كتَّاب إيلاف

من اجل درء الحرب الاهلية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

ترتفع كل يوم نداءات العديد من الجماعات الوطنية العراقية في داخل الوطن وخارجه محذرة من اشتعال حرب اهلية او صورة منها في العراق لا سامح الله. ان النداءات تلك والصيحات المخلصة لم تخرج قط من فضاء وانما لها ما يبررها استنادا إلى الواقع المعاش هذه الايام في العراق. لقد حاولت كل الجماعات المتضررة من سقوط النظام البعتفاشي في التاسع من نيسان ان تعيق بناء العراق الجديد وتضع كافة الوسائل في عجلة برنامجه السياسي، ولم تفلح إلا في استخدام ورقة المرض الطائفي المقيتة في تاجيج صراع حقيقي بين ابناء الشعب الواحد وبين اكبر شريحتين من المسلمين يتكون منهما وبقومياتهما المختلفة:العرب والتركمان والاكراد والشبك. واستمرت حمامات الدم الموجه للشريحة الاكبر من العراقيين دون رحمة كما، طالت التركمان والاكراد عبر السيارات المفخخة والاجساد العفنة التي فجرت بين جموع المصلين، في الاسواق او السحات العامة، او الذين يقفون في انتظار فرصة الالتحاق في الاجهزة الامنية او قوات الجيش العراقي الجديد. وكانت ردة الفعل العمياء من الجانب الآخر التي تقف ورائها عصابات ما تسمى بـ"جيش المهدي" والميليشيات الاخرى في تشكيل فرق الموت للاجهاز على العراقيين الابرياء بحجة الانتقام الطائفي. وهذه العصابات في الحقيقة والواقع ما هي إلا جموع قوات فدائي صدام التي دربت وغسلت ادمغتها في كره الآخر وتمجيد القتل وسفك الدماء وكذلك الفرق الاخرى التي انشأها النظام الساقط للحفاظ على نظامه ومؤسساته القمعية. ومن الغريب وقوع الكثير من العراقيين في براثن التهجير الطائفي حيت وصلت آخر الاحصائيات إلى تهجير اكتر من 33 الف عائلة عراقية. يقف وراء تهجيرها نفس العصابات التي توزع في نفس اللحظة منشورات تحث الشيعة على ترك سكناهم وكذلك السنة من اجل احدات عبئ آخر على اكتاف الحكومة العراقية. وان ما يحدث في احياء الحرية الاولى والثانية وما تقوم به مليشيات مقتدى وعدنان الدليمي وغيرها من حرب مفتوحة مثال على ذلك. والحقيقة ليست القضية الطائفية هي الشرارة الوحيدة التي تشتعل في حطب الوضع العراقي اليابس وانما عوامل اخرى اكثر من النزعة الطائفية ومشعليها من التكفيرين والجماعات السلفية وحلفائهما من سقاط النظام البائد، وانما الكثير من الشرارت الاخرى وعيدان الكبريت العديدة والمتنوعة وتقف في مقدمتها الاهداف السياسية غير الوطنية التي ادخلت في الدستور، على الرغم من تصويت العراقيين عليه بالاغلبية على أمل ان تعدل فقراته، تلك التي يشم منها الحس الطائفي والنزعة الدينية الضيقة والمكاسب القومية على حساب الآخرين. مع العلم ان المادة 142 منه تشير إلى ضرورة تشكيل لجنة خلال 4 شهور لإعادة قراءة الدستور ومراجعته وأجراء التصحيحات التي يتفق عليه. تقنين مبدأ المحاصصة على حساب الوطنية العراقية والكفاءات المخلصة. ادخال عناصر تحت سقف البرلمان العراقي وعن طريق انتخابات زورت عبرها إرادة المواطن العراقي المرهق من حمل النظام الدكتاتوري، اما عن طريق الترهيب او المحفزات المادية او عن طريق التخويف بالعقاب الآخروي من قبل رجال الدين. والاكتر من هذا وذاك ادخال عناصر مخابرات لانظمة دول محيطة للعراق بقوة المال والترهيب والمحاصصة الحزبية في جسم الادارة العراقية الذي تبنى حديثا. كما شكلت المليشيات كأذرع عسكرية لأحزاب سياسية ممثلة في البرلمان والحكومة. وبعد ثلاثة اعوام ونصف بعد التحرير لا بد من الاعتراف الآن من ان حل الجيش العراقي النظامي والاجهزة الامنية العراقية كان خطئ كبير وقعت به الادارة الامريكية، جاء حسب نصائح بعض معارضي النظام الساقط، كل حسب حساباته الخاصة بعيدا عن المصلحة الوطنية. كان من الممكن اعتبار الوطنية العراقية القانون والولاء للوطن وليس للحزب الفاشي وقيادته الذي يقيم به العسكري العراقي داخل المؤسسة العسكرية وخارجها. وهذا ما ذهب إليه ايظا نوري المالكي في كلمة له خلال احتفال جرى في مدينة الناصرية بمناسبة استلام الملف الامني من القوات الايطالية الحليفة حيث قال :" ان العراق يواجه تحديات خطيرة داخلية سببها عدم الخبرة في الحفاظ على مؤسسات الدولة وعدم الاستعداد للتاهل والاضطلاع بهذه المسؤولية اضافة الى ان البعض تحكمهم المصالح الحزبية والشخصية ". واتبت الايام صدق ما قاله الرجل وكذلك الواقع الحالي. ان مقدرة قواتنا المسلحة ضعيفا بالمقارنة مع قوة وتنظيم وولاء الجماعات الإرهابية من البعثقاعدة. كاتب هذه السطور كان من مؤيدي حل الجيش العراقي في البدء. وإعادة تقيم ما يؤمن به الفرد ضرورة لان الافكار عندما تبقى محصورة في خط واحد تتحول إلى بركة آسنة لذلك تحتاج إلى مراجعة دائمة وتقييم مستمرين، اي ادخال ماء نقي"تطور المعتقد" عليها لتكون صالحة لوقتها. وهذا ما يدفعني القول بان الجيش النظامي العراقي في العهد البائد كان من اكتر الاجهزة التي لم تحضى بثقة صدام واجهزته القمعية. كما وان ازاحة العناصر الفاسدة والملطخة اياديها بدماء العراقيين من داخل الاجهزة العسكرية بعد التحرير وعن طريق الكفاءات العراقية الموجودة فيه والوطنية منها، كان من الممكن ان يكون منطقيا وسهلا وكانت نتيجته الكثير ما قد وفره للعراق كل هذه السنوات من التخلف والحرب غير المعلنة والمشاكل الاجتماعية الواسعة. فإسقاط النظام، كان امل الاغلبية الساحقة من مكونات الشعب العراقي، حتى من قبل الكثير من المحسوبين عليه وذلك للحيف الذي اصابهم من جراء ممارساته الطائفية او الفئوية العشائرية او المناطقية، او من الناحية العقدية لابتعاديه عما آمنوا به من فكر قومي عربي. ومن تلك الشرائح كان الجيش العراقي الذي اصاب العراق بعد حله كثير من المشاكل منها فتح الحدود بمصراعيها لدول الجوار لكي تعبث بامن الوطن وادخال الارهابين زرافات ووحدانا و ما ترتب على ذلك من اضطراب امني. لقد اثبتت الأيام بأن قوات التحالف والقوات الأميركية وحدها البالغ تعداد افرادها الان حوالي 140 ألف جندي غير كافية للحفاظ على الامن، إذا عرفنا بان نظام صدام حسين الفاشي كان يستعين ب 500 ألف عنصر للسيطرة على أمن بغداد وحدها، هذا بالاضافة إلى اعداد لا تحصى من المخبرين والفرق الخاصة من التنظيمات السرية العائدة لعدي وقصي.
ان الجيش العراقي"بقواعده" والاجهزة الامنية "بقواعدها" لم تكن طائفية لسبب بسيط هو تمتيلها لمكونات الشعب العراقي بنسبه وبالتالي كانت افضل حالا مما عليه الان في زجها في خانة المحاصصة الحزبية على اسس قومية وطائفية. ان طموح العراقيين في انهاء النظام الدكتاتوري وآمالهم في بناء عراق جديد كانت ولا تزال كبيرة، ولسوء الحظ بدأت تصيبها الاحباطات نتيجة الوضع الامني وتصرف الكثير من السياسين الجدد في ابتعادهم عن النزاهة الادراية والتعصب الطائفي والعشائري. ومن سوء الحظ يتكرر بان ما آل إليه الحال الآن لا يقل عن تصرف ازلام النظام الساقط وتحويل العراق إلى مقاطعات عشائرية وعائلية ومحميات طائفية. ان الطروحات غير المسؤولة عن قانون الاقاليم او فدرالية الوسط والجنوب قضية في غاية الحساسية والاهمية. وعلى الرغم من اهمية النظام الفديرالي كنظام متقدم في ادارة الدولة، لكنه يفهم من قبل سياسين حالين على اساس آخر تماما. اما على اساس قومي كما هي الحالة في شمال العراق "كردستان العراق" وذلك في انحسار كافة الاجهزة التي يجب ان تكون اتحادية في ادارة الاقليم وهي الجيش والامن وغيرهما، حتى اصبح الاقليم دولة داخل الدولة الوحدة في شعارها وعلمها ونشيدها الوطني يستفاد من المركز دون ان يكون للمركز موقع في قرارته. الحديث عن هذا الموضوع بشفافية يجب أن لا يصور بأنه رفض حقوق الاخوة الاكراد القومية وتطلعاتهم الحقيقية لبناء مستقبلهم بعيدا عن التسلط القومي الآخر او العشائري الداخلي. ان كاتب هذه السطور واحد من كثيرين طالبوا باعطاء الاخوة الاكراد حق تقرير المصير الآن، وليس غدا في الانفصال وبناء دولتهم كما يتمنوها، او المساهمة ببناء عراق فديرالي حقيقي ديمقراطي كما هو الحال في الدول الفديرالية بحيت تكون الحكومة المركزية مسؤولة عن : قضايا الدفاع، الامن، الخارجية والمالية....الخ وابقاء القضايا التانوية بيد الاقليم حسب اهميتها. وعلى الرغم من تمتع المنطقة الكردية باستقلال بعيد عن المركز منذ 1991 لا زالت جماهير شعبنا الكردي لم تحقق طموحها في بناء ديمقراطية حقيقية والاستفادة من " الرفاه" الامني النسبي عنه في مناطق اخرى من الوطن. كما لا يغيب عن الاذهان الدعوة إلى فدرالية الوسط والجنوب التي يطالب بها السيد عبد العزيز الحكيم والمجلس الاعلى، تلك الدعوة التي لا تصب في مصلحة الوطن في اي حال من الاحوال، لما فيها من خطر تفتيت العراق لخدمة إيران بالدرجة الأولى، خصوصا قيامها على أسس طائفية بحته وبعيدة عن المصلحة الوطنية العراقية. ان الفدرالية التي تبنى على اسس قومية او طائفية مكتوب لها الفشل وهي التي تؤجج الشارع وتزيد من حمامات الدم. ان الفدرالية التي يراها وطني العراقي هي تلك المبنية على إدارة غير مركزية في القضايا الثانوية والمركز مسؤول عن قضيا الوطن، الدفاع، الامن السياسة الخارجية والمالية....الخ، وعلى أسس وحدة العراق الجغرافية ووحدة ترابه وشعبه بكل قومياته ودياناته وتمتعها بنفس الحقوق والواجبات بالتساوي، وعلى عدم مركزية الادارة على اعتبار ان العراق من شماله إلى جنوبه وكل شبر منه هو ملك للعراقيين جميعا اينما كانوا ومن أي قومية او دين، عراق مبني على الاعتزاز والفخر بارثه الحضاري الذي ولد على ارضه وساهم في بناء الحضارة الانسانية دون تفريط بمرحلة من مراحله. ان النزعة الحالية في دكتاتورية رجال الدين واخذهم المبادرة السياسية وقيادة الشارع العراقي عن طريق التخويف بالعقاب الآخروي او عن طريق المليشيات المسلحة التي تاتي في طليعتها عصابات ما يسمى ب" جيش المهدي " ومليشيات "بدر" وكذلك المليشيات الاخرى من الجماعات السلفية والمرتبطة بعصابات القاعدة المعادية الواحدة للاخرى ولكنها تلقتي في فرض قوانينها على الشارع، حتى اصبح جواز السفر عمامة وخاتم مصنوع في قم او لحية طويلة مع دشداشة قصيرة، القوة التي تسود الشارع العراقي. إن إيمان هذه المليشيات بالاسلام الذي تحمل رايته لا يتعدى الأسم بما تقترفه من قتل الاطفال والنساء والشيوخ وحرق الكنائس والمساجد والحسينيات وتفجير المصلين فيها. وكان المالكي على حق من اجل انهاء دولة المليشيات داخل الدولة العراقية في قوله في الناصرية، مع الأمل يان يلحقه فعل، بأن الدولة لن تسمح ببقاء السلاح بيد الاحزاب والمليشيات لانها الوحيدة شرعيا ورسميا المكلفة بحمل السلاح من اجل حماية ارواح المواطنين وامن البلاد. وشدد بالقول انه لن يكون هناك سلاح عدا سلاح الدولة داعيا الجميع الى احترام القانون واعتبار الدولة هي وحدها صاحبة الحق في حفظ الامن وتقديم الخدمات. أن دعوة المالكي هذه ليست فقط صائبة فحسب يحتاجها العراق في هذه المرحلة، وإنما هي الحجر الاساس لبناء العراق الجديد. وعليه من اجل حقن دماء العراقيين ودرئ ملامح الحرب الاهلية لا بد من الاسراع في حل جميع المليشيات، مهما كان نوعها، قومية او طائفية وعلى جميع ارجاء الوطن العراقي. وفي هذا المجال إن أرادت الأحزاب المشاركة في الحكومة وممثلة في البرلمان تفعيل برنامج الحكومة السياسي ومنه انجاح مبادرة المصالحة الوطنية واطفاء شرارة الحرب الأهلية عليها أن تحل مليشياتها، فالأمر منوط بها، فهي أطراف رئيسة في البرلمان والحكومةوتتحمل كل النتائج التي تخرج منها حكومة المالكي. ونداء رئيس الوزراء لجميع القوى العراقية بتفعيل نهج المصالحة والحوار الوطني لتحويل الخلاف الى توحد للمواقف هو نداء مهم حيث قال: "لاننا ندرك انه لن يربح احد شيئا اذا غرق الوطن.. ولا مصلحة لاحد اذا حاول تهميش الاخر لان مصلحة الوطن يجب ان تبقى فوق مصالح الجميع". ان الاخبار التي تنتشر كل يوم عن الاغتيالات المنظمة للكفاءات العلمية العراقية من اطباء واساتذة جامعات وغيرهم وهروب العراقيين الواسع إلى خارج الوطن لتفريغه من المواطنين غير المنتمين الذين تحميهم اما المظلة الحزبية او الطائفية. ان تباين وجهات النظر بين القوى السياسية العراقية حول مجمل العملية السياسية ومسيرتها كان المنفذ الواسع الذي استفادت منه الجماعات الارهابية والداعمين لها للدخول عبره من اجل عرقلة نجاح مشروع تحرير العراق. ان إسقاط فكرة " نحن نحكم العراق" التي كانت سائدة على اسس طائفية منذ زمن طويل يجب ان تتلاشى من فكر ونهج تلك الشريحة التي تربت عليها. إن إعادة النظر في مجمل العملية السياسية الداخلية العراقية منذ سقوط النظام الفاشي في التاسع من نيسان ولحد الآن، ودراسة كافة اسباب المعوقات والاخفاقات التي مر بها شعب انتظر ساعة الخلاص عقود عدة مهمة للمرحلة الحالية والقادمة قبل تفاقم الاخطار ضد البناء الديمقراطي الذي يتمانه العراقيون واصدقائهم. الآن وليس غدا تاتي المصلحة الوطنية العراقية في المقام الاول في العمل على اطفاء شرارة الحرب الاهلية ووئد مروجي فكرها ومشعلي نارها. بان تكون القاعدة التي تبنى عليها عملية التقييم بشفافية ليس فقط تحميل اطراف اخرى كقوات التحالف من تبعية النتائج الحالية، على الرغم من انها تتحمل جزءا ايظا من ذلك. ان الاخفاقات التي يعيشها العراقي اليوم هي نتيجة " احتباس حراري" ولدته سياسة النظام الساقط لعدة عقود في سماء العراق، ولكن هذا لا يمنع الاقول بان اللوم يلقى على العراقيين انفسهم بالدرجة الاولى في عدم الاستفادة من الضروف الجديدة في بناء عراق خالي من العنف والنزعة العسكرياتية التي انتهت عند سقوط النظام الصدامي. ان التقاء القوى الوطنية العراقية ـ واللبرالية في خندق واحد عامل مهم لوضع سياسة واقعية، منها ان قوات التحالف باقية في العراق لحين يستطيع العراقيون من الدفاع عن انفسهم وامنهم وحدود بلادهم من التدخل الخارجي ووحدة اراضيهم، عندها يمكن الحديث عن رحيلها او ادخال موضوع رحيلها في برامج سياسية. الاعتراف بان المصالحة الوطنية هي الطريق الاخير لدرئ الحرب الأهلية التي تسعى قوى شريره لتأجيج نارها. وفي الدرجة الاولى ابعاد رجال الدين عن الفعل السياسي والتحكم في مساره مهما كانت طائفتهم ونوازعهم. ان الفترة السابقة بعد التحرير اثبتت فشل رجال الدين في تحمل العبئ السياسي وممارسة مفرداته كما وان فترة اربعة عقود كاملة من حكم نظام قمعي وهمجي خلف وراءه مجاميع مختلفة من العراقيين: الاولى تلك التي كان ولائها التام لرأس النظام وتنظيماته العشائرية والعائلية ومصالحه الاسرية وهي التي كانت مسؤولة بالدرجة الاولى عن دماء العراقيين واغتصاب حريتهم وهدر كرامتهم. والمجموعة الثانية وهي التي تتالف منها القوى العسكرية والامنية التي كانت تحمي النظام وفيها من كان وطنيا عراقيا ولا زال ولم يكن ولائه لحزب السلطة الذي انتهى الحزب بالنسبة لاغلبيتها منذ استيلاء صدام حسين عليها. وعلى الرغم من ان بعضها يحمل افكارا قومية وهي حق مشروع لكل مواطن كما هو حق مشروع لابناء القوميات الاخرى المجاهرة باعتزازها ودفاعها عن قومياتها. وعلى الرغم من ان التخندق القومي ان لم يكن مرضا، لكنه حالة اصبحت شاذة في عالم اليوم الذي غدى قرية صغيرة. وكان الكثير من افراد الجيش النظامي العراقي تكره النظام وقيادته كما كان الكره متبادل من قبل النظام ضدهم. تلك الكفاءات التي فقدت مصادر عيشها كانت لقمة صائغة للجماعات الحاقدة التي خلفها النظام بكامل تنظيماتها السرية لفترة ما بعد سقوطه التي كان يتوقعها وكذلك للجماعات الاصولية القادمة من خارج الحدود وفي مقدمتها عصابات القاعدة لكي تحولها إلى قوى مسلحة، ان لم تساهم مباشرة في قتل العراقيين تقديم المساعدة اللوجستية للعصابات الإرهابية. ان المجموعة المستهدفة من الاقصاء في مشروع المصالحة او العمل السياسي تلك المجموعات والمنظمات السرية التي لا زال ولائها للنظام ومؤسساته القمعية والتي لا زالت تؤمن بانها امتداد لمن يجب ان يحكم العراق كما هو معتاد منذ قرون على اسس طائفية او مناطقية. اما الاغلبية من العراقيين الذي انتموا لحزب البعث بالفرض والترهيب والترغيب استنادا إلى مقولة صدام " بان كل العراقيين بعثين"، دون الإيمان به او تنفيذ مخططاته بحق ابناء العراق، فانهم مواطنون اختاروا طريق الانتماء لاسباب مصلحية بحته ومنها الحفاظ على ارواحهم وارواح ابناء عائلاتهم او مصادر عيشهم وبالتالي يجب التفريق بين المجموعات تلك في مشروع المصالحة. وان العديد من دخل البرلمان هم طلاب سلطة والبقاء على سطح الماء دون الغرق في اللاسلطة. ان استمرار عملية الاحتقان الطائفي والمحاصصة الحزبية والحجر على الافكار، ومنها القومية العربية، تبقى خطر كبير وشراره متوقدة ستشعل الاخضر واليابس وتكون اساس لتفتيت العراق لاول مرة في تاريخه الطويل، والمديدحتما باخلاص وتفاني وطنيه البررة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف