الحرة توثق تآمر الخليلي على جليد الثقافة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
كان يوم الاحد الماضي يوما غير عادي بالنسبة لواقع الحركة الثقافية العراقية في المهجر الاميركي حيث احييت امسية اختلط فيها حابل التشكيل بنابل الموسيقى بتوابل المقام العراقي وكانت النتيجة ان خرج الكثير من الامسية وهم يبكون سرورا. قبل اسبوع فتحت قاعة "كاتزن للفنون" في العاصمة الاميركية "واشنطن" ابوابها مشرعة في السادسة مساء للرسم والموسيقى والغناء العراقي ولم يدر في خلد تلك الابواب انها ستضيق بعد قليل بـ "زوار المساء" وعند ما بلغ السيل الزبى واكتظت الكراسي والممرات المحاذية بالحضور لم يكن هنالك بد من متابعة الحدث من خارج القاعة التي ظن المنظمون في باديء الامر ان مئتي كرسي مرصوفة فيها كافية وربما تزيد على الحضور.
فشل "مؤامرة" كهذه لكسر جليد الثقافة العراقية في المهجركان اول ما يجول في خاطر أي مغامر ينطلق من فراغ قاتل في الانشطة الثقافية وامكانيات هي اقرب للمتواضعة منها الى الوافية. من هنا تتأتى قيمة الجهد الكبير الذي بذله ملحق العراق الثقافي في واشنطن "الدكتور عبد الهادي الخليلي" الذي لم يخف هو ايضا انبهاره بالحضور النوعي الكثيف والنجاح الذي حققته الامسية. قناة "الحرة" التي كانت حاضرة بعدساتها وممثليها تابعت الحدث عبر الاعلامي العراقي علي عبد الامير الذي تبدى تحمسه لهذا النشاط من خلال تقريرين بثتهما القناة سلط فيهما الضوء على نجاح النشاط الباكورة و العطش الذي دب بين عروق العراقيين لمشاهدة حقيقة بلدهم داخل قاعة تنبض بالفن العريق بينما كانت قلوبهم تسافر الى الداخل حيث دوي المفخخات والعبوات الناسفة يسكت كل صوت آخر اعني الانسان والموسيقى معا.
من بين حاضري الامسية كان العراقي "فؤاد ميشو" الذي حمل عقوده التسعة على ظهره الحاني وحظر الى القاعة ليتابع الحدث مباشرة. ولمن يجهل "ميشو"فهو باختصار عبارة عن مكتبة موسيقية جوالة وقد تناهى الى اسماعنا انه تبرع بعد الامسية بجميع ارشيفه واغلبه موسيقي لمكتبة الملحقية الثقافية في واشنطن تقديرا للجهود التي بذلت لاخراج امسية الاحد على هذا القدر الكبير من النجاح. ابنته سوزان تنقل عن ابيها انه لم يستسلم ليلتها لسلطان النوم، عادّة ذلك من النوادر، وانه قال لها بالحرف : "انها احلى ليلة في حياتي"، ومن غرائب الصدف انها كانت ليلة عيد ميلاده الخامس والثمانين. امسية الاحد حضرها فضلا عن الجمهور العراقي، الكثير من العرب المهتمين بالثقافة العراقية، والى جانب ذلك كان عدد من الشخصيات الثقافية الاميركان ودبلوماسيين اجانب وكانت تلك فرصة لا تقدر بثمن لانفتاح الاخر على ثقافتنا التي عزز اصالتها للحضور عزف مقطوعة موسيقية يعود تاريخها الى اكثر من 3500 عام أي في زمن الحضارة البابلية على القيثارة "الهارب".
ولم يفت منظمي الحفل تكريم شخصيات عراقية اسهمت وتسهم في دعم الحركة الثقافية العراقية ومن بين المكرمين كان من طوته الارض ولكن لم يطوه النسيان. وكُرّم اشخاص ايضا لم تسعفهم الظروف لحضور الامسية فكان ان طغى حضورهم المعنوي على غيابهم المادي. الخليلي الذي بذل جهدا حثيثا لانجاح اول نشاط ثقافي عراقي بهذا المستوى في عاصمة تكتم فيها قبضة السياسة على انفاس أي مجال آخر، اكد عمليا ان توفر النية الصادقة لخدمة الشعب العراقي يمكن ان تذلل كل الصعوبات التي تعترض أي مشروع واكد ايضا من خلال هذا الانجاز ان سكوته المطبق على التهم التي تناولت هويته وتواضع قدراته الثقافية لم يكن عجزا انما اراد ان يستعيض بالفعل عن القول، في زمن نسمع فيه الكثير ولكن لا نرى احدا.