أبو تريكه ونظرية الإنتقام الإلهى!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
* هل هزم الأهلى بسبب منع جوزيه لأبو تريكه من الحج؟!.
* نظرية الثأر والعقاب الربانى تسيطر على عقولنا منذ هزيمة 67 عقاباً للشيوعيين، وتدمير مركز التجارة ثأراً من الأمريكان، وتسونامى والإيدز إنتقاماً من سياحة البكينى و الإباحية.
قراءة خريطة العقل المصرى هذه الأيام أشبه بقراءة بيت جحا، ومحاولة رسم طرق ومسالك تفكير مواطننا الكريم الآن شبه مستحيلة وأشبه برسم خريطة أحراش الكونغو أو مسارات توك توك منشية ناصر !، وعندما سمعت تفسير كثير من الأهلاوية الذين أرجعوا هزيمة الأهلى من الإسماعيلى إلى عدم ذهاب أبو تريكه إلى الحج برغم وجود التأشيرة الملكية، وذلك لأن مانويل جوزيه المدرب البرتغالى المتآمر منعه بحجة إحتياج الفريق إلى مجهوداته أمام نادى الزمالك !، إندهشت عندما سمعت وقرأت فى بعض الصفحات ومنتديات الإنترنت حماس متشنجين إنتفضت عروقهم وهم يرددون أن هذه الهزيمة إنتقام إلهى ودرس وعبرة للنادى الذى منع أبو تريكه ولم ينصت إلى صوت الحق وأنصت لصوت المدرب الذى لايحترم تقاليدنا وطقوس ديننا، وبالغ البعض وقال أن إغماءة اللاعب الجميل الخلوق أبو تريكه هى "قرصة ودن" ربانية للمتكاسل عن الحج لقاء عرض دنيوى زائل وماتش كروى فان!، حاول المبررون ان يبعدوا من خلال نظرية العقاب الإلهى عن تحميل فريقهم ولاعبيهم نتيجة الهزيمة، فمن وجهة نظرهم لايمكن لأبطال اليابان أصحاب الواحد وسبعين إنتصاراً متتالياً أن ينهزموا من فريق أقاليم فى عقر دارهم، ليس مهماً اللعب السئ أو التدريب الردئ أو اللياقة الضائعة أو الفريق المتخاذل، فالتفسير الأسهل والمريح والذى يلعب على أوتار العقول المصرية حالياً هو عدم ذهاب أبو تريكه للحج.
لاإعتراض على أن الحج أجمل رحلة روحانية للمسلم، وندعو لنا وللجميع أن يعيش لحظات تلك الفريضة التى تغسل الروح من أدرانها، ولكن الإعتراض هو فى تفسير العقل المصرى لأى هزيمة أو نكسة أو كارثة على أنها عقاب ربانى، فالمسألة ليست مسألة حج أبو تريكه ولكن القضية هى قضية فلسفة العلاقة بين العبد والرب عز وجل، والتى تحولت فى عقل المواطن المصرى والعربى، الجاهل والمثقف، إلى علاقة ثأر وإنتقام، يثأر وينتقم فيها الرب الخالق من مخلوقاته البسيطة، ويتربص بهفواتهم وأخطائهم، هذا الخالق العظيم الغفور الرحيم، تحول فى فلسفتنا والعياذ بالله إلى آلة إنتقام جبارة، وصار الدين على أيدينا للأسف فخاً منصوباً لفئران المخلوقات التى هى نحن البشر، والمجبرين للأسف على إختيارات محيرة بين أنواع الجبن الموضوعة على بوابة المصيدة !.
نظرية العقاب الإلهى والثأر الربانى ليس أبو تريكة أول ضحاياها ولن يكون آخرها، فهزيمة 1967 بكل ضحاياها وشهدائها وخرابها ودمائها هى ثأر إلهى من تغلغل الشيوعيين فى مصر حسب تفسير الشيخ الشعراوى ، ودمار مركز التجارة العالمى الأمريكى هو عقاب ربانى من كفار العصر الجديد الأمريكان حتى ولو كان من بين الضحايا أبرياء ومسلمون وأطفال، وقد إقتنع الكثيرون بهذا التفسير لدرجة أنهم كتبوا أن نبؤة تحطم أبراج مانهاتن جاءت فى القرآن الكريم من خلال الإعجاز الرقمى لرقمى 11 و 9 فى إشارة واضحة لليوم والشهر الذى إحترقت فيه الأبراج !، صار مرض السرطان يصيب الفنان الذى إبتعد عن طريق الله، والإيدز يحصد مجتمعات الرذيلة والفسوق، وإعصار تسونامى يحصد أرواح من يروجون لسياحة الدعارة فى جنوب شرق أسيا، وأمراض الجلد الخطيرة مثل الصدفية والسرطانات تصيب لابسات المايوهات ولاتصيب المحجبات، وسفن الفضاء تحترق لأن الكفرة تطاولوا فى البنيان وإغتروا بقوتهم، والدنمارك على حافة الإفلاس لأنها بلد تكره المسلمين، وفرنسا تخرج من كأس العالم لأنها تمنع الحجاب، ونجيب محفوظ تشل يده لأنه كتب أولاد حارتنا.....إلى آخر هذه التفسيرات الدموية التى تختصر الدين إلى زنزانة، وتختزله فى قنبلة، وتحول المقدس إلى جلاد، وصوت رجل الدين إلى سوط، والعبد إلى مجرد سيخ من الكفتة فى حفلة باربكيو !.