كتَّاب إيلاف

المثقفون العراقيون في مواجهة الإرهاب

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

إن المشهد الثقافي الراهن يعكس صورة معقدة وقاتمة لما يجري على الساحة السياسية العراقية بشكل عام والتي تسودها الفوضى وتتحكم بها الجماعات المليشيوية والتكفيرية وعصابات الجريمة المنظمة التي باتت تشكل قوى ضغط على الشارع السياسي العراقي والمشهد الثقافي بشكل خاص ، من خلال أذرعتها وأحزابها السياسية في المجالس البلدية أو في الحكومة العراقية أو مجلس النواب العراقي، ونحن ليس بحاجة لإعطاء أمثله على هذا اوذاك من هذه الجماعات والمليشيات والأحزاب، فيمكن معرفة ذلك من خلال توجيه سؤال بسيط للمواطنين العراقيين الذين أتعبتهم الكهرباء والبنزين أو أذلهم ( البحارة، والعلاسة،أو جماعة القبطان، والحوا سم...وغيرهم )، حينها سوف يجيبونكم بإيجاز عن معاناتهم اليومية التي لا تنتهي ومنهم المسؤلون عنها، ومن هي القوى التي تعبث بالامن وتقف خلف هذه الجرائم.

وكغيرهم من ابناء المجتمع العراقي يعاني المثقفون منذ سقوط الديكتاتورية الفاشية واحتلال العراق من قبل القوات المتعددة الجنسيات بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، من إرهاصات الوضع السياسي الذي ينعكس عبر العديد من المشاهد والإحداث والقضايا اليومية التي يواجهونها والتي ترتبط بطبيعة الإشكاليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية ولم تكن هذه القضايا خافية عن بال المثقفين المبدعين اللذين جسدوها في العديد من أعمالهم الفنية والثقافية والأدبية والعلمية والإنسانية، على الرغم من المصاعب والتحديات الجدية التي يواجهونها يوميا على أيدي الجماعات التكفيرية والمليشيوية الظلامية والعصابات الإجرامية، التي تترصد هم بشكل منفرد أو جماعي، مما أدى إلى استشهاد العديد منهم بسيوف الارهابين ورصاصهم الغادر، ولم تكن القوات المحتلة المتعددة الجنسيات ( وخصوصا القوات الأمريكية ) بمعزل عن هذه الجرائم التي اقترفت بحق المثقفين العراقيين.
فقد كشفت مصادر الطب ألعدلي وبعض منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية الأخرى، عن استشهاد أكثر من 60 إعلاميا وصحفيا وفنانا بالإضافة إلى 267 أكاديمي منهم 150 شخصا من حاملي الشهادات العليا (الدكتوراه والبروفسور )في العلوم الاجتماعية والطبيعية والإنسانية المختلفة في العاصمة بغداد وبالمدن العراقية الأخرى المتفرقة، منذ 9نيسان 2003 وحتى بداية شهر أب 2006 ناهيك عن القتل الجماعي و ضحايا الإرهاب التي تفوق أعدادهم مئة ألف مواطن، إضافة إلى المهجرين داخل الوطن والذين فاق عددهم على (200 ألف ) مواطن عراقي وفق الإحصائيات الغير رسمية، مما ضاعف من الهجرة الواسعة للآلاف من الطاقات والكوادر العلمية والأكاديمية إلى كوردستان العراق وبلدان العالم الأخرى هربا من الموت المجاني، لينظموا إلى ملاين العراقيين المهجرين والمغتربين ومن ضمنيهم الالاف من الاكاديمين والمثقفين و الأدباء والصحفيين والفنانين.
ربما يتصور القارىء الكريم إن هذا العرض الموجز يصب في صالح الأصوات التي تتعالى في بلادنا في ظل ألازمة الراهنة والتي تترحم على الدكتاتورية المقبورة ونظامها العفن، وتعتبر حال المثقفين والعراقيين في زمنها أفضل من الوقت الراهن !!؟
وهذه الأصوات لاتستوعب دور المثقفين العراقيين ولا تعي دورهم في العملية السياسية الراهنة، فهم عندما يبدون أرائهم بما يجري ويتصدرون للنضال ضد الإرهاب بكافة السبل والوسائل ألمشروعه، وينتقدون الظواهر السلبية علنية وبشجاعة ويحاربون الفساد بمختلف صوره، فهم يهدفون عبر ذلك إلى دفع عجلة التغير السلمي نحو الأفضل، وان ما يجري على ارض الواقع الان ليس بمستوى طموحاتهم وأهدافهم وتطلعاتهم، ولكنه على كل حال قد أطاح بالديكتاتورية وأزاحها من دون رجعة وغير مأسوفا عليها.
والمثقفون العراقيون قد سعوا منذ اللحظات الأولى ودون هوان للتصدي لتحديات الجديدة التي أحدثتها التغيرات المرتبطة بسقوط الدكتاتورية الصدامية، وقاموا بمهامهم من خلال تكون إتحاداتهم وروابطهم المهنية والإبداعية،و شرعوا با لعمل على إصدار الصحافة الو رقية والاليكترونية وإطلاق الفضائيات التلفزيونية والمحطات الإذاعية وأعادوا طبع و نشر الكتب بحرية بعد ومن دون رقيب ، وأقاموا أيضا المئات من الأعمال و المعارض والتجمعات الأدبية والفنية والثقافية في داخل الوطن وخارجه، وشاركوا في العملية السياسية السلمية بكل همة ونشاط عبر مختلف الفعاليات والنشاطات السياسية والحزبية والمهنية والاجتماعية، وأصبح فضاء الحرية النسبية الذي ساد العراق بعد سقوط الديكتاتورية على الرغم من الفوضى والأعمال الإرهابية التي أعقبته، يبعث الأمل في نفوس الكثير من المثقفين والمواطنين العراقيين المغتربين والمهجرين الحالمين بالعودة للوطن، ولكن اتساع الفوضى والخراب والإرهاب والقتل على الهوية والعنف العرقي والطائفي أدى إلى قتل هذه الأحلام في مهدها، وعقد من مهمة المثقفين في أداء رسالتهم الإنسانية، وقد واجهوا وتصدوا بصدورهم العارية للتكفيريين، والبعثو سلفيين، والمليشيوين والعصابات المنظمة، الذين قاموا بالهجوم على المؤسسات الثقافية والمكتبات والمتاحف والجامعات ودور العلم ومؤسسات الدولة الاقتصادية والاجتماعية منذ اللحظة الأولى لسقوط الصنم، وعلى مرىء من قوات المحتلة التي بقيت تتفرج على نهب المتحف الوطني وحرق المكتبة الوطنية والعديد من المؤسسات العلمية والإنسانية والاقتصادية والاجتماعية و التي سبقها ضربات مبلغ فيها للبنية التحتية الاقتصادية ومؤسسات الدولة العراقية من قبل الجيش الأمريكي والقوات المتحالفة معه و تم استكمالها بشر عنة المحاصة السياسية الطائفية باعتبارها حلا سحريا لتجاوز أزمة الفراغ الأمني والسياسي الذي خلفه سقوط الدكتاتورية ، وكانت هذه السياسية برمتها تشكل الأساس الذي بنيت عليه معالم أزمتنا الراهنة. ومع تصاعد ألازمة بات لون الدم الأحمر القاني يلون المشهد العراقي العام والمشهد الثقافي بشكل خاص و أصبحت الثقافة الطائفية المرتدية اللباس الكهنوتي المقدس هي العائق الأساس وحجر العثرة في طريق الثقافة الوطنية الديمقراطية العراقية، ومصدر من مصادر تفريخ الإرهاب الأعمى ومرجعيته الأساس التي اعتبرت المثقف الوطني خطرا كبيرا عليها لأنه يحمل سلاح القلم الأمضى من أسلحتها ووسائلها الإجرامية ، وظل يراود خيالها المريض على الدوام هاجس العداء للمثقف الوطني الديمقراطي باعتباره العدو اللدود لمشاريعها وأجندتها فاستهدفته في كل الأوقات والأماكن ، لتكسر من شوكته وتحبط من عزيمته وتخلي الساحة منه حتى يصبح لها الجو خاليا لتصول وتجول و تفعل أسوء ما فعله صدام حسين وزمرته من بشاعة وإجرام وعدوانية ووحشية وعنصرية، وهذه الأعمال لا ترتبط بأي رابط بالحضارة الإنسانية العراقية والأديان والمذاهب والأعراف والتقاليد وتشكل وصمة عار في جبين منفذيها من عصابات التكفير والمليشيات والجماعات المسلحة الخارجة عن القانون والمسؤلة عن القتل الجماعي على هوية والعنف الطائفي ومعهم كل من يبرر لهذه الأعمال الوحشية بدعوى المقاومة وإخراج القوات الأجنبية المحتلة من المتمنطقين بالثقافة الطائفية العنصرية، ولم يتوانى هولاء المجرمين الأقزام من أيتام صدام وأحفاده القتلة خرجي سجون أبو غريب ومن وجلادي الأمن العامة وضباط الشرطة والجيش والاستخبارات والمخابرات المجرمين الذين اقترفوا أعظم الجرائم بحق الشعب العراقي في حلبجة والأنفال وانتفاضة آذار المجيدة 1991، و في ظل هذه الأجواء تسلل شرطة الثقافة السابقين الذي نزعوا الزيتوني ولبسوا الأبيض والأسود والأخضر وأطالوا لحاهم وكثروا من تسبيحا تهم الباطلة، ليوجه ضرباتهم الموجعة للثقافة الوطنية العراقية والمثقفين العراقيين مستخدمين الجهل والخراب الثقافي، للقيام بجرائمهم التي استمدت خوائها الفكري من الديكتاتورية الصدامية البغيضة خلال 27 عاما من عمر التجهيل وفرض الثقافة الفاشية السوداء التي برر لها هولاء بالأمس القريب ودافعوا عن ثقافة القتل والاغتيال والمقابر الجماعية والحروب والابادة الجماعية وجرائم الأرض المحروقة والتميز القومي والعرقي والمذهبي، ومارسوا سياسة ديماغوجية لذرة الرماد في العيون ولتسويق منتجاتهم الشعاراتيه الفاقعة اللون والممسوخة الهوية في الشارع العربي لتغطيه كل هذه الجرائم التي ظلت حلبجة الشهيدة والاهوار والمقابر الجماعية ومئات ألاف من اليتامى والأرامل والمعوقين والشهداء شهود عليها حتى يومنا هذا !!؟
يسعون المثقفون الوطنيون اليوم للتصدي للإرهاب بمختلف صوره والاشكاله، وعبر جملة من الفعاليات الذي يقف في مقدمتها المشاركة في مؤتمر المصالحة الوطنية والتوقيع على مثياق الشرف الإعلامي ووثيقة المثقفين لمحاربة الإرهاب والمصالحة الوطنية، متوخين من هذه النشاطات و الفعاليات إن تترك أثرها الايجابي على مجرى الإحداث، وأن يستعيدوا عبرها المثقفين جزء من دورهم الفعال في الشارع السياسي العراقي. وقد قدم المثقفين العراقيين الالاف الشهداء دفاعا عن الثقافة الوطنية العراقية من اجل التآخي بين الشعوب العراق والقوميات والمذاهب والأعراق والأديان والمكونات السياسية والاجتماعية ولازالوا حتى الأمس القريب يقدموا التضحيات من أجل العراق الجديد، فقد استشهد الزميل الصحفي إياد نصيف الموسوي بعد اختطافه من قبل جماعة مسلحة مجهولة الهوية من شارع فلسطين شرق العاصمة بغداد منتصف الشهر الماضي وعثر على جثمانه أواسط الشهر الجاري في ذات المكان الذي اختطف منه، وقد وجد مقتول خنقا.(1)
ولدراسة أحوال المثقفين وكيفية مواجهتهم للعنف والإرهاب والتهديدات من قبل المجموعات المسلحة والمليشيات والجماعات التكفيرية، الذين يرعبونهم المثقفون العزل من الصحفيين والشعراء والأدباء والمسرحين الرسامين والفنانين....ألخ ، حينما يبدون رأيه في قضايا وأحداث يضعون فيها النقاط على الحروف و يستندون فيها إلى المستندات الثبوتية التي تدين وتوشير بوضوح إلى الأشخاص المتنفدين في هذه الجرائم اوتلك ، فيقومون بوضح النهار في ألاماكن العامة ووسط المدن والحواضر باغتيالهم ووضع جثثهم فوق المزا بل وفي المجاري الأسنة، أو تختطفهم ليصبحوا مجهول المصير أو يجبروا على الهجرة من منطقتهم ومحلتهم وأرضهم، أو يهددوا عبر الرسائل الالكترونية ليخرسوا ويغلقوا أفواههم ويغمضوا أعينيهم عمى يدور ويجري من إحداث وقضايا في بلادنا.
وقد كتب جزء من ذلك الشاعر والكاتب صفاء ذياب في مقال يقول فيه [هي التي لا تترك يوماً إلا بخنق صوت من الأصوات الصحفية والإعلامية... والأسوأ من ذلك أننا نعيش في حالة فوضى تثبت كل يوم إننا بلد يعيش بالقدرة الإلهية، فعلى الواقع لا نرى أي ملمح من ملامح الحكومة، العبث الذي تتصرف به قوات الشرطة والحرس الوطني يشعرنك بأنها لا تتبع لأية جهة أبداً، أو ان كل أفرادها تابعين لأحزاب ما وتأتمر بأمرهم، كل هذا والإعلامي العراقي يعيش على هامش فتوى جاهلة، إما ان تتركه حيا، أو ترميه وراء الشمس! ] (2)، ويقول في مقال اخر [أننا في العراق نمر بأخطر أزمة عرفها هذا البلد، وهو تهميش المثقف إلى درجة لا يمكن معها قول كلمة مسموعة واحدة له، لأسباب سياسية، على مستوى الأحزاب التي بدأت بهضم جميع الخراف المزروعة على جانبي الطريق، على رأي بارت، مروراً بالتسلط الديني الذي وصل ذروته الآن كما لم يصلها من قبل، وليس فقط من الإسلام السني الذي عرف بتشدده إلى درجة كتم الأصوات، بل حتى الإسلام الشيعي الذي وصل في إيران إلى أقصى مستوياته، لكنه لم يعمل فيها كما يعمل الآن في العراق، البلد الذي من المفترض ان غالبيته (الشيعية) تبحث عن متنفس لها بسبب الكبت والقتل والتهجير الذي واجهه على يد نظام البعث السابق... (3)

ويتحدث عن ذلك أيضا الكاتب والإعلامي سعد محمد رحيم الذي يعمل مراسلاً لجريدة المدى في بعقوبة في[ موقع ايلاف] ويقول (أجد أن جزءاً من الفوضى الحالية سببها فوضى الإعلام، إذ يستطيع أي شخص أن يدلي بدلوه ويتكلم ويكتب حول القضايا الخطيرة والحساسة بغض النظر عن إمكاناته ونواياه، وللأسف أتاح توسع تقنيات الإعلام والاتصال المتطورة وسهولة استخدامها الفرص للجميع- من يسعى إلى الحقيقة ومن يلفقها لأسباب شتى- وفي خضم هذه الفوضى يجري الترويج للطائفية والشوفينية وممارسة العنف وترسيخ قيم الكراهية والأحقاد، ومن ثم تتم تغذية كل ما يفضي بالأمور إلى تمزيق البلد وقتل نخبه وإضاعة موارده المادية والبشرية وتبديد فرصه في التحرر والاستقلال والتنمية).

ويتحدث السيد عبد الستار جبر، محرر صفحة الرأي في جريدة المؤتمر عن هذه القضية بمنظار اخر فيقول [فالعراق أصبح البلد الأول في العالم الذي يتعرض فيه الإعلاميون إلى القتل والاختطاف والابتزاز، حسب التقارير التي أصدرتها منظمات حقوق الصحافيين العالمية، انه مؤشر واضح على تدهور الحريات الإعلامية في هذا البلد، لكن في المقابل هنالك كما اشرنا ثمة تنوع وتكاثر في عدد الوسائل الإعلامية وهو مؤشر جيد وصحي لحرية الإعلام، وان كانت تمثل نصف الحرية، فما فائدة ان تكون لك حرية إصدار جريدة أو تأسيس إذاعة أو قناة تلفزيونية أو إصدار مطبوع ما وتجد نفسك مقيدا بأغلال الخوف من التعبير بحرية عما تريد قوله، دون ان تكفل لك حرية التعبير].

ويحاول أيضا 100 مثقف عراقي وقعوا على بيان يدين الإرهاب توضيح موقفهم من هذه الظاهرة بقولهم [إن ما يجري في العراق من قتلٍ عشوائي وبوتيرة متصاعدة، تجاوزت مائة قتيل يومياً، ويهدد بإفشال التجربة الديمقراطية وعودة مظهر من مظاهر فاشية مقيتة. والجدير بالذكر أن هذا الإرهاب لم يكن ليبلغ هذا الحد من الوحشية والاستشراء ما لم يتلق الدعم الواسع، مادياً وإعلامياً وعسكرياً، من دول الجوار وبالأخص إيران وسوريا، ودول عربية أخرى، وبمختلف الدوافع، طائفية وتصفية حسابات مع أمريكا، وبحجة دعم المقاومة ضد الاحتلال الأجنبي، وكذلك تساهل الحكومة مع العابثين بأمن الشعب. لقد أصبح واضح أن الأعمال الإرهابية الراهنة على وشك أن تفلت، نهائياً، من سيطرة الحكومة التي أظهرت عجزها عن حماية أرواح المواطنين وأموالهم من فرق الموت والمخربين. لذلك فقدَ المواطنون الشعور بالأمان وثقتهم بالسلطة، وصار همهم الوحيد هو مغادرة الوطن لكي ينجوا بأرواحهم. إذ تفيد الأنباء أن عدد العراقيين النازحين إلى دول الجوار، وخاصة سوريا والأردن، قد بلغ عدة ملايين من الأشخاص، يعيشون حياة بائسة، إضافة إلى الهجرة الداخلية القسرية بسبب التصفيات الطائفية.من بيان مئة مثقف موجه إلى الحكومة العراقية] (4)

وتعقيبا على هذا البيان أرسلت وزارة الثقافة العراقية رسالة بتوقيع الوزير إلى صحيفة طريق الشعب ردا على هذا البيان تم نشرها في العدد 18 من الصحيفة المذكورة و جاء فيه،[ نشرت صحيفتكم في عددها 15 السنة 72 بتاريخ 29 آب 2006 موضوعا تحت عنوان "مائة مثقف عراقي يوجهون نداء الى الحكومة العراقية"، نود ان نبين ما يلي مع خالص الأمنيات الصادقة.
في الوقت الذي نثمن فيه جهود المثقفين العراقيين لإنقاذ الوطن من المحن الصعبة التي يمر بها منذ أكثر من ثلاث سنوات وحفاظا على أرواح الأبرياء العراقيين بكافة انتماءاتهم الفكرية والثقافية والدينية والعلمية نود ان نبين لكم اننا في وزارة الثقافة سبق أو وجهنا نداءً مماثلا يدعو الى التصدي للمخططات الخبيثة الرامية الى زعزعة امن واستقرار البلد ونبذ الطائفية والعنف وأعلنا فيه انطلاق حملتنا الوطنية لمكافحة الثقافة الطائفية ودعوة كل المثقفين والأدباء والفنانين والصحفيين والكتاب داخل العراق وخارجه للمساهمة في هذه الحملة الوطنية والمشاركة الفعلية في بناء العراق ومكافحة آفة التفرقة وإشاعة مفاهيم المحبة والوحدة والإخاء ورص الصفوف وحقن الدماء وصناعة غد مشرق لأجيالنا القادمة. كما قامت وزارتنا بالعديد من الفعاليات والنشاطات الثقافية والفنية التي من شأنها ان تعزز من دعم مشروع المصالحة الوطنية الذي دعا إليه السيد رئيس الوزراء في وقت سابق من خلال إقامة وتبني ودعم "مؤتمر لنقابة الصحفيين" في مبني الوزارة والذي تضمن دعوة وسائل الاعلام لتبني خطاب وطني موحد لدعم نفس المشروع]

وعن الوضع العراقي الراهن يتحدث وفق رؤيته الخاصة الناقد والإعلامي علي حسن الفواز الذي يعمل في قناة آشور الفضائية فيقول،[لا يملك المشهد الإعلامي العراقي إلا ان يكون صورة فضائحية للمشهد السياسي المضطرب!! إذ يحمل كل تداعيات السياسة المصنوعة بامتياز محلي، والفاقدة لحيازة الشروط المهنية وحسن إدارة الأزمة... لذا يبدو (الإعلام العراقي) المتداول أشبه بصانع الاستعراضات من جانب، والمسوق الماهر للعبوات الكلامية فيها، مثلما يبدو من جانب آخر تأملياً لتمظهرات السياسي/ السلطوي، والميليشياوي/ العقائدي، كاشفاً عن نزعة اجتماعية وذرائعية، لكنها تخلو من (النقدية) الحية والمنهجية. إزاء هذا يكون الحديث عن حرية الإعلام العراقي حديثاً عن خطاب الأزمة ذاتها، أزمة الدولة الجديدة، أزمة المؤسسات، أزمة العلاقة المشوشة بين الهويات والمكونات والثقافات داخل المجتمع!]

بينما يتحدث الكاتب محمد محبوب في مقال له قائلا [ الذين أطلقوا ثقافة الأجتثاث كانوا مكبلين بثقافة الأنتقام التي تشبعوا بها في منافيهم بأيران ودول أخرى، ثقافة الأنتقام هي التي أنتجت لنا هذا الأنتشار الأنشطاري للجماعات الأرهابية التي تحصد أرواح العراقيين من ثلاث أعوام، كما أفرزت لنا هذا التخندق الطائفي الخطير الذي يهدد بأندلاع حرب أهلية واسعة في البلاد](5)

ويروي أحد المخرجين الشباب العراقيين من خلال تجربته في تصوير فلم في ظل فوض الإرهاب فيقول (حين كان عمار سعد يصور فيلمه الوثائقي (العلكة المجنونة) عن مخاطر العمل الصحفي في العراق منذ الغزو الأمريكي في عام 2003 انفجرت قنبلة على بعد أمتار من المكان الذي كان يقف فيه وتناثرت بقع الدم على عدسات الكاميرا، ويخيف هذا النوع من التجارب الكثيرين ولكن المصور البالغ من العمر (28 عاما) وعشرات آخرين في العراق قرر ان يروي قصته على شريط سينمائي. (6)

في حين يرى الصحفي خضير الزيدي[ طالما الخوف والقلق يسيطران على هواجسنا لن نصنع قرارا يعترف بأن رؤية اليوم اختلفت عن رؤية الأمس في الخطاب الإعلامي من حيث التنوع في الرؤى أو نقل التوجهات المعرفية أو التوجسات، الصورة تبدلت، تغير إطارها علينا أن نبدل شخصيتها على أن يكون الجمال والمصداقية هما البديل (الصوري الحامل لوجهها الجمالي) وربما يكون الوهم (الإعلامي) من سمات التبدل، لكنه وهم جميل يخدعنا ونحن نلهث وراءه... أما حقيقته فهي إشراق لم يكن في الأمس القريب إلا قبة عالية في الروح، قبة لا تراها العين... وهنا نتساءل ما الذي تغير في الإعلام؟ تغيرت أشياء ميتة وبقت روحها ترفرف فوق رؤوسنا نحن الذين لم نفهم (مدلول) الحرية بعد لان الفوضى هي التي تدفع بنا وبأصابع من رماد إلى ما يسمى (دالها) لن نعي صورة الوهم والحقيقة وفي النفس شيء من (لكن) و(أين) و(ماذا بعد) أو كلمة واحدة (متى) لقد لعب الإعلام دورا بارزا وفعالا في اجتراح الحقيقة والوهم معا، وهذا بدوره عائد إلى الخطاب السياسي المؤدلج للوسيلة المعبرة سواء الصورة المرئية أو غيرها من صور الخطاب الإعلامي ]

واجاب الشاعر إبراهيم الخياط عن تساؤل حول هموم المثقف العراقي و في مقابلة صحفية على موقع الجيران [كيف تنظر للمشهد الثقافي في خضم التنازعات بين ما هو سياسي وما هو ثقافي ؟ ليس ثمة تنازع، لكنهم الساسة الذين أبتلينا بهم، تراهم يهمشون المثقف في كل نازلة وصاعدة، لأنهم يشعرون بنقص بل مركب نقص تجاه أهل الثقافة، فالساسة ما كانوا يوماً منتجين للإبداع ولا متمكنين من الفصاحة، وترى سيرتهم ان لم يكونوا مريبين فهم لاشك مبهمون، وفي الضفة الأجمل من نهر الحياة ترى المثقفين يغرفون الطيب، ويلبسون النقاء، ولا أقنعة في جيوبهم لساعة اضطرار، لأن لا ساعة إضطرار لديهم،وترى ان المثقفين غير وجلين من نزول أهل السياسة الى ساحتهم، ولكنهم الساسة يرتعبون اذا ما صار مثقف عضواً في مجلس النواب أو في قيادة حزب أو أدار دفة منظمة مهنية دون توجيه أو إملاء ].

ولن تنتهي معاناة المثقف بهذ القدر بل تجاوزت ذلك ليضاف لها ماتعرض له أيضا على أيدي القوات المتعددة الجنسيات المحتلة التي أستشهد برصاصها العديد من الصحفيين ، وأعتقلت عدد اخر منهم بتهم مختلفة من دون تقديمهم لمحاكمات عادلة وفق القوانين الدولية ومن دون مراعاتها للقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان واتفاقيات جنيف، ومن هذه التجارب حاول اتحاد الأدباء والكتاب في العراق التعريف بقضية زميل من زملائهم، [ في صباح الأربعاء المصادف 2006/5/3 قدمه للحضور القاص شوقي كريم بكلمة استعرض خلالها جوانب من سيرة القاص الخفاجي، مستنكراً ان تتحول الحرية التي ينادي بها الاميركان الى سجون يلقى فيها الأبرياء دون ذنب، ويتركون قابعين في ظلامها دون محاكمة او أدلة ثابتة، لا سيما اذا كان السجان أجنبيا، والسجين قاصاً او شاعراً، مثل محسن الخفاجي الذي أعطى للقصة ما تعرفون ومالا تعرفون، وبعد هذه التوطئة تحدث القاص محسن الخفاجي عن الأيام والشهور العصيبة التي قضاها في معسكر بوكا في ام قصر في البصرة،](7).
وفي ظل الاستهداف المتواصل للاعلامين عقد الاتحاد العام للأدباء والكتاب ـ المركز العام وبالتعاون مع مكتب بغداد لقناة (الفيحاء) الفضائية ندوة موسعة تحت عنوان بل تحت علامة سؤال كبير (الإعلاميون.... كيف نمنع استهدافهم)؟ وذلك صباح يوم الأربعاء الأول من آذار 2006 وبحضور الأستاذ مفيد الجزائري وزير الثقافة السابق وعضو مجلس النواب والسيد شهاب التميمي نقيب الصحفيين العراقيين والشاعر ألفريد سمعان الأمين العام لإتحاد أدباء العراق والزميلة إيمان حسين مدير مكتب بغداد والمنطقة الوسطى لقناة الفيحاء، وقد استذكر الحاضرون في جو أليم تأريخ استهداف الإعلاميين في العراق مؤكدين أنه بدأ مع انقلاب 8 شباط الأسود 1963 حيث تمكن الأوغاد أنفسهم مع تغيير المسميات من الشهداء عبد الجبار وهبي، عدنان البراك، صفاء الحافظ، سامي ألعتابي، خليل المعاضيدي،عزيز السيد جاسم، ضرغام هاشم، مؤيد سامي، احمد آدم وأطوار بهجت.

ولاحظ الحضور تأثير استهداف الصحفيين والإعلاميين على التغطية الموضوعية والحيادية للأحداث المحلية، واتفقوا على أن الاعتداءات الإجرامية على الإعلاميين هي اختراق صارخ لحرية الإعلام والتعبير، وانه لا يمكن أن تقبل أية جهة في العالم اغتيال صحافي مهما كانت جنسيته.

وفي مقاله حول المربد يقول الشاعر عدنان الصائغ (المشكلة أكبر بكثر مما يظن البعض، وممن كتبوا.. أنها منظومة ثقافية هجينة بدأت تزحف على البلد وتفرض أجندتها "الطالبانية" الكريهة والقاتلة.. وتزحف على العقل وتشلّهُ... هذه المنظومة السياسية والدينية، بشكل أخص، تضخمت كروشها فجأة بعد سقوط النظام، وازدادت أملاكها ومسلحوها وتنوعت أسلحتها، فسيطروا على الشارع والحياة وحتى على الحكومة، بشكل أو بآخر، نعم يمكنك الآن أن تشتم وتدين وتنتقد الإرهابي والقاتل ورجل الدين والسياسي والحزبي و.. و.. وما تشاء.. لكن شريطة أن تتحدث بلغة العموم، وأن تكتب بلغة العموم، دون أن تسمي أو تشخصّ أحداً.. في زمن المليشيات الجديدة، صدرت (أو دستْ) قوائم تطالب بتصفية الكتاب العراقيين المؤيدين للنظام.. قائمة جديدة، قائمة قديمة،هكذا - في كلا الحالتين - بلا محكمة.. أو مراجعة أو تدقيق.. أو حتى سؤال.. ما أسهل التهمة، وما أسهل الذبح.. والمفارقة الأمرُّ هذه المرة، أن القائمة الجديدة أحتوت على أسماء كانت القائمة القديمة تطالب بتصفيتها!! أسماء اتهمت في الزمن الماضي بأنها معادية للنظام، هي الآن متهمة بأنها كانت مؤيدة للنظام!! فهل اتحدوا على ذبحنا!!؟(8)

وفي مقابلة مع المخرج المسرحي نورالدين فارس تحت عنوان [ تطور المسرح مرهون بالديمقراطية ] يقول [الإرهاب اليوم عبارة عن موجات من العبث الفكري والعبث بمصير الناس من قبل عصابات جاهلة لا علاقة لها بالدين ولا بالحضارة. وهذا العبث ليس منفصلا عن ما يجري في التجمعات العربية والإسلامية في الخارج، والذي كان من ضحاياه المخرج "تيو فان خوخ"، الذي صعقه مقتله؛ إذ يرى "فارس" أن الإنسان هو أثمن ما في الحياة. فكيف إذا كان مبدعا؟ ويستغرب أن يقتل شخص آخر بسب اختلاف في وجهة نظر، إذ يمكن الرد عليه بمقال أو مسرحية أو فيلم لا بالقتل. ويقول: إن ما زاد مقتله مأساوية انحداره من عائلة الفنان "فان خوخ"، حيث "بدا لي كأن القاتل "محمد بويري" قد طعن جسد "فان خوخ" النحيل لا جسد حفيده".
وهو يستغرب الطريقة التي تـُفسر بها آيات القرآن التي ترفض القتل بتحريف تأويلها باتجاه الحث على القتل. مستشهدا بالآية القرآنية: "من قتل نفسا بغير نفس أو فسادا في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" ويستغرب الدور السلبي والتحريضي لرجال الدين" كـ"القرضاوي" لذي يفتي بالقتل بغير وجه حق ويحرض على الكره". ويقارن بين توظيف وسائل الاتصال في الغرب لصالح الناس وتوظيفها في الشرق الأوسط ضد الناس كما يجري في شبكة الإنترنيت وبعض الفضائيات العربية]

ويتحدث د. حميد الهاشمي عن دور [الأنتلجنسيا هنا هو في استمرار ممارسة الضغط على الأطراف المعنية (قوات الاحتلال والحكومة العراقية) من أجل تطوير آليات ذلك وتجسيدها على أرض الواقع. كما ينبغي على هذه الطبقة ممارسة دورها في كشف هؤلاء العابثين بأمن البلاد ومن ورائهم تلك الأطراف التي تدعمهم سواء بالكلمة أو بالمال أو السلاح. كما يُؤمَّل من المثقف العراقي أن يبشر بمستقبل أفضل وأن يسد أبواب التشاؤم والصورة السوداوية...

وفي جانب آخر يُنتظر من الأنتلجنسيا العراقية أنْ تمارس دورها في إشاعة المفاهيم الحضارية والديمقراطية التي تفتقر إليها ثقافة الشارع العراقي إلى حد كبير وذلك بسبب الإرث السئ الذي خلفته الديكتاتورية البغيضة طوال الفترة الماضية].

بينما يرى الرسام الكاريكاتير وواحد من رواده المعروفين بسام فرج إن قصية الإرهاب ترتبط بإرث الدكتاتورية [فطيلة الأربعين عاما من الحكم التخريبي عمدت السلطة وبشكل أساسي إلي هدم كل ما هو جميل، إلي قتل الإبداع، إلي قلب المفاهيم في علم الجمال إلي قتل وهدم وحرق وإلغاء ومحو ومصادرة كل القيم الإنسانية المتركزة في روح الفرد العراقي منذ آلاف السنين.لقد أصيب المثقفون بخيبة أمل كبيرة بعد زوال هذا الكابوس المرعب، فقد بات واضحا للعيان بأن عملية مسخ الإنسان لازالت مستمرة ولكن بأساليب أعتي وأخبث، وهي تحمل في محتواها نفس الأساليب ولكن الأهداف الجديدة ليست نفس أهداف الأمس، وإنما هي اليوم تخدم فكرا سلفيا وطائفيا تديره شرائح متنفذة وفقا لمصالحها الذاتية، لا بل أصبحت ممارسات هذه الشرائح في صراع دائم فيما بينها، من يسبق من في تطبيق التخلف والانحطاط والعودة إلي الوراء، ومن يسبق من في الانقضاض على ما تبقى من فن وأدب وعلم وتهديم كل ما هو جميل وعصري، وتخريب آخر خلية تحمل الخير في عقل الإنسان العراقي.]

و يرى السيد محمد عبد الجبار الشبوط في مقاله جانبا اخر من مشكلة الإرهاب في بلادنافيقول [ينبغي ان تتزامن عملية المصالحة السياسية مع عملية واسعة للتغيير الثقافي بهدف إشاعة ثقافة المصالحة والتسامح والتعاون واللقاء والحوار ونبذ العنف والاعتراف بالأخر واحترام حقه في العيش والاختلاف وتقرير المصير والمشاركة الكاملة في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية للبلد، وباختصار الثقافة الديمقراطية بمعناها الواسع. ولما كان التغيير الثقافي عملية وصيرورة اكثر منه عملا مجردا، فانه يحتاج الى سلسلة من المبادرات الهادفة الى تعزيز ودعم وبناء ثقافة المصالحة والسلام. وهذا ما يفترض ان القائمين على عملية المصالحة الوطنية يولونه بالاهتمام الكافي. وستواجه عملية التغيير الثقافي في العراق مشكلة تغلب الثقافات او الهويات الفرعية على الثقافة والهوية الوطنية العراقية المشتركة لأسباب كثيرة ليس الان محل البحث عنها.... وأقول هنا ان أي مشروع للمصالحة الوطنية او لبناء الشراكة السياسية سوف ينهار او يضعف او ينتكس ما لم تتم أحاطته بإطار متين من الثقافة الوطنية المشتركة التي تجمع ولا تفرق، وتجسد المشتركات ولا تعمق مواضع التمايز والاختلاف. وأضيف أيضا انه اذا تطلبت العملية السياسية الركون الى مفهوم الديمقراطية التوافقية، مع ما فيها من سلبيات، فان المصالحة الوطنية بحاجة الى الثقافة الاندماجية وليس الثقافة التوافقية. واذا أمكن تطبيق المحاصصة الاثنية في العملية السياسية، اضطرارا، فليس بالامكان تطبيقها في العملية الثقافية.] (9)

وقال السيد محمد إسماعيل الخزعلي عضو لجنة الثقافة والأعلام والسياحة والآثار في مجلس النواب: [ان اللجنة تراقب عمل وسائل الأعلام التي تثير النعرات الطائفية وتطرح توجهات ضد وحدة البلد والمصالحة الوطنية. وأضاف في تصريح للوكالة الوطنية العراقية للأنباء/نينا/ اليوم الخميس:"ان اللجنة بصدد إعداد ورقة عمل للأعوام الأربعة المقبلة، تتضمن الأشراف على وسائل الأعلام والثقافة والسياحة، وبالأخص السياحة الدينية، وتطوير الفنون والآداب وإعادة الآثار المسروقة ومتابعة عما هيئة الأعلام والاتصالات". وأوضح الخزعلي: ان وسائل الأعلام العراقية ستخضع الى تقييم من قبل هذه اللجنة بعد مدة، وستحال وسائل الأعلام التي تثير النعرات الطائفية الى القضاء. وتابع: ان وسائل الأعلام وقّعت قبل مدة على ميثاق للشرف الإعلامي نتمنى ان يلتزم به الجميع. وأشار الخزعلي الى: ان اللجنة ستقوم برفع توصيات الى رئاسة المجلس عن وسائل الأعلام لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحقها ]

وقد فات السيد محمد إسماعيل الخزعلي الكثير من القضايا التي لم يذكرها أو يذكر بها، وفي مقدمتها حث مجلس النواب على توفير الحماية للصحفيين والاعلامين، والاهتمام بالظروف المعاشية والإنسانية للمثقفين ورعاية كبار السن منهم، وتكريم المثقف العراقي ومساعدة لتخلص من العوز والتشرد الذي بعانية في داخل الوطن وخارجة... والقائمة تطول وليس هناك متسع من الوقت لسيد الخزعلي أو لمجلس النواب لسماعها !!؟ طالما أنهم لم يحركوا ساكنا بالمطالبة بإلغاء القرار المجحف الذي اتخذته حكومة السيد الجعفري بتجميد أموال الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق والذي وزال قائما، بل الحق بقرار اخر رفض مجلس القضاء الأعلى الأشراف على انتخابات الاتحاد العام الأدباء والكتاب في العراق.
سوف تظل المواجهة بين المثقفين العراقيين والإرهاب مواجهة مفتوحة تحتاج إلى مثقف شجاع كما يقول الدكتور احمد البغدادي (فإن الحاجة للمثقف الشجاع ألزم وأوجب، لما يملكه من رؤية للواقع. العالم لم يتغير نحو الأفضل إلا بوجود المثقفين الشجعان الذين واجهوا التخلف والاستبداد، أي السلطتين السياسية والدينية، ودفعوا ثمن مواجهتهم نفياً وتشريداً وحرقاً واغتيالاً وسجناً وفقراً.) (10)

ويحذرنا أيضا الباحث حامد الحمداني من منزلق الحرب الأهلية ويؤكد على أهمية الخيار الوطني الديمقراطي لحل الإشكالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية فيقول [أما إذا لم يقم في العراق نظام ديمقراطي حقيقي، فالعراق بكل تأكيد معرض للصراع القومي والطائفي والديني الذي لن ينجو منه أي فريق بل سيكتوي الجميع بنيرانه، والحريق يمكن أن يبدأ بعود ثقاب ولكنه قد لا يمكن السيطرة عليه، وقد ينتهي بكارثة كبرى !.] (11)
وتقع على المثقفين العراقيين مهمات عسيرة جدا تتطلب منهم العمل المتواصل والشجاعة والاستمرارية والتحدي أكثر بكثير مما ذهب إليه الأستاذ الفاضل أحمد البغدادي للتصدي لثقافة القتل والتعصب الطائفي والديني والمذهبي التي يسعى أشباه المثقفين من الطائفيين السياسيين إلى تبريرها وفرضها على المجتمع العراقي بقوة العصابات والمليشيات والجماعات التكفيرية المتحالفة مع قوى الفساد من الطفيليين والبروقراطين والحوا سم الجدد.
وبالرغم من كل الظروف المعقدة والإرهاصات والإشكاليات التي يواجها المثقفين الوطنين العراقيين فإنهم سوف ينتصرون بتحالفهم مع سائر الفئات والطبقات والمكونات الاجتماعية ذات المصلحة الحقيقية في استمرار العملية السياسية السلمية وانتصارها للاستعادة السيادة الوطنية والاستقلال الوطني و جدولة انسحاب وخروج القوات المحتلة المتعددة الجنسيات من بلادنا، وبناء العراق الاتحادي الفيدرالي الديمقراطي الموحد.


الهوامش
1_ نشر الخبر على موقع جريدة القاسم المشترك ونقل بتصرف.
2_ موقع[ ايلاف 14_8-2006] حوار مع أعلامين عراقيين.
3_ موقع[ ايلاف 14_8-2006] صفاء ذياب عن المثقفين العراقيين.
4_ بيان 100 مثقف عراقي [ موقع الناس 23_8_ 2006 ].
5_ (القاسم المشترك_ 1سبتمبر 2006_تحت عنوان بعيدا ثقافة الانتقام).
6_. السينما العراقية سينما التغلب على الموت ووسائل الدمار_ موقع الجيران _ 8-7-2006.
7_ موقع الجيران.
8_ (مطر المربد _ عدنان الصائغ _ الجيران)
9_ المصالحة صيرورة سياسية وأجتماعيةوثقافية مستمرة _ الجزء الثاني _موقع الطريق.

10 _ الاتحاد الامارا تية_28_3_2006] -الحاجة إلى مثقف شجاع.
11_خياران لا ثالث لهما، الوطنية العراقية أو الكارثة حامد الحمداني 3 أيلول _2006_ موقع صوت العراق.

majid.sha61@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف