كتَّاب إيلاف

مواطنون أم سكان مناطق؟!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في مواجهة حامية ومؤرّشفة بين الكاتب الفرنسي الكبير جان جنيه ومراسل علمشمار الاسرائيلي، قال جنيه في معرض دفاعه عن الفلسطينيين ووصفه لهم، أثناء زيارته المخيمات اللاجئين، في الأردن، عام 1970 : هناك شيء أصيل، شيء حقيقي.. هذا يعني أن تكون في قلب أغنية عصرية، لا رواية رخيصة.. إذا كنت تعرف هايدغر، فستعرف أن الفلسطينيين يمسكون، الآن، بزمام وجودهم " . أمام كلمات الدفاع هذه المؤرشفة، نحن الآن لا نستحقها، بل مثلها ما يدعو الحزن إلينا وعلينا. لسنا بحاجة للقول إننا أصحاء كما كنا ويجب. ما يجري في هذا الليل الفلسطيني الطويل طول أيدينا ومعاولنا الحزبية الهدامة؛ يكشف للعالم حقيقة أن فلسطين، كقضية، إنما تُصفّي نفسها بنفسها. نحن الآن في قلب الفوضى، نحن الآن رواية رخيصة، ولا نمسك بزمام وجودنا. وما يقترفه الشارع من فوضى ووقاحة سيجعل من تسمية إدارة الاحتلال، قبل أوسلو، للناس في قطاع غزة، بأنهم : سكان مناطق، تسميةً دقيقة وكافية لاستذكار حاجة السكان لمن ينظمهم ويدير شؤونهم؛ وحتى لو كان المنظم والمدير الاحتلال. كل تصرّفات السكان الغوغائيين هنا لا تتطلب المزيد من التفكير في جذور الفوضى وأسبابها؛ كلنا يعرف أن غياب النضج والمسؤولية والتسمية الوطنية هي من الأسباب المباشرة والحاسمة لإعلان موتنا الذي يكبر كل يوم. ذلك لأنّ الأهداف الوطنية تتحطّم بين جمود المَرجعية وغثاء الرجعية، لدى حماس وفتح المجرمتان القاتلتان للاستثناء الفلسطيني. في ظل ما يجري من قتل وتخريب وتشويه جراء صراع الحمقى، نحن نحتاج من ينقذنا ويعيد لأطفالنا الأمن والسلامة للأسر التي تنام على وجع البنادق، ورعب الموقف في غزة. وإذا ما بقي حالنا كذلك فإن تسمية الاحتلال القديمة للشعب بـ " سكان مناطق " ستبقى لصيقة به، بما لا يدع مجالاً للدفاع عن الحقيقة والرواية الأصيلة أمام العالم. لو كان أفراد الشعب مواطنين أصحاء وصالحين؛ لكان الخوف على مصلحة البلد أكبر، وعلى الأرض أقدس كونها وطن الشهداء ! الجميع مشاركون في جريمة قتل الاستثناء، وهم ليسوا ضحيةً، إنما المجرم، بملء الفم وجحوظ العينين، هو ما يسمونه "الشعب "، ذلك الوغد الخائن الذي لا رهان عليه، هة كل يوم يخرج للشارع بوعيه الأرعن منقسماً على نفسه وثاقباً لجدواه، يَصدم، فيكشف عن زيف وخرافة وعي الذات الفلسطينية. بينما العالم يتصرف بأساليب كفيلة بإنضاج قضاياه وانجازها بالأشكال التي تصل به إلى المعنى والأهداف. وإذا سألت : من المنتفع من الفوضى في غزة؟ تجد الإجابة أن : ليس من مصلحة أي طرف واضح أو غامض إخماد النار، وحلّ المشاكل الأخوية. لأنّ الوصف يمنع ذلك، فنحن سكان مناطق، ومن أوصافنا الرعونة والصبيانية والعقم الديمقراطي الذي يؤسس عليه كل أحمق أناه الزعراء!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف