بل تحريك العقول الجامدة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
نشرت جريدة"الأحداث المغربية"، اليومية الجماهيرية الحرة الوحيدة المكتوبة في العالم العربي، في عددها 2763 وفي صفحة منتدى الأحداث مقالاً ساماً بعنوان"تحريك الكتلة الصامتة" بقلم "سيد يوسف"(؟؟؟). يبدأ المقال هكذا"للحياة قصتها (...) مجموعة كبيرة من البشر، وإن شئت الدقة فقل أشباه البشر". وهو ولا شك مقال يذكرنا بخطاب بشار الأسد البليغ الأخير، الذي هاجم فيه بكل نزف وصبيانية"أشباه الرجال" من حكام العالم العربي والطبقة السياسية اللبنانية التي حررت لبنان من الاحتلال السوري، الذي اغتال خيرة اللبنانيين، من المرحوم الشهيد كمال جنبلاط، إلى الشهيد رفيق الحريري، مروراً بقافلة كاملة من الشهداء الأبرار. "الشيخ" "سيد يوسف" يقسم "أشباه البشر" إلى صنفين:
1- "عتاة جبارين" وهم طبعاً جميع السياسيين والحكام باستثناء المتأسلمين وحكام إيران، الذين يجلدون المسلمة الإيرانية 75 جلدة لأنها "أساءت ارتداء الحجاب" فقط "أساءت"، أما إذا حدث - والعياذ بالله - وأسفرت عن وجهها الجميل، فرصاص الحرس الثوري جاهز لاغتيالها. وقد أحصت رئيسة النساء الإيرانيات الديمقراطيات في المنفي عشرات من هذه الحالات.
2- الصنف الثاني هم "الطبقة الوسطى وتتفرغ فيها الجماعات: فمنها جماعات يشبع فيها التطلع إلى التميز (الامتياز) وترى أن طريقها إلى ذلك النفاق" وهو يعني بذلك المثقفين الأحرار والنخب بصورة عامة التي تسعى إلى الامتياز العلمي والمهني، لتقود شعوبها إلى المستقبل بدلاً من ترك المتأسلمين يعودون بنا إلى مقابر الماضي الغابر. ولهذا يحقد المتأسلمون من عبد السلام ياسين إلى مهدي عاكف إلى يوسف القرضاوي، إلى راشد الغنوشي على المثقفين والنخب، ويتوعدونهم بـ"الشنق في الساحات العامة"، كما سبق و كتب متأسلم تونسي، يوم يستولون على السلطة، ومن الطبقة الوسطي، يقول"سيد يوسف" "جماعة صالحة ولكنها صامتة لا تعير الأمور وزناً" لأنها لم تتجند في طوابير المتأسلمين لتشكل قوة هدامة لكل معالم التنوير القليلة في مجتمعاتنا لنقلها من القرن الحادي والعشرين إلى القرن السابع، إلى "عهد الخلافة الراشدة" الذي "يجب أن يكون المقياس الذي يقاس به مشروعية الحكومة الإسلامية اليوم" كما يقول راشد الغنوشي.
هذه الكتلة الصامتة هي التي يريد المتأسلمون و"سيد يوسف" تجنيدها لدك كل الدول القائمة في بلاد الإسلام عدا دولة ملالي طهران، طبعاً لأنها هي النموذج الذي يريد المتأسلمون تقليده في كل بلد عربي أو مسلم. ومن الطبقة الوسطى يقول"سيد يوسف " :"جماعة كسالى وعجزة لا هم لهم سوى تثبيط همة العاملين وغمز الآخرين". وهم نحن الذين نثبط همة المجاهدين في حماس وحزب الله . وتقول لحماس إنك "الفئة الباغية" فعودي عن غيك وضعي اليد في اليد مع الرئيس محمود عباس، وقادة فتح الذين ضحوا منذ أربعين سنة بالنفس والنفيس من أجل إقامة الدولة الفلسطينية على بقية فلسطين التي احتلتها الصهاينة في حرب 1967، وتقول لحزب الله أنه "الفئة الباغية" التي تمردت على الحكومة الشرعية اللبنانية، واغتصبت منها حقها المعترف به قانونياً وشرعياً في إعلان الحرب وعقد السلم. وفي الطبقة الوسطى يقول "سيد يوسف "فئة صالحة عاملة بالمعروف وناهية عن المنكر داعية للإصلاح تمتلك رؤية للإصلاح وتمتلك بعض أسباب النجاح" من هي هذه الفئة" الصالحة الآمرة بالمعروف والنهاية عن المنكر" كما يقول "سيد يوسف"؟
هي بالطبع المهربون الدينيون من نوعية عبد السلام ياسين، وسعد العشماوي، ويوسف القرضاوي، وحسن الترابي، والملا عمر، وأسامة بن لادن، وراشد الغنوشي ... الخ. فلماذا تحتاج هذه "الفئة الصالحة" التي نسميها "الفئة الباغية"؟ تحتاج كما يقول"سيد يوسف " في وصفته البلدية كما نقول في مصر:"إلى رجال يؤمنون بفكرتها ينصرون بهم قوة فاعلة لا نخبة متميزة" المتأسلمون يكرهون"النخبة المتميزة" لأنها تتمتع بحس سليم وفكر نقدي، تفضح به دماغوجية المتأسلمين وشعاراتهم الضالة والمضللة مثل"الإسلام هو الحل" و"الرسول زعيمنا" و"القرآن دستورنا" لحل كل مشاكل الأمة. ونفس الشيء كانت تفعله الفاشية والنازية، كانت تكره المثقفين الذين سماهم طيب الذكر هتلر: "الثرثارون البلغاء". ولماذا يحتاج المتأسلمون إلى رجال يؤمنون بشعاراتهم المفلسة؟ يجيب "سيد يوسف" "للتأثير على الكتلة العامة لضمها إليها". وما هي المهمة العقلانية التي ستصنعها هذه "الكتلة الصامتة" التي تتبع المتأسلمين كالببغاء؟ أن تخوض الجهاد الذي تخوضه القاعدة وحماس والجماعة السلفية للدعوة والقتال وحزب الله والمحاكم الإسلامية في الصومال التي قررت إعدام تارك الصلاة !!! وما الذي يضمن لهذا الجهاد أن يقود أمتنا إلى النصر؟ لا شيء. غير تبشير "سيد يوسف" لنا بأن" هذه الأمة [الإسلامية] كالغيث لا يدري أأوله خير أم آخره؟" كما يقول حديث كاذب منسوب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ويضيف "سيد يوسف" لتطميننا على المسيرة الجهادية للفرار من القرن الحادي والعشرين الملعون، لأنه قرن تحرر المرأة، والعولمة، وثورة الاتصالات، والثورة العلمية والتكنولوجية التي تكذب حقائق ديننا كما تفهمه عقول المتأسلمين الجامدة، التي ترفض الفصل بين الدين والعلم، وبين الدين والبحث العلمي، وبين الدين والإبداع الأدبي والفني حتى لا يجرأ متأسلم مثل عمر عبد الرحمن، ومحمد الغزالي على تكفير المغفور له نجيب محفوظ ومحاولة اغتياله ... والعودة إلى القرن السابع لبناء دولة كدولة الخلفاء الراشدين، الذين اقتتلوا في ما بينهم وسقط منهم ثلاثة قتلى هم :عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعاً. وإذا اتضح أن الفرار من القرن الحادي والعشرين والعودة إلى القرن السابع مستحيلة يقول لنا "سيد يوسف" لا بأس بذلك "فأنا أعلم أن المسلم تحديداً عليه إ ن عاش أن يعيش حراً، وإن مات أن يموت شهيداً"، "الحياة الحرة أو الميتة الشهيدة" عند المتأسلم"سيد يوسف" هي ترجمة لبيت الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم :"ونحن أناس لا توسط بينا / لنا الصدر دون العالمين أو القبر". أما نحن ممثلوا الوسطية الإسلامية الحقيقية فترفض هذا التطرف الانتحاري: إما"الصدر أو القبر"، إما "النصر أو الشهادة". نحن مع الإصلاح المتدرج والسلمي لنيل حقوقنا، وعلى رأسها إقامة دولة فلسطين المستقلة، بالمفاوضات لا بالعمليات الانتحارية المفلسة، والتفرغ لإصلاح مجتمعاتنا بنزع فتيل قنبلة الانفجار السكاني التي هي أصل الداء والبلاء لمشاكلنا الحقيقية، من الفقر إلى الأمية إلى التخلف المزمن، وتحرير المرأة من قصورها الأبدي الذي يضعها فيه المتأسلمون، حتى لا يعيش نصف المجتمع عالة على نصفه الآخر، كما في المغرب وتونس وإلى حد ما في الجزائر، والشروع في عملية التنمية الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية. بدون هذه الإصلاحات الجوهرية الملحة لن تقوم لأمتنا قائمة، وسيقودها المتأسلمون من هزيمة إستراتيجية إلى هزيمة إستراتيجية جديدة كما فعلت القاعدة في العراق والسعودية، وحماس في فلسطين، وحزب الله في لبنان ... والبقية تأتي.
يا "سيد يوسف" أمتنا لا تحتاج إلى "تحريك الكتلة الصامتة" كما زعمت لتزج بها في جهاد انتحاري لن يقودها إلا إلى "الشهادة" وبناء مستقبلها لا في هذه الحياة بل بعد الموت... بل تحتاج إلى تحريك العقول الجامدة لتبني مستقبلنا سلمياً الآن وهنا في هذه الحياة الدنيا التي لا يتوقف المتأسلمون على ذمها وتحقيرها وتكفيرها،لأن غريزة الموت هزمت فيهم غريزة الحياة، فهم كما قال "سيد يوسف" "شهداء أحياء"، أي موتى لم يدفنوا بعد. فمشكلتنا الحالية هنا على الأرض وليست في السماء، في اغتصاب حورياتها بنسبة 72 حورية، وقصر لكل "شهيد" مكبوت جنسياً في الحياة،جائع للنكاح بعد الممات !!! تماماً كما يقول المثل المصري( الجعان بيحلم بسوق العيش)، شهداء حماس يضعون واقي ذكري فولاذي على أعضائهم الجنسية، حتى لا تنفجر مع باقي أعضائهم،وهذا اعتراف ضمني من قادتهم الدجالين، أن الله سبحانه وتعالي القادر على كل شيء، عاجز عن إعادة أعضائهم الجنسية كما كانت!!!! يا أمة ضحكت من جهلها الأمم!!! أيها المتأسلمون الدجالون أو المجانين، دعونا من هذه الخزعبلات المضحكة... لماذا لا نحل مشاكلنا نحن على الأرض بأنفسنا، ونترك مشاكل السماء ليفصل فيها رب السماء؟.
ملحوظة: بعد كتابة هذا المقال قرأت حديث حسن نصر الله لمحطة (نيو تي في)اللبنانية الذي أعلن فيه ندمه عن خطف الجنديين الإسرائيليين قائلاً بالحرف الواحد:"ما كنت لأختطف الجنديين لو كنت أعرف حجم الدمار الذي سيلحقه ببلادي من جراء هذه الخطوة"الحمد لك يا رب، ها هو حسن نصر الله يؤكد تجريمنا له عن مغامرته الحمقاء. الحمد لك يا رب العالمين، فها هو حسن نصر الله يدين نفسه بنفسه: 2000 قتيل، و15 مليار خسائر، وعودة إلى الوراء 15 سنة!!!.
Ashraf3@wanadoo.fr