كتَّاب إيلاف

هل كان ارتباط محمد طه احمد بإيران سببا في مقتله؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

شكلت عملية قتل الصحفي المعروف، محمد طه محمد احمد رئيس تحرير صحيفة "الوفاق" السودانية الذي وجد منحورا في يوم الأربعاء السادس من الشهر الجاري في الخرطوم، صدمة وذهول لدي العديد من القطاعات الإعلامية والسياسية السودانية و العربية و ذلك بسبب عدم توقع حدوث مثل هذه العملية او الطريقة التي قتل فيها والتي وصفت بالمفجعة. خصوصا وان الصحافة في السودان تعيش حالة من الحرية الملموسة قياسا بنظيراتها في الكثير من الدول العربية والأفريقية المجاورة.
التقارير والتصريحات الإعلامية السودانية والعربية التي تناولت مقتل محمد طه احمد ربطت الحادث بالتهديدات التي كان قد تلقها عقب نشر صحيفته لفصول من كتاب لمؤلف مجهول يدعى المقريزي يتهجم فيه على الرسول صلى الله عليه وسلم. وهو ما أدى لاحقا الى رفع عدد من السودانيين دعوة قضائية ضده مطالبين بإنزال عقوبة الإعدام به. وقد صاحب مثول طه أمام محكمة جنايات الخرطوم مظاهرات صاخبة هتف فيها المتظاهرون بـ (الحد الحد لمن يرتد)، ( لا إله إلا الله..مزمم طه عدو الله). وبحسب المقربين منه فان محمد طه لم يأخذ تلك التهديدات والتي كان أبرزها قد صدر عن جماعة تدعى "منظمة حمزة لمحاربة المرتدين والمرتزقة"، محمل الجد.وبينما أجمعت الصحافة السودانية والعربية على ان مقتل محمد طه احمد مرتبط بالقضية أعلاه إلا ان الصحافة الإيرانية وحدها انفردت بتحليل ورواية مغايرة تشرح فيها ما أسمته بالأسباب الحقيقية التي تقف وراء مقتل محمد طه.
فقد نقلت الصحافة الإيرانية عن بعض المسؤولين الإيرانيين معلومات عن محمد طه لم يسبق للصحافة السودانية او العربية ذكرها او التطرق إليها، ومن جملتها تشيعه وعلاقاته الوطيدة بالنظام الإيراني ودفاعه المستميت عن الأمة الفارسية وأمور أخرى.
وقد نشرت الصحافة الإيرانية عن احد أصدقاء محمد طه قائلا ان مقتل الأخير لا علاقة له بموقفه من متمردي دارفور وإنما الأمر يعد رسالة واضحة من جانب الحركة الوهابية لأنصار التشيع في السودان. و يصيف "محمد هادي ألتسخيري" وهو احد كبار المسؤولين في منظمة "الثقافة والعلاقات الإسلامية" [وهي منظمة حكومية مسئولة عن المراكز الثقافية الإيرانية في الخارج وتقوم بتجنيد العملاء للنظام الإيراني] انه قد تعرف على محمد طه احمد الذي كانت تربطه علاقة جيدة بالمركز الثقافي الإيراني بالخرطوم قبل خمسة عشر عاما وكان طه من المتيمين بحب الخميني ولهذا السبب سما ابنه باسم الخميني الصغير وقام بعدة زيارات لإيران زار خلالها قبر محبوبه الخميني.
وفي احد أيام عام 2000م سألته لماذا سميت ابنك الخميني الصغير؟ فرد علي قائلا أردت ان أقول له عندما تكبر وتصل الى احد المراتب عليك ان تتذكر انك أنت الخميني الصغير وان الخميني الكبير واحد فقط لا أكثر وهو الإمام الخميني.
ويضيف ألتسخيري: ان محمد طه كان طالب حق وانه قتل بسبب دفاعه عن ايران والتشيع مستدلا على ذلك بمقالات لمحمد طه بعنوان "لله والحرية" رد فيها على خصومه الذين عابوا عليه تشيعه قائلا : ليبقي الله الشيعة محبي أبي تراب علي بن أبي طالب و المدافعين عن فكر أهل بيت الرسول (ص). وان التشيع فخر كبير لا يمكن للضعفاء من أمثالي بلوغه إلا في جنوب لبنان مع المجاهد السيد حسن نصر الله.
وفي عام 2000م وعقب الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان كتب محمد طه في جريدة الوفاق، إننا يجب ان نعترف ان شيعة جنوب لبنان وبدعم من شيعة العالم قد تمكنوا من تحرير أراضي العرب الذين يدينون باديان مختلفة. مشيدا حسب ما ينقله ألتسخيري بإيران والإيرانيين قائلا:
ان النبي الأكرم (ص) قال لأحد أصحابه الذي سأل عن من المقصودين بالآية الكريمة "ان تتولّوا يستبدل الله قوما غيرکم ثم لا يکونوا أمثالکم" وهو يشير الى سلمان،أن هذا الرجل وقومه، ثم يضيف لو كان الدين في الثريا لناله رجال من فارس. ويتساءل محمد طه، لو لم تتحقق تلك البشائر النبوية في عهد الإمام الخميني متى إذن كانت ستتحقق؟.
وتعليقا على حادثة طبس المشهورة عام 1980م والتي أدت الى إحراق اثنين من الطائرات الأمريكية اللاتي كانتا تشارك في عملية لاطلاق سراح رهائن السفارة الأمريكية في طهران، فقد كتب محمد طه مشبها الحادث بحرب الخندق، قائلا: هنا يتحقق الوعد الإلهي وتثبت دولة المؤمنين حقانيتها عندما تتنزل عليها البركة الإلهي لتحميها وتدافع عنها "ان الله يدافع عن الذين آمنوا"... فكما عجزت قريش و أسد وقفطان واليهود عن عبور خندق سلمان فان أمريكا أيضا عجزت عن مهاجمة ايران واحترقت طائراتها في صحراء طبس. ويؤكد المسؤول الإيراني ان ما نقله عن محمد طه احمد منشور في صحيفة الوفاق السودانية العدد 856 والصادر في تاريخ 4/6/2000 م.
ويضيف محمد هادي ألتسخيري متسائلا، هكذا رجل متيم بإيران وحب الخميني يختطف ويقتل ظلما ولا احد في ايران وغيرها يحرك ساكنا؟. فمتى وكيف نستطيع ان رد على تلك الجريمة بإرادة قوية.
ولكن هل هناك من صحة للرواية الإيرانية ام أنها مجردة فتنة يريد النظام الإيراني من خلالها إثبات حسن نواياه للأمريكان من ان ايران مستعدة للمساهمة في الضغط على نظام السوداني الذي يتعرض الى حملة ضغط قوية عبر الجبهات التي ما ان يغلق واحدة منها حتى تنفتح عليه أخرى؟.
وإذا ما صحت الرواية الإيرانية بشأن علاقة الصحفي محمد طه احمد بإيران فهل هذا يؤكد صحة التقارير التي كانت قد تحدثت عن اختراق ايراني للساحة السودانية وإنشاء خلايا سرية على طريقة تنظيم القاعدة؟.
هذا ما يجب ان تكتشفه الحكومة السودانية وما يجب ان يتأكد من صحته الصحفيون و الإعلاميون والسياسيون السودانيون لكي لا يقعوا في فخ الفتنة الإيرانية التي وقع بها بعض أشقائهم في العراق ولبنان وفلسطين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف