مقتل أم استشهاد؟ إرهابي أم مقاتل؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
"When you catch an adjective ,kill it. "
Mark Twain
كثرت القنوات الفضائية العربية، ولا تزال تتوالد كل يوم لكن لو أردنا أن نحصر القنوات التي تعتمد على حد معقول من المهنيةوالحياديةالاعلامية خاصة في نقل الأخبار وتناولها سنجدها لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.
وقنواتنا الفضائية تشبه حياتنا الاجتماعية في المحسوبيات والتعصب والمجاملات وتطييب الخواطر والحش والردح في بعض الأحيان، حسنا.. قد لا يتوقع من قناة الجزيرة مثلا أن تنتقد الحكومة القطرية كما لا يتوقع من العربية أن تستضيف معارضا سعوديا أومن قناة المستقبل أن تنسى قضية الحريري وأن لا توجه أخبارها لمهاجمةأعدائه، أوأن تتخلى قناة المنار عن كلمة المقاومة الاسلامية أو العدو الاسرائيلي، لكن ذلك لا يبرر التحرر من أبسط القواعد المهنية التي نراها حتى في نقل الخبر البسيط.
وبالمرور على قنواتنا الفضائية سنجد أن لدينا أزمة مصطلحات وهي أزمة مزمنة، وهي مثال بسيط على فشلنا في الاتفاق على شيء، فمنذ عقود ونحن نسمي هزيمتنا المخزية في عام 67(نكسة)، رغم أننا لو وجدنا اعلاما محايدا وقتها يقول لنا أنها هزيمة وواجهناها بصدق وحللنا أسبابها بحيادية وحرية، ربما لكان لنا وضع آخر اليوم، أيضا ظل الاعلام العربي يسبق اسم أي دولة عربية باسم (الشقيقة )التي لم تمثل على أرض الواقع أي معنى حقيقي وعملي ولم نرى منها الا احتلال الشقيق لشقيقه بحجة أننا كلنا واحد، بالمقابل لم نسمع يوما سياسيا فرنسيا يتغزل (بالشقيقة) سويسرا رغم أن القطار الذي تحرك على موعده في الساعة الواحدة والسابعة والخمسين دقيقة ونقلني من باريس الى جنيف لم يسألني أحد فيه عن جواز سفري أو أوراقي الثبوتية، كما يذهب أهل جنيف الى فيرني الفرنسية كل صباح لشراء طعامهم من السوبر ماركت الرخيص هناك دون أي تعقيدات أو حواجزوأيضا دون أن يسمعوا يوما فرانك سيناترا أو مادونا يطلقون الأغاني التي تمجد ( الوحدة الأوروبية).
أزمة المصطلحات تظهر بوضوح في اختيار المفردات التي تصف الأحداث الدائرة اليوم، فالبعض ذهب الى درجة تخوين القنوات الاخبارية التي لا تستخدم كلمة (استشهاد) لوصف القتلى الفلسطينيين واستبدالها بكلمة (مقتل) رغم أن استخدام مفردة مقتل لوصف الحدث ليس سوى نوع من الحيادية التي نحتاجها حتى يكون لدينا اعلام حر محايد يحترم نفسه ويحترمه الآخرون، ففي نقل الخبر يفترض اختيار المفردة التي تصف الحدث كما هو والتي يمكن أن يستخدمها أي انسان مهما كانت خلفيته الايديولوجية، بالمقابل هناك من يستخدم كلمة (ارهابي) على ما يطلق عليه في قناة أخرى كلمة( مقاوم) أو(مجاهد ) لكن ربما تكون كلمة (مقاتل )هي الانسب، كما ظهرت أزمة المصطلحات في وصف الغزو الاميركي للعراق بين من أسماه (تحرير) وبين من أسماه ( احتلال) ولكل أسبابه الموضوعية وفق ايديولوجيته ومصالحه لذلك اقترح الكاتب الكويتي سعد بن طفلة أن يحل هذه الأزمة ويطلق عليه اسم (التحلال) الأميركي للعراق
وغياب المهنية الاعلامية لا يقتصر على القنوات العربية فقط بل نجده بوضوح في قناة فوكس نيوز على سبيل المثال وبشكل يثير الضحك، وحتى في قناة السي ان ان لم يستطع لاري كينغ في برنامجه الشهير والذي خصصه لتناول أحداث لبنان أن يتخلى عن أيديولوجيته وظهر تحيزه واضحا لاسرائيل، وتظل البي بي سي البريطانية العريقة هي الأقرب الى الحيادية والأقل أخطاء والأكثر قدرة على كسب ثقة المشاهد وذلك حتى إشعار آخر.
thepuzzle3@hotmail.com