إندماج المسلمين: كذبة أوروبا الكبرى!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
برنارد لويس المستشرق الأميركي المعروف تنبأ قبل عامين من الآن بتحول القارة الأوروبية إلى محيط إسلامي في نهاية القرن الحالي. لويس، الذي تحدثّ لصحيفة (دي فلت) الألمانية الرصينة، قال بان أوروبا سوف تتشكل بأغلبية عددية مسلمة في نهاية القرن الحالي. السبب في رأي "العم برنارد" هو الهجرة الإسلامية الهائلة والمستمرة للقارة العجوز، وإرتفاع نسبة المواليد لدى المهاجرين المسلمين، مقابل تدنيها وإنحطاطها لدى المواطنين الأصليين.
تصريحات لويس هذه أثارت ضجة كبيرة في الأوساط الأوروبية. دبّ الخوف من جديد في أوصال الساسة والمخططين الإستراتيجيين الغربيين. الصحافة بدأت بدورها تلوك الأخبار وتوزع الإحصائيات (التي مازالت مطمئة حتى الآن..)، فضلاً عن المقالات المختلفة التي راحت تشرح الظاهرة وتتصدى لها بحجج مختلفة. ثمّة إذن خطر يتسلل من حدود أوروبا خفيّة. رجال فحول أقوياء، ونساء شابات عامرات بالخير والخصوبة، يتدفقون من صوب الشرق لبلاد الغرب ويستقرون فيها. والعملية مضمونة، تتم بسلاسة بإسم "حقوق الإنسان" و"الحماية من الإضطهاد".
وبعيداً عن تحليل لويس في تفوق هؤلاء الوافدين عددياً على السكان الأصليين/العجّز في قادم الأيام، وتحوّل روح القارة الأوربية عن القيم المسيحية الغربية لتعتنق الإسلام، وما يترتب على ذلك من تغيير بنيوي شامل، فإن ماينطلق من المهاجرين المسلمين في الغرب من صدّ للحياة الغربية وأنماط العيش فيها، وإحتقار مخفي ومستتر للغربيين ينذر ببداية المواجهة بين الغرب و"الضيّوف" الآتين من خلف المتوسط ذاك. ما يُظهره المهاجرون الآن من رفض لنمط الحياة الغربية، والرغبة الجموح في العودة لجذور الآباء والأجداد ورفض الإندماج، هو فقط رأس جبل الجليد الضخم، وماخفي أعظم، وهو آت بلا ريب..
قوى الإسلام السياسي المٌطاردة في الشرق، والتي تشكل سبباً رئيساً لحال التخلف والإنحطاط في البلدان الشرقية، إلى جانب فساد وتسلط النخب الحاكمة، تسيطر على قطاع واسع من المجتمعات الإسلامية في أوروبا. ما هو ممنوع في البلاد العربية، ويودي بقائله أو حامله إلى ما وراء الشمس، مسموح هنا في الغرب: الخطب النارية، المطبوعات التكفيرية، الإجتماعات التي تجاهر بقلب الحكومات وتعليق الحكام، شروط إقامة الحد على المرتد، وفرض الجزية على أهل الذمة...الخ.
قواعد التمويل الخلفية للمجموعات الإرهابية العربية موجودة في الغرب، واجهات عديدة تحت آلف مسمى ومسمى. لو لم تكن "غزوة" نيويورك وواشنطن الآثمتين تلك، لكان هؤلاء تابعوا حصادهم في "هبش" وتجنيد قطاعات الشبان المسلمين في الغرب، والتغلغل السرطاني بين صفوفهم، وكل شيء في النور وفي ردهات المساجد المفتوحة من مال دافعي الضرائب الغربيين( أحفاد القردة والخنازير في الأدبيات الإسلامية العنصرية). لقد أفسدت إجراءات "مكافحة الإرهاب" الغربية جانباً مهماً من عملية "طول البقاء" ومنهجية أسلمّة "ديار الكفر" الممولة مالياً ولوجستياً من (التنظيم العالمي للأخوان المسلمين) وبقيّة الشبكات الأخطبوطية التي تشكّل واجهة الإسلام السياسي الناهض في الشرق العربي.
لولا التشدد في مراقبة المشبوهين من الدعاة والأئمة ومسؤولي الجمعيات الإسلامية، لما أمكن قطع كل هذه التبرعات عن المنظمات الدموية في العالم العربي. لولا قوانين الطوارئ و"الحرب على الإرهاب" لما تمكن القضاء الألماني مثلاً، من وضع شريك آثم في عملية قتل آلاف الأبرياء هو المغربي منير المتصدّق خلف قضبان العدالة، وكف شروره وشرور "جهاده" الأمار بالسوء عن المجتمع الألماني، مدة خمسة عشر عاماً..
لننظر في بعض أوجه الصخب الذي يحدثه بعض قادة ورجال الدين المسلمين في الغرب: مفتي أستراليا "سماحة" الشيخ تاج الدين الهلالي، يصف النساء النصرانيات غير المحجبات في البلاد باللحوم المكشوفة التي تٌسيل لعاب الرجال!. ومن ثمّ، وبعد تأكده من ان لا احد سوف يحاسبه، يتجاسر ويصف الأستراليين بأنهم "أحفاد الأنجلوـ ساكسون، الذين ذهبوا الى إستراليا طائعين مكبلين بالقيود والاغلال، بخلاف المسلمين الذين أختاروها بمحض إرادتهم"، وهم لذلك الأحق بهذه البلاد ( وكأننا في زمن الغزوات الأولى، أيام السبي والغنائم). وبعيداً عن المكان الأسترالي، ولكن ليس ببعيد عن الفكر والمنهل عينه، يسبٌ إمام تركي الألمان في مسجد (نوي كولن) في برلين، ويصفهم بالنجسين و"أصحاب الروائح الكريهة"، لكن من سوء حظ الإمام الشتّام هذا إن إحدى كاميرات التصوير كانت له بالمرصاد، حيث سجّلت مفردات عظته المفرطة في التسامح والمحبة تلك، لتنشره على الرأي العام الألماني، مرفقة بترجمة حرفية، نجحت في شحن الإمام مطروداً مذموماً على أقرب طائرة لتحط به في بلاده، حيث الروائح الزكية والناس النظاف، الأبهة...
أعمال الشغب التي وقعت في فرنسا، أو"ثورة الحراميّة" التي وقعت في ضواحي باريس التي يقطنها المسلمون في نوفمبر 2005 م وحجم الدمار الذي طالّ ممتلكات الناس، لم يكن ثمّة أي سبب لها سوى هوس الرفض الديني المتجذّر في نفسية ووجدان هؤلاء ضد مرافق ومؤسسات الدولة التي احتضنتهم واسبغت عليهم مواطنيتها. وقد أخبرني أحد الأصدقاء بأن احد هؤلاء الهمج إعتذر منه وأبدى إستعداده لدفع التعويض أيضاً حينمّا علمّ بأنه أحرق سيارته، فقط يسبب كونه مسلماً!.
يتعجب المرء كذلك من هوس المسلمين العجيب ببناء المساجد في المانيا. فهناك الآن أكثر من 2500 مسجد في البلاد، أي أكثر من عدد المساجد في فلسطين التي صدرّت (حركة المقاومة الإسلامية حماس). ويجتهّد المسلمون عند بناء المسجد أن يكون قريباً من الطريق العام أو سكة القطار ليكون على مرآى من الرايح والجاي، وكذلك ان يكون في منطقة ذات كثافة سكانيّة مسلمة متدنية، لكي يكون البناء فتحاً جديداً.
وبمناسبة "الفتح" إياه، فإن الباحث الألماني أودو أولفكوته في كتابه القيّم( الحرب في مدننا: كيف يحاول الإسلاميون المتطرفون السيطرة على ألمانيا) يتعجّب من إصرار جمعية (مللي غوروش) التركية وهي كبرى الجمعيات الإسلامية العامة في المانيا( مراقبة من مصلحة حماية الدستور) على تسمية جوامعها الجديدة بإسم "الفاتح". ويسبّر الباحث الألماني التاريخ الإسلامي بعد تساؤله ذاك ليكتشف في الأدبيات الإسلامية مايلي عن شخصية "الفاتح" هذا "الخليفة محمد الفاتح أحد السلاطين الأقوياء في الدولة العثمانية. فهو الذي دمر الإمبراطورية البيزنطية ، وفتح عدة ممالك ومدن منها كورنته وغالاتا وارغوس وجنوه، وقادّ الجيش بنفسه في حصار بلغراد عاصمة صربية تم فتحها بفضل الله واستولى على مملكة طرانبرون اليونانية، وفي عام 1462م فتح رومانيا، والبوسنة والهرسك وأصبحت ألبانيا وقونية جزءا من الدولة العثمانية. وفي عام 1476م فتح هنغاريا وملدوفيا". ويقول الباحث إن شخصية "الفاتح" ومكانته في تاريخ التمدد الإسلامي في الغرب، هو السبب والدافع وراء تمسك جمعيات الإسلام السياسي بإطلاق إسمه على كل جامع جديد يٌبنى على الأرض الألمانية.
يطيب للساسة الأوربيين، والألمان منهم على وجه الخصوص، الحديث في كل مناسبة عن "حوار الحضارات" و"دمج الثقافات" وما إلى ذلك. ويكون الحديث أكثر حرارة حينمّا تكون الحكومة التركية( المسؤولة عن حوالي 3 مليون مهاجر تركي في ألمانيا) هي الطرف المقابل. ويكون الموضوع هو كيفية إنضمام تركيا للأتحاد الأوروبي وما يمثله ذلك من "حوار للحضارات" في مواجهة "صراع الحضارات" ذاك. ويأتي الحديث وكأنك تتحدث عن الصين أو اليابان وليس عن تركيا الدولة الفقيرة المهترئة الإقتصاد، صاحبة العقلية البربرية في قمع وتقتيل مواطنيها على خلفية الهوية الدينية والقومية، والتي قتلت ذات مرة أكثر من مليون أرمني مسيحي دفعة واحدة!!. ولايسأل الساسة الألمان السذج أنفسهم : هل إندمج العمال الأتراك، من الذين مضى عليهم عشرين وثلاثين وأربعين عاماً في ألمانيا ورضوا بقيم المجتمع الألماني، حتى يندمج ملايين فقراء الأناضول في خصوصية القارة الأوروبية وقيمهّا؟.
برنارد لويس أو "بطريرك الإسلام" كما سمّاه بعض دارسيه، وصف حالاً قائمة. لويس إستنبط النتيجة من مقدماتها الغائرة، وبنى عليها الإستخلاص المنطقي الذي روعّ الأوربيين النائمين في العسل الأسود. ومع ذلك ترى الكثير من واضعي سياسة التخطيط في القارة العجوز مازالوا يدفنون رؤسهم في الرمال، ويتابعون الرهان على اندماج المهاجرين المسلمين. الإندماج، تلك الكذبة الأوروبية الكبرى..!