزو الهمجي الإسرائيلي المتواصل على لبنان الشقيق رغم كوارثه البشعة اللا إنسانية بكل المواصفات، التي ترقى لحد الجرائم ضد الإنسانية بامتياز إسرائيلي متفرد بعلامته الوحشية، أفرز في الأيام القليلة الماضية مواقف عربية رسمية، ترقى إلى حدود التطلعات الجماهيرية التي فقدت نسبة عالية من إمكانية التعايش مع الكيان الاحتلالي لدولة إسرائيل. من هذه المواقف الشجاعة واضحة الرؤيا المستقبلية ما ورد في حديث الملك عبد الله الثاني ملك الأردن المتميز لصحيفتي (الرأي) و (الغد) الأردنيتين يوم الخميس الثالث من الشهر الحالي،وهي مواقف جديرة بأن يبنى عليها موقف عربي موحد، فهي تبدو وكأنها ليست صادرة عن حاكم عربي بقدر ما هي صادرة عن مؤتمر عام للجماهير العربية الغاضبة من الاحتلال والخائفة على مستقبل ومصير هذه الأمة. ماذا ورد في الحديث الملكي الأردني؟

- (يجب أن يواجه المجتمع الدولي مسؤولياته الأخلاقية والسياسية وأن يضع حدا لهذه الحرب الهمجية التي قتلت الأبرياء ودمرت بلدا عربيا شقيقا وأدخلت المنطقة في دوامة عنف سيدفع الجميع ثمنها غاليا).

- (الغضب ليس فقط على المستوى الشعبي، نحن غاضبون أيضا، عندما شاهدت جريمة قصف مطار بيروت شعرت بالصدمة والغضب، ووجهت المسؤولين فورا لبدء الاتصالات للمساعدة في إصلاحه، وأوعزت بإرسال طائرات أردنية للبنان بالرغم من تعثر الاتصالات الأولية لتحقيق ذلك...وقلت لرئيس الأركان المشتركة " اذهبوا إلى لبنان حتى لو كان هناك خطر في تعرض طائراتنا للقصف ").

- (لسنا مع سياسة المحاور...ضرورة أن يكون موقفنا واحدا وأن نتحدث للعالم بلغة واحدة، وقلت أكثر من مرة إن أمريكا والغرب إذا لم يجدوا من يتحدثون معهم من العرب، فإنهم سيجدون حتما من يتحدثون معه نيابة عن العرب ...وفي النهاية لا نستطيع أن نستسلم لليأس، وسنظل نعمل من أجل إحقاق الحق العربي بكل ما أوتينا من قدرات).

- (إن أكثر ما يقلقنا هو أن تخرج المسألة من الأيدي العربية فتزداد الأمور تعقيدا واتساعا بحيث لا نجني بعدها سوى تصدع وشق واسع في الصف العربي...وأتفهم وسط هذا الغضب أن يضعف منطق الاعتدال خصوصا أن المواقف المعتدلة التي صبغت السياسة العربية لم تجن الثمار المطلوبة لأسباب خارجة عن إرادتنا).

- (بغض النظر عن التقاطعات و التحالفات الإقليمية، فإن الأهم هو كيف نوقف هذه الحرب ونحمي لبنان ..واللبنانيون هم الأقدر على تقييم وضعهم وحسم خلافاتهم وتحديد علاقاتهم مع جيرانهم ومع القوى الإقليمية الأخرى...ونحن نقف بكل ثقلنا مع الحكومة اللبنانية في سعيها لإعادة الأمن إلى لبنان وبناء الدولة المستقرة التي تملك قرارها).

- (إن غياب موقف عربي موحد إزاء هذه التحديات سيكون خيانة لشعوبنا وسنندم جميعا على حالة الضياع والتشرذم والانقسامات التي ستعصف بالمنطقة. إن أعداء أمتنا العربية سيشعلون الفتنة والحروب على أرضنا لإبقائنا ضعفاء يسهل السيطرة على قرارنا ومقدراتنا. إن الحساسيات بين الدول العربية انتهت . هناك إدراك أنه إذا لم نتحدث بصوت واحد فإننا سندفع الثمن غاليا. أعتقد أن صفحة جديدة في التعاون العربي بدأت. بجمعنا الخوف على المستقبل).
- (للأسف إن السياسة الإسرائيلية ومنذ اندلاع الانتفاضة في فلسطين، ساهمت في ازدياد موجة التشدد والتطرف في العالم العربي على حساب صوت الاعتدال...لقد كان يمكن منذ البداية أن نفسح المجال للدبلوماسية بدل هذا الدمار والكوارث التي حلت بلبنان الشقيق...وها نحن الآن نواجه الآن حربا جديدة..قتل في لبنان وقتل في فلسطين ويأس في المنطقة برمتها.الناس تريد فعلا، تريد أن ترى وقفا لسلب الحقوق ونهاية للاحتلال. نعم أضعفت الحرب أصوات الاعتدال في المنطقة، وعلى من يريد أن يطفو صوت العقل في المنطقة أن يعالج أسباب الأزمات...فإما سلام يعيد الحقوق ويرفع الظلم ويعطب الأمل، وإما دخول في دوامة من العنف والعداء ستدفع إسرائيل وستدفع لأمريكا وسيدفع العرب ثمنها مستقبلا).

- (الشعوب العربية ترى في حزب الله الآن بطلا لأنه يواجه العدوان ويدافع عن أرضه..وستدعم الشعوب العربية كل جهد وكل موقف يعيد حقوقها. تلك حقيقة على أمريكا وإسرائيل أن تفهماها..طالما هناك عدوان واحتلال سيكون هناك مقاومة وسيكون هناك امتداد شعبي ودعم للمقاومة..الحرب لن تحقق شيئا..نهاية الصراع في إحقاق الحقوق، في رفع الظلم، في إقناع الناس بأن هناك عملية سلمية ستنهي الاحتلال، وستفرز بداية لحياة آمنة كريمة).

- (القضية ليست دينية، والموضوع ليس بين سنة و شيعة. هناك خلافات بين دول عربية وإيران. ولنتذكر أن رسالة عمان انطلقت من الأردن لتثبت وحدة المذاهب الإسلامية....نحن حريصون على أشقائنا الشيعة حرصنا على أنفسنا، وعلى وحدة الصف الإسلامي...ومجرم كل من يحاول زرع الفتنة بين السنة والشيعة ويجب أن نتصدى له جميعا...).

أطلت في النقل من أفكار الخطاب الملكي الأردني ، وذلك لأنه ما كان ممكنا الحديث عنه دون تقديم أفكاره الأساسية للمتابع والقارىء على ضوء نشره في صحف أردنية محلية لا أعرف مدى انتشارها بين القراء العرب رغم توفرها على الشبكة العنكبوتية. إن الوقفة أمام هذا الخطاب ليس هدفها إلا بيان مدى ما أفرزته هذه الحرب البشعة ضد لبنان الشقيق، فمحاولة الارتقاء لمستوى الحدث ليس حصرا على الجماهير الغاضبة وأحزابها الشعبية، فها هو خطاب عربي رسمي يستشرف تطلعات الشعوب في هذه اللحظات الحاسمة، وإن أردنا البناء عليه فلا بد من الإقرار بما يلي:

أولا: لا بد من أن تقفز الأنظمة العربية على خلافاتها واشتباكاتها اليومية لتكون في مستوى تطلعات شعوبها، فقد أصبح مخزيا هذه المناكفات لبعض الأنظمة العربية التي تقيم تحالفات استراتيجية مع دول غير عربية بعيدة عنها ألاف الأميال ، وعلاقاتها متوترة مع كل دول الجوار بدون سبب، سوى الاستعلاء والرغبة في هيمنة ما عادت مقبولة رسميا وجماهيريا.

ثانيا: من المهم بلورة موقف رسمي عربي موحد من النظام الإيراني على قاعدة التفاهم والتعاون وليس العداء والخصام، فإشارة الخطاب الملكي الأردني إلى (خلافات بين دول عربية وإيران)، مسألة لا بد من حسمها من قبل الحكام العرب، فليس من المعقول ولا الوطني أن توقع دولة عربية اتفاقيات عسكرية مع إيران وهي تحتل منذ ما يزيد على أربعين عاما الجزر العربية الإماراتية الثلاث؟. وإن قامت حرب بين إيران ودولة الإمارات، هل ستقف هذه الدولة مع إيران بناءا على اتفاقياتها العسكرية؟. أعرف أن اندلاع هذه الحرب مستحيل، ولكن النقاش وطرح الأسئلة فقط لبيان مدى التخبط العربي وعدم وجود رؤية عربية موحدة إزاء أغلب القضايا المصيرية. من مصلحة إيران والعرب قيام علاقات احترام وتنسيق بعيدا عن خطاب الهيمنة وتصدير الثورة الذي ما انفك يهيمن على الساسة الإيرانية، وبعيدا عن تقليب صفحات التاريخ من بعض العرب للتذكير بالصراع العربي الفارسي في حقب تاريخية ماضية، فسواء أحببنا إيران أم كرهناها فهي قوة رئيسية في المنطقة ومن المهم التنسيق معها ، والكرة في الملعب الإيراني عبر خطوتين أساسيتين: الانسحاب من الجزر العربية المحتلة، والكف عن التدخل في الشؤون العربية خاصة في العراق حيث لا يخفى الدور التخريبي الإيراني، لإشغال العالم عن قضية ملفها النووي، وهو قريب من التدخل الخطابي الغوغائي في الحرب بين لبنان وإسرائيل، مما يحشد دعما لإسرائيل خوفا من خطابات إيران الخاصة بإزالة إسرائيل من الوجود دون أن تعمل في سبيل ذلك سوى خطابات كلامية تهيج الجماهير للحظات، وتستغلها إسرائيل لمزيد من القتل والموت والتدمير، وهذا ليس رأينا فقط، فها فؤاد السنيورة رئيس الوزراء اللبناني ينتقد بشدة مواقف الحكومة الإيرانية، ففي حديث نشرته صحيفة " لوريان لوجور " الفرنسية يوم الجمعة الماضية، إعتبر(أن وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي تجاوز كل الحدود عندما عبر عن تحفظاته على خطة الحكومة اللبنانية الشاملة لحل النزاع القائم في لبنان " ودعوته " إلى نشر قوة تابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان لا تكون في إطار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة، لكن شرط أن يكون لها الحق في الدفاع عن نفسها)، وهذا ما ترفضه إيران، لذلك قال السنيورة (أعتقد أن متقي تجاوز الحدود وبعض الأطراف سارعوا إلى اعتماد موفقه).

ثالثا: مسالة إثارة النعرات الطائفية بين السنة والشيعة...(مجرم كل من يحاول زرع الفتنة بين السنة والشيعة)..نعم إنه مجرم كما قال الخطاب الملكي الأردني، والغريب لدرجة البكاء أن هناك شيوخ دين يثيرون هذه الفتنة من خلال تقليب صفحات التاريخ مستعيدين حروب الروم والفرس وآيات من القرآن الكريم، إلى حد أن الداعي بالنصر لحزب الله يؤثم!!!.ومن المهم رسميا وجماهيريا أن نعترف بوجود بذور هذه الفتنة ويحرض عليها أفراد وجهات من الطرفين الشيعي والسنّي، و إنكار ذلك لن يفيد محاولات التصدي لها.

هذا الخطاب الملكي الأردني يرقى لحد التطلعات الجماهيرية، خاصة إن تمكنت الأنظمة العربية من حسم خلافاتها، وقررت أن تكون في مستوى تطلعات شعوبها الغاضبة حتى الانفجار من الغطرسة الإسرائيلية التي لن تكون في نهاية المطاف في مصلحة إسرائيل مهما أوتيت من قوة وبطش، فالاحتلال والعدوان لن يولد سوى المقاومة مهما اختلت موازين القوى ، وهذا ما عاد الملك الأردني إلى تأكيده ثانية الأحد الماضي خلال لقائه للطلبة المتميزين في الجامعات الأردنية، إذ قال: (بغض النظر عن أسباب ما يجري أم من بدأ العمليات العسكرية، يجب ان يدرك الجميع أن أسباب المشكلة هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأرض العربية، وما دام هناك احتلال ستكون هناك مقاومة).
ahmad64@hotmail.com


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف