الأحكام القضائية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
جاء في باب حكم في "لسان العرب": "إن الله سبحانه وتعالى أَحْكَمُ الحاكمِينَ، وهو الحَكِيمُ له الحُكْمُ، سبحانه وتعالى. قال الليث: الحَكَمُ الله تعالى، وقال الأَزهري أنه من صفات الله الحَكَمُ والحَكِيمُ والحاكِمُ، ومعاني هذه الأَسماء متقارِبة، والله أعلم بما أَراد بها، وعلينا الإيمانُ بأَنها من أَسمائه، وذكر ابن الأثير انه في أَسماء الله تعالى الحَكَمُ والحَكِيمُ وهما بمعنى الحاكِم، وهو القاضي، فَهو فعِيلٌ بمعنى فاعَلٍ، أو هو الذي يُحْكِمُ الأَشياءَ ويتقنها، فهو فَعِيلٌ بمعنى مُفْعِلٍ، وقيل: الحَكِيمُ ذو الحِكمة، والحَكْمَةُ عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم. ويقال لمَنْ يُحْسِنُ دقائق الصِّناعات ويُتقنها: حَكِيمٌ، والحَكِيمُ يجوز أن يكون بمعنى الحاكِمِ مثل قَدِير بمعنى قادر وعَلِيمٍ بمعنى عالِمٍ. الجوهري: الحُكْم الحِكْمَةُ من العلم، والحَكِيمُ العالِم وصاحب الحِكْمَة. وقد حَكُمَ أي صار حَكِيماً".
والحكم هو القرار الفاصل في المنازعة المعروضة أمام القضاء، أو أبداء رأي المحكمة أو الهيئة القضائية في موضوع القضية المعروض أمامها، ويشكل الحكم التعبير عن أرادة القانون، ويعرفه بعض الفقهاء بانه كل قرار صادر من جهة قضائية وطنية أو دولية ذات ولاية ويفصل في موضوع الدعوى سواء كانت القضية جنائية أو مدنية أو ادارية أو احوال شخصية.
وفي القضايا الجنائية التي يتم انجاز التحقيق الاولي والابتدائي فيها من قبل جهات تحقيقية مختصة، وبعد إن يجد قاضي التحقيق بنتيجة تلك التحقيقات إن الادلة التي توفرت في القضية كافية لأحالة المتهم على المحكمة الجنائية المختصة بالفعل ، وتتحدد تلك المحكمة التي تحال عليها القضية التحقيقية وفقا للمادة القانونية التي تجدها محكمة التحقيق أنها تتناسب مع فعل المتهم، فأن كانت من اختصاص محاكم الجنايات احيلت على الجنايات وفقا للاختصاص المكاني المحدد وفقا للفصل الخاص بتطبيق القانون من حيث المكان في قانون العقوبات النافذ في العراق والمرقم 111 لسنة 69 المعدل، ووفقا لنص المادة 55 من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971، أو أن المادة المنسوبة لفعل المتهم تشكل جنحة مما يوجب الأحالة على محاكم الجنح .
وبعد إن تستمع المحكمة الى شهادة المشتكين وشهود الأثبات وشهود النفي وتستمع الى اقوال المتهمين، وتقوم بتدقيق الأدلة الثبوتية المقدمة من قبل السلطات التحقيقية والمرفقة بالقضية، وبعد إن تدقق المحكمة جميع تلك الادلة التي قدمت اثناء التحقيق أو المحاكمة، والادلة هذه هي اقرار المتهم أو أفادته أثناء التحقيق ومحاضر التحقيق والمحاضر والكشوفات الرسمية الاخرى وشهادة المشتكين والشهود وتقارير الخبراء ومحاضر الادلة الجنائية فيما يخص تدقيق صحة نسب التواقيع ومطابقة الخطوط من قبل الخبراء الفنيين أو اية تقارير فنية أو رسمية تقدم في القضية، بالاضافة الى مناقشة جميع القرائن والادلة الاخرى المعتبرة قانوناً ، بما فيها أذا طرحت أدلة جديدة تتم مناقشتها من قبل جميع الأطراف، والدلائل ليست ذات أثر واحد في عملية الأثبات، حيث أن أثرها تقدره المحكمة نظراً لأهمية دورها في أثبات القضية المعروضة أمامها، كما ليس للقاضي إن يحكم بعلمه الشخصي ، وبعد إن تقوم المحكمة بتوجيه التهمة للمتهمين على ضوء ما توفر لها من قناعة بأن الأدلة تكفي للأتهام وفقاً لنص قانوني تحدده في ورقة التهمة وتقيد جواب المتهم عنها، وتستمع الى أقوال وكلائهم ، فأن لم يكن لهم وكلاء أو أنهم انسحبوا لأي سبب كان أو أن المحامي توفي قبل أكمال دفاعه، فأن على المحكمة انتداب محامي للدفاع عن المتهم وتتحمل الدولة إتعاب المحاماة التي تتكلف خزينة الدولة بدفعها للمحامي المنتدب بعد اكتساب الحكم الدرجة القطعية، ويشار الى ذلك في قرار الحكم، وفي قضية المتهم صدام و بالنظر لانسحاب وكلاء المتهمين من حضور الجلسات، والتخلي عن مواصلة مهمة الدفاع عن موكليهم تحت ذرائع وحجج واهية ، فقد لجأت المحكمة إلى تطبيق النصوص القانونية الخاصة بانتداب محامين للدفاع عنه، وبعد إن استمعت المحكمة الى دفاع المحامي المنتدب و آخر أقوال المتهمين. قررت المحكمة تأجيل النظر في الدعوى لأغراض التدقيق، و إثناء اختلاء المحكمة لتدقيق الأدلة فأن لها السلطة المطلقة في تقدير كفايتها، وتخضع هذه الأدلة لتقديرات المحكمة، كما إن للمحكمة إن تأخذ جميع ما دار وتمت مناقشته في جلسات المحاكمة من وقائع وإقرار بادر المتهم بالتصريح بها أثناء جلسات المحاكمة، وللمحكمة إن تأخذ من تلك الأدلة والقرائن والسندات سبباً للحكم .
وخلال فترة التأجيل للنطق بقرار الحكم والتي لايجوز لأحد غير أعضاء هيئة المحكمة الحضورفي جلسات المداولة ، تقوم المحكمة بالمداولة بين أعضاؤها ورئيسها الذين استمعوا الى تلك المحاكمة ، يتم خلال تلك الفترة تدقيق القضية والتشاور والمناقشة بين الأعضاء بما فيهم الرئيس ، يتم خلالها وزن الأدلة المقدمة أو نفيها أو إهمالها، وتقدير ما يمكن الاستناد عليه فيها.
ومما يجدر الإشارة اليه أن قانون أصول المحاكمات الجزائية كان يطلق صفة (المدان) على المتهم الذي تتم أدانته، ثم قرر مجلس قيادة الثورة المنحل بقراره المرقم 609 في 12/8/1987 أن تحل كلمة (المجرم) محل كلمة (المدان)، وتحل عبارة (قرار التجريم) محل كلمة (قرار الأدانة) في جرائم السرقة والاختلاس وخيانة الأمانة والتزوير والرشوة والجرائم المتعلقة بالتخريب الاقتصادي ولم تزل هذه النصوص فاعلة في العمل القضائي ، مع أن قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا رقم 10 لسنة 2005 وقواعد الاجراءات وجمع الادلة الخاصة بالمحكمة لم تشر الى هذه الحالة، أذ وردت عبارة (المحكوم عليه) على المدان أو المجرم في القضية الجنائية.
كما أن المحكمة عند إصدارها قرار الحكم بالأدانة فأنها تأخذ بنظر الاعتبار الظروف القضائية المشددة الواردة في مواد الفصل السادس من قانون العقوبات (المواد من 135 - 140)، وكذلك ماورد بالفقرة (أ) من القاعدة (65) من قواعد الأجراءات وجمع الأدلة الخاصة بالمحكمة، بالإضافة الى إمكانية المحكمة تطبيق الظروف القضائية المخففة الواردة في المواد 128 - 134 في قانون العقوبات والفقرة (ب) من القاعدة المذكورة أعلاه في قواعد الإجراءات .
ويتوجب على المحكمة إن تصدر قرار التجريم أو الأدانة مرفقاً مع قرار الحكم بالعقوبة، وقرار الأدانة أو التجريم هو القرار الذي يفصل القضية بشكل موجز ووافي ، ويشير الى الأسباب التي استند عليها قرار الحكم في التجريم أو غيره من القرارات، بمعنى انه يحتوي على الأسباب الواقعية والقانونية والمنطقية، وتبرز أمكانية القاضي وقدرته في التفصيل الواضح والأيجاز الذي لايضر بأصول الأستدلال ووضوح القضية لمن يطالعها أو يدققها من هيئات قضائية تمييزية أو تدقيقية، وضمن قرار التجريم أو الأدانة يتم إيجاز تفصيلي للقضية يعتمد على أمكانية القاضي وقدراته وخبرته الموضوعية في هذا المجال، كما يبرز ايضاً انعكاس فن القضاء وما أستطاع القاضي اختزاله من معلومات دقيقة ومهمة في القضية، وفي هذا القرار أيضاً تبرز ثقافة القاضي وأمكانياته في توضيح مفاصل القضية ومكامن الأسباب التي استندت عليها المحكمة أو التي لم تستند عليها في قرار الحكم ، حتى يمكن إن يكون حجة وقاعدة أساسية يستند عليها قرار الحكم.
ويمكن أن تصدر المحكمة قرارها بالاتفاق، في حال أتفاق جميع الأعضاء والرئيس على وجهة نظر قانونية واحدة، أو أن يصدر القرار بالأغلبية ويتوجب في تلك الحال أن يقوم العضو المخالف بكتابة مخالفته تحريريا وبيان أسبابها وحيثياتها وربطها مع أضبارة القضية لعرضها على محكمة التمييز أو الهيئة التمييزية التي تدقق القضية وتنظر لطلب المخالفة بعين الاعتبار.
ويتم إصدار قرار الحكم بناء على ما توفر للمحكمة من قناعة بأن الأدلة التي توفرت في القضية كافية للإدانة وان المتهم ارتكب ما أتهم به فتصدر حكما بإدانته وبالعقوبة التي تفرضها عليه قانونا، اما اذا وجدت المحكمة إن الأدلة التي توفرت لاتكفي للإدانة فتصدر قرارا بإلغاء التهمة الموجهة للمتهم وتقرر الإفراج عنه، أو إن المتهم بريء مما أتهم به اذا اقتنعت المحكمة إن المتهم لم يرتكب الفعل المتهم بت، أو إن الفعل لايقع تحت أي نص عقابي فتصدر حكما ببراءته من التهمة الموجهة اليه، أو انه غير مسؤول قانوناً فتصدر حكمها بعدم مسؤوليته مع اتخاذ التدابير التي ينص عليها القانون.
ويتم اخلاء سبيل المتهم الموقوف عند صدور القرار ببراءته أو بعدم مسؤوليته أو بالافراج عنه إن لم يكن موقوفا أو مسجونا لسبب آخر.
أن مباديء كثيرة يضعها القضاة أمامهم عند كتابة قرار الأدانة والحكم، فالمتهم بريء حتى تثبت أدانته، والشك يفسر لصالح المتهم، ولايجوز للقاضي إن يحكم بعلمه الشخصي، وأن لايجوز تأسيس الحكم على راي خارج نطاق الهيئة القضائية،ويطبق القانون الأصلح للمتهم، والمطالبة بالحق المدني تتبع الحكم الجزائي، كما لايصدر القاضي حكمه تحت تأثير العاطفة الشخصية أو الأنفعال، وللقاضي الحرية الكاملة في تكوين الاعتقاد دون تدخل من أية جهة كانت.