كتَّاب إيلاف

أين عقلاء العراق؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

في يوم العاشر من محرم عرض التلفزيون الهولندي مشاهد من مواكب ضرب القامة او التطبير، وكان ضمن المطبرين اطفال بعمر التاسعة والعاشرة وربما اصغر،رؤوسهم حليقة تقطر دما على ملابسهم البيضاء، اي مشهد مرعب ومحبط؟
اين عقلاء القوم ليحموا الطفولة البريئة التي يدفعها الجهلة لتحمل سلاحا تضرب به نفسها؟ اية جريمة مسكوت عنها؟ واي مسخ للانسانية والدين واي احتقار لحياة الانسان وعقله؟

اين رجال الدين واين وعاظ القوم؟ واين السياسيين الذين كانوا يستنكرون جرائم الطاغية صدام باطفال العراق وها نحن نرى الجرائم تحصل بالعلن وامام شاشات التلفزيونات، وبشكل دستوري حيث تجد لها سندا في الدستور، جرائم تسمى طقوسا وتقاليدا مباحة، وعنفا يدعى عادات..
اي امل لنا بعد ما رأينا ان مليوني زائر للعتبات المقدسة في كربلاء يؤيد اهدار الدم والضرب بالزناجيل ولا يحتج عليها، مع ان المستشفيات مليئة بجرحى المفخخات والتكفيريين؟
غريب امر اهلنا الشيعة والحوزة الناطقة التي اراها تصمت عن كل هذا!
غريب امر رجال الدين الشيعة الذين يقرون ان التطبير حرام ويصمتون خوفا من القتل واهدار الدم.
لقد اتصلت وتحدثت مع عدد من رجال وعلماء الدين الشيعة وجميعهم متفق على ان ايذاء النفس حرام، وان اهدار دم الانسان جريمة تندرج تحت خانة تحريم قتل النفس التي حرم الله الا بالحق، لكنهم جميعا حذروني واعترفوا انهم سيقتلون لو صرحوا بحرمة التطبير علنا..
من المستفيد من هذا الجنون؟ ومن الذي يفرض قوته لإسكات صوت العقل؟

أين العراق الديمقراطي الذي انتظرناه؟ وهل تحرر العراق من الطاغية فعلا ام ان الخذلان ملازم للعراقيين ابد الدهر وكل حكومة اسوء من سابقتها؟
ان من واجب علماء الشيعة ومرجعياتهم وعلى راسهم السيد السيستاني ان يتخذوا خطوة تخلدهم وتقربهم من الله بحقن الدماء البريئة التي تهدر جهلا، وذلك بتحريم التطبير والزنجيل وكل ما يصل الى فقدان دم الانسان او ايذاءه.
لم يخلق الله الانسان ليهدر دمه بنفسه متى شاء، ولم يكن تكريم الحسين واحياء ذكراه بالدم وتعريض الانفس للخطر ووضع الاطفال بظروف تخلق منهم قساة تتعود على رؤية الدم، وتؤسس للبطالة وتعطل البرامج الثقافية النافعة للشباب الذي ينشغل بالطقوس الحسينية على مدار السنة.
كما ان غالبية العراقيين يعيشون الان حالة من التحدي امام الارهاب الذي يبيح دماءهم ويكفرهم، ومن المفترض ان يردوا عليه بتكفير التطبير تقربا الى الدين الحق ويردوا عنهم التهمة ان كانوا حريصين عليه وتقريبا لوجهات النظر بين المذاهب بعدم استخدام كلمات مثل " يالثارات الحسين " وثأر الله" وغيرها مما رأيناها على يافطات المواكب والتي تثير النعرات الطائفية ولا تخمدها.

ومامعنى ان تصبح القنوات العراقية حسينيات لنقل هذه المشاهد الدموية المقززة التي اختاروها ولم تفرض عليهم كدماء الشهداء؟ وهل ينقص الانسان العراقي مشهد مسيل الدماء؟ ام اعتادوها؟ وهذا لعمري غاية الرعب والدمار؟
الى متى يستغل السياسيون في العراق جهل المواطنين لينفردوا بالقرار والكراسي واموال النفط؟
الى متى يلهث العراقي نحو الموت رغم الاخطار اذ هو لم ير من الحياة ما يجعله يتمسك بها ويراها ثمينة؟
الى متى يغمضون اعينهم عن ما يجري بالعالم من تطور وعلم ومعرفة تتجدد يوميا ليغرقون بطقوس لا تعرف الرحمة ويبقون قطيعا بعيدا عن العالم يتأرجح بين افكار القرون الوسطى التي يعيشونها فعليا بفقدان كل اساليب وادوات الحياة الحضرية؟.
فالعراقيون عادوا بكل شيء الى الوراء، عادوا بمواقد الحطب بدلا من التدفأة بالغاز او الكهرباء، عادوا للشموع واللمبات.فيا للهول ان كانت عودتهم الى فكر القرون الوسطى امرا منطقيا يتناسب مع الواقع المعاش..
ان المنطق يدعو للقيام بنهضة ثقافية واقتصادية تعيد للعراق وجهه الحضاري الذي نزعه منذ عقود وهذا يحتاج لشخصيات مؤهلة لهذا الزمن الصعب، فأين رجال العراق اليوم؟ اين التيار المعتدل وتيار اليسار في البرلمان ومجلس النواب ليناقش مايجري في عاشوراء؟هل الجميع يخاف من كلمة حق؟
اين من اوعدوا الشعب بنقله الى حياة افضل بعد سنوات القهر والاضطهاد الصدامي؟
أين عقلاء العراق ليوقفوا هذا الجنون؟
اين المثقفين وحملة الشهادات والاطباء المساهمين في الحكومة ليقوموا بحملة توعية ويقولوا كلمتهم لوجه الله ان كانوا مؤمنين ولضمائرهم ان كانوا غير مؤمنين..
أين المنظمات الانسانية الامريكية التي تتبجح بالدفاع عن حقوق الانسان وها هي ترى مسخ الطفولة في شوارع العراق دونما اي عمل يذكر لحمايتهم ولو باحتجاج يرفع للحكومة العراقية، رغم اننا نعلم ان تجهيل الشعب يعود بالفائدة لكل محتل مهما كانت اهدافه فلماذا يساهم ابناء العراق بهذا التجهيل؟.
اخيرا
ان ما ينقصنا هو الشجاعة في قول الحقيقة..
فياللخيبة! لقد خذلنا..
حتى علماء الدين ومرجعياتهم كما قادة البلاد، لم يجرأوا على قول كلمة حق آمنوا بها، فأين عراق الديمقراطية، وأين منا عراق جديد تمنيناه؟
بل أين الدين الذي يتبجحون به والذي يأمرهم بالعمل بمقولة" قل كلمة الحق ولو على نفسك"؟؟؟؟؟؟؟؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف