كتَّاب إيلاف

الآثار الاقتصادية لـ 11 سبتمر

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

كان هدف القوى الاصولية التي تشربت من الخطاب الديني ثقافتى الكراهية والحقد، من تدمير برجي نيويورك يوم 11 سبتمر 2001، توجيه ضربة لاهم رموز الاقتصاد الامريكي والدولي، غير عابئين بالاف الارواح البريئة التي أزهقوها بفعلتهم هذه. لكن هل انهار الاقتصاد الامريكي والعالمي نتيجة هذه الجريمة؟ الحقائق التالية تؤكد عكس ذلك. صحيح ان اسعار الاسهم الامريكية قد انهارت بحوالي 11% بعد الفاجعة. لكن مستوى الاسعار الحالي يتجاوز مستواها في 11 سبتمبر بحوالي الثلث.

كان للاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الامريكي دورا هاما في معالجة اثار الصدمة، بتخفيضاته المتتالية لسعر الفائدة. كما ساهمت ثقة المستهلكين في دعم الطلب الداخلي، مما عزز الاستثمار والانتاج، حيث قفزت مبيعات السيارات بحوالي 26% خلال سنة بعد الحادثة. كما لعبت التكنولوجيا الحديثة دورا هاما في التغلب على المصاب الذي كاد ان يلحق بالاقتصاد الامريكي، ومن ثم بمجمل الاقتصادات الاخرى - خصوصا الضعيفة - بحكم الترابط الحالي بينها نتيجة العولمة التي حولت الاقتصاديات الوطنية الى اقتصاد عالمي.

جاء في دراسة لصحيفة "وول ستريت" بتاريخ 11 سبتمبر الجاري، عن الاقتصاد الامريكي، ان ارباح الشركات قد ارتفعت من 750 مليار دولار خلال 2001 الى ما يفوق 1250 مليار دولار خلال 2005، كما نهض قطاع العقارات الموجهة للاستعمال الاداري بكبرى المدن الامريكية (نيويورك، شيكاغو، بوسطن، يان فرانسيسكو، وواشنطن العاصمة) حيث زادت المساحة خلال نفس الفترة من 627 مليون قدم مربع الى 645 مليون قدم مربع. كما نهضت حركة الموانيء حيث بلغ عدد الحاويات التي تم نقلها من 30.7 مليون خلال 2001 الى 42 ملون خلال 2005، وارتفع الشحن الجوي للبضائع لشركة "فيدرال اكسبراس" من معدل يومي بلغ 4.8 مليون طردا قبل الكارثة الى 6.1 مليون الان.
ولعبت التكنولوجيا الحديثة دورا اساسيا في التغلب على الانعكاسات السلبية للكارثة، حيث زادت الشركات الخاصة للخدمات الامنية بـ 6.8% فقط خلال 2000 - 2005 مقارنة بـ 7.1% خلال 1995 - 2000. وعوضت التكنولوجيا الدور الذي من المفترض ان يقوم به اعوان الحراسة، مما سمح بتخفيض عددهم من 995 الفا عام 2001 الى 994 الفا في عام 2005، مقابل ارتفاع اجهزة الانذار من 42 الفا الى قرابة 50 الفا خلال نفس الفترة.
ومن اعاجيب التكنولوجيا الحديثة ان سمحت بتخفيض نسبة تحويل وجهة الرحلات الجوية داخل امريكا من 0.25% خلال 2001 الى 0.20% خلال 2005، كما انخفضت نسبة تاخير الرحلات من 19.9% الى 17.9%، خلافا للتوقعات بحدوث العكس.

ويمكن قول نفس الشيء عن نمو الاقتصاد العالمي، حيث جاء في احدث منشورات صندوق النقد الدولي بهذا الخصوص تقديرات لنسب مرتفعة لسنة 2005 تصل 3.6% في امريكا،1.3% بمنطقة اليورو، 9.1% في الصين، 7% في الهند، 4.4% في منطقة امريكا الجنوبية... وتؤكد هذه الارقام ان العالم يعرف حاليا اعلى نسبة نمو اقتصادي في تاريخ العقود الثلاية الماضية (المصدر :www.imf.org). ويعني هذا ان الارهابيين قد فشلوا في رهانهم على تركيع الانسانية لاجندتهم الاجرامية - على المستوى الاقتصادي على الاقل - مما يزيد في حظوظ الحاق الهزيمة بهم على المستويات الاخرى.

باحث اكاديمي في اقتصاديات التنمية وخبير سابق بصندوق النقد الدولي بواشنطن.
abuk1010@hotmail.com


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف