كتَّاب إيلاف

صديقي من حزب اللّه

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بعد مجموعة المقالات التي كتبتها عن المسألة اللّبنانيّة منذ اندلاع الحرب، راسلني عبر البريد الألكترونيّ أحد الأصدقاء اللّبنانيّين ممّن يناصرون حزب اللّه منذ زمن بعيد، وعاتبني على ما كتبته عن هذا الحزب، وعلى قولي بأنّ هذا الحزب بقيادة سماحة السّيّد حسن نصر اللّه قد تسبّب في تدمير لبنان لقيامه بمغامرة عسكريّة غير محسوبة العواقب، سرعان ما تبيّن أنّها وخيمة النّتائج. ففي الوقت الذي أعلن فيه السّيّد السّنيورة أنّ لبنان دولة منكوبة، أطلّ علينا سماحة السّيّد واعدا بالنّصر المؤزر، ولذلك ذهبت في ما كتبته إلى أنّ النّصر الموعود من بلد منكوب مدمّر غير ممكن التّحقّق. فقد تعوّدنا على زعماء يشيدون زعاماتهم على خرائب الأوطان ويستوون بعد ذلك على عروش من الجماجم، اعتقادا منهم أنّ التّاريخ سوف يكتب ما توهّموه وما أوهموا به جماهير مسحوقة بفعل ترادف الهزائم وعسف الدّكتارتوريّات المخيّمة.
أعود إلى رسالة صديقي الذي أعتزّ بصداقته وحكمة خطابه وتحليله السّياسيّ رغم اختلافي معه. قال لي: أتذكر عندما نصحتك بشراء منزل في لبنان نظرا إلى محبّتك هذا البلد وقلت لي يومها إنّ بلدا يوجد به حزب لله لا يمكن أن تسكنه غير الملائكة، وبما أنّّني إنسان أعيش وأعي محدوديّة حياتي، فإنّني أتوقّع آجلا أم عاجلا أن تنزعج جيوش اللّه الملائكيّة من ضوضاء البشر وأن تطلب منّي ومن غيري المغادرة، حتّى تحرّر أرض اللّه من دنس البشر، واللّه قادر على أن يسلّط على لبنان دولة كإسرائيل لتنفيذ هذه المهمّة، فهو خالق كلّ شيء، وهو قادر على تجنيد الملائكة والشّياطين فكلّهم يأتمرون بأمره. فماذا لو حقّ عليّ القول وأخذتني الصّيحة؟
ذكّرني صديقي بهذا الحديث الذي دار بيننا عندما كنّا نتناول طعام العشاء مع مجموعة من الأصدقاء في مطعم "كافي دوريان" على شاطئ بيروت، وقال: "لو كنت معنا اليوم وتهدّم بيتك لأصبح لك قصر في الجنّة ولو متّ فيه بسبب القصف لانتقلت فورا مع قصرك المنيف إلى الفردوس. ألم تندم على فعلتك الآن"؟
وأردف صديقي بعد هذا الكلام الذي لا أعرف إلى حدّ الآن هل هو مداعبة أم لوم جادّ، أردف قائلا إنّ السّيّد حسن نصر اللّه لا يتلقّى تعليماته من سوريا وإيران كما أتصوّر، ولا يورّط لبنان في حروب بالوكالة لمصلحة النّظامين، بل إنّه زعيم فذّ يمتاز بحسّ تاريخيّ وبذكاء خارق، وأنّ كلّ ما يفعله هو من باب الحرص على الوطن وحبّ لبنان والرّغبة في إيصاله إلى مصافّ الدّول الإقليميّة الكبرى.
وواصل صديقي قائلا: "إنّ سماحة السّيّد عندما دحر الاحتلال الإسرائيليّ سنة 2000 ورأى أن ليس ثمّة جبهة عربيّة تتحرّك، وأنّ سوريا غير قادرة على دفع ضريبة الدّم، أوحى للنّظام السّوريّ بأن يعلن أنّ مزارع شبعا أرض لبنانيّة حتّى يستمرّ في تسخين المواجهة مع العدوّ... وهذا ما حصل، فقد أعلنت سوريا أنّ مزارع شبعا لبنانيّة وها أنت ترى بأمّ عينك أنّ السّيّد سوف يحقّق هذا النّصر باستردادها وتحريرها بعد هذه الحرب.
أعرف أنّك تبتسم الآن تلك الابتسامة السّاخرة الماكرة وستجيبني: كيف يمكن أن يدمّر السّيّد بلدا من أجل استعادة بضعة كيلومترات ليس من المؤكّد أن تعاد إلى لبنان من مغتصبها السّوريّ في الخمسينات من القرن المنصرم.
سوف تعرف الإجابة عندما تنتهي من قراءة هذه الرّسالة كاملة.
إنّي أودعك سرّا خطيرا، وهو أنّ تحرير مزارع شبعا ليس إلاّ بداية مشروع سماحة السّيّد في التّحرير الشّامل.
فإنّ سماحته سوف يقنع سوريا بعد وقت ليس بالطّويل بأن تعلن أنّ مرتفعات الجولان ليست سوريّة، بل هي أرض لبنانيّة أصيلة، وعند ذلك، سوف يعلن حزب اللّه حربه المقدّسة لاستردادها، وليس أمام إسرائيل سوى خيارين: إمّا أن تتّقي حربا ضروسا فتسلّمها إلى لبنان وإمّا أن تخوض الحرب وهي تعرف سلفا أنّها ستخسرها كما جرى في الجنوب ومزارع شبعا، وفي كلتا الحالتين سيتحرّر الجولان وسيضمّ إلى لبنان.
بعد ذلك سوف يقترح سماحة السّيّد على النّظام السّوريّ بأن يجد ذريعة تاريخيّة ليعلن لبنانيّة لواء الإسكندرون، وعندها سيعلن سماحة السّيّّد الحرب على تركيا، ومن الأفضل أن تتمّ هذه الحرب قبل انضمام تركيا إلى الاتّحاد الأوروبّيّ ولن يكون أمام الحكومة التّركيّة وقد اتعظت بما حلّ بإسرائيل وأمريكا على يد حزب اللّه إلاّ أن تتفاوض. وسيقبل السيّد التّفاوض المباشر معها لأنّها دولة مسلمة، وسوف يضمّ لواء الإسكندرون إلى لبنان وسوف تكون سوريا مضطرّة للتّنازل عن أراضيها لوجود تواصل جغرافي بين لواء الإسكندرون المحرّر مع دولة لبنان الأمّ. أرأيت كيف أنّكم تهتمّون بدمار الجنوب ونسف المنازل وقتل المدنيّين وصغائر الأمور؟ ماذا يعني قتل الآلاف من هؤلاء في سبيل هذا الهدف العظيم؟
أخي عد إلى رشدك وادعم حزب اللّه، واعلم أنّ سماحة السّيّد نصر اللّه لن يترجّل من على فرسه ولن يغمد سيفه ولن تغمض له عين إلاّ بعد أن يعلن ولادة لبنان الكبير وسوريا الصغرى، وإنّ أيّ إنجاز دون هذا لا يمكن للسّيّد أن يقبله.
وإن لم تؤيّد السّيّد في مقالاتك القادمة بعد أن أطلعتك على هذا السّرّ الخطير، فاسمح لي بأن أقول لك : انبح في جوقة الكلاب، فقافلة السّيّد تسير نحو النّصر."

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف