كتَّاب إيلاف

جيش المهدي في خطر... فما هو الحل؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لم يعد أمام القوات المتعددة الجنسية في العراق وفي الصميم منها بالطبع القوات الأمريكية من خطر ومعرقل ومشاغب ـ كما يتصورون ويتحدثون سرا أحيانا وعلنا أحيانا أخرى ـ سوى جيش المهدي ! نعم، هناك مليشيات، هناك فرق إرهاب، ولكن الخطر الأ كبر هو جيش المهدي كما يبدو في التصور الأمريكي، وكما تسربت معلومات من كواليس اللقاء بين بوش والمالكي الأخير في العاصمة الأردنية تفيد أن بوش أكد للمالكي أن جيش المهدي يشكل عقدة صعبة بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية وإن صبره نفذ تجاه هذه العقدة ، ويقال : أن السيد المالكي تعهد بتذليل هذه العقدة، شريطة أن يعطيه الأمريكيون الوقت الكافي، ولا شك أن السيد المالكي حريص على إقناع الجيش المذكور على الإندكاك بالعملية السياسية، والتخلي عن سلاحه، والتعامل مع مطالبه بشكل مرن وشفاف، ولكن يبدو أنه لم يقدر على حمل الجيش على ذلك، رغم أن هناك معلومات تفيد أن السيد مقتدى يتفق مع المالكي في كثير من المطالب،ولكن ليس كل شي بيد مقتدى!!
لم يعد عبد العزيز الحكيم خطرا او مشكلة بالنسبة للامريكان عبر تفاهم عقلاني براكماتي بين الطرفين ، ووجهوا ضربة قاصمة لفلول البعث العراقي وبعض الجماعات السنية التي تقوم بعمليات مسلحة مضادة بإعدام صدام حسين ــ وأعتقد أن الأمريكان كانوا يستعجلون الإعدام وليس تأخيره كما يشاع ــ وكسبوا ود عشائر عريضة في الأنبار، والمنطقة الشمالية أمنة مستقرة مطيعة، وأثبتت القوات الأمريكية أنها إ ذا أ رادت أن تؤدب منطقة (ما رقة) فذلك ليس صعبا عليها، من جهة أخرى لم يكن لحزب الدعوة ذلك الحضور الذي يقلق الأمريكان ، ولا الأحزاب السنية الرسمية قادرة على المواجهة فهي متعبة منهكة، والمرجعية الدينية الكبرى في النجف الأشرف حريصة على دماء الناس، وحكومة المالكي تعاني من مشاكل كثيرة أثقلت كاهلها ، ثم هي ملتزمة بحل مشاكل المليشيات وتجريد سلاحها. فلم يبق غير جيش المهدي، وحتى إ ذا كانت هناك مليشيات أخرى فهي مبعثرة ولا تملك قابلية الإستمرار والديمومة، ولا تملك قواعد شعبية جماهيرية ضخمة، ويمكن ضبطها بشكل وأخر، ولكن المشكلة هو هذا الحضور ( المهدوي) الكبير، والذي تؤكد الولايات المتحدة الأمريكية على علاقته الوطيدة بالجمهورية الإسلامية الإيرانية.
المواجهة بين جيش المهدي والقوات الأمريكية / العراقية المشتركة آتية ، وستكون المواجهة ليس بالضربة القاضية بل بالنقاط. ستكون هناك هجمات محلية سريعة، ستكون هناك عمليات إعتقال لرموز وقادة هذا الجيش، ستكون هناك عمليات تطويق لهذه المنطقة أو تلك ، ستكون عمليات إثارة قضايا عالقة مثل إغتيال السيد عبد المجيد الخوئي والكثير من الشكاوى المرفوعة ضد بعض رجالات الجيش، ستكون هناك عمليات تهديم لبعض مقرات الجيش في المناطق الجنوبية على وجه الخصوص، ستكون هناك مقايضات وتطمينات، سيكون هناك حوار بين فينة وأخرى، وبين هذا وذاك تتوالى الضربات السريعة للجيش من قبل الأمريكان بالمشاركة الفعالة للجيش والشرطة، وإذا لم يؤد كل ذلك إلى النتيجة التي يريدها الأمريكان، ستكون ا لمواجهة بالضربة القا ضية.
ليس بإمكان جيش المهدي مواجهة حرب طويلة المدى تشنها عليه القوات الأمريكية / العراقية المشتركة، فإن المواجهة الشاملة ستكون وبالا على الناس في مدينة الصدر، وفي الشعلة، وفي كل منطقة يتواجد فيها الجيش في بغداد وغير بغداد، بل ستكون وبالا على الجيش نفسه. فميزان القوى مختل، وهناك من الشيعة متعاطف مع نزع سلاح المليشيات وفي المقدمة جيش المهدي، وربما الحكومة لا تحرك ساكنا لمواجهة القرار الامريكي، فهي لا تملك الحجة الكا فية للإدانة بسبب تعنت الجيش بعدم نزع سلاحه، وإصراره على مطالبه غير الواقعية.
.السؤال المطروح هنا هو... ولكن لماذا لا تتولى حكومة السيد المالكي عملية تجريد الجيش من سلاحه إما بالحوار أو بالقوة أو بالاسلوبين معا ؟
ليس سرا أن المالكي حاول جهد إمكانه وعن طريق الحوار إقناع الجيش المهدوي بذلك، ولكن يبدو الأمر فاق طاقته، ولم يعد هناك أمل بعد، ومن ثم أن المالكي كما أعتقد سوف ينأى عن إستخدام القوة ضد جيش المهدي، لأنه يخاف من التاريخ ـ أعني ما أقول ومن حقه ذلك ــ وعليه، سيتخذ موقف السيد المالكي معادلة التحرك ضمن معادلات تتشكل من أطراف تتسم بالمرونة التي تسمح له بالخلاص من المشكل كشخص يتعامل مع التاريخ بحذر شديد، أي بين رفض وسكوت، بين ظهور وخفاء، بين تغافل ومصارحة، بين إحجام وإقدام ، لعل الغمة تنكشف، ولا تنكسر الجرة برأسه، وهو الرجل الذي لم يعرف عنه سوى الخير وحب الناس والعمل لصالح العراق . نعم، سوف تشترك القوات العراقية، ولكن ليس بالتوافق والتخطيط الكليين الشاملين التفصليين بين المالكي والقوات الأمريكية، بل بين هذه القوات وقادة الفرق ومسؤولي الداخلية الكبار، سواء رضا المالكي أو لم يرض، وبالتالي، موقف المالكي الذي صورته سابقا، هو موقف شخص وليس حكومة !!!
المالكي في تصوري مدعو الآن لتكريس كل همه نحو هذه القضية بالذات، وليس له ألا أن يضع خطة سريعة للتعامل معها بجدية ونشاط، وذلك قبل أن تكون المواجهة قد دخلت حيز التنفيذ، ومن ثم سوف يسجل التاريخ أنه كان إسما أو عنوانا فقط.
هل يستطيع المالكي أن يقنع المرجعية الدينية السيستانية بإصدار فتوى بتسلم السلاح للحكومة فورا ؟ هل يستطيع المالكي أن يستميل إليه زعامات كبيرة ومؤثرة من الجيش ليساعده ذلك على التخفيف من تبعات المواجهة المحتملة لا سامح الله ؟ هل يستطيع المالكي ان يقنع السيد مقتدى الصدر أن يصدر أمرا بتسليم السلاح إلى الحكومة ؟ هل يستطيع المالكي ان يقوم بعملية إعلامية واسعة النطاق تستمر لمدة إسبوع على اقل تقدير لكسب المزيد من التأ ييد الشعبي لخطة أمنية يقترحها لنزع سلاح الملشيات بسرعة قبل أن تحدث الكوارث ؟
أقترح على السيد المالكي أن يذهب بنفسه إلى معاقل الجيش في مدينة الصدر والشعلة وهناك يتحدث إلى جماهير الجيش وجها لوجه، يصارحهم بكل شي، يكلمهم على المكشوف، يضع بين أيديهم الحقائق المرة...
ثم...
أوجه سؤالي لرموز جيش المهدي بالقول...
وما هو موقفكم ؟
الدم أم العقل ؟
إنصفوا المالكي...

ولا تحرجوا شيعتكم عراقيا وإقليميا وعالميا.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف