تجميل قبح الشيعة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
رسالة من ضابط عراقى.. ومقال كاتب صديق لإيران
لنا خط واضح فى مسألة الشيعة، وما يقومون به فى المنطقة، برعاية إيران.. وقد تناولت ذلك أكثر من مرة.. وأبرزه مقال "تخدير مصر" الذى نشرته قبل نحو الشهر... وفيما بعد أجريت حوارا موسعا مع مفتى جبل لبنان الشيخ محمد على الجوزو.. حيث وجدته حادا وصارما.. ومعلنا أن هناك هجمة شيعية على السنة.. تمتد طائفيا من عمليات التطهير المذهبى فى العراق ضد السنة.. وتشمل كذلك محاولات نشر التشيع فى الدول العربية. وتحظى هذه المسألة بردود فعل متنوعة، بعضها يصلنى مباشرة، وبعضها أقرأه فى صحف أخرى، وعديد منها يمكن أن أصنفه تحت بند تأكيد الظاهرة.. وقليل منها وهو ما أرصده هنا يمكن أن أقول عنه إنه محاولة تجميل لقبح الشيعة.. وترويج إيران فى البلاد العربية.
هنا أنا أتحدث عن نموذجين.. الأول رسالة جاءتنى من العراق عبر البريد الإليكترونى.. والثانى هو مقال كتبه فهمى هويدى فى جريدة "الشرق الأوسط" قبل أيام تحت عنوان خبيث هو "مطلوب تحرى حقائق التطهير المذهبى فى العراق".
وقبل أن أعرض لهذا وذاك.. أفضل بداية أن أجتر ملامح الرأى الذى أتناوله فى مقالاتى المختلفة حول المشروع الإيرانى الشيعى فى المنطقة.. وهو ما يمكن إجماله فى عدة نقاط:
1 ـ هناك رغبة أكيدة فى مد النفوذ الإيرانى إلى المنطقة العربية.. وبما يقوض نفوذ القوى العربية التقليدية.. وعلى رأسها مصر.
2 ـ تعبث إيران فى الأوضاع الداخلية لعدد من الدول العربية.. وهى لبنان، والعراق، وفلسطين من خلال حماس، وبالطبع داخل دول الخليج.
3 ـ تستخدم إيران "التشيع" وسيلة لكى تمد هذا النفوذ فى المنطقة.
4 ـ تمارس إيران، والشيعة، أشرس حالات الإهانة التقليدية للسنة لاسيما فى لبنان والعراق.
5 ـ لإيران، وتابعيها دور حقيقى فى عمليات الفتنة المذهبية، وما يتبعها من عنف، فى العراق.
6 ـ المشروع النووى الإيرانى هو مسعى لإنتاج قنبلة نووية فارسية.. لا إسلامية.
7 ـ لا ينبغى هنا الحديث عن أى تقارب مذهبى.. طالما أن إيران تستخدم ذلك فى ترويج أفكارها ومشروعها من خلال تخدير الآخرين بالتقارب.
8 ـ تمثل إيران تهديدا جوهريا لأمن الخليج.. ولأمن المنطقة العربية.
9 ـ لا يوجد أى مانع من قيام تحالف فارسى ـ يهودى.. ضد السنة والعرب فى المنطقة.
هذه هى بعض أركان رؤيتى حول التحدى الشيعى ـ الفارسى.. ومن ثم فإن ما نكتبه حول ذلك فى مناخ يقول فيه بعض المثقفين إنه من الضرورى التقارب مع إيران مثل نوعا من الصدمة.. وخاصة لدى الأصوات ذات الهوى الإيرانى لأنه ينهى حالة التخدير والمخادعة التى تقوم بها إيران لنا.
رسالة من العراق
وفى ذلك الإطار أرصد بعضا من ردود الأفعال.. وأبدأ برسالة جاءتنى من العراق.. كتبها "شيعى".. أفاض فى شرح الواقع المذهبى فى العراق.. ربما لكى يوزع "القبح" الحالى للشيعة أكثر من طائفة بينهم.. فيما يسمونه بغلاة الشيعة.. وبحيث ينجو الباقون من الاتهامات التى توجه إلى الشيعة فى العراق.
تقول الرسالة:
الأخ العزيز الأستاذ عبدالله كمال رئيس تحرير مجلة "روزاليوسف" المحترم..
تحية طيبة وبعد...
أنا مواطن من العراق من مواليد 1947 برتبة لواء فى الجيش العراقى السابق ومن المواظبين على قراءة مجلتكم الغراء منذ الستينيات، إلى أن جاء صدام حسين وحرمنا من متعة مطالعتها بعد أن منع دخول جميع المجلات والصحف العربية إلى العراق عدا الصحف والمجلات الموالية له والممولة من قبل نظامه، وعدنا لمتابعتها بعد سقوط النظام.وقد لاحظت فى الآونة الأخيرة كثيرا من المقالات غير المنصفة بحق إخوانكم فى العروبة والإسلام من شيعة العراق فهذا الذى يصفهم بأنهم أشد خطرا من اليهود والآخر يتهمهم بالولاء لإيران وغيرها من الاتهامات التى لا صحة لها ولا دليل مقنع على وجودها.. وهنا وجدت من واجبى كعراقى عربى أنتمى لهذا المذهب الذى يتخوف منه إخواننا العرب دون مبرر ويدفعون بنا شئنا أم أبينا إلى أحضان الفرس من خلال هذه المقالات وهذه الاتهامات الباطلة.
ومن مبدأ حرية الرأى والنشر فى مجلتكم الغراء وددت أن أضع بين أيديكم بعض الحقائق عن شيعة العراق التى ربما قد تكون خافية على الكثير من مثقفينا العرب أتمنى أن تنال اهتمامكم وتضعوها نصب أعينكم عندما تكتبون مثل هذه المقالات مستقبلا.. وأملى كبير بشخصكم الكريم وخاصة أنتم من الذين لا يخشون لومة لائم فى إظهار الحقائق وكشفها أمام قرائكم الكرام دون مواراة وتحيز لطرف على حساب الطرف الآخر ومن أجل العروبة والإسلام ووحدة العراق، ولكى لا تكون مجلتكم الغراء من وسائل إضفاء الفتنة فى العراق من خلال هذه المقالات دون قصد سواء من باب حرصكم على عروبة العراق وخوفكم عليه من الأطماع الفارسية.. وهنا أنا أشاطرك الرأى فى هذا التخوف لأن للفرس أطماعا واضحة فى الخليج العربى والعراق بصورة خاصة ويرمون إعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية الغابرة، وفقنا الله وإياكم من أجل خدمة أمتنا العربية المجيدة والله من وراء القصد./
أخوك فى العروبة والسلام أبو محمد
بكالوريوس علوم عسكرية
بكالوريوس علوم فيزياء
دبلوم عالى حاسبات
وفيما يلى نص المقال من صاحب الرسالة: حقائق عن شيعة العراق:
1 ـ إن فى العراق خمس طوائف من الشيعة وهم:
أولا: الشيعة العرب:
وهم الأقوام العربية التى نزحت بالهجرات العربية المتعاقبة من شبه الجزيرة العربية واستوطنت فى العراق وانقسموا إلى قسمين حسب المواقع الجغرافية فمنهم من اعتنق المذهب الشيعى وهم الأغلبية من سكان المناطق الوسطى والجنوبية والجنوبية الشرقية ومنهم من اعتنق المذهب السنى وهم سكان المناطق الغربية والشمالية والشمالية الغربية، لذا فإنك تجد أن قبيلة شمر وعنزة وهى من كبرى القبائل العربية فيها سنة وشيعة وكذلك قبائل الدليم وربيعة وطى والجبور والبوعامر وعزة وغيرها كثير من القبائل العربية القاطنة فى العراق، وهكذا فهم أولاد عمومة متعايشون ومتصاهرون ونخوتهم واحدة ويتعاملون فيما بينهم بكل حب وإخلاص دون النظر إلى المذهب لأن رابطة الدم أقوى من رابطة الدين والمذهب، وهكذا تجد فى العائلة الواحدة والعشيرة الواحدة هناك شيعى وسنى، وأحيانا فى البيت الواحد، إضافة إلى أن الشيعة العرب متعصبون إلى قوميتهم العربية لا يتصاهرون مع الشيعة من الأصول الفارسية فهم لا يزوجون بناتهم وأبناءهم من أبناء وبنات هذه الطائفة علي الرغم من أنهم يدينون بالمذهب نفسه، فالمحافظة هنا على نقاوة الدم العربى تلعب دورا كبيرا فى عاداتهم وتقاليدهم وهم يعتزون بعروبتهم وبوطنيتهم ويغضبون كثيرا عندما يتهمهم البعض بالولاء لإيران على الرغم من التهميش والاضطهاد الذى كانوا يلاقونه ويعانون منه فى العهود السابقة منذ العهد العثمانى وحتى الآن.
إنهم هم الذين دافعوا عن العراق من الاحتلال البريطانى الأول فى الحرب العالمية الأولى ومعارك الفاو والشعيبة تشهد بذلك وهم الذين حرموا التعامل مع المحتل والتعاون معه لتشكيل الحكومة الأولى التى نصبها المحتل، وأصبح أول رئيس وزراء لها النقيب الكيلانى من أشراف السنة، ومن نسل الشيخ عبدالقادر الكيلانى الذى مقامه شامخ فى وسط بغداد وهكذا فقدوا الحكم على الرغم من كونهم الأغلبية.
وهم قادة ثورة العشرين ضد المحتل البريطانى حيث انطلقت شرارتها الأولى من الرميثة إحدى أقضية محافظة النجف الأشرف وكان قادة الثورة من رجال الدين الشيعة وشيوخ العشائر العربية الشيعية، وهم الذين تصدوا للمحتل الفارسى طيلة ثمانى سنوات ضحوا بخيرة أبنائهم من أجل وطنهم وعروبتهم دون أن يخطر على بالهم أنهم يقاتلون أبناء مذهبهم لأن الوطن عندهم أغلى من المذهب والدين.
وهم الذين تصدوا للمحتل الجديد فى الفاو والبصرة والناصرية وميسان والديوانية والنجف وكربلاء ولم يدخلها المحتل إلا على جثث شهدائهم فى هذه المناطق على الرغم من موقفهم من النظام السابق بعكس المحافظات الأخرى التى دخلها المحتل دون مقاومة تذكر، وبالاتفاق مع رؤساء عشائرهم.
وهم الآن يقفون فى وجه المخططات الأمريكية الفارسية لتجزئة العراق وتفكيك أوصاله بحجة الفيدرالية، هؤلاء هم الشيعة العرب العراقيون. فلماذا تخشوهم وتتهموهم بالتبعية لإيران؟
ثانيا: الشيعة الفرس:
وهم الأقوام الفارسية من بقايا الإمبراطورية الفارسية الغابرة أو من الأقوام الفارسية التى نزحت إلى العراق من إيران عبر الحدود المشتركة بينهما بحثا عن العمل أو لزيارة الأضرحة والعتبات المقدسة المتواجدة بكثرة فى العراق، فمكثوا فيه وتوزعوا على المحافظات الجنوبية والشرقية والوسطى وهم يمارسون أعمال نقل البضائع الثقيلة على ظهورهم ويسمونهم "حماميل" وهم الوحيدون الذين يمارسون هذه المهنة، والبعض الآخر منهم يعمل فى النسيج اليدوى، حيث ينسجون السجاد اليدوى الصغير ويسمونهم "حياك" وقسم آخر منهم يعمل فى التجارة وأصبحوا من كبار التجار فى المناطق التى استوطنوا فيها وهم يعتزون بقوميتهم ولغتهم الفارسية ويعلمونها لأبنائهم، إضافة للعربية التى يتعلمونها نتيجة احتكاكهم بالعرب وبدخولهم إلى المدارس بعد أن حصلوا على الجنسية العراقية من الدرجة الثانية نتيجة ولادتهم فى العراق، وكان يكتب على هذه الجنسية "من التبعية الإيرانية" ولا يسمح لهم بالانخراط فى صفوف الجيش أو الشرطة بصفة ضباط ولا يسمح لهم بتبؤ المناصب العليا أو الحساسة فى دوائر الدولة الأخرى، وهم أشد كرها للعرب على الرغم من تعايشهم معهم، و"أذكر لك هنا حادثة عشتها وأنا طفل فى إحدى قصبات محافظتنا الجنوبية بأن زوجة أحد جيراننا الشيعة الفرس تشاجرت مع زوجها ولجأت إلى دارنا المقابل لدارهم وتبعها زوجها من أجل إعادتها إلى دارها وكان يتكلم معهم بلغتهم الفارسية، وهنا أصبحت الزوجة عصبية وتفوهت بكلمة "أنهم أشرف منك" دون وعيها وتركها زوجها وخرج من دارنا غاضبا ولما سألتها والدتى عن سبب تلفظها بهذه الكلمة أخبرتها بأنه قال لها إن لم ترغبى بالعودة معى إلى دارنا فاذهبى إلى أى دار أخرى من دور جماعتنا الفرس ولا تمكثى فى دار هؤلاء العرب الكلاب هؤلاء هم الشيعة الفرس لا يحبون العرب على الرغم من تعايشهم معهم سنين طويلة.
وكانوا أكثر قربا لليهود من العرب ولا يزوجون أبناءهم وبناتهم لغير الفارسى وكانوا يفرحون عندما يؤتى بالشهداء أيام المعارك التى كانت تدور بين القوات العراقية والمتمردين الأكراد فى الستينيات من القرن الماضى، وكذلك عندما نشبت الحرب العراقية الإيرانية، وتنبهت الحكومة العراقية إلى خطرهم فى السبعينيات من القرن الماضى فبدأت أول حملة لتسفيرهم خارج الحدود وتلتها حملات أخرى فى الثمانينيات إبان الحرب مع إيران.
إلا أن قسما منهم اندمج مع بعض القبائل العربية وتصاهر معهم وحصل من خلال ذلك على الجنسية العراقية وتفرقوا بين المحافظات الجنوبية والوسطى وادعوا بأنهم عرب ولكن بقى ولاؤهم وانتماؤهم الحقيقى لوطنهم الأم إيران، وهؤلاء هم الأكثر خطرا بالوقت الحاضر على العراق وعلى العرب لأنهم استطاعوا أن يتغلغلوا فى المناصب المهمة والحساسة فى العهد الجديد بحجة أنهم من الشيعة المضطهدين واستطاعوا أن يؤثروا على لجنة كتابة الدستور الجديد ليضيفوا إليه فقرات تخدم مصالحهم وخاصة فيما يتعلق بالجنسية والتجنس، ومن خلاله يحققون مآربهم بمنح الجنسية العراقية للباقى من أقوامهم الذين لم يحصلوا عليها فى الحكومات السابقة، ويصبح هؤلاء عراقيين من الدرجة الأولى، ويكون خطرهم أكبر فى المستقبل على العراق وعروبته ووحدة أراضيه لأنهم هم الذين ينادون بإقامة إقليم شيعى يضم المحافظات ذات الأغلبية الشيعية، وبالتالى يقيمون تحالفا قويا مع إيران ويفقد العرب الشيعة هويتهم العربية، كما فقدها إخوانهم الشيعة العرب فى المناطق العربية التى ضمتها بريطانيا إلى الإمبراطورية الفارسية أيام الحكم العثمانى وهى "عبدان والمحمرة والأهواز" والتى يطلق عليها سابقا عرب ستان، وقد غيروا اسمها بعد وصول الملا لى للحكم إلى خوزستان ومنعوا قاطنيها من العرب الشيعة من أبسط حقوقهم وهو ارتداء زيهم العربى "الكوفية والعقال"، وعدم التكلم بلغتهم العربية وعدم السماح لهم بإضافتها كلغة ثانية فى مناطقهم ومدارسهم، هؤلاء هم الشيعة الفرس وهم أقلية، ولكنها الآن مؤثرة فى الأوساط الرسمية وستحقق مآربها إذا لم يمد إخواننا العرب أيديهم لإخوانهم العرب الشيعة فى العراق، كما تفعل إيران الآن فهى تدعم الشيعة فى العراق وفى لبنان والآن بدأت تمد يد العون إلى المقاومة الشريفة فى فلسطين بعد أن تخلى عنها العرب.
نحن العرب نائمون ونحرض بعضنا على بعض بحجة أن هذا شيعى وهذا سنى، ونحن بعيدون كل البعد عن مبادئ وقيم الإسلام الحنيف التى تدعو للتوحد والتآخى ونبذ العنف وإشاعة روح المحبة والسلام بين أبنائه.
ثالثا: الشيعة الأكراد "الفيلية":
وهم من الشيعة الأكراد الذين يقطنون فى المناطق الشرقية والشمالية الشرقية من العراق، وهم يتكلمون اللغة الكردية، وولاؤهم مزدوج فقسم منهم ولاؤهم لإيران والآخر ولاؤهم للأكراد، وهم مسالمون يعملون فى التجارة وهم من الأقليات المضطهدة فى كل العهود، وقد سفر الكثير منهم فى زمن صدام وأعدم الكثير من شبابهم ولم يحصلوا على حقوقهم لا من الأكراد ولا من العرب وهم لا خوف منهم على مستقبل العراق والعروبة لأن همهم الوحيد هو الحصول على حقوقهم كأقلية فى هذا الوطن.
رابعا: الشيعة التركمان:
وهم من الشيعة ذات الأصول التركية ويحملون الجنسية العراقية من الدرجة الأولى ويسكن غالبيتهم فى محافظة كركوك الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين الأكراد من جهة والتركمان والعرب من جهة أخرى علما بأن غالبية سكانها من التركمان والعرب وهؤلاء ولاؤهم لوطنهم الأم تركيا، وهم يتكلمون اللغة التركمانية، وهم أقلية مسالمة يطالبون بجعلهم القومية الثالثة فى العراق ونيلهم حقوقهم كأقلية معترف بها فى العراق، وهم متعصبون لقوميتهم ولا يحبون العرب، ولا خوف منهم على العروبة والعراق.
خامسا: الشيعة الشبك:
وهم أقلية غير معروفة ماهيتهم وقوميتهم ولهم لغة خاصة بهم وغالبيتهم يسكنون فى شمال العراق فى محافظة الموصل وهم مسالمون وغير معترف بهم لا من الأكراد ولامن العرب وهم عديمو الاختلاط بالأقوام القاطنين معهم لهم عاداتهم وتقاليدهم الخاصة التى لا يطلع عليها أحد غيرهم وهم لا يشكلون أى خطر على الوطن.
إن عملية العزف على أوتار الشيعة وخطر الشيعة والتشيع دون أن يشار إلى هؤلاء الفرس سيولد الحقد والكراهية لدى إخوانكم العرب الشيعة المخلصين لعروبتهم ووطنهم العربى، لذا فأنا أقترح أن تصب مقالاتكم فى هذا الجانب وخاصة فى هذه الظروف الصعبة التى يمر بها الشعب العربى فى العراق من تقاتل وتناحر طائفى أزكى ناره وشجع عليه الاحتلال الأمريكى والمنظمات الصهيونية العاملة فى العراق، والحقد الفارسى على كل ما هو عربى على موضوع التآخى والتسامح والتعاون بين العرب "شيعة وسنة" دون تسميتهم كما يفعل المحتل، حيث قسمنا إلى سنة وشيعة وعرب وأكراد لكى نتقاتل فيما بيننا، وبالتالى يتقسم العراق ويصبح دويلات متناحرة ضعيفة لا حول لها ولاقوة، ويتحقق هدف الصهيونية وتطمئن إسرائيل ويزول تخوفها من الخطر العراقى وقوته التى كانت تحسب لها ألف حساب، وأنا أطمئنك بأن ذلك لن يحصل إن شاء الله وهيهات أن يتقاتل الإخوة العرب شيعة كانوا أم سنة مهما كانت الخلافات السياسية القائمة بينهم مادامت هناك قادة خيرون مخلصون لشعبهم ووطنهم.
لكى توضحوا وتفضحوا الخطر الفارسى القادم على العرب كما تعتقدون "والذى أصبح الآن حسب وجهة نظركم أكثر خطرا من اليهود وكان اليهود بعد الصلح الذى وقعته الشقيقة مصر معهم قد تخلوا عن أطماعهم التوسعية وأصبح الشيعة هم العدو الأول لهذا الوطن العربى"، فأنا أقترح عليكم ألا تشيروا إلى المذهبية على أنها هى الخطر، بل عليكم أن تعلنوا بوضوح إلى الخطر الفارسى الذى لا علاقة له بالدين والمذهب، كما كنا نفعل فى مجلاتنا وجرائدنا فى العهد السابق لأن الفرس هم الفرس شيعة كانوا أم سنة، واحتراما لمشاعر إخوانكم العرب الشيعة الذين لا ذنب لهم سوى أنهم شيعة غصبا عنهم وجدوا أنفسهم هكذا "لا أنا ولا أنت اعتنقنا المذهب الذى ننتمى إليه بمحض إرادتنا، بل وجدنا أنفسنا هكذا أنا شيعى وأنت سنى وأنا أعتز بمذهبى الذى وجدت نفسى فيه لأستطيع أن أغيره وأعتنق المذهب الآخر وأنت كذلك، فأنصفوهم يرحمكم الله فهم مضطهدون من قبل الفرس فى ديارهم وإخواننا العرب يتهمونهم بالكفر والضلالة والتبعية لإيران فى أوطانهم وإلى الله المشتكى فهو أرحم الراحمين وخير الناصرين.
وفى الختام تقبل فائق تقديرى واحترامى لشخصكم الكريم ومؤسسة روزاليوسف الرائدة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تعليق على الرسالة
وللأخ العزيز نقول :
إننا لا نقف موقف العداء من الشيعة كمذهب، ونحن نؤمن بأن كل شخص حر فى عقيدته، ولكننا نقف كما طالبت أنت ضد الخطر الفارسى - الشيعى.. غير أن الفرق الجوهرى بيننا وبينك فى النقاط التالية :
1- أن هناك سطوة حقيقية لإيران على اتباع المذهب الشيعى فى مختلف الدول.. لاسيما العراق.
2- أن داخل العراق منظمات كاملة، لها أتباع وميليشيات، تأتمر بأمر إيران.. وفى ذلك يرجى الانتباه إلى دور ميليشيات جيش المهدى "مقتدى الصدر"، و"فيلق بدر" عبد العزيز الحكيم.
3- أن الغطاء العروبى هو الذى يتم إلباسه عادة للعديد من تنظيمات الشيعة فى المنطقة.. وحزب الله هو أحد أهم الأمثلة فهو يطبق أجندة إيرانية على شعار عربى فى اتجاه إسرائيل فى حين أنه لا يخدم سوى أهداف محور إيران.
4- أن الشيعة العرب فى العراق لم يحاولوا أن يمايزوا أنفسهم بعيدا عن شيعة إيران، وقد أتيحت فى هذا السياق فرص عديدة فوتها من تقول أنهم عرب لا شيعة.
هذه بعض الملاحظات وأترك رسالتك للقراء لكى يعلقوا عليها.. من الناحية العلمية والإثنية.
مقال فى الشرق الأوسط
الزاوية الثانية هنا تتعلق بمقال كتبه فهمى هويدى فى جريدة الشرق الأوسط أشرت لعنوانه من قبل، وهو يحاول فيه أن يساند دعوة ما يسمى بـ "اتحاد علماء المسلمين" لتشكيل لجنة تقصى حقائق عملية التطهير العرقى على الأساس الطائفى التى يشهدها العراق الآن.
وفى المقابل هدف خبيث، وهو أن يتم تحويل ما يقال يوميا فى الأخبار حول التطهير المذهبى فى العراق من قبل الشيعة من حقائق إلى شائعات.. ينبغى التحقق منها.. كما أنه لا يوجد اتهام محدد للشيعة.. وفى ذلك يقول فهمى هويدى.. فى فقرة :
"لقد تناقلت وكالات الأنباء وبعض الصحف بيان اتحاد العلماء، لكن الجهات المعنية بالأمر لم تتحرك وغضت الطرف عنه، بالتالى فإن الحال بقى كما هو عليه، فاستمرت عمليات التطهير المذهبى، وتدفق سيل الأخبار فى العراق مفصلا فى وقائعها وفظائعها، بالتالى فإن البلبلة زادت فى أوساط المسلمين، واستصحبت معها مزيدا من الأحزان والمرارات والضغائن".. وفى فقرة أخرى يقول:
وإذا كان اتحاد علماء المسلمين قد بادر إلى إصدار البيان الذى لم يسم أحدا، ولم يحدد مسئولية أية جهة، وإنما طالب فقط بالتحقق مما يجرى قبل اتخاذ أى موقف، فأحسب إنه بذلك عبر عن مواقف مختلف الهيئات والمنظمات المعنية بالشأن الإسلامى، باعتبار أن ما يجرى هناك أمر يهم المسلمين جميعا ويزعجهم، لذلك فلعلى لا أبالغ إذا قلت أن دعوة اتحاد العلماء تمثل مدخلا عاما ورصينا للتعامل مع الملف المسكوت عليه رسميا، فى حين أن "الشائعات" الرائجة حوله فى الأوساط الإسلامية من الخطورة بحيث يتعين احتواؤها قبل فوات الأوان.
ومن ثم فإنه من خلال ما يلى ذلك يحاول أن يقول إن هناك غموضا.. إذ يقول: أدرى أن مشكلات العراق أكبر، وأن البلد كله أصبح غارقا فى الدماء الآن، وإن ثمة "غموضا" يحيط بالكثير مما يجرى فيه، بعدما انفلت العيار وغاب الأمن، وأصبحت الساحة مفتوحة على مصارعها لما لا حصر له من شرور، كأن الاحتلال الأمريكى هو المصدر الأول لها، لكننا إذا عجزنا عن أن نطفئ الحريق الكبير ونستأصل أصل الداء، فلا أقل من أن نعمل على تخفيف حدة البلاء، وننزع بعض أسباب الفتنة المدمرة، ليس فقط دفاعا عن فئة فى مواجهة أخرى، ولكن أيضا لكى تحتشد مختلف الفئات لمواجهة الاحتلال".
إن الهدف الأساسى هو أن يتم تفرقة الدم بين القبائل، وألا يكون الاتهام واضحا منه تجاه الشيعة.. وصولا إلى الهدف الأهم وهو أن نناقش موضوع التقارب بين السنة والشيعة.. بدلا من أن نناقش خطر الشيعة، وهكذا فإنه بعد أن ينفى شائعة كونه شيعياً كما قيل عنه، يقول مروجا للشيعة وللمنطق الإيرانى المخدر.
"لكننى عند موقفى من احترام الشيعة، لأن أعداءنا لا يفرقون بين شيعى وسنى، ولأن ثمة مصلحة حقيقية للأمة الإسلامية فى تعاون مختلف الفرق وائتلافها فى مواجهة مختلف التحديات التى تتربص بها، ناهيك عن أن الذين يكرهون الأمة لا يكفون عن الوقيعة بين الطرفين، وينتظرون بفارغ الصبر لحظة انفجار الصراع بينهما.
ما خطر ببالى قط أن أخاطب الآخرين باعتبارى من أهل السنة، لكنى لا أخفى أن ذلك الشعور بدأ يراودنى بعد احتلال العراق، حتى قلت للدكتور إبراهيم الجعفرى رئيس وزراء العراق الأسبق حين لقيته فى العراق ذات مرة، إن الحاصل فى العراق ذكرنا بأننا سنة، فى حين أننا ظللنا طوال الوقت نعتز بهويتنا كمسلمين فقط".
ومن الطبيعى أن يتجاهل فهمى هويدى دور إيران فيما يحدث، ويكون هدفه هو أن يلقى بمسئولية الفتنة على الاحتلال دون غيره.. وهو يقول فى هذا السياق:
لا أستطيع أن أتجاهل فى هذا الصدد أن الاحتلال ألقى بذرة هذه الفتنة حين عهد إلى تشكيل أول مجلس للحكم الانتقالى على أساس مذهبى وعرقى، الأمر الذى همش أهل السنة العرب، وفتح شهية الغلاة من القيادات الشيعية للتوغل والتوسع، والتطلع إلى المزيد من الاستئثار بالسلطة والأرض والثروة، وذهب هؤلاء إلى أبعد حيث طرحوا فكرة "الفيدرالية" التى أريد بها إقامة إقليم شيعى كبير يضم 9 محافظات فى الجنوب تتركز فيها الثروة النفطية، ولتحقيق ذلك فإن مجموعات من الغلاة، الذين انخرطوا فيها سمى بفرق الموت، عمدت إلى تهديد أهل السنة فى الإقليم المفترض، لضمان "نقائه المذهبى" فى خطوة لا سابقة لها فى التاريخ العراقى، حيث ظلت القبائل والعشائر والزيجات تضم طول الوقت خليطا من السنة والشيعة.. ولكى يحقق التهجير أهدافه، فإن مختلف أساليب الترويع استخدمت فيه، حتى لم تتورع جماعات الغلاة عن قتل الأشخاص وهتك الأعراض ونهب الأموال وهدم البيوت وتفجير المساجد، أدرى أن بعض غلاة السنة لجأوا إلى مثل هذه الأساليب الشريرة، ورغم أن الجدل لن يتوقف حول الطرف الذى بدأ العدوان، ومن المسئول عن الفعل ومن الذي قام برد الفعل، إلا أننا نسجل ملاحظتين فى هذا الصدد:
الأولى أن فرق الموت الشيعية مدعومة عند الحد الأدنى بالسلطة وبالأحزاب الشيعية الرئيسية. واستخدامها لسيارات الشرطة وأسلحتها وسجونها خير دليل على ذلك، فى حين أن التى تنتسب إلى أهل السنة لا ظهر لها ولا سند. الملاحظة الثانية أن ممارسات فرق الموت وعمليات التطهير العرقى التى لجأت إليها قوبلت بصمت مثير للانتباه من قبل المراجع الشيعية العليا، فى حين أن ممارسات الجماعات السنية ضد التجمعات الشيعية أدينت علنا من جانب مختلف المراجع السنية، فى داخل العراق وخارجه، وفى كل الأحوال فإن هذا الجدل يمكن أن تحسمه أية جهة محايدة تتولى تقصى حقائق الفتنة الحاصلة بين الطرفين.
وإجمالى ما أفهم من هذا المقال.. هو أن هويدى يريد أن يجعل المسألة مفتوحة.. الأدوار فيها متقاطعة بين السنة والشيعة.. وأن يقول أن هناك مبالغات وأكاذيب تحتاج إلى التحقيق.
لكن وللموضوعية، فإنه فى نهاية المقال يتذكر إيران ويطالبها بأن تعلن موقفا صريحا مما يفعل شيعة العراق.. ليس لأنه وهو الرجل صاحب مصادر المعلومات المتنوعة يعرف حقيقة الموقف.. ودور إيران فيه.. ومساندتها العلنية التى لا تحتاج موقفا لكى يعلن.. وإنما لكى يجد وسيلة يمكن أن يواصل مساندته لإيران.. والتى أصدر حكما يؤكد فيه براءتها مما يحدث من تطهير مذهبى.
إن إيران مطالبة بتحديد موقف صريح من عملية التطهير الطائفى الجارية، خصوصا من جانب المرشد الأعلى السيد على خامنئى، حتى قبل أن تشكل لجنة تقصى حقائق، لأنه من المهم للغاية أن تعلن القيادة والمرجعية الإيرانية براءتها من الجرائم التى ترتكب بحق السنة، علما بأن إيران خسرت كثيرا من رصيدها بسبب ممارسات الشيعة فى العراق، بدءا بالذين تواطأوا مع الاحتلال الأمريكى وأيدوه، وانتهاء بعمليات التطهير الطائفى التى استهدفت أهل السنة. حتى أصدقاءها - وأنا منهم - لم يعودوا قادرين على فهم تصرفاتها وعاجزين عن تفسير صحتها، فى حين إنها مقبلة على مواجهة مع الولايات المتحدة بسبب مشروعها النووى، تحتاج فيها إلى كسر طوق العزلة وليس إلى تعميقه وتعزيزه. علما بأن الممارسات التى نسبت إلى طهران انعشت كثيرا من التيارات السلفية المغالية المخاصمة للشيعة فى العالم العربى والإسلامى حتى رجحت كفتها على التيارات المعتدلة فى أقطار عدة.
ويواصل إننا نبذل جهدا كبيرا لإقناع من حولنا بالتفرقة بين ممارسات الشيعة فى العراق، والمواقف المشرفة لنظرائهم فى لبنان. كما ندعو إلى التفرقة بين التحفظ على السياسة الإيرانية فى العراق، وبين التورط فى الاصطفاف إلى جانب المعسكر الأمريكى الإسرائيلى الذى يتربص بإيران ويكيد لها، ونحن فى هذا وذاك ندافع عن عزة الأمة وكرامتها، ولا ندافع عن طائفة أيا كانت، لكن ذلك الجهد يظل قاصرا ومقصورا إذا لم تساعدنا عليه طهران التى أعرف أنها تزخر بالحكماء وبعيدى النظر، فهل تسمع لهؤلاء صوتا؟
وربما كان ما يقوله فهمى موضوعيا، ويبرئ ساحته ولكننى فى النهاية أدعو كل شخص قرأ هذا المقال إلى أن يقارن بين اللغة التى خاطب بها صديقته إيران.. واللغة التى خاطب بها بلده فى مقال نشره فى الأهرام يوم الثلاثاء الماضى تحت عنوان "إن مالت هانت".. وفيه كان يكتب عما أسماه تروج الدور المصرى.. وقد جزم بوضوح قائلا "إن الحقبة المصرية انتهت".. فيما بدا منه ترويجا لما كتبه ريتشارد هاس اليمينى الأمريكى المعروف عن نهاية الحقبة الأمريكية فى الشرق الأوسط.. وبداية الحقبة الإيرانية.
وهويدى فى مقال الأهرام كان يؤكد فكرة "هاس" دون أن يذكر اسمه، على حساب بلده مصر وحتى وهو يهاجم الإدارة المصرية وينتقد تراجع دورها كما قال لم يطلب من تلك الإدارة أن تعلن مواقفها.. ولم يخاطبها باعتباره مواطناً.. أو حتى صديق كما فعل مع الصديقة إيران.؟
كاتب المقال رئيس تحرير مجلة روز اليوسف