الإسلام في حالة مجابهة مع العالم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
مرة أخرى نجحت عناصر الشر في وضع الإسلام والمسلمين في وضع لا يحسد عليه، إذ نجح هؤلاء في اختطاف الإسلام ووضع المسلمين في حالة مجابهة دموية مع العالم المتحضر. فالدين المفترض به أن جاء رحمة للعالمين، حوله الإسلامويون المتطرفون في هذا الزمن الرديء إلى نقمة، ليس على العالمين فحسب، بل وعلى المسلمين أنفسهم أيضاً. فقد نجحت يوم أمس (10 آب الجاري) أجهزت الأمن البريطانية بالتعاون مع نظيراتها في أمريكا وباكستان في اكتشاف خلايا الإرهابيين، مسلمين بريطانيين من أصول باكستانية، وضعت مخططاً جهنمياً للقيام بجرائم مروعة في القتل الجماعي تفوق في هولها ما حصل يوم 11 سبتمبر/أيلول 2001. وكما وصفه الناطق الرسمي لشرطة اسكوتلانديارد بأنه محاولة "للقتل الجماعي على نطاق يفوق التصور". ولحد الآن تم إلقاء القبض على 24 من أعضاء هذه الخلايا في بريطانيا، وعدد منهم في باكستان. ومخطط الإرهاب هذا يعتمد استخدام معدات إلكترونية، وسوائل كيمياوية، تبدو وكأنها مشروبات عادية، ولكن يمكن استخدامها في الطائرة كمتفجرات، استهدفت نحو 10 طائرات معظمها أمريكية تنقل آلاف الركاب عبر الأطلسي، وعلى أن تتكرر هذه العمليات الإجرامية لمرات عديدة.
مرة أخرى، أثبتت هذه العملية على أن الحرب على الإرهاب مسألة لا بد منها وليست مبررة فحسب، بل هي في منتهى الضرورة، لأن يعتمد عليها مستقبل البشرية وأمنها وسلامتها وحضارتها. مرة أخرى نتأكد أن اندفاع شريحة معينة ضالة من المسلمين إلى الإرهاب هو ليس بسبب عوامل اجتماعية أو اقتصادية أو عزل جاليات المسلمين في أوربا عن المجتمعات المضيفة، كما يدعي البعض، لأن هناك عشرات الجاليات من غير المسلمين يعيشون في ظروف مماثلة إن لم نقل أنها أشد وطأة من ظروف الجاليات المسلمة، ولكنها لم تلجأ إلى الإرهاب، أو أعمال العنف، كما يفعل المسلمون. وقد يعترض البعض على قولي بتفرد المسلمين بالإرهاب العالمي، بأن هناك من غير المسلمين مارسوا الإرهاب، مثل جيش التحرير الايرلندي السري (IRA)، وحركة نمور التامل (Tamil Tigers) في سريلانكا وغيرهما. وردي على هذه الاعتراضات أن هذه المنظمات لها أهداف سياسية واضحة وصراعها محلي ضد حكومات بلدانها وليس ضد العالم أجمع. أما الإرهاب الإسلامي فهو ضد العالم وبدون أهداف واضحة عدا قتل أكبر عدد ممكن من الأبرياء وبشكل عشوائي.
وهذا يكشف لنا دون ريب، أن السبب الأساسي الذي يدفع الشباب المسلمين إلى الانخراط في خلايا منظمات الإرهاب هو التعاليم الخاطئة وسوء استخدام النصوص الدينية في عملية غسل أدمغة النشء الجديد منذ المراهقة حيث يمكن تشكل شخصياتهم بسهولة قبل نضجهم وإكمال ثقافتهم وتعليمهم، فتقوم جهات إسلامية مسيسَّة بتوجيه هؤلاء ونشر ثقافة الكراهية والبغضاء بينهم ضد غير المسلمين وتقسيم العالم إلى (فسطاط كفر وفسطاط إيمان ودار حرب ودار الإسلام) وحثهم على شن ما يسمى بحرب الجهاد ضد العالم، واعتبار قتل غير المسلمين جهاداً في سبيل الله والإسلام وفرض عين على كل مسلم ومسلمة، وبذلك سيضمن دخوله الجنة من أقصر طريق. هذا هو العامل الأساسي في دفع بعض المراهقين من المسلمين إلى ارتكاب جريمة الإرهاب ووصفه بالجهاد.
كذلك هناك دراسات كشفت أن العديد من خطباء المساجد في أوربا يقومون بشحن أتباعهم من رواد المساجد في خطبهم، بمشاعر الكراهية ضد شعوب الدول المضيفة وحثهم على الجهاد ضد هذه الشعوب. كما وكشفت الصحف البريطانية بعد تفجيرات 7/7/2005 في قطارات الأنفاق في لندن، أنه قامت الحكومة البريطانية في السنوات الماضية بتعيين عدد من رجال الدين المسلمين كوعاظ لإعادة تثقيف السجناء الشباب المسلمين، المحكوم عليهم في جرائم عادية، لتأهيلهم ودفعت لهؤلاء الوعاظ رواتب سخية من أموال دافعي الضرائب. فتبيّن أن العديد من هؤلاء الوعاظ قاموا بعملية غسل عقول السجناء المسلمين وتشجيعهم للانتماء إلى المنظمات الإرهابية ونجحوا في رفد عدد منهم.
كل هذا يدل على أن هناك نكران الجميل من قبل بعض المسلمين لفضل الدول الغربية التي آوتهم وآمنتهم من خوف ومن جوع، وضمنت لهم العيش الكريم وتوفير جميع الخدمات الاجتماعية، في الصحة والتعليم ..الخ، إلا إنهم يقابلون هذا الجميل بالإرهاب، ويبررون هذا العمل الشنيع بالنصوص الدينية وما قاله السلف، وقد جئنا على ذكر العديد من هذه النصوص في مقال لنا قبل أشهر بعنوان: (لماذا معظم الإرهابيين مسلمون؟)
دليل آخر يثب صحة دور التعاليم الخاطئة في دفع بعض المسلمين إلى الإرهاب، هو أن معظم هؤلاء الإرهابيين لهم علاقة بالمدارس الدينية في باكستان. والمعروف عن هذه المدارس أنها انتشرت وتكاثرت بسرعة في عهد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، وبدعم مالي من جهات خليجية لنشر الفكر السلفي الجهادي. وأن معظم الطالبان (الطلبة) الأفغان الذين قاموا بالحركة المعروفة بهذا الاسم، وأقاموا إمارة الطالبان بالتعاون مع منظمة القاعدة، كانوا من خريجي هذا المدارس التي بلغ عددها نحو 13 ألف مدرسة في عموم باكستان. ورغم الدور المهم الذي تلعبه باكستان في عملية محاربة الإرهاب، إلا إن البعض يعتقد، أن تعاملها مع (القاعدة) والطالبان، ذو وجهين، فمن جهة يعملون على ترضية أمريكا والمجتمع الدولي ببعض الحملات الصغيرة، ولكنهم غير جادين لاعتقال بن لادن والظواهري الموجودين على حدودهم وربما حسب بعض التقارير داخل أراضيهم الحدودية. ولكن بالتأكيد بإمكان الحكومة الباكستانية المساعدة على تجفيف منابع الإرهاب وذلك بغلق هذه المدارس التي صارت مفاقس لنشر الإرهاب وتصديره إلى العالم. إذ يجب، إما غلق هذه المدارس أو تحويلها إلى مدارس حكومية شأنها شأن بقية المدارس العادية لتساهم في نشر التعليم وفق البرامج التعليمية الرسمية المقررة من قبل السلطة الشرعية.
ومن كل ما تقدم، نستنتج أن هناك المزيد من الكوارث تنتظر العالم ونجح الإرهابيون في اختطاف الإسلام وتحويله من دين المفترض به أن يدعو إلى السلام والتآخي بين البشر، إلى سلاح آيديولوجي يحض على الإرهاب على العالم. وفي هذه الحالة فإن الإرهابيين المسلمين وضعوا الإسلام والمسلمين في حالة مواجهة مع العالم المتحضر والذي يهدد بعواقب رهيبة.
ما العمل؟
كما ذكرنا مع غيرنا من الكتاب الديمقراطيين الليبراليين، مراراً وتكراراً، أن على الحكومات الإسلامية ورجال الدين، العمل الجاد على معالجة هذه الأزمة المستفحلة التي تهدد بحرق الأخضر واليابس. ولا يمكن معالجة هذه الأزمة إلا إذا أخذت الإجراءات التالية:
1-إعادة النظر في النصوص الدينية التي تدعو إلى العنف والتي تسمى بآيات السيف، وتفسيرها وفق سياقها التاريخي وقت نزولها، وعتبارها غير صالحة للتطبيق في العهد الحاضر الذي يتطلب التعايش السلمي بين الشعوب والحوار بين الحضارات والثقافات، لا الصدام بينها.
2-يجب على هذه الجهات المعنية، العمل الجاد على محاربة ثقافة الكراهية والتمييز بين البشر على أساس ديني أو عرقي أو طائفي، والقيام بنشر ثقافة المحبة والتآخي بين البشر، من المؤمنين بالديانات المختلفة وغير المؤمنين، وأن الله حده سيحاسب البشر على مواقفهم الدينية، وهناك سند ديني لهذا المبدأ مثل: (لا إكراه في الدين، ...فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، إن الله غني عن العالمين)،
3-على الحكومات الغربية إخضاع أئمة المساجد للمراقبة وعدم السماح لهم بنشر ثقافة التحريض ضد الشعوب التي آوتهم ونشر ثقافة الكراهية بين المسلمين،
4-العمل على فصل الدين عن الدولة ومنع تدخل رجال الدين بالسياسة وتدخل السياسيين بالدين وذلك بتبني النظام العلماني الديمقراطي الليبرالي،
5-يجب إطلاق حرية التعبير والتفكير والكف عن مطاردة المثقفين الليبراليين الأحرار والعمل على نشر ثقافة التسامح والديمقراطية والتعايش مع الآخر المختلف بسلام. فالذي يحصل الآن هو إطلاق حرية رجال الدين والإسلامويين فقط في نشر ثقافة الكراهية والعنف الديني وتسييس الدين ومحاربة الفكر التنويري ومطاردة المثقفين الليبراليين. ومما يحصل الآن من إرهاب هو النتاج المباشر الرئيسي لهذه السياسة التربوية التعليمية الرجعية الغاشمة المتبعة في العالم الإسلامي وبين المسلمين في الغرب.
وبدون هذه الإجراءات الضرورية لمواجهة الإرهاب من قبل العالم الإسلامي، فإن مزيداً من الكوارث في الطريق والمزيد من المواجهات والصدامات الدموية مع العالم المتحضر. وفي هذه الحالة، لا يمكن للعالم أن يقف ساكتاً مكتوف الأيدي إزاء ما يرتكبه الإرهابيون باسم الإسلام. إذ وكما قال الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش يوم احباط المخطط الجهنمي الجديد، أن هذا المخطط يذكر بان بلاده لا تزال "أمة في حالة حرب"، ضد الارهاب، بعد مرور نحو خمس سنوات على اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001. وان الهجمات الارهابية ما هي إلا "تذكير نموذجي بأن هذه الأمة في حالة حرب مع الفاشيين الاسلاميين".
مقالة ذات علاقة: لماذا معظم الإرهابيين مسلمون؟
http://www.sotaliraq.com/abdulkhaliqhussein.php?id=330