كتَّاب إيلاف

الشرطة الدينية...هل تحمل حقيبة دبلوماسية!!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

"بشأن ما لوحظ من عدم التزام بعض مراكز الهيئة بما يقضي به التعميم رقم 3852/2ش في 21/7/1414هـ من انه في حالة القبض على رجل وامرأة في حالة خلوة محرمة فيكتفي بترك المرأة واخذ التعهد على الرجل وما قضى به سموه الكريم"وزير الداخلية" بالتأكيد على الالتزام بما نص عليه التعميم المشار إليه ولا يخرج عنه إلا بموافقة أمير المنطقة في قضية بعينها".. ربما لن يصدق البعض أن التعميم الرسمي الموضح أعلاه صادر عن وزارة الداخلية السعودية منذ أكثر من 13 عاما وربما يذهب القارئ للتساؤل "لم لا نرى تطبيقا عمليا له على ارض الواقع؟" حسنا :ذلك أول ما تبادر إلى ذهني حين تسلمت ملفا كاملا يحوي عددا من القرارات الصادرة عن جهات عليا في السعودية تلزم به "هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" بقوانين ولوائح معينة!
نشرت صحيفة "الحياة" بتاريخ 26/8/2006م قضية "سيدة تلجأ إلى "حقوق الإنسان" ضد رَجُلَيْ "حسبة" و"أمن"!" وتتلخص القضية في لجوء سيدة سعودية إلى القضاء في حق خاص ضد رجلي هيئة قاما بضرب سائقها وقيادة سيارتها إلى منطقة مظلمة وتركها هي وابنتها وخادمتها بعد نعتها بالزانية في حالة من الرعب والذهول وتقول الصحيفة "وبعد مداولات استمرت شهوراً، أصدر القاضي حكماً، "بعدم حق المدعيتين في ما تدعيانه من تأديب حيال المدعى عليهما"، بعدما سرد عدداً من النقولات وفتوى صدرت قبل أكثر من 40 عاماً، ترى أن رجل الحسبة لا يمكن محاسبته أو ملاحقته قضائياً بسبب خطأ ارتكبه أثناء ممارسته لمهام وظيفته".وتذكر الصحيفة "بحسب صك المحكمة لفت عضو الهيئة وصديقه إلى أنهما "تحركا بناءً على بلاغ من شخص مجهول، يؤكد أن السيارة التي يقودها سائقهن سُتقل فتاة إلى مكان مشبوه، ثم شاهدا الفتاة تخرج من المدينة الترفيهية وتركب في السيارة ذاتها حتى وصلت إلى منزل دخلت فيه (خرجت لجنة من الإمارة وعاينته وثبت أنه منزل جدتها لوالدها)، وبعد ساعة ونصف الساعة خرجت منه ومعها امرأتان". وتبين في ما بعد أنهما الأم والخادمة.
وفيما يخص الحالة أنفة الذكر وبغض النظر عن تعليقنا الشخصي عليها سأورد هنا بعض مواد توصيات الرئاسة العامة للهيئات فيما يخص القبض والإحالة :المادة الثالثة : "لا توقف السيارات التي تقل الأشخاص إلا إذا لوحظ مخالفة شرعية مؤكدة تستوجب إيقاف صاحب السيارة ولا يجوز إيقافه لمجرد التهمة أو الشك " المادة الرابعة:"لا يجوز إلقاء القبض على أي شخص ما لم يكن قد ارتكب مخالفة شرعية معينة تستوجب القبض عليه ويجب أن تكون مبررات القبض كافية ومقنعة ومؤكدة حتى يسوغ القبض على الشخص"المادة الثامنة:"لا تقبل الإخبارية إلا من شخص معروف وتكون مكتوبة بخط واضح وفي جميع الأحوال لا يجوز الإقدام على اتخاذ أي إجراء تجاه المخبر عنه إلا بعد التحري الدقيق والتثبت من صحة الإخبارية"، طبعا وبغض النظر عن المواد السابقة التي تم خرقها في حالة السيدة المذكورة سابقا إلا أن البند الأخير أكثر إثارة للجدل !
فكيف لقاض أن يعتمد على رواية عضوي هيئة تلقيا بلاغا من مجهول بينما العضوان قاما بخرق النظام أصلا ! لا عجب إذا حين يقول رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ صالح اللحيدان في حواره مع "الحياة" بتاريخ 26/3/2006م في رده على السؤال الآتي:" انشغلت الصحافة السعودية في الآونة الأخيرة بخلاف وصل إلى القضاء، بين قاض وأعضاء في "هيئة الأمر بالمعروف"، ما اعتبر انتهاء توافق استمر طويلاً بين الجهتين الدينيتين؟َ!
"الحمد لله، ليس هناك تنافر ولا تنافس. الحق يقال أن القضاة أنصار لرجال الحسبة، وأن رجال الهيئات من أحباب القضاة، وإذا فرض أن قضية ما وجدت بين قاض وأعضاء في الهيئة، فلا يدل ذلك على أن هناك تفككاً، والأصل أن الشاذ لا حكم له".
الشيخ الفاضل اللحيدان يؤكد إذا أن علاقة أعلى مؤسسة قضائية في البلد بمؤسسة حكومية أخرى قائمة على الود والمحبة ويؤكد على شذوذية الخلاف والاختلاف !! ونتساءل كيف ستتسم الأحكام القضائية بالعدل والمشروعية طالما العلاقات قائمة على المحبة !!
وكيف نثق بقضاء يعتمد في أحكامه على العلاقات الشخصية!!ويردد دوما شعار"استقلالية القضاء"!!
دعونا هنا أيضا نسرد عددا من القضايا المتعلقة بانتهاكات قام بها أفراد ينتمون لهذا الجهاز و التي نشرت في الصحف السعودية خلال السنوات الماضية:
**نشرت صحيفة الرياض بتاريخ 19/6/2006م قضية مواطن تعرض إلى ضرب مبرح من 3 أعضاء من الهيئة ونترككم هنا مع جزء من حديثه:" كنت أسير في شارع صفوان التميمي بحي منفوحة يوم الثلاثاء الماضي عند الساعة 9,30 مساء وإذا بثلاثة رجال يهجمون عليّ من الخلف حيث قاموا بضربي ضرباً مبرحاً ومزقوا ملابسي واقتادوني إلى سيارة مدنية وأركبوني فيها بالقوة وأنا في حالة ضعف وهوان من شدة ما تعرضت له من الضرب أمام أعين الناس"...لن نأتي هنا على تفاصيل القضية حيث أن الهيئة وبعد أن طلبت هوية الرجل اكتشفت انه الرجل الخطأ وقدمت اعتذارا خطيا له نشرته الصحيفة يفيد أن الهيئة تعتذر عن خطأها الغير متعمد راجين منه النسيان والصفح!!
**نشرت صحيفة عكاظ بتاريخ19 يوليو 2006م "شهد احد المراكز التجارية بتبوك مساء أمس الأول مضاربة جماعية غريبة من نوعها بين عدد من أفراد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأسرة مكونة من 5 أشخاص "شاب يبلغ من العمر 17 عاماً ووالدته وشقيقاته الثلاث".فبينما كان الشاب يقوم بشراء بعض الحاجيات مع أسرته في احد أكشاك بيع الألعاب حسبما يقول جاء إليه احد أفراد الهيئة وسحبه من داخل المحل متهماً إياه بمعاكسة الفتيات إلا انه ابلغه بأنه مع أسرته لكنهم اقتادوه عنوة عندها تدخلت والدته مناشدة إياهم ترك الشاب مؤكدة انه ابنها. ومن ثم نشبت مضاربة بين الشاب وثلاثة من رجال الهيئة وسحبوه على مرأى من مرتادي المركز لتأتي والدته بعصا وتشتبك مع رجال الهيئة ويتدخل زوجها الذي كان قريباً من الموقع في الاشتباك وسط جمهرة من المتسوقين. هنا تدخلت الدوريات الأمنية والهلال الأحمر وتم نقل الشاب إلى مستشفى الملك خالد وكذا والدته وإحدى شقيقاته واللتين أصيبتا بانهيار عصبي. "عكاظ" تواجدت بالموقع والتقت صاحب المحل الذي كانت الأسرة تتسوق فيه ويدعى إبراهيم العطوي الذي أكد أن الشاب محمد عواد كان يقف مع أسرته لشراء ألعاب من محله حيث فوجئ بدخول احد رجال الهيئة وسحبه رغم توسلات والدته وشقيقاته لتركه".طبعا الشاب يرقد في المستشفى ومعظم القصص الواردة هنا مرفقة بصور في الصحف المنشورة بها !!
**نشرت صحيفة الحياة بتاريخ 10/6/2006م قضية شابان جامعيان كانا يتناولان الطعام في إحدى المجمعات التجارية وتم إلقاء القبض عليهما من قبل الهيئة والتي أودعتهما إحدى مراكزها وعطلت احديهما عن امتحان نهاية العام ،واختصارا للقصة التي أوردتها الصحيفة سأورد هنا فقط رد الهيئة على القضية في نفس الصحيفة :" من جهته أكد نائب رئيس الهيئة في الرياض الشيخ عثمان العثمان أن الشابين استوقفا في مطعم داخل السوق له جلسات خارجية ملاصقة للجناح العائلي ولا يفصل بينهما سوى حاجز زجاجي. وأشار إلى أن الشابين كانا يفعلان خاصية "البلوتوث" بجوار مجموعة من الفتيات. وعن احتجاج الشابين بعدم وجود شبهة خلال استعمالهما الجوال داخل مطعم للعزاب، أكد الشيخ العثمان توفر كل القرائن على وجود المعاكسة لاسيما وهما يستقبلان ويرسلان الملفات بالبلوتوث في ملاصقة حاجز الفتيات، لافتاً إلى أن الطالبين لم يكن هدفهما المذاكرة، على حد زعمهما، وأشار إلى أن رجال الهيئة لديهم من الفراسة ما يمكنهم من التعرف على مستعملي الجوال لأغراض بريئة من أولئك الذي يعاكسون بنات المسلمين.".إذا تهان كرامة المواطنين بناءا على فراسة وحدس احد المنتمين إلى الهيئة !!
**نشرت صحيفة المدينة بتاريخ 2يناير 2004م خبرا مفاده أن إحدى دوريات الهيئة في محافظة املج تسببت في تعرض شابين لإصابات متفرقة نتيجة اصطدامها بسيارة الشابين أثناء مطاردتهما في شارع عام أثناء خروج الطالبات من المدارس وبعد الحادث تم ترك السائق بدون إسعاف واقتادوا الراكب إلى مركز الهيئة ..."
**نشرت عكاظ بتاريخ 2 يناير 2004م قضية الشاب عبد الله العنزي من تبوك والذي اتهم احد رجال الهيئة بالاعتداء عليه ضربا وتوجيه ألفاظ نابيه له.
لا مجال هنا لنشر عدد كبير من القضايا ضد الهيئة والتي تتسم بالطائفية أحيانا ،ولكننا سنتحول إلى تصريح أدلى به رئيس الهيئات في السعودية الشيخ إبراهيم الغيث لصحيفة الشرق الأوسط منذ حوالي العامين ويقول فيه:"أن أفراد الهيئة يجري تدريبهم على أن يكونوا أكثر لطفا في تعاملهم مع الناس"!! وفي تصريح آخر لوكالة اسوشييتد برس نفى الغيث المزاعم التي تقول أن الهيئة ليست لديها قواعد لمحاسبة أعضائها و قال :"أنهم موظفون مثلهم مثل موظفي الدولة الآخرين وهناك أمر ملكي بمحاسبة موظفي الخدمة المدنية "
وحين يذكر رئيس الهيئات ذلك التصريح فهي كارثة حقيقة فمن ناحية يعترف الشيخ ضمنيا أن رجاله لا يتعاملون بلطف مع المواطنين والأخطر من هذا أن التدريب الجاري يحقق "اللطف المعتدل" وليس اللطف العام الذي نفهمه ونعرفه !! كما أننا لم نرى يوما محاسبة لعضو هيئة على أي خطأ تم ارتكابه دون وجه حق !
وكما تساءلت في عنوان المقال:"هل تحمل الشرطة الدينية في السعودية حقيبة دبلوماسية ؟" بمعنى أن القصص الواردة تصل بنا إلى نتيجة واحدة لا مناص منها وهي أن الهيئات لا تتعرض لمبدأ المحاسبة كأي مؤسسة حكومية أخرى لذا فالعاملين بها يتمادون في تعاطيهم مع أفراد المجتمع دون خوف من رادع أخلاقي أو إنساني أو حكومي!
ومن الواضح أيضا وجود ثغرة قانونية بين النظام الموضوع و طريقة تطبيقه ومخالفات صريحة يمارسها أفراد الشرطة الدينية من بينها عدم حملهم البطاقات الخاصة بهم والتي أكد على ضرورة وضعها وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز في تعميم موجه إلى رئيس الهيئات الغيث !
إضافة إلى مخالفات أخرى تتعلق بنظام الإجراءات الجزائية المعمول به في السعودية والصادر عن مجلس الوزراء حيث تحدد المادة 26 من الفصل الأول من "يقوم بأعمال الضبط الجنائي، حسب المهام الموكولة إليه" ومن بينها في الفقرة السادسة " رؤساء مراكز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حدود اختصاصهم"bull;
فهلا يفسر لنا القائمون على هذا الجهاز حالات الضبط التي يقوم بها أفرادها مخالفين بذلك النظام وضاربين به عرض الحائط!!
و أثناء البحث والتقصي عن بعض الأنظمة في موقع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرع المدينة المنورة لفت نظري أيقونة تحمل عنوان "استشارات" وهالني كم التحريض الموجود في إجابات الهيئة على أسئلة بعض المواطنين ومن بينها سؤال احدهم عن "اتخاذ وسائل لإيقاف جريدة الوطن عن الهجوم على الهيئات ؟ " ورغم أني لا أحبذ إضاعة وقت القارئ الكريم بمثل هذه الأمور إلا أن الإجابة الكارثية تستدعي بعض التنازلات واليكم إجابة الهيئة :" الحمد لله، لا يزال أهل السوء يكيدون للخير وأهله، ولكن الله غالب على أمره ولو كره المشركون،، نود أن نطمئنكم جميعاً أن معالي الرئيس العام ومن دونه من منسوبي الهيئات يبذلون جهوداً في إيقاف مهزلة جريدة الوطن ،،، وسنعلن في الوقت المناسب ما تم اتخاذه،،، ونشكر جميع إخواننا الذين راسلونا وشاركونا بالرأي والتفاعل عبر موقعنا أو غيره من المواقع أو وسائل الاتصال، ونحن واثقون من مساندة الشعب السعودي بأكمله للهيئات، وما هذه الجريدة إلا بوق سوء قد انكشف أمره ،، والله ولي المتقين ." فهل هيأ لي أم أن الهيئة وصفت للتو القائمين على صحيفة سعودية بأنهم مشركون وبوق سوء!!
وهنا سؤال آخر ضمن عشرات الأسئلة "هل العمل في البنوك السعودية حلال ولا حرام يا شيخ لأنه كثر الهرج فيه وأنا جاءتني وظيفة في أحد البنوك السعودية أفيدوني جزاكم الله ألف خير ؟ "الحمد لله، العمل في البنوك التي تتعامل بالربا والمعاملات المحرمة لا يجوز لأنه من التعاون على الإثم والعدوان، وسواء هذه البنوك في السعودية أو خارج السعودية".
فلم تكتفي الهيئات فقط بدور الجلاد والمحاسب بل ووكلت نفسها أمر الفتيا رغم وجود هيئات عليا مختصة تقوم بذلك الدور؟؟
بقي أن نقول أن عدد مراكز الهيئات في السعودية بلغ أكثر من 460 فرعا يتبعها 5الاف عضو كما أن الميزانية الحكومية المعتمدة لهذا الجهاز خلال العام المالي المنصرم بلغت 351 مليون ريال كان الأجدى بها أن تصرف في مجالات التنمية الإنسانية مع تنفيذ المطالبات الإصلاحية المنادية بضم الهيئات إلى الشرطة وتحويلها إلى قسم للآداب العامة يتعاطى مع قضايا الدعارة بدلا من إهانة المواطنين وتحويل الشوارع السعودية إلى حرب عصابات دينية!!

كاتبة سعودية
faith2020@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف