معالجة الطائفية: مشروع متكامل وإرادة وطنية صادقة!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
(2/1)
يتفق العلمانيون والعاملون على تشغيل الدين بالسياسة على تصاعد الطائفية في العراق في السنوات الثلاث الأخيرة خاصة وإلى مستويات لم يسبق لها مثيل من قبل. لكنهم يفترقون تماماً بعد هذه المحطة كل في طريق! فبينما يرى العلمانيون أو المدنيون المتطلعون لحياة جديدة أنها نذر شر رهيب ومعضلة معوقة ومدمرة ويجب العمل على إيجاد حل لها ومعالجتها وتصفيتها جذرياً وبعمل حضاري متكامل ومتواصل يجب أن يعطي نتائجه في مدى معقول. يتحدث قادة الدين السياسي على منابرهم العامة ضد الطائفية لكن كل منهم يلقي ظاهرتها وأسبابها ودواعيها على الطائفة الأخرى ويرى نفسه بريئاً مسكيناً مسالماً وضحية لطائفية الطرف الآخر بينما هو متخم بالطائفية أكثر من ذئب افترس حملاً لتوه! قادة ومراجع الطائفة يرون الطائفية في أعماقهم صحيحة و شرعية ومقدسة ويجب الإبقاء عليها فهي ضمان تمايزهم الذي يبقي على مراكزهم ومصالحهم! وفي خلواتهم مع طوائفهم يدفعونهم لتكريسها والعمل بموجبها ووفق قوانينها وتراثها وعقدها ويحضون للاستمرار عليها وفي مزيد من التصعيد والتطرف! العلمانيون يعون أبعاد المشكلة الطائفية جيداً ولكن ليس بيدهم مفاتيح حلها أو التأثير عليها إلا قليلاً، في الأقل في الوقت الحاضر، والمتدينون سياسياً يعون أبعاد المشكلة الطائفية بشكل سيئ وبيدهم الكثير من مفاتيح حلها في الأقل في الوقت الحاضر، ولكنهم يبخلون بها أو لا يريدون حلها! وجذور القناعتين والموقفين المختلفتين واضحة تماماً. فبينما يجد العلماني والرجل الحر المبرأ من الطائفية مصلحته في وطن كبير عريق، ومجتمع كبير متفتح منسجم ومتوافق لا يتوقع فيه عطل أو خيبة ثقافته وحقائقه الموضوعية وضمان عيشه ومستقبله وراحة ضميره، يجد رجل الدين السياسي مصلحته في مجتمع محتقن متوتر، أو مجتمع صغير ضيق مغلق يقام على جزء مقتطع من الوطن يمرر عليه غيبياته وخرافاته ويستثمرها ويحيلها إلى سبل للعيش والثراء!
يتحدث مثقفون ربما يصفهم البعض باللبراليين الصريحين أو أصحاب النكتة السوداء أن لا حل للطائفية إلا بتركها تسير نحو حتفها. أي تركها تنحر نفسها بنفسها. في نظر هؤلاء أن السني سيبقى سنياً مهما تدرج في ثقافته و شهاداته ووظيفته ومهما نفخت في إذنه من المواعظ والحقائق، والشيعي سيبقى شيعياً مهما تدرج في ثقافته وشهاداته ووظيفته ومهما نفخت في أذنه من المواعظ والحقائق، وكلاهما متحيز لطائفته ويحمل في أعماقه طائفية نائمة أو في أفضل الأحوال مهذبة فلا حل لقضية هذين الكائنين الأصمين العنيدين إلا بافتراقهما. فذلك أفضل من أن يبقيا أحدهما قبالة الآخر يحدق في عينيه يريد أن يغوص بدمه وفي لحظة انفعال أو تحريك خارجي تندلع بينهما حرب دموية تجر بلداً متخماً بالنفط والبشر المنفعلين إلى حرائق لا تنتهي. لذا فإن الأفضل أن يتباعدا بأسرع وقت ويذهبا ليجرب كل حياته في بقعة أرضه. فإما أن يجد أن فكرة الطائفية لا تغنيه عن رفقته لأخيه في الطائفة الأخرى فيعود إليه نادماً تائباً نابذاً نعرته الطائفية، أو إنه سيصطدم بفكرة طائفته ويموت في عزلتها الخانقة. وفي كلا الحالتين فإن الطائفية ستنتهي. هذه نظرية على ما فيها من يأس وتهويل، لها مريدون بل إن زعماء الطائفية يقودون البشر الأسوياء ضمن سياقها فلا يرونهم إلا قطعان من الأنعام المطيعة والعزلة الطائفية مراع خضراء يانعة!
لكن العلمانيين والمدنيين والمثقفين و الناشطين في مجالات المجتمع المدني مصرون على الوحدة بعناد لا يقل هوساً عن عناد المفرقين ويحرصون على بقاء البيت العراقي قائماً متواصلاً مع تاريخه الأقدم في العالم ومع ينابيعه الروحية الأصيلة، ويتطلعون للعمل سريعاً وبجرأة وشجاعة لهدم القديم الطائفي وتصفية أسسه المتصدعة وجدرانه المشروخة المتهدمة والعنيدة أيضاً، وإعادة بنائه على أسس هويته العراقية المتنوعة وطرز حضارية ومدنية حديثة متمسكين بالديمقراطية والحريات العامة والفدرالية وفق مفاهيمها الصحيحة والسليمة، دون أن يغيب عن أذهانهم أن العالم يتجه نحو الكتل الكبيرة وليس العراق استثناءً!
وهم يدركون كم هي المعركة صعبة وضارية مع أصحاب الدين السياسي المصرين على اقتسام البيت العراقي وتحويله قسراً إلى بيت شيعي وبيت سني لينبروا بعد ذلك شاهرين أوراق طابو مزورة بملكيتهم للبيتين وحقهم في بيعهما أو شرائها أو رهنهما أو حتى تفجيرهما بمن فيهما إذا بلغ الغضب منتهاه!
بعض الظرفاء يقولون أن القنبلة الجنسية هي التي ستدمر الطائفية فعلاقات الزواج والتصاهر كانت وما تزال حتى اليوم تحيك نسيجاً متيناً بين الطائفتين! لكن هذه القنبلة الجميلة رغم أنها اقتلعت الكثير من صخور جبل الطائفية، وصنعت حدائق بيوت سعيدة كثيرة إلا أنها تظل محدودة التأثير أيضاً إذ التجارب أثبتت وللأسف أن الكراهية في بلداننا أقوى من الحب!
يعود البعض لحضن القبيلة العشيرة والعائلة كحصن أخير يقي الناس من التمزق الطائفي أو كملاذ أخير يحتمي به درءاً لشرور الطائفية، ورغم إن العودة للعلاقات العشائرية وعلاقات ما قبل قيام الدولة ومؤسسات المجتمع المدني ردة على الحضارة ولها مخاطرها أيضاً لكن لا بأس من اعتبارها شبكة إنقاذ مؤقتة ريثما يجري العمل بجد وعلى نطاق واسع للانتقال من الحالة الطائفية للحالة الحضارية المتطورة وفق مشروع اقتصادي اجتماعي متكامل!
ويستنجد كثيرون عند تفجر الصراع الطائفي بسلسلة من القيم الدينية المشتركة العامة ويجري تذكير الناس من كلا الطائفتين بأنهم يدينون لرب واحد ولنبي واحد وقرآن واحد وقبلة واحدة ويفيق الناس لبرهة ليجدوا أن هذه الأشياء الواضحة قد غابت عنهم غير مدركين كم لعبت الطائفية المفرقة من أجل تغييب الكثير من الحقائق الجامعة عنهم، بل يطمحون لحوار فقهي عله يقرب من مذهبيهما ورغم أن الوصول لتطابق بين المذهبين، ودمج للطائفتين في رحاب الإسلام كما ورد في مصادره الأساسية أمر مستحيل أو صعب حتى بانقضاء مئات السنين. لكن من المفيد بدء الحوار المذهبي والصلاة المشتركة والتذكير بالينابيع الأساسية الواحدة الأولى قدر المستطاع لدرء موجات الدم المفاجئة والانفعالات الجماهيرية والغوغائية العاصفة وينبغي ملاحظة إنها حلول وقتية ومهدئات بمفعول سريع الزوال ذلك أن الطائفية تستقي قوتها من نفس المادة الدينية القابلة للتأويل المختلف ولعبها الخاصة أشد أثراً في العقول لأنها تقوم على التمييز والفصل وهو ما ينشده القادة الدينيون السياسيون حتى لو كان الأمر يتعلق بالرب أو النبي أو القرآن ولو كان بالإمكان الاحتكام لهذه القيم الواضحة والدامغة في مجالهم لجرى حل الخلاف الطائفي منذ بدايته قبل ألف وأربعمائة سنة، بل لما ظهر أصلاً!
وكلما جرى اغتنام الحلول المفيدة التي تطرحها الحياة بعفويتها ينبغي عدم إغفال العمل الدؤوب على طريق الحل الأساسي والجذري في مشروع وطني متكامل طويل الأمد لإنهاء الطائفية!
ورغم الخشية المشروعة لدى العلمانيين والمثقفين التقدميين من أصول شيعية وسنية من أن يتوحد موقف قادة الطائفتين ضدهم لا ضد الواقع المتخلف، لكن من الضروري أن يستمر العلمانيون في حث القادة ورجال الدين في الطائفتين وعلى مستوى أعلى المراجع لتكثيف لقاءاتهم وحواراتهم وتمتين وشائج التفاهم والمحبة بينهم، وتنشيط الحراك الفقهي أو الفكري والثقافي بين الحلقات الوسطية في أجهزتهما.فرغم إن هذا لا يحل المشكلة الطائفية جذرياً لكنه سيكون بمثابة مفرغة صواعق تارة، وساحة للتنفيس عن المكبوت الطائفي بطريقة سلمية وودية ومغنية للعقل وتساهم في الحد من التصادم الدموي الذي أخذ في التفاقم، وتقطع الطريق على مشروع الشر الكبير لتفجير الفتنة الطائفية والذي يجري العمل عليه بقوة داخل وخارج العراق.
من أجل إذابة النزعات الطائفية حاول البعض استعادة الشعارات القديمة المتعلقة بالتصدي للإمبريالية والصهيونية والتي كانت في هبات مفاجئة وسريعة توحد الناس لفترات قصيرة وتجعلهم ينطلقون في مظاهرات أو حشود متطوعة للكفاح أو الجهاد، ولكن شعارات مجابهة الإمبريالية والصهيونية تهشمت على صخور كثيرة منها انتهاء الحرب الباردة عالمياً والانقسامات القومية وتخبط الفلسطينيين في تحالفاتهم ومشاريعهم الخاصة مما جعل النزعة الطائفية ليس فقط لا تتأثر بهذه الشعارات الكبيرة بل إنها وصلت في بعض تقلباتها أنها أخذت تبحث عن تحالفاتها حتى مع أعداء الأمس وتطرح شعارات ضيقة جداً لضمان مصالحها الأنانية ولم يعد مستغرباً أن ترى إن من كان يطرح شعارات معاداة أمريكية يجد في أمريكا اليوم حليفاً إذا جاراه في مشروعه الطائفي، ومن كان يرفع شعار الوحدة العربية من المحيط إلى الخليج صار انفصالياً إلى حد أنه أخذ ينادي بتقسيم العراق إلى دويلات طائفية!
لا يمكن القول أن ثمة حلاً نهائياً سريعاً ناجعاً جاهزاً للطائفية، خاصة وإن الفرز الطائفي في العراق صار حاد وقاطعاً ولكن يمكن لأي دارس موضوعي أن يتحدث عن مقاربات جادة يمكن لها إذا لقيت اهتماماً من قبل الباحثين والمسؤولين أن تضع مسألة حل المشكلة الطائفية على الطريق الصحيح وهو طويل وشاق وربما لا توجد قضية تقتضي الصبر والتفهم وطول النفس في معالجتها كالطائفية!
عند معالجة الطائفية لا بد من التمييز بين نوعيها المختلفين : فالطائفية العادية المتوارثة والمعروفة في تصرفات بعض الناس العاديين أو الشخصيات العامة والتي لها مضارها وآثارها المحددة، يصعب إزالتها بالإجراءات القسرية أو القمعية رغم إن الكثير من ممارستها الضارة تقع تحت طائلة القانون كما إن من السذاجة معالجتها بالموعظة الحسنة أو حتى المنطق المفحم المتين لوحدهما، فمن الصعب جداً تفتيت مفاهيم وتقاليد وقناعات راسخة متحجرة في أعماق المجموعات البشرية ويقف على بواباتها الذهنية والأرضية رجال دين رتبوا لأنفسهم منزلة القداسة وصار همهم حجر عقول أتباعهم في أقبية مظلمة وحراستها من أي متسللين يحملون النور لهم! وقد تراكم في خزائنهم ذهب وجواهر من عرق ودماء هؤلاء الناس المغيبين والسعداء بغيبوبتهم!
أما الطائفية الأخرى والتي لم تعد تكتفي بالتوحش والاحتكاك أو التحرش اليومي والعزلة والتوحد وازدادت اليوم عدوانية وشراسة وأضحت مسلحة وبأنياب فولاذية قاطعة فهي لا يمكن مواجهتها إلا بالقوة والحزم وصرامة القانون، فهي لا تريد ولا تستطيع الاحتكام للعقل أو روح التسامح وما يزال بينها وبين الحوار والحل السلمي مسافات طويلة.فالطائفية المسلحة التي وجدت أوكاراً لها في أوساط من السنة وكونت غدداً سامة على شكل مجاميع إرهابية منظمة وهي ناشطة للتوسع كمرض خبيث تريد اكتساح ما تستطيع الوصول إلية من شرائح مختلفة مستعملة سكاكين الذبح والسيارات المفخخة وبإمداد متواصل ومنظم بشري ومادي من المخابرات السورية والإيرانية أيضاً وبدعم تبرعات خليجية شعبية مع غض نظر جهات رسمية، وتشجيع إعلامي (كقناة الجزيرة مثلاً)ولا تخفي هذه المجموعات الإرهابية مشروعها وعملها على تصفية الشيعة الذين يسمونهم بالروافض والوثنيين، وتعمل بدأب وهستيريا على محاولة جر أكبر جماعات من السنة إلى مشروعها المدمر ودفعهم لحرب مع الشيعة تأمل من وراءها تحجيم وانكماش الشيعة والشرائح الطيبة المسالمة والواسعة من السنة التي لا توافقها في توجهاتها وشعاراتها الإرهابية والتكفيرية!
وبينما تلقى هذه الزمر الإرهابية الطائفية النبذ والعزل من أوسع الشرائح والنخب من السنة نجد ثمة ميليشيات كبيرة، وفرق موت صارت تفرخ كالعقارب مرتبطة بأحزاب دينية شيعية معروفة كقوات بدر وجيش المهدي وغيرهما وأخرى تريد فرض نفسها على الشيعة ولا تخفي تحفزها للانقضاض على كل من يقف في طريق مشروعها الطائفي من السنة والشيعة وهي تلقى دعم وإسناد معظم القيادات الدينية السياسية الشيعية، وتزود بالمال الوفير من الحكومة والمخابرات لإيرانية وكثيراً ما تأتي ممارستها وتجاوزاتها الطائفية وأعمالها الإرهابية باسم شرائح واسعة من الشيعة وإن كانت منبوذة أو مدانة من أوساط شيعية طيبة كبيرة أيضاً!
لذا فإن الطائفية ذات الأنياب الفولاذية والمسلحة سراً وعلناً والتي يصعب السكوت عليها ويصعب القضاء عليها أيضاً هي فتيل الخطر الأعظم في العراق فهي لا تقبل بأقل من الحرب الأهلية كطريق لحل احتقاناتها المرضية أو المدفوعة من وراء الحدود. حيث طائفية السنة تريد عودة النظام السابق أو نظام آخر بشع على غراره وخروج الأمريكان لتكون طليقة اليد في القتل والتدمير. بينما طائفية معظم القيادات الشيعية الدينية تريد خروج الأمريكان لتكون طليقة اليد في ممارساتها المتخلفة وحكم البلاد وفق مذهبيتها الدينية الضيقة والمتحالفة مع حكام إيران، إنه لمن الضروري عدم إغفال أي من التوجهين ومواجهتهما معاً بالطرق المناسبة وعدم السماح لأي منهما أن يجد مبرراً لوجوده أو مشروعه بوجود الآخر.
وكما يمكن تفويت هذا الهدف الشرير على طائفية الطائفتين بالتصدي لها بالقوة وحل ميليشياتهما ومنظماتهما السرية بقوة النار إذا اقتضى الأمر لا بد من التصدي لها على الدوام بالتشريعات الحازمة والواضحة والشجاعة. إن خلع الأنياب الفولاذية للطائفية يظل ضرورة ملحة ليشمل سحق المنظمات الإرهابية التكفيرية في أوساط السنة وبتعاون وإسناد غالبية السنة المتضررة من ممارسات الإرهابيين وتصفية المليشيات الشيعية بقناعة معظم الشيعة وبقوة القانون ودمجها في مؤسسات الدولة بطريقة مناسبة وصحية، وتصفية المتمردة منها!
إذا أفلح العراقيون في القضاء على الطائفية المسلحة,المرتبطة بدول وأجهزة مخابرات معادية بالسرعة الممكنة وقبل أن تتمكن من جر البلاد لحرب طائفية مدمرة، فإن التصدي للطائفية العامة والعادية المعروفة يمكن أن يتم بمشروع ذي مراحل قصيرة أو طويلة الأمد، مع عدم إغفال أن الطائفية العامة والعادية هي الخلفية الساندة والأرض الخصبة والحاضنة للطائفية المسلحة ومع ذلك فإن من الممكن تصفيتها بالطرق السلمية وبإشراك الناس والمختصين والمهتمين في شئون الاجتماع وعلم النفس وتأمل كل اقتراح أو جدول عمل أو فكرة تأتي منهم مهما كانت محدودة التأثير إذا من تراكم العمل يتحقق الكثير على طريق الحل السلمي والودي لهكذا قضية حساسة ومؤثرة!
إن صلب المشروع الوطني العام لحل المسألة الطائفية يقوم على تشييد بناءات وفضاءات كبرى تتناول الجوانب الاقتصادية والتربوية والفكرية والسياسية معاً وبوحدة متكاملة!
لابد من التركيز على بناء اقتصاد عراقي كبير حر مزدهر يجمع كل الطاقات العراقية في رحابه ويوحدهم لبناء حياتهم ومستقبلهم على أسس العمل البناء ويمنحهم فرص عيش وتفتح وازدهار متكافئة! ضمن إطار دستور حضاري عادل يقر الفدراليات غير الطائفية ويساوي الجميع في الحقوق والواجبات!
إن ما يتمتع به العراق من ثروة نفطية ومعدنية وزراعية ضخمة يسهل ويسرع كثيراً إنجاز البناء الاقتصادي المنشود الذي سيحقق الازدهار المادي والروحي للناس ويخلق المناخ الذي تنكمش في الطائفية وتأخذ بالانسحاب أمام علاقات حضارية جديدة سليمة، حيث سيجد الناس مصالحهم في اصطفاف يقوم على أساس مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية لا على أساس ما توارثوه من سمات أو حواجز طائفية.
لذا فإن اللبنات الأولى لحل الطائفية دعم الاقتصاد الحر مع نظام ضريبي مناسب وضمان اجتماعي جيد يقي الناس العوز وعدم الخضوع للابتزاز الطائفي ووضع خطط كبيرة وطموحة لإعادة بناء العراق بل وتجاوز مستوياته النهضوية الأولى بإقامة مشاريع اقتصادية كبرى تنتظم البلاد من جنوبها إلى شمالها تزيل الحيف الذي لحق في الأماكن التي حرمت من التنمية والبناء وتحقق تشغيلاً واسعاً يقضي على البطالة ويحقق مواردَ مجزية للناس تمكنهم من تطوير حياتهم ومنح عقولهم وأجسادهم وأروحهم الازدهار والسمو ويشعرهم بإنسانيتهم!
كما لابد أن يرافق ذلك جو ثقافي وفكري وإعلامي حر متفتح يبصر بمخاطر الطائفية على أرواح العراقيين ومستقبلهم بل من الضروري جداً إعادة صياغة المناهج الدراسية في المدارس وتنقيتها من أية نزعة طائفية أو أفكار تنتقص من قيمة أية جماعة دينية أو قومية، كما يجب مراقبة العملية التعليمية نفسها حيث تتواتر أخبار مؤلمة أن ثمة معلمين ومعلمات في الكثير من المدارس ورياض الأطفال في بغداد وغيرها صاروا يعزلون الطلاب والطالبات في الصفوف وفي ساحات الألعاب على أساس انتمائهم الطائفي والديني وهذا ما لم يحدث في العراق طيلة تاريخه الحديث!
يتبع