كتَّاب إيلاف

ليس السؤال هل تقع الحرب مجددا؟ بل متى تقع؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

وضعت جولة الحرب على لبنان اوزارها هذه المرة بإنتصار معنوي ل"حزب الله" استنادا الى الصمود الذي ابداه الحزب في ميدان المواجهة البرية ضد الجيش الاسرائيلي، وهو الامر الذي اعترف فيه الجميع، واولهم اسرائيل نفسها التي تدخل اليوم في اتون ازمة داخلية كبيرة لاستخلاص العبر من الحرب، والتحضير للجولة المقبلة التي ستأتي لا محال على المدى المتوسط في ظل الاحتمال القوي لعدم التطبيق الامين لمنطوق القرار 1701 القاضي في مرحلته الاولى بخلق منطقة منزوعة من سلاح "حزب الله" جنوبي نهر الليطاني،وفي مرحلته الثانية لبدء البحث الجدي داخليا لتخلي "حزب الله" عن سلاحه لصالح الدولة اللبنانية . و بما ان "حزب الله" لن يخلي جنوب الليطاني، ولا شماله، ولن يتخلى عن سلاحه لا اليوم و لا غدا لاعتبارات اقلها انه جزء من مشروع "الشرق الاوسط الجديد" الذي نادى به الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد مباشرة ورئيس النظام السوري بشار الاسد بشكل غير مباشر، و قد بدا الامر واضحا عندما اعلن الامين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله ان انتصاره هو انتصار استراتيجي وتاريخي . والمعنى هنا هو هذا البعد الخارجي لمشروع الحزب . بالطبع لا يرمي هذا الكلام الى التقليل من قيمة "حزب الله" لبنانيا ان على المستوى التمثيلي او على المستوى السياسي، وانما يرمي الى الاضاءة على امتداداته الخارجية التي ثبتت للعالم بالملموس عندما اكتشف ترسانته الصاروخية الهائلة بكل المقاييس. وهذه الترسانة يستحيل على اي قوة حزبية خاصة الحصول عليها بشكل مستقل عن اي مشروع خارجي. فالجهة التي مولت الحزب بمليارات الدولارات على مدى ثلاثة عقود ،لم تفعل ذلك بدافع المساعدة المجردة من كل غاية . وما يؤكد ذلك هذه القدرة المالية الهائلة التي كشف عنها السيد نصرالله عندما اعلن انه سيمول اعادة بناء وترميم كل المساكن المهدمة والمتضررة فضلا عن تمويل استئجار كل المتضررين لمساكن بديلة لمدة سنة كاملة، ويتراوح عدد المساكن ما بين 15 الفا و25 الفا في اقل تقدير . وهذا معناه ان الحزب سيفرج عن مئات الملايين من الدولارات دفعة واحدة . اذا نحن امام قوة تمتلك بنية سياسية اجتماعية وعسكرية ومالية تفوق مستوى بعض الدول في المنطقة الاكبر حجما من لبنان نفسه.
و الحق انه بخروج "حزب الله" بما يعتبره محور طهران - دمشق انتصارا تاريخيا، ويعتبره المرشد الاعلى للثورة الايرانية السيد علي خامنئي الى اعتبار ما حصل انتصارا للاسلام نفسه ،كما يعتبره بشار اسد انتصارا لنظامه، فإن المرحلة القادمة لن تشهد ضمورا في حركة "حزب الله" لبنانيا لمصلحة مشروع الدولة المتواضع قياسا بمشروع الحزب الاقليمي، بل انها على العكس من ذلك ستشهد اندفاعة كبيرة لمحاولة قلب موازين المنطقة وتوازناتها ابتداء من لبنان باعتباره الساحة المفتوحة راهنا، لاعتبارين اساسيين وعاجلين، الاول، اقترب موعد المواجهة بين ايران والمجتمع الدولي حول برنامجها النووي. والثاني، اقتراب استحقاق المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري بما تمثله من خطر حقيقي على مصير النظام السوري و قيادته و في مقدمهم بشار اسد وعائلته. من هنا سيبقى الجنوب اللبناني مسرح عمليات مؤجلة لجولة مقبلة بعد اسابيع او اشهر. من المتوقع ان يتم العمل على تفريغ القرار 1701 من محتواه ليصبح الجنوب اللبناني ساحة للتعايش الظرفي بين ثلاثة قوى هي القوات الدولية المعززة ( هذا اذا جرى تعزيزها) و الجيش اللبناني، و"حزب الله" مالك مفاتيح الحدود الايرانية - الاسرائيلية المباشرة اي الجنوب اللبناني. ومن يرى ان اخفاء المظاهر المسلحة سيكون نوعا من الانكفاء ل"حزب الله" سر عان ما سيكتشف ان الاخير سيظل القوة الوحيدة الممسكة بالجنوب، وبالتالي بقرار الحرب و السلم في لبنان، وربما في الجولة القادمة في المنطقة كلها. اما القوات الدولية والجيش اللبناني المعطل واقعيا لن يشكلا حجر عثرة امام الحزب .
استنتاجا على ما تقدم لن يكون السؤال هل تقع حرب جديدة ؟ بل متى تقع؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف