كتَّاب إيلاف

متى ينتهي زواج المتعة بين حزب الله وإيران؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أود أن ألفت النظر بادئ ذي بدء،، إلى أن حديثنا عن حزب الله ليس نقداً طائفياً للشيعة، ولكنه نقد لعقيدة حزب الله السياسية الإثنا عشريّة المذهب. بمعنى أننا لا ننتقد حزب الله لأنه من الطائفة الشيعية، ولكنا ننقده لأنه يمثل عقيدة نعترض عليها، بغض النظر عن طائفته، سُنيّة كانت أم شيعية. والأخوة الشيعة الذين كتبوا الينا، وقعوا في هذا الخطأ ، وحسبوا أننا ننتقد حزب الله لأنه حزب شيعي فقط. فكثير من الشيعة لا يوافقون على الخطاب الإيديولوجي الذي يتبناه حزب الله. وكذلك جمهور كبير من السُنّة. كذلك فكون الشارع العربي في عمومه، يصفق ويهتف لحزب الله ، لا يعني أن أكون بين المصفقين والهاتفين. فالكاتب الليبرالي - كما سبق وقلت في مقالي (من هو الكاتب الليبرالي؟) - ليس مطرب السهرة، وليس المثقف الشعبوي، وليس نجم الفضائيات، ولا تطلب منه الحسناوات توقيعه على الألبومات، ولا يسعى إلى رضاء جمهور القراء، وليس هو صوت الشارع الصدّاح، ولكنه يسعى إلى كشف قناعاته التي يعتبرها جزءاً من مهمته كمثقف عضوي، عليه أن يكون شجاعاً بما فيه الكفاية، لكشف الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة، حتى ولو رُجِمَ رَجْمَ الشياطين.
واستكمالاً لمقالنا في الأسبوع الماضي، ودفعاً لاستنكار مزيد من القراء نية حزب الله في المستقبل البعيد أو القريب- وذلك حسب الظروف اللبنانية والإقليمية - اقامة جمهورية اسلامية في لبنان على غرار الجمهورية الإسلامية الإيرانية، نورد في هذا المقال الكثير من الشواهد والقرائن على أن خطة اقامة جمهورية اسلامية لبنانية هي في صلب خطاب حزب الله السياسي، وهي الهدف الأسمى الذي يسعى اليه حزب الله الذي قام بمبادرة ومباركة من الإمام الخميني نفسه، من خلال ما عُرف بـ "ورقة التسعة" أو لجنة التسعة التأسيسية".
فكيف ننكر خطاباً يقرُّ به حزب الله، وإن كان يخفيه في بعض الأحيان للتقيّة فقط ولظروف سياسية معينة، إلا أنه لا ينكره كما سنقرأ بعد قليل.

فهل يتأخر حزب الله ، لو توفرت له الظروف المؤاتية الآن لإقامة مثل هذه الجمهورية ؟
لقد قال الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، في كتابه (حزب الله: المنهاج والتجربة والمستقبل، دار الهادي للطباعة والنشر، بيروت، 2002، ص 38):
"وإذا ما أُتيح لشعبنا أن يختار بحرية شكل نظام الحكم في لبنان، فإنه لن يُرجّح على الدولة الإسلامية بديلاً. ومن هنا ندعو إلى اعتماد النظام الإسلامي".
ويُعقّب الشيخ نعيم قاسم بقوله:
"إنه نص واضح على إقامة الدولة الإسلامية اللبنانية، طالما أن الظروف تسمح بذلك". (المصدر السابق، ص 39).
والمقصود بالطبع هنا إقامة دولة اسلامية على غرار ما هو قائم الآن في إيران، بحيث تكون "القيادة الشرعية للولي الفقيه، الذي يرسم الخطوط العريضة للعمل في الأمة، وأمره ونهيه نافذان" (المصدر السابق، ص 23).
وزيادة على ذلك، إليكم بعض هذه الشواهد من "أهل البيت" أنفسهم، وليست من البيت الأبيض، أو الأحمر، أو الأخضر، التي تقدم الدليل على هدف حزب الله في إقامة جمهورية اسلامية على غرار الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تحقيقاً لحلم ونداء الخميني بتصدير ونشر الثورة الإيرانية ومبادئها، في العالم العربي والإسلامي:

1- لا يُخفي حزب الله دعوته الصريحة إلى اقامة دولة اسلامية لبنانية على غرار الدولة الإسلامية الإيرانية، وهي دعوة قامت في عام 1985 مع قيام ونشوء حزب الله في عام 1982 ، في الرسالة المفتوحة الشهيرة، التي أصدرها الحزب في 1985. وذُكرت واضحة في كتاب الشيخ نعيم قاسم المذكور، والذي جاءت كل مراجعه وشواهده من كُتب وأقوال ملالي إيران وفقهائها. وعندما سُئل حسن نصر الله عن هذه الدعوة في لقائه مع جريدة السفير في 27/4/2006 السؤال التالي:
- في كتابه، يقول نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، إن مشروع قيام دولة اسلامية هو في صُلب عقيدة حزب الله، وبهذا يكون حزب الله امتداداً للثورة الاسلامية في إيران؟
كان جواب نصر الله:
- لا تناقض بين أن يتبنى اللبناني فكرة أن يقيم دولة اسلامية في لبنان ، وبين أن يكون وطنياً.
ونحن نقول، أن الدولة الإسلامية العادلة جميلة ومطلوبة، وهناك دول اسلامية في الشرق الأوسط، ولكنها ليست على الطريقة الإيرانية، حيث يشكل المذهب الشيعي (الإثنا عشريّة حصراًً) الخلفية الفكرية والفقهية التي استند عليها قيام الدولة الإسلامية الإيرانية، كما استند عليها حزب الله كذلك في فهمه للإسلام (المصدر السابق، ص 40). وحيث أصبح إقبال قسم من الشيعة على حزب الله هو إقبال على الانتماء "العقائدي" لا "الطائفي". فالجامع هو عقائدي فكري وليس طائفياً (المصدر السابق، ص 42). ويقول محمد عمارة في كتابه (تيارات الفكر الإسلامي، 1985): "إن طائفة الإثنا عشريّة جعلت الإمامة ديناً، بل أصلاً من أصول الدين. وأن دفع الإمامة كفرٌ. والأمام الخميني نفى أن تكون الأمة مصدر السلطات. وأن الحكومة يجب أن تكون دينية يحكمها فقهاء، ولا تخضع لسلطان الأمة، بل إن مَثلُها مع الأمة مَثلُ الوصي على أطفال صغار." (ص 214-234). وهي عودة إلى نظام الحكم بالحق الإلهي المطلق، الذي كان سائداً في أوروبا في القرون الوسطى المظلمة.

2- عندما أعلن حزب الله الحرب على اسرائيل بخطفه الجنديين الإسرائيليين، وكان إعلاناً من طرف واحد، دون استشارة الحكومة اللبنانية، فيما اعتُبر مغامرة غير محسوبة من قبل عقلاء الأمة، قامت الدنيا في لبنان ولم تقعد على قرار حرب، يُتخذ من قبل حزب واحد، وفئة واحدة. ولكن هؤلاء الذين قاموا ولم يقعدوا، لم يقرأوا كتاب الشيخ نعيم قاسم المذكور، ولم يعلموا أن قرار الحرب ذاك، كان بدافع أن حسن نصر الله هو الولي الفقيه في لبنان الذي يرتبط قرار الجهاد به وحده، كما يقول الشيخ نعيم قاسم في كتابه المذكور. وأن التزام حزب الله بولاية الفقيه عمل في دائرة الإسلام وتطبيق أحكامه. وهو سلوك في اطار التوجهات والقواعد التي رسمها الولي الفقيه". (المصدر السابق، ص 76). وقد يختلف رأي بعض الفقهاء (وهم هنا الساسة اللبنانيون الآخرون ممن عارض قرار الحرب المنفرد) عن رأي الولي الفقيه، لكن رأيه ملزم لهم. فهو المتصدي والمبايَع. ( المصدر السابق، ص51). ويضيف الشيخ قاسم نعيم بقوله: " الولي الفقيه هو الذي يملك صلاحية قرار الحرب والسلم، واتخاذا القرارات السياسية الكبرى التي ترتبط بمصالح الأمة". (المصدر السابق ص 72). وهذه الخطوة هي إحدى خطوات أسلمة الدولة اللبنانية الجريئة والواضحة على الطريقة الخمينية الإيرانية.

3- يلعب السيد حسن نصر الله دور المرشد الأعلى في حزب الله الحاكم لجنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت. وولايته لحزب الله ولاية أبدية مطلقة لدورات متتالية. وهي تختلف عن ولاية من سبقوه كصبحي الطفيلي أول أمين عام للحزب (1989-1991) وعباس الموسوي (1991-1992). فمن أجل حسن نصر الله ، تمَّ تمديد الولاية على الحزب إلى ثلاث سنوات، وعدم حصر انتخاب الأمين العام لدورتين متتاليتين، واعطائه حق الترشيح لدورات متتالية، اقتداءً بالمرشد الأعلى للدولة الإيرانية، واقتداءً بالنُظم الديكتاتورية العربية الأخرى. وبذا يكون حسن نصر الله هو الأمين العام لحزب الله مدى الحياة، بشكل مطلق.

تلك كانت من مظاهر "زواج المتعة" السياسي التي يرتبط به حزب الله مع إيران. فإلى أي مدى، وإلى متى يظل حزب الله مرتبطاً بـ "زواج المتعة" هذا مع النظام الإيراني على حساب لبنان والشعب اللبناني؟ فيما لو علمنا أن علاقة هذا الحزب بإيران هي علاقة سياسية لتحقيق مآرب معينة كزواج المتعة، الذي يجمع لوقت محدود بين رجل وامرأة بهدف المتعة والمصلحة فقط. أم أن هذا الزواج ليس "زواج متعة"، وإنما زواج كاثوليكي لا فكاك منه، ما دام تقاطع المصالح ووحدة العقيدة بين حزب وايران قائماً، كما قال نعيم قاسم في كتابه (ص78).

السلام عليكم.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف